الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخطر المنافذ التي تعبر منها جيوش الأعداء، حتى تصل إلى المقاتل التي تريد القبض عليها وإحكام غلها بأغلال الفولاذ.
وأمام هذا الخطر الداهم المنذر بحلول المصيبة الكبرى، يجب على قادة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أن يكشفوا للجماهير المسلمة حقيقة نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال، بكل أسسه وتطبيقاته، وأن يستفيدوا من مرونة الشريعة الإسلامية في وضع أشكال تطبيقية لا تتعارض مع أسس الإسلام، كفيلة بأن توجد في بلاد المسلمين كل ازدهار اقتصادي، وانتعاش اجتماعي، حتى تستطيع تطبيقاتهم الملائمة للإسلام أن تقف في وجه هذا الغزو الذي يحارب المسلمين وهم في عقر دورهم، والذي يحمل فيه بعض أبناء المسلمين أسلحة العدو الغازي ضدهم، ويقاتلون به أهليهم وذويهم حماقة وجهلاً، وطمعاً وغروراً.
(3) وسائل إيقاف نشاط غزو المذاهب المخالفة للإسلام
لإيقاف نشاط غزو المذاهب الاقتصادية المعادية للإسلام في بلاد المسلمين، يجب على المسلمين أن يتخذوا وسائل الدفاع الكفيلة بصدّ أي هجوم يركزه أعداء الإسلام، ويجب عليهم أن يسدوا كل ثغرة يمكن أن يتخذها الغزاة معبراً لهم، ينفذون منه إلى عقول المسلمين أو قلوبهم أو نفوسهم.
ويبدو لي أن وسائل الدفاع يشترط فيها قبل كل شيء تسليح معظم المسلمين على اختلاف مستوياتهم المعاشية بالقناعات الفكرية الراقية، التي تجعلهم واعين لنظام الإسلام تمام الوعي، قادرين على شرحه والدفاع عنه، متحمسين لتطبيقه.
وبث هذه القناعات في عقول المسلمين وقلوبهم رهنٌ بتحليل نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال - كسباً واستثماراً وإنفاقاً - تحليلاً دقيقاً، وبتفصيله تفصيلاً شاملاً، وبصياغته صياغة ملائمة لأسلوب العصر، وبإبراز كمال
النظريات الحكيمة والأسس الواقعية التي بني عليها، وبكشف مصالح الناس العامة والخاصة المرتبطة بتحقيقه، وبمقارنته بالنظم الأخرى الإنسانية، التي لاحظت جانباً من مصالح الناس، وأهملت جانباً، ولم تعترف بالله الخالق البارئ المصور حاكماً للناس مشرعاً.
وعقب استكمال تحقيق هذا الشرط تأتي مرحلة تحويل واقع المسلمين المرقع الملفق، البعيد عن تطبيق نظام الإسلام تطبيقاً صحيحاً شاملاً، وذلك بحمل المسلمين على تطبيقه بسلطان العقيدة وسلطان القانون والحكم.
أما سلطان العقيدة فله في داخل قلوب المسلمين ونفوسهم قوة دافعة وقوة رادعة، وله من دعاة الإسلام الموجهين قوة مذكرة.
وأما سلطان القانون فيتولاه الحكم الإسلامي المؤيد من جمهور المسلمين، الرادع بسيف العدل، والملزم بقوة السلطان.
وحينما يتبنى الحكم الإسلامي تطبيقه، فلا بد أن يطرح الصيغة القانونية الجديدة للنظم المالية، بعد أن توضح على أسس إسلامية بحتة، مع العلم بأن أسس النظام الإسلامي المتعلق بشؤون المال تتسع لأي شكل تطبيقي متطور، يتضمن تسهيل أعمال الناس المالية، وتنشيط تقدمهم المدني، وازدهار واقعهم الاقتصادي، وانتعاش واقعهم الاجتماعي، ومسايرة ركب المدنية الحديثة، في أحسن صورة من صور تقدمها، مع الخلاص من عيوبها، والسلامة من آفاتها وانحرافاتها شرقية كانت أو غربية.
وتسليح المسلمين بالقناعات الفكرية الراقية التي تجعلهم واعين لنظام الإسلام تمام الوعي، لا يكفي فيه مجرد إثارة العواطف الإسلامية العامة، والبكاء على أمجاد المسلمين المضيَّعة، وتوجيه اللوم والنقد للجماهير المسلمة البعيدة عن تطبيق الإسلام، ولكن لا بد مع ذلك من تجنيد الطاقات الفكرية في العالم الإسلامي بكل الوسائل الممكنة، للقيام بعملية تسليح المسلمين بهذه القناعات.
ليس نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال من التعقيد بشكل يستعصي على