الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، على أن كل صورة من صور التمييز الطائفي، إنما تكون على حساب حقوق الأكثرية المسلمة في معظم البلاد الإسلامية، التي يظفر الأعداء الغزاة بسلطة ما فيها، سافرةٍ أو مقنعة.
* * *
الوسيلة السابعة: التمييز العنصري والقومي
ومن وسائل الغزو غير المسلح التمييز العنصري والقومي، بغية تفريق كلمة المسلمين وتمزيق وحدتهم، ولهذا التمييز أشكال:
أ - فمنها أن تتبنى السلطات الاستعمارية هذا التمييز، وذلك بأن تميز عنصراً أو قوماً على قوم في تسهيل المصالح الاقتصادية، أو في الاستخدام في الوظائف المدنية أو العسكرية، أو في فتح المجالات العلمية، أو في توجيه المساعدات والخدمات العامة إلى غير ذلك.
ومن شأن هذا التمييز أن يولد الكراهية والحقد في نفوس العناصر والأقوام التي هُضم حقها، ولم تُعط نصيبها العادل، ولو كانت تجمعها مع المميزين المفضلين ديانة واحدة أو وطن واحد، ومن شأن هذا التمييز أيضاً أن يغرس بذور الشقاق والخلاف داخل الأمة الواحدة، ويؤدي إلى تفريق كلمتها، وإضعاف قوتها، وهذا ما يهدف إليه الأعداء الغزاة.
ب- ومنها إثارة النعرات العنصرية والقومية داخل الأمة الواحدة، وذلك عن طريق الدسائس والأكاذيب، وافتعال الفتن الداخلية الموصولة بالمفاهيم والنزوات الجاهلية البعيدة عن كل مرتقىً حضاري سليم، والغرض من ذلك أيضاً تمزيق وحدة المسلمين وإضعاف قوتهم.
ومن غريب دسائسهم وأكاذيبهم التي ينشرونها ما ينشرهُ بعض جنودهم بين الإفريقيين السود إذ يقولون لهم: إن الإسلام يفرق بين البيض والسود، فيجعل بيض الوجوه في الجنة، ويجعل سود الوجوه في النار، ويتلاعبون بدلالات بعض النصوص القرآنية في ذلك، كقول الله تعالى في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :
{
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .
فيوهمون عوامهم أن الإسلام يفرق بين بيض الوجوه وسود الوجوه من حيث اللون، ويخفون عنهم المراد الحقيقي من النص القرآني، وهو العلامة السوداء التي تظهر على وجوه الكافرين يوم القيامة بسبب كفرهم ولو كانوا في الدنيا بيض الوجوه، والعلامة البيضاء التي تظهر على وجوه المؤمنين يوم القيامة وضاءةً ونوراً ولو كانت وجوههم في الدنيا تحمل اللون الأسود.
يضاف إلى ذلك الصورة المشرقة المثالية الرائعة التي جاء بها الإسلام، وتعلمها المسلمون وطبقوها في مختلف عصورهم التي التزموا فيها بالإسلام، إنها صورة تزري بكل مزاعم الرقي الحضاري التي يزعمها رواد حضارة القرن العشرين الميلادي، الذين ما زالت شعوبهم تعاني من مشكلات التمييز العنصري آلاماً كثيرة، وما زالت المفاهيم والتقاليد الجاهلية مسيطرة على عقولهم وعواطفهم.
وهذه الأخبار العالمية تنقل إلينا باستمرار أنباء التمييز العنصري بين البيض والسود في أرقى دول العالم تمتعاً بمظاهر المدنية الحديثة التي وصل إليها إنسان القرن العشرين، وتنقل إلينا أنباء العنجهية التي يتعاظم بها البيض الغرباء على السود أصحاب البلاد في إفريقية وغيرها، والتي يتعاظم بها إنسان القرن العشرين الأبيض على سائر الملونين لمجرد بياض بشرته، وهو يدَّعي المدنية والحضارة والرقي، مع أن بياض البشرة ليس عنصراً من عناصر المدنية والحضارة والرقي.
أما الإسلام الذي جمع البيض والسود والحمر والصفر وسائر الألوان الإنسانية على صعيد واحد، فإنه يقرر في القواعد الأولى لتكوين الجماعة الإسلامية أنه لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا