الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعلن موافقتها على تنفيذ الخطط السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية التي يُمليها الطامعون شرقيين كانوا أو غربيين.
الوسيلة السادسة: ربط الشعوب الإسلامية بالقروض الكثيرة التي تتنامى بالفوائد الربوية، بغية إيقاعها تحت مطرقة المطالبة المستمرة، والضغط عليها بحواصر الالتزامات إلى أن تستسلم بسبب العجز عن توفية ما عليها من التزامات، فتوقع الاتفاقات السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية التي يمليها الطامعون بأرضها وخيراتها وطاقاتها البشرية.
وهكذا تتعدد وسائل الحصار الاقتصادي، وهي على اختلافها تهدف إلى استغلال نتائج الحصار لصالح الدول الطامعة باستغلال المسلمين واستثمار بلادهم، واجتثاث إسلامهم واقتلاعه من جذوره، والسير بهم عبيداً أذلاء في ركب أحد المخططات الدولية الكبرى.
* * *
الوسيلة الخامسة: الحصار العلمي والثقافي
يصطدم كثير من أبناء المسلمين بعقبات الحصار والاحتكار العلمي، التي أقامها في طريق تقدمهم المستعمرون والطامعون الغربيون والشرقيون، وإرساليات التبشير السافرة والمقنعة، والمؤسسات التعليمية العليا، في الغزو غير المسلح الذي يكيدونهم به، والهدف من ذلك إلجاؤهم بطريق مباشر أو غير مباشر لتنفيذ الرغبات وتحقيق المطالب الاستعمارية والتبشيرية، أو المطالب الرامية إلى هدم الإسلام وتوهين المسلمين، إذ يجعلون فتح أبواب العلم لأبناء المسلمين مشروطاً بدفع الثمن الغالي من الرصيد الباقي من الإيمان والعقيدة والتفكير، أو من السلوك والأخلاق والضمير.
ويوجّه هذا الحصار ضد الأفراد المسلمين الذين يفدون إلى معاهد العلم، وضد الدول الإسلامية التي تحاول أن تشق طريقها إلى التقدم العلمي في مختلف
المجالات العلمية المادية النافعة، التي تعتبر أساساً للتقدم الصحيح، لا سيما ما يتعلق منها بعلوم الطاقة وبتطبيقاتها في مجالات القوة.
والثمن الذي يفرض على طالبي العلم والتقدم إما أن يقدمه الأفراد وإما أن يقدمه حكام البلاد. والذين يمعنون النظر في عدسات البحث والمتابعة، التي تطوف مناظيرها في أرجاء العالم، يشاهدون كم عانى ويعاني أبناء مسلمي البلاد الواقعة تحت تأثير الأعداء الغزاة، من خطط احتكار العلم، وحرمانهم من نعمته، وإبقائهم في دركات الجهل، ما لم يجندوا أنفسهم في كتائب الاستعمار، أو كتائب الإلحاد أو كتائب التبشير. أما المجندون في هذه الكتائب بحكم الوراثة فتفتح لهم أبواب العلم، وتُمد لهم المعونات، وتُمهد لهم السبل، وتهيأ لهم أفضل الشروط لاستكمال دراساتهم العالية، وتقدم إليهم المنحات والبعثات الدراسية المختلفة.
وقد يصارع بعض أبناء المسلمين، فيشق بكفاحه وجهده الشخصي طريقه لتحصيل العلوم الملائمة لميوله النفسية واستعداداته الفطرية، وقد يستطيع تخطي العقبات الكثيرة، حتى إذا ظفر ببعض الاختصاصات العالية النادرة ظهرت أمامه عقبات الحياة العملية، التي تهدف إلى حجبه عن مراكز التعليم والتوجيه والإدارة والإنتاج، وهنا يظهر في وجهه تواطؤٌ رهيبٌ من قبل الأجهزة المعادية للإسلام السافرة أو المقنعة، على إغلاق كل باب في وجهه يمكن أن يعبر منه إلى خدمة صحيحة لأمته الإسلامية، ضمن إطار اختصاصه، حتى إذا بدأت تنكشف لجماهير المسلمين الدلائل التي نثبت أنه يُحارب وتوصد في وجهه الأبواب لكونه من المسلمين الملتزمين بإسلامهم، وخشيت الأجهزة المقنعة الفضيحة التي تستتبع يقظة المسلمين العامة توجهت نحوه المغريات المادية، ثم قُذف به إلى عمل بعيد كل البعد عن اختصاصه، بغية قتل ما حصَّله من علم خلال سنين عديدة في أعمالٍ يستطيع القيام بها أقل الذين يحسنون صنعة القراءة والكتابة، وبغية إبعاده عما ينفع أمته الإسلامية، أو يخدم راسلتها الفكرية والتطبيقية، وربما رافق ذلك إغراءات كثيرة من قبل دول أجنبية تدعوه للهجرة إليها، والعمل عندها بمرتبات ضخمة، كيما تستثمر اختصاصه وتضيفه
إلى ثرواتها العلمية، وتحرم أمته الإسلامية منه، أما عواطفه نحو أمته فقد ذبحها الأجراء الذين ينفذون مخططات أعداء الإسلام الرامية إلى عرقلة سبيل تقدم المسلمين، وأما مطامعه الشخصية فقد أرضاها سادتهم الذين خططوا لهم، واستخدموهم في التنفيذ.
وحينما كسرت بعض الشعوب المسلمة الحصار بكفاحها المتواصل، ويقظة بعض أبنائها، أخذت الأجهزة التي تضمر لهم العداء تحاول أن تمكر بهم، وتفسد خطتهم التعليمية، وتحول مجرى مسيرتهم عن الطريق السوي الذي يوصلها إلى التقدم المادي الصحيح، وقد ظهرت محاولات هذا المكر الرامي إلى حرمان المسلمين من العلوم العلمية، وحجبها عنهم بأشكال متنوعة، ووسائل شتى، منها ما يلي:
أولاً: شَغْل أبناء المسلمين بالعلوم النظرية البحت، البعيدة عن المجالات التطبيقة النافعة، المتصلة بالمنجزات العلمية ذات الأثر المادي، والمبتكرات الصناعية الحديثة، وذلك بالإيعاز لأجرائهم أن يشحنوا المناهج الدراسية بالبحوث النظرية البحت، لقتل طاقاتهم الفكرية بها، وصرفهم عن الأشياء العلمية، والعلوم التي يمكن استثمارها في التقدم الصناعي، وفي مسايرة منجزات العصر التي تتطور بسرعة فائقة.
ثانياً: شغل أبناء المسلمين بالفلسفات الفكرية المتناقضة المتعارضة، وغمسهم في صراع المبادئ الاجتماعية، بغية قتل طاقاتهم الفكرية والجسدية بها.
ثالثاً: شغل أبناء المسلمين بحشد من التفاهات التعبيرية التي يسمونها أدبا، دون أن يكون لها ثمرة تربوية قويمة، أو خلقية كريمة، أو فكرية تضيف علماً، أو نفسية تنمي ذوقاً، أو تسمو بوجدان.
رابعاً: إدخال فنون التمثيل والرقص والغناء والتصوير والنحت في قائمة العلوم التي يتوقف ارتقاء الأمم وتقدمها عليها، بغية امتصاص طاقات المعرفة في هذه المجالات وصرفها عن العلوم العلمية النافعة.
وبهذه الركامات غير المثمرة التي يملؤون بها فراغ طالبي المعارف والعلم