الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القِسمُ الثَّاني الغَزْو بالهُجُوم المبَاشِر عَلى الإسْلَام
من قبل الغزاة وأنصارهم والسّائرين في ركابهم
وفيه مقدمة وثمانية فصول:
الفصل الأول: شبهات حول المثالية والواقعية في الإسلام
الفصل الثاني: شبهات حول الروحية والماديّة.
الفصل الثالث: شبهات حول بعض العبادات في الإسلام
الفصل الرابع: شبهات حول الزكاة
الفصل الخامس: شبهات حول العقوبات في الإسلام
الفصل السادس: شبهات حول الرق
الفصل السابع: شبهات حول حقوق المرأة في الإسلام
الفصل الثامن: أجوبة أسئلة تشكيكية موجهة من قبل منظمة الآباء البيض التبشيريّة
المقَدّمَة
تفاعلت عوامل الحنق في نفوس أجنحة المكر الثلاثة، وفي نفوس سائر أعداء الإسلام، على اختلاف مللهم ونحلهم ومذاهبهم الدينية أو الإلحادية، فزينت لهم أن يسلكوا سبيل مهاجمة أسسه وقواعده، وأحكامه العظيمة، ونظمه وتشريعاته الحكيمة، والطعن بكتاب الله، والطعن بالرسول محمد صلوات الله عليه، وبالسنة المطهرة المروية عنه.
ولكنهم بعد عراك عنيف وصراع مديد كان مثلهم:
كناطحٍ صخرة يوماً ليوهنها فلم يَضِرْها وأوهى قرنه الوعلُ
والسبب في ذلك لا يعود لجيوش الدفاع الكثيرة التي أعدّها المسلمون لمقاومة هجمات أعداء الإسلام بتركيز وإحكام، وإنما يعود لحقيقة الإسلام القوية الثابتة المشرفة، التي لا تزعزعها التمويهات والتشويهات والتلفيقات وإثارة الشبهات، والأكاذيب والافتراءات، والتي لا تطفئ أنوارها أفواه الأفاكين، ولا تغشيها السحب الدخانية التي تطلقها متفجرات الشياطين، إلا تغشية يسيرة، ثم يمر عليها الزمان فتنقشع، ويظهر لكل عين مبصرة دفقات الإشراق الكاسح للظلمات، التي تتفجر بها حقيقة الإسلام المضيئة، ويتحقق بذلك البيان القرآني إذ يقول الله تعالى في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول) :
ولقد كان خيراً لهم - لو كانوا منصفين - أن يبحثوا عن الحق بحث العالم المتجرد عن كل عامل أناني ذاتي، وأن يتبعوه وينصروه، دون أن ينظروا إلى حملة هذا الحق، سواء أكانوا أعداءً لهم أو أصدقاءً، فالحق من شأنه أن يؤاخي بين طلابه وعشاقه وحملته والمستمسكين به، ويجعلهم أحبة متصافين، ولو كانوا بالأمس أعداءً متحاربين.
ما بالهم في شؤون الدنيا لا يغمطونها ولا يجحدون حقائقها، مهما طرحت بين أيديهم من حقائق، فإذا طرح الإسلام حقيقة من الحقائق بين أيديهم حاصوا، وأخذوا يسددون لها السهام، ويجرحونها، ويجحدونها، ويثيرون حولها المطاعن الكاذبة والشبهات الملفقة؟!.
إنهم ينظرون إلى المسلمين نظرة عداء، فلو عرض عليهم المسلمون منجماً من مناجم الذهب في بلادهم، أو حقلاً من حقول النفط، أفلا يتسارعون إليه بحثاً وتنقيباً، ويستخرجون خيراته وينتفعون بها؟.
أفيقولون بعد أن يشاهدوا الذهب الحقيقي: هذا شَبَه وليس بذهب، ثم يزهدون به وينصرفون عنه؟
أم يتنافسون على استخراجه وربما يتقاتلون عليه؟
إننا وجدناهم من أكثر الناس بحثاً عن الجواهر والمعادن وأشباهها وكل نافع مفيد من كنوز الأرض، في أي بلد من بلاد الدنيا، ويقدرونها حق قدرها، ويعرفون قيمتها الحقيقية.
فما دلهم إذ عُرضت عليهم حقيقة من حقائق الإسلام تشهد لها دلائل الفكر ودلائل التجربة والواقع اضطغنت قلوبهم، وثارت فيهم عصبيّات جاهلية موروثة، وأخذتهم العزة بالإثم، ونفروا نفرة الباطل من الحق؟
لماذا لا تكون إراداتهم سائرة على وتيرة واحدة في كل قضايا الحق، ما يتعلق منها بدنياهم ويخدم شهواتهم، وما يتعلق منها بآخرتهم ويخالف أهواءهم؟!
ألأن الذهب والنفط وما أشبههما وسيلة ثرائهم وقوتهم في الدنيا؟ . إنهم لو أنصفوا لعلموا أن الحقائق الدينية أعظم لهم ثروة وقوة، وأخلد لهم حضارة ومجداً، ولكن ليصدق فيهم قول الله تعالى في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول) :
إنهم حين يهاجمون أحكام الإسلام وشرائعه العظيمة، لا يقدمون بدلها إلا أحكاماً ناقصة غير ملائمة للواقع الإنساني، ولا كفيلة بتحقيق أفضل صورة ممكنة لإسعاد الناس، وإقامة الحق والعدل بينهم.
وينطبق عليهم فيا يفعلون قصة المثل التالي:
سكنت عائلة بشرية في غابة معظم من فيها قرود وثعالب، وأخذت هذه العائلة البشرية تمارس عيشها داخل هذه الغابة وفق طريقتها البشرية، إلا أن جماعات القرود والثعالب أخذت تسخر من هذه العائلة ومن طريقة عيشها، ومن أنظمة حياتها وأخذت القرود تقهقه بأصواتها المنكرة العالية متهكمة بها ساخرة منها، ثم أخذت نابغات من القرود والثعالب تعرب عن أسباب استغرابها من هذه العائلة البشرية، وأسباب استنكارها لها.
قال فريق منها: ياللعجب العجاب، إن هؤلاء الساكنين معنا في هذه الغابة يمشون على أقدامهم، مع أن الوضع الملائم الذي تقتضيه الطبيعة أن يكون المشي على أربع، وترددت في الغابة أصداء موجات متعاقبة من قهقهة القرود وعواء الثعالب.
ثم قال فريق آخر: وأعجب من ذلك أنهم لا أذناب لهم، مع أن الوضع الذي تقتضيه الطبيعة أن يكون لهم أذناب، إذ إن معظم ساكنات الغابة من ذوات البأس والشدة وذوات أذناب، فعلق على ذلك ثعلب خبيث، وقال: لعل أذناب هؤلاء مقطوعة.
وكثرت الانتقادات على هذه العائلة البشرية المسكينة بين هذه الجموع البهمية الكثيرة. القرود تسخر منها لأنها لا تستطيع أن تتسلق الأشجار الباسقة الشاهقة بالسرعة التي يستطيعها القرد، والثعالب تسخر منها لأنها لا تعرف
كيف تصيد الدجاج والبطَّ بأسنانها وأظفارها، ولا تستطيع ابتلاعها وازدرادها بلحمها وريشها وعظمها وحشوها، وهكذا إلى آخر الفروق بينها وبين الناس، والذي يقوي مركز هذه القهقهات الساخرات أنها ذات قوة وكثرة في الغابة.
وبسب كثرة الانتقادات التي هي من هذا النوع، وبسبب تتابع مظاهر السخرية والتهكم تأثر بعض صغار العائلة البشرية من ذكور وإناث، فأخذوا يتنازلون عن صفاتهم البشرية، وطرائق عيشهم الخاصة وأنظمة حياتهم.
فمنهم من تعلم المشي على أربع، ومنهم من ذهب يستجدي من القرود والثعالب أذناباً ليضيفها إلى جسده، وبعضهم حلا له أن يرتدي جلوداً من جلود موتاها، ليبدو مظهره مثل مظهرها، وأخذ يتعلم طريقة عيشها وفوضى حياتها، ولما انغمش هؤلاء الصغار في هذا العالم الجديد، عادوا إلى أهليهم بنظريات التحويل وبتنكيس الأوضاع الإنسانية داخل أسرتهم، لتساير سكان الغابة في فوضها وبهميتها، هرباً من نظرات الاستنكار وقهقهاته التي تستقبلها بها جماعات القرود والثعالب.
هذا هو مثل الإسلام العظيم في عقائده وأحكامه ونظمه، بين مجموعات الفوضويات والنظم العرجاء العوراء المذنبة الوحشية، ومثل الشبهات والانتقادات التي يقذفها التافهون والمغرضون شطر الإسلام، بغية أن يشوهوا صورته الرائعة الجميلة في تناسقها المتكامل البديع، وبغية أن يسوقوا أتباعه وأنصاره أو أبناءهم وذريّاتهم إلى عالم الفوضى الذي يعيشون فيه، أو إلى مباءات النظم الناقصة المشوّهة التي حسنها في نظرهم ممارستهم الطويلة لها، ولا بدّ أن نذكر هنا قول الله تعالى في سورة (الملك/67 مصحف/77 نزول) :
وقول الله تعالى في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول) :