الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4) محاولات الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين
وضح لدينا أن الغزاة يحاولن إحداث الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين ، وتتخذ محاولات هذا الفصل طابع الفصل الفكري الذي يلازمه الفصل التطبيقي حتماً ، فإن لم يتحقق لهم ذلك اكتفوا بمحاولات الفصل التطبيقي ، الذي ينجم عنه بعد طول العهد ضعف الارتباط الفكري ، ثم ذبوله ، حتى لا يبقى منه إلا عصبية النسبة ، ثم انقطاعه ، وعندئذ يتم الانفصال الذاتي ، أو الفصل بأقل جهد.
والخطط التي تهدف إلى إحداث هذا الفصل تعتمد على توجيه مختلف الأسلحة الفكرية والمادية لأسس العقيدة الإسلامية ، ولأركان الإسلام بشكل مباشر ، فيوجه الغزاة وسائل حربهم إلى أسس الإسلام الاعتقادية والعملية الكبرى ، ويتناولون في هجومهم المضلل عن الحق العناصر التالية:
1-
عقيدة الإيمان بالله وبصفاته ، إذا يحاربونها بدعوات الإلحاد بالله ، وبالنظرات الوجودية ، والفلسفات المادية ، ودسائس التشكيك ، أو بدعوات الصرف عن الإيمان بالله وحده ، إلى التلفيقات الوثنية ، والعقائد المصنوعة المختلفة ، وهذا ما لا يستخدمه المبشرون إلا نادراً ، لئلا يقعوا في تناقض مع أصل مهمتهم ، وهي مهمة التبشير بالعقيدة النصرانية.
2-
عقيدة الإيمان بالكائنات الغيبية عن حواسنا ، كالملائكة والجن ، وذلك بالبحوث التي تشكك بوجود أشياء غيبية ، وتحاول إنكارها وجحودها مستندة إلى إيهامات مادية بحت بعيدة عن مستوى الفكر الراقي.
3-
عقيدة الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام.
أما الملحدون الذين يعلنون إنكار الرسالات الربانية كلها أو المتظاهرون بالإلحاد فإنهم يواجهون كل العقائد بالإنكار والجحود ، ويحجرون على عقولهم ، كي تظل حبيسة في الماديات المدركة بالحواس الظاهرة ، ولا تلجئهم عقائد أخرى إلى التحايل للتفريق بين عقيدة
وأخرى ، وبين رسول من عند الله ورسول آخر من عنده.
وأما الذين يعلنون أنهم يتبعون أو يعبدون أحل الرسل السابقين ، فيركزون هجومهم على التكذيب برسالة محمد صلوات الله عليه ، لينقضوا بذلك الإسلام من جذوره ، وقد يدفعون من وراء الستار من يتبنى الإلحاد ليصرف المسلمين عن عقائدهم ويجعلهم ملحدين ، شعوراً منهم بأن الملحدين أهون عليهم من أصحاب دينٍ حقٍ منافسٍ لهم ، مقبولٍ لدى العقول والنفوس.
4-
عقيدة الإيمان بالكتب الربانية السماوية ، ويحاول مدعو حملة رسالة أخرى غير الإسلام أن يوجهوا أسلحتهم الظالمة الآثمة ضد القرآن ، أعظم كتاب سماوي عرفته الإنسانية ، وذلك بالتشكيك فيه ، وبادعاء أنه من صنع محمد ، أو أنه مقتبس من الكتب السابقة ، أو أن فيه أشياء لا يعقل أن تصدر عن الله ، أو نحو ذلك من دسائس مختلفة ، وهم يعلمون أن كل ادعاءاتهم أكاذيب يفترونها ويلفقونا ، ليخدعوا بها الجهلة من أبناء المسلمين.
وقد تصدى لدفع شبهاتهم وفضح أكاذيبهم وافتراءاتهم عدد كثير من الباحثين المسلمين.
5-
عقيدة الإيمان باليوم الآخر وما أعد الله فيه من جزاء بالثواب أو بالعقاب.
أما الملحدون أو المتظاهرون بالإلحاد فيبثون بين أبناء المسلمين النظريات المادية البحت ، ويقطعون الصلة بين الإنسان وبين فكرة العدل والجزاء ، التي قامت عليها حكمة الابتلاء ، والتي يكمن فيها سر خلق الله الإنسان ، وهو ما أعلنه سبحانه في سورة (الملك/67مصحف/77نزول) :
وأما مدعو اتباع رسالة ربانية أخرى فيوجهون هجومهم إلى صورة
العقيدة الإسلامية بالدار الآخرة ، وما فيها من جنة ونار ونعيم وعذاب ماديين ، مع أن أصول الشرائع الربانية الصحيحة كلها متفقة على هذه الحقيقة التي جاءت في الإسلام ، وأوضح تفصيلاتها القرآن العظيم ، وأما التحريفات الدخيلة على الأديان الأخرى فهي أوضاع إنسانية لا يحتج بها على الأخبار الربانية ، وهي مرفوضة أصلاً وفرعاً.
6-
عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر ، وترتبط خطة هجوم أعداء الإسلام على هذه العقيدة بهجومهم على الإيمان بالله وبصفاته ، لأن القضاء والقدر مظهران من مظاهر صفات الخالق جلا وعلا.
ويحاول الأعداء الغزاة أن يشوهوا صورة العقيدة الإسلامية المتعلقة بهذا الركن من أركان الإيمان ، إذ يجعلونها على الصورة الجبرية التي يزعمها الجبريون ، ويغالطون المسلمين في ذلك ، ويخفون عنهم لدى توجيه دسائسهم الصورة النقية الرائعة ، التي يعتقدها معظم المسلمين ، والتي تدل عليها نصوص الإسلام المختلفة ، وهي الصورة المثالية التي توضح أن الإنسان مسؤول عن جميع أعماله وتصرفاته الإرادية ، وأنه كاسب لها بإرادته الحرة ، وتوضح أن الله تعالى بيده الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير.
7-
أركان الإسلام الكبرى ، كالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، ولواحقها ، كالجهاد في سبيل الله ، ونظام الحكم في الإسلام ، ونظام كسب المال وإنفاقه ، وأحكام الأحوال الشخصية التي يعتمد عليها بناء الأسرة ، إلى غير ذلك من تعاليم الإسلام وأحكامه في الحلال والحرام.
وهكذا يحاول الأعداء الغزاة أن يركزوا هجومهم على أصول الإسلام وأركانه وفروعه ، لفصل المسلمين عنه فصلاً كلياً ، ولما كانت العقائد والتعاليم والأحكام الإسلامية من الصلابة والمتانة ومطابقة الحق وثباتها في نفوس المؤمنين بمنزلة لا تعادلها أية نظريات أخرى ، استطاعت أن تصمد لكل محاولات الهدم الظالمة الآثمة ، التي يوجهها الأعداء الغزاة ضدها.