الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها بعض الدوائر ذات السلطة في الدولة.
وتكون محاربتها بسد الموارد عنها، حتى تصاب بالفقر المدقع، فتتلاشى بنفسها، أو بالتخذيل عنها بشتى الوسائل الماكرة، أو بإفساد غايتها وطريقتها من داخلها، إذا استطاع أعداء الإسلام أن يدسوا فيها عناصر سيئة مرتبطة بهم، تغري القائمين عليها بأنواع مختلفة من المغريات، أو بسد أبواب العمل والرزق عن المنتسبين إليها، أو بتلسيط أنواع الاتهامات ضد القائمين عليها، حتى لا يكونوا محل ثقة الناس، فإن لم تنجح كل هذه الوسائل عملوا على إلغائها ومصادرتها بأيدي أجرائهم، وملاحقة القائمين عليها بالاضطهاد والتشتيت، والاتهام بالأكاذيب المختلفة المزورة، والافتراءات التي لا أصل لها، وقد يعملون على هدمها بشكل سافر وقح لا مبرر له بحال من الأحوال.
وتتعاون أجهزة الغزاة كلها على ذلك، مهما كانت فيما بينها متنازعة على المصالح، أو مختلفة في المبادئ.
وهكذا يفعلون كلما نشطت حركة إسلامية واعية في بلد من بلاد المسلمين، وأجهزتهم التي تخدمهم كثيرة، ومخططاتهم واقفة بالمرصاد لكل نشاط إسلامي، صغيراً كان أم كبيراً.
فمتى يكون المسلمون على يقظة من أمرهم وهذا هو عدوهم؟!
(2) الكمين والإثارة
من خطط الحروب المسلحة (الكمين والإثارة) وذلك بأن يعد العدو كميناً مسلحاً إعداداً جيداً، ليثب عن يقظة تامة وبشكل مفاجئ على فريق من جيش عدوه، وهو في حالة غفلة عن مداهمة الخطر، ثم يستدرج هذا الفريق بإثارة طمعه بصيد ثمين في غير مكان الكمين، وفي غمرة اتجاه الفريق إلى مطمعه يفاجئه الكمين ويمعن فيه قتلاً وأسراً.
على مثل هذه الخطة نجد أعداء الإسلام يدبرون للمسلمين ولقياداتهم مكايد سياسية، يوقعونهم بها في شباك لم يكونوا يحسبون له حساباً.
ومن أمثلة هذه المكيدة أن يضعوا المسلمين في أزمة تهزهم هزاً عنيفاً، حتى تضيق صدورهم، ويشتد الخناق عليهم، وينتظروا يوم الخلاص بفارغ الصبر، ويصبحوا مستعدين للتورط في أمر لم يعدوا له عدته، ثم يقذفون شرارة المكر على هشيم متراكم يكاد يلتهب ولو لم تمسسه نار، مع بوارق أمل يهيئون جو المسلمين العام إلى التفاؤل به، في حين أنهم قد أعدوا جنودهم القابعين في كمين أو أكثر، مشحونين بالحقد والجنون اللازم للنكاية بالجماهير المسلمة، التي سيطرت عليها حالة الانفعال والتأثر الشديدين، ويقنعون جنودهم وأجراءهم بأنهم تحت خطر القضاء عليهم من قبل جماهير المسلمين، فما عليهم إلا أن يبطشوا بطشاً مسرفاً لا هوادة فيه، دفاعاً عن أنفسهم.
وفي خضم هذا المتلاطم الانفعالي النفسي بين صفوف المسلمين الذين لم يحسبوا حساباً لمعركة فعلية، تنطلق صيحات ألم شديد من حناجر الجماهير المسلمة، تطالب بحقها في الحياة، فيندفع إليهم أجراء أعداء الإسلام بأسلحتهم الحديثة، وحقدهم الكبير على الجماهير المسلمة، التي لا تحمل أي لون من ألوان الأسلحة المادية، كأنهم قادمون إلى معركة حربية دامية، فيها مختلف آلات الحرب الحديثة، ويمعنون بالمسلمين العزل إرهاباً وتعذيباً وتقتيلاً.
ويمن الأعداء الغزاة على أجرائهم إذ دلوهم على مكامن الخطر، وبهذه الطريقة الماكرة المقنعة التي يدبرها الغزاة يجعلون جماهير المسلمين يفضلون الحكم المباشر من قبل دولة العدو، على حكم أجرائه وعبيده، الذين هم من جلدة الأمة، ولكنهم يتنكرون لها ولمبادئها ولقيمها ولأبطالها الذين كان لهم الفضل الأكبر في تحرير البلاد.
والمسلمون المنتشرون في مشارق الأرض ومغاربها مدعوون إلى اليقظة التامة، لما يحاك ضدهم من مكايد ودسائس، وإلى العمل على إفساد خطط العدو الرامية إلى اجتثات دينهم والخلاص منهم وجعلهم أجراء مسيرين.