الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى تستغل جهدهم وثمرة كدهم بأقل مما يستحقون، أو تختلس أموالهم بحيل اقتصادية متسترة بالصبغة القانونية، وإرادتهم في كل ذلك مكرهة إكراهاً غير مباشر. وليس في نظام الإسلام احتكارات الأنظمة الرأسمالية،ولا رباها، ولا رشواتها، ولا تحكمها بالسلطة وتوجيهها لها، ولا ظلمها، ولا ماديتها المكتالبة على الدنيا، ولا شحها وفقدها للمعاني الإنسانية النبيلة، ولا الفقر المدقع في بعض أفراد المجتمع الذي تسود فيه إلى غير ذلك من سيئات وعيوب.
وليس في نظام الإسلام ما في الأنظمة الاشتراكية من سطو على أموال الناس، وتطلع إلى إلغاء الملكية الفردية إلغاءً تاماً، وما فيها من إلغاء للحريات وإماتة للحوافز الفردية، وحقد طبقي، وصراع بين الناس، وما فيها من تقسيم الناس إلى سادة حاقدين حاكمين بسلطان القوة وأسلوب العنف الشديد،وعبيد مسخرين بلقمة العيش، وبأدنى مستويات مطالب الحياة، دون أن يكون لهم حرية اختيار ما يريدون إلا في حدود يسيرة، وما فيها من انعدام معاني الإخاء والتعاطف الإنساني، وانعدام الرغبة الصادقة بالعمل والإنتاج، وبرفع مستوى اقتصاد الأمة، إلى غير ذلك من أمور كثيرة.
وبهذا تظهر لنا منزلة الإسلام العظمى، القابضة على ناصية المجد، والتي لا يستطيع أن ينافسه فيها منافس.
إلا أن الإسلام لا يجد في هذا العصر أنصاراً يحملونه ويطبقونه ويحمونه على ما يجب.
(9) فرية ربط التخلف الصناعي بنظام الإسلام
يربط أعداء الإسلام التخلف الصناعي الذي وصل إليه المسلمون في عصور الانحطاط بالإسلام نفسه، ويحاولون إيهام المسلمين بأن تخلفهم في ميادين الصناعة التي حازت فيها دول أوربا سبقاً باهراً، قد كان بسبب استمساكهم بنظم الإسلام، وهذه فرية يمكر بها الغزاة مكراً بالغاً، إذ يجعلون
المسلمين الهاجرين لإسلامهم، المخالفين له في أعمالهم، حجّةً عليه، مع أن الإسلام بنصوصه الثابتة الواضحة الصريحة هو الحجة عليهم وعلى الناس جميعاً.
وقد استطاع الأعداء أن يخدعوا بهذه الفرية بعض أبناء المسلمين، ويستدرجوهم إلى مناهجهم وخططهم وتطبيق نظمهم.
إن كل نظام في العالم تحمله أمة من الأمم دون أن تطبقه في حياتها إنْ هو إلا حبر على ورق، أو نصوص تقال بالأفواه، وهيهات أن تظهر للمكتوبات أو الأقوال آثار ما لم تترجم في حياة الناس إلى أعمال.
وقد سجل التاريخ أن كثيراً من عوامل التخلف قد ساهم في نشرها بين المسلمين أعداء الإسلام نفسهم، وذلك بعد أن سبق المسلمون سائر الأمم في ميادين الصناعات والعلوم، لما عملوا بما دفعهم إليه دينهم من العمل والسبق في كل شيء، والتطلع إلى ذروات المجد المتجددة، التي لا يفتأ يتجدد فيها جديد، فكلما احتل الصاعد إليها ذروة وجد من بعدها ذروة أخرى.
وكانت السياسات الاستعمارية تتآمر على بلاد المسلمين تآمراً كبيراً، لمنع المسلمين عن التطور والتقدم في ميادين الصناعة، خشية أن ينشئوا في بلادهم المصانع الكبرى التي تساهم في تحريرهممن سلطان الاستعمار الاقتصادي، ولكي يبقوا ضمن نطاق الشعوب المستوردة، التي تقدم للمستعمرين المواد الأولى من أرضها أو كدّها، بالأثمان البخسة التي تحددها المؤسسات الاستعمارية، ثم تستوردها بعد أن يتم تصنيعها في بلاد المستعمرين بالأثمان العالية، التي تحددها هذه المؤسسات المحتكرة، ذات السلطان النافذ في البلاد بقوة الاحتلال العسكري.
وحينما تلقص ظل الاستعمار المباشر عن بعض البلاد الإسلامية، بدأت شعوب هذه البلا تتجه نحو شيء من التحرر الاقتصادي، وأخذت تتدرج نحو التصنيع، وترفع عنها ذل الاستعمار الصناعي.
ولكنها ارتكبت خطيئة السير في ركب النظم الاقتصادية الرأسمالية، ولم