الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روح المقاومة للسلطة المستعمرة، والرضى بالواقع، واللجوء إلى الخنوع والذل، والتخاذل على كل توثب فعَّال، والذهول عن الآلام المحيطة، وإبعاد الشعوب الواقعة تحت نير الاستعمار عن كل فضيلة إنسانية، وخلق كريم، طلَاّع إلى المجد والحرية، والكمال الإنساني، وبخاصة إبعاد الشعوب المسلمة عن الاستمساك برسالة الإسلام العظمى.
ومن أمثلة ذلك ما كان يفعله الإنكليز في بعض مستعمراتهم، فقد أدانتهم الشعوب بالعمل على نشر المواد المخدرة القاتلة للإنسانية، وسجل التاريخ ذلك عليهم.
* * *
الوسيلة الثانية: استخدام عنصر النساء
ويستخدم الأعداء الغزاة المرأة في الاستيلاء على غرائز مجموعات من شبان الأجيال المتتابعة في البلاد الإسلامية، وقد فعلوا ذلك منذ بدء النهضة العلمية والصناعية الحديثة، التي تولى الأوربيون قيادتها في العالم.
وبعد تملك غرائز الشبان عن طريق النساء يتمكنون من التلاعب بأفكارهم وعقائدهم، وبإخلاصهم لأمتهم وبلادهم، وبسلوكهم الإسلامي، وبسائر أخلاقهم الشخصية والاجتماعية.
وقد استطاعوا فعلاً أن يسخروا طائفة منهم في ترسيخ قواعد الأعداء المادية والمعنوية داخل البلاد الإسلامية.
وأحكم قادة الغزو سياسة الغزو الخلقي والسلوكي للشعوب الإسلامية عن طريق الكوافر العواهر، وتدفق سيلهُنَّ إلى معظم البلاد الإسلامية بأسماء وصفات شتى، علمية وفنية وتجارية وصناعية، وامتزجن بالأسر الإسلامية،
وسهلن سبل الفاحشة للمراهقين في أعمارهم أو في عقولهم، وعملت أجهزة الغازين على أن تدهن الفواحش الصريحة الوقحة بطلاءات فنية متعددة.
وسرى الداء في الأسر الإسلامية، لأن عوامل الانحدار أقوى من عوامل الارتقاء في الأمم، إذ عوامل الانحدار تؤازرها غرائز النفوس وشهواتها وأهواؤها، وتساعدها سهولة الطريق التي مهدها الغزاة، ودفع إليها شياطين الإنس والجن، أما عوامل الارتقاء الأخلاقي والسلوكي فتقف دونها عقبات تطالب النفوس باقتحامها، وتحتاج إلى قوة إرادة، ومؤازرة جماعية، وسلطان ذي بأس، يحمل الناس على تكلف الصعود، ويؤاخذهم على التواني، أو التراجع إلى الوراء المنحط.
وانهارت مقاومة كثير من الأسر الإسلامية، المعتزة بأخلاقها والمتمسكة بعفافها، واندفعت بتيار تقليد الوافدات الجديدة من الأزياء الفاجرة، ورأت الفتاة المسلمة افتتان الشبان بالمظاهر الخادعة التي تبرز بها الكوافر الفواجر، فتحرك فيها الدافع الفطري، فأخذت تسرع خطواتها في تقليد كل وافدة جديدة تقذفها أوربا، وجرت في سباق مع وافدات الفتنة والفساد، لتعيد بزعمها ما فقدته من إعجاب الرجل بها، وبسرعة غير عادية فقدت معظم العواصم في بلاد المسلمين طابعها المحتشم، الذي تفرضه التعاليم الربانية، والأخلاق الإسلامية، وحسرت المرأة فيها حسوراً مستنكراً عند عقلاء جميع الأمم والشعوب، وتحللت تحللاً ينذر بالانهيار السريع السحيق، والدمار الخطير، لأن هذا المنزلق الذي سارت فيه لا بد أن ينتهي بالأمم إلى مثل ما انتهت إليه أمم سابقة، ذات حضارات كبرى، من دمار شامل، حينما انهارت أخلاقها وفضائلها، إذ فقدت مجتمعاتها الضوابط الأخلاقية، التي تضبط الغرائز عن التحلل والإباحية.
وتابعت كتائب هذا الغزو الخطر أعمالها في الإفساد بعنصر النساء، واتجهت هذه الكتائب إلى مواقع المسلمين من كل حدب وصوب، واحتلت مجالات توجيهية كبرى في معظم بلاد المسلمين، وفقد المسلمون معظم مراكزهم
التوجيهية، فكان مما احتله هؤلاء الغزاة المجالات التالية:
أولاً: مجالات التعليم والتربية، ومجالات الثقافة على اختلف أنواعها وأشكالها، وقد أخذ الغزاة في هذه المجالات زمام المبادرة إلى تعليم المرأة وتربيتها، طبق الأسس التي وضعوها في خطة غزوهم لبلاد المسلمين، ثم تخرجت الفتيات المسلمات على أيديهم وهن مثقلات بالمفاهيم المنحرفة التي أملوها عليهن، ومنطبعات بالعادات التي ربوهن عليها، منذ مرحلة المدرسة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الجامعية التي حملن بها شهادات العلم والتعليم والتربية للأجيال القادمة.
ثانياً: مجالات الفنون المختلفة، وأهمها الفنون الجميلة وما يتصل بها وبزينة المرأة وفتنتها وإغرائها للرجل، وجند الأعداء الغزاة في هذه المجالات الوسائل التالية: السينما، والمسارح، وكتب القصة والتاريخ وعلم النفس والاجتماع وغيرها من العلوم، والمجلات، والصحف، والإذاعة، والتلفزيون، وسائر وسائل الإعلام.
وقبضوا على نواصي هذه الوسائل قبضاً محكماً، وأما المسلمون المستمسكون بإسلامهم فلم يظفروا من هذه الوسائل إلا بالمشاركة اليسيرة، أو ببعض المقاومة للتيار الجارف.
ثالثاً: مجالات الصناعة والتجارة، وقد استخدم الغزاة في هذه المجالات وسائل كثيرة، منها توجيه الجهود لتصميم الأزياء الكفيلة بإغراء المرأة وفتنتها، والتفنن في ابتكارات مواد زينة النساء، واستدراجها إلى مواقع التحلل من ضوابط السلوك الإسلامي، والأخلاق الفاضلة الكريمة.
ولا يخفى علينا أن الغزاة قد استطاعوا أن يستثمروا أرباحاً ضخمة جداً، من أموال الشعوب الإسلامية، في كل هذه المجالات التي غزوها، إضافة إلى تحقيق أهدافهم المعنوية الرامية إلى هدم أبنية الفضائل الخلقي والسلوكية داخل المجتمعات الإسلامية.