الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستطيعون تقديم الأجور الشهرية أو السنوية الكبيرة لتعليم أبنائهم.
جـ- وأما المستشرقون فإن مطامعهم الشخصية بالأرباح والمغانم مرتبطة بنجاح الجناحين الآنفي الذكر: المستعمرين والمبشرين ، لأن هذين الجناحين هما اللذان يقدمان لمعظم المستشرقين ما يحتاجون إليه من دعم مادي وأدبي كبيرين ، وقد يكون الدعم المادي لهم مفتوح الحدود العليا ، فهم يتصرفون كما يشاؤون ، ويرضون مطالب نفوسهم على ما يشتهون.
بينما يتضور الباحثون من المسلمين قلة وفاقة ، فلا يجدون من يسد حاجاتهم وحاجات أسرهم.
(3) الالتقاء على محاربة الإسلام وتطبيقاته
ويلتقي الغزاة المستعمرون والمبشرون ومعظم المستشرقين على محاربة الإسلام ومقاومة دعوته وهدم أبنيته.
وسبب التقائهم على محاربته واضح لا يحتاج إلى تأمل كثير ، فالإسلام بعقائده الحقة ، وتعاليمه المشرقة ، ودعوته الإنسانية العامة ، وحيويته الكبرى ، وفاعليته في نفوس المستمسكين به ، هو الجدار الوحيد الذي يقف دون تحقيق المطامع المختلفة التي يهدف إليها كل جناح من الأجنحة الثلاثة ، كما هو القوة المحركة في صد الحروب الصليبية التي قادها أجدادهم لغزو البلاد العربية الإسلامية طوال قرنين من الزمان ، حتى اضطروا أن يرضوا من الغنيمة بالإياب ، فأورثهم ذلك كراهية وحقدا ، يصاف إلى ذلك أن الإسلام بما يتمتع به من حق ذاتي استطاع أن يقف في وجه توسع الأديان الأخرى ، التي يحرص دعاتها على نشرها ، إذ احتل مركز الصف الأول في التوسع وتقبل الشعوب المختلفة له ، ومنهم أفواج كثيرة من أصحاب الديانات السابقة ، الذين رأوا فيه الصورة الصحيحة للدين الرباني الحق ، الذي أنزله الله على أنبيائه ورسله في مختلف أدوار التاريخ.
وقد أخذت محاربة هذا المثلث للإسلام تتمثل بمحاولة النيل منه على قدر المستطاع من جهودهم الضخمة ، وهدفهم البعيد الذين يكدحون من أجله هو الوصول إلى هدم الإسلام هدما كليا ، ونسخه من الوجود ، ولذلك نجد المبشر "جسب" يود لو يمحي الإسلام من العالم.
ولكنهم بعد الدراسة والتجربة رأوا أن هذا مطلب متعذر المنال ما دام في العالم مئات الملايين من الشعوب المختلفة التي تدين بالإسلام ، فانتقلوا إلى محاولات تحقيق أهداف دون ذلك ، وتتلخص هذه الأهداف بما يلي:
الهدف الأول: الفصل الكلي بين الإسلام وبين معظم المسلمين فصلا فكريا وتطبيقيا ، أو فصلا تطبيقا فقط ، تمهيدا للفصل الفكري ، لأنه متى طال العهد بين فكرة ما وبين تطبيقها غدا انتزاعها من أساسها أيسر وأقرب منالا ، لأن شجرتها المغروسة في النفس تمسي حينئذ ضعيفة الجذور واهية واهنة ، بسبب انعدام ثمارها وأزهارها وأوراقها ، وما مثل التطبيق للأفكار إلا كمثل أوراق الأشجار وأزهارها وثمارها ، وحينما تحبس الشجرة في جو خانق فاسد ، أو تطلى بطلاءات تمنع تفتح أفنانها وأكمامها تذبل أغصانها ، ثم تموت ، وتموت معها جذورها ، وتمسي حطبا ينادي على نفسه بالكسر والتحريق.
الهدف الثاني: الفصل الجزئي بين الإسلام وبين المسلمين ، فصلا فكريا وتطبيقيا ، أو فصلا تطبيقيا فقط ، والفصل التطبيقي على طول الخط مرحلة تمهيدية للفصل الفكري.
ويختار أعداء الإسلام لدى محاولات هذا الفصل الجزئي أن يحصروا الإسلام في أمور العبادات ، ثم يضيقوا عليه الخناق ، حتى لا يخرج من المسجد إلى أي مجال من مجالات الحياة ، ويحاولون أن يجعلوا السيادة في هذه المجالات المختلفة لأنظمة غير إسلامية ، وقوانين غير إسلامية ، ومفاهيم غير إسلامية ، وتطبيقات بعيدة عن الإسلام بعد الباطل عن الحق ، وبعد الظلمة عن النور.
وتنفيذ هذا الهدف يأتي سابقا لتنفيذ الهدف الأول ، عملا بسياسة التدرج.
الهدف الثالث: ويأتي تنفيذه مرافقا لتنفيذ الهدفين السابقين ، وهو تشويه
صورة الإسلام في نفوس المسلمين ، وذلك بعدة خطط من خطط الهجوم الظالمة الآثمة منها الخطط التالية:
1-
إثارة الشبهات حول أحكام الإسلام وتشريعاته وأنظمته المختلفة.
2-
إثارة الشبهات حول القرآن الكريم والسنة المطهرة.
3-
دس الأفكار الفاسدة ، وإغراء بعض ضعفاء النفوس أو ضعفاء العقول من المسلمين باعتناقها على أنها من تعاليم الإسلام ومفاهيمه ، ثم محاربة الإسلام بها.
4-
اختلاق الأكاذيب والافتراءات على الإسلام وتاريخ المسلمين ، وتشويه غايات الفتح الإسلامي.
5-
مقابلة بعض أحكام الإسلام وأركانه وتشريعاته بالاستهزاء والسخرية والازدراء ، ووصف المستمسكين بها بالرجعية والتأخر والتعصب والجمود ، ونحو ذلك من العبارات التي تضعف حماسة المتدينين للتمسك بدينهم ، وتفت في أعضادهم ، في ركب المتحللين من الدين.
6-
احتقار علماء الدين الإسلامي وازدراؤهم ، وإلجاؤهم إلى أضيق مسالك اكتساب الرزق ، لتنفير المسلمين منهم ومن طريقتهم ، ثم تقديم جهلة منحرفين إلى مراكز الصدارة ، ليعطوا صورة مشوهة سيئة عن التطبيق الإسلامي ، توسلا إلى تشويه الإسلام نفسه عن طريقهم.
7-
متابعة تركيز الهجوم ضد الإسلام ، وتكريره بإلحاح ، أملا بحدوث الغفلة من الدعاة المسلمين الذين ينشرون المفاهيم الإسلامية ويحذرون من دسائس أعداء الإسلام ، وأنت خبير بما للتكرار الملح من تأثير في نفوس الناس ، ولو كان مضمونه كذبا وباطلا ، وهذا ما تلجأ إليه وسائل الإعلام الحديثة المضللة للجماهير.