المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة - أجنحة المكر الثلاثة

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف [ووالده]

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: أيمن بن أحمد ذو الغنى

- ‌الشيخ حسن حبنكة الميداني [والد المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌1ـ مولده ونسبه:

- ‌2ـ نشأته وطلبه للعلم:

- ‌3ـ مرحلة الدعوة والتعليم:

- ‌4ـ أسلوبه في التعليم:

- ‌5ـ مشاركاته العلمية:

- ‌6ـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية:

- ‌7ـ مواقفه الإسلامية الشجاعة:

- ‌8 ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره:

- ‌9 ـ صفاته التربوية:

- ‌10 ـ وفاته:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌مولده وتعليمه:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌من آرائه ومواقفه التاريخية:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: وصفي عاشور أبو زيد

- ‌دعاء

- ‌القِسمُ الأول الغَزوُ بالحِيَل وَوَسَائل المَكْرِ غَيْر المبَاشِرَة

- ‌الفصل الأوّل من القسم الأول مقَدِّمَات عَامَّة

- ‌(1) الحروب الصليبية وخيبتها وتحول اتجاهها

- ‌(2) الغزو الفكري وخطره

- ‌(3) تاريخ ظاهرة الغزو الفكري

- ‌(4) المهمات الرئيسية لأعداء الإسلام

- ‌(5) المنهج الرئيسي للغزو الفكري

- ‌(6) الوسائل الرئيسية للغزو الفكري

- ‌(7) تعريفات للأجنحة الثلاثة

- ‌(8) المؤازرون من الداخل لقوى المكر الخارجية

- ‌الفصْل الثاني المبشِّرون وأعمالهمْ

- ‌1- عرض موجز لتاريخ التبشير وأعمال المبشرين

- ‌(2) مؤتمرات المبشرين

- ‌(3) مجالات أنشطة المبشرين

- ‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

- ‌الفصْل الثالث المستَشرقون وَأعمَالهمْ

- ‌(1) تعريف عام بالاستشراق والمستشرقين

- ‌(2) موجز تاريخ الاستشراق

- ‌(3) مدارس الاستشراق

- ‌(4) دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌(5) مجالات أنشطة المستشرقين

- ‌(6) أخطر وسائل المستشرقين الفكرية

- ‌(7) موازين البحث عند المستشرقين

- ‌(8) الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌(9) مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالها

- ‌(10) المستشرقون يدركون قدرة الإسلام الذاتية

- ‌الفصْل الرابع الاسْتِعْمَار وَالمُسْتَعْمِرُون

- ‌(1) فكرة عامة عن بدء الاستعمار

- ‌(2) الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية العربية

- ‌(3) الاستعمار البريطاني للهند وآثاره

- ‌(4) أبرز أعمال الكيد التي قام بها الاستعمار في بلاد المسلمين

- ‌(5) وثيقة من دولة استعمارية لنصارى وطنيين

- ‌الفصل الخامس عناصر التلاقي والأهداف والأعمال المشتركة

- ‌(1) الالتقاء على الكراهية والحقد

- ‌(2) الالتقاء على كسب المغانم

- ‌(3) الالتقاء على محاربة الإسلام وتطبيقاته

- ‌(4) محاولات الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين

- ‌(5) محاولات الفصل الجزئي بين الإسلام والمسلمين

- ‌الفصل السادس وسائل الغزاة وحيلهم

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) وسائل الغزو غير المسلح

- ‌(3) شرح الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: الوجوه المستعارة

- ‌الوسيلة الثانية الخداع السياسي

- ‌الوسيلة الثالثة: الضغط السياسي

- ‌الوسيلة الرابعة: الحصار الاقتصادي

- ‌الوسيلة الخامسة: الحصار العلمي والثقافي

- ‌الوسيلة السادسة: التمييز الطائفي

- ‌الوسيلة السابعة: التمييز العنصري والقومي

- ‌الوسيلة الثامنة: التضليل الفكري

- ‌الوسيلة التاسعة العبث النفسي

- ‌الوسيلة العاشرة: حيل السلب المالي

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: الإفساد الاجتماعي

- ‌الوسيلة الثانية عشرة الإفساد الخلقي والسلوكي

- ‌الفصْل السّابع منْ وَسَائل الغزو الفكري: التفريغ وَالملء

- ‌(1) مقدّمة

- ‌(2) عناصر الخطة

- ‌(3) وسائل التفريغ

- ‌(4) عمليات ملء الفراغ

- ‌(5) تسخير الجيش الجديد من أبناء الأمة

- ‌الفصْل الثامِن خطط العَدُوّ لغزو الإسْلام

- ‌(1) خطة وغرض

- ‌(2) التحريف في مفهوم التوكل على الله

- ‌(3) سوء فهم معنى الرضى بالقضاء والقدر

- ‌(4) محاولات الغزاة إلغاء ركن الجهاد في سبيل الله

- ‌الخطة الأولى: خطَّة استغلال ردود الأفعال الناتجة عن توجيه الاتهام

- ‌الخطة الثانية: خطَّة تفريغ الجهاد في سبيل

- ‌الخطة الثالثة: اتخاذ حيلة الربط الدوري بين ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال وبين إقامة الحكم الإسلامي

- ‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

- ‌الخطة الخامسة: خطَّة استغلال المنظمات الدولية المندسة في الشعوب المسلمة

- ‌الخطة السادسة: خطة التوريط والإحباط، لإقناع جماهير المسلمين بالعجز

- ‌(5) محاولات الغزاة تفريغ الإسلام من أحكام المعاملات وسائر شؤون الحياة

- ‌(6) محاولة إلغاء تطبيق أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية

- ‌(7) التلاعب بالأحكام الإسلامية بحيلة المرونة في الشريعة

- ‌(8) حيلة خلط معنى التمسك المحمود بالحق بمعنى التعصب الجاهلي المذموم

- ‌(9) التلاعب بعبارات التقدمية والرجعية والتمدن والتخلف ونحوها

- ‌(10) حيلة التحسر على افتقار الأمة العربية إلى فلسفة ترفع من شأنها

- ‌(11) حيلة التمجيد بعبقرية محمد لتفريغ دعوته من كونها رسالة ربانية

- ‌الفصْل التاسِع الغزاة وأعمالهم في هدم وحدة المسلمين

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية

- ‌(3) تفتيت وحدة المسلمين هدف مشترك لدى أجنحة المكر

- ‌(4) دسائس وألاعيب استعمارية لتمزيق وحدة المسلمين

- ‌(5) التقسيم الطبقي

- ‌(6) هدم الخلافة الإسلامية

- ‌(7) مكيدة تحديد النسل

- ‌الفصْل العاشر الغزو بفكرة القوميّة

- ‌(1) خطة وأهداف

- ‌(2) مغالطة جدلية

- ‌(3) موقع الشعب العربي بين الشعوب الإسلامية الأخرى

- ‌(4) تقبّل المبادئ الأخرى بعد التفريغ بفكرة القومية

- ‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

- ‌الفصْل الحَادي عشر أعمال الغزَاة ضِدّ اللغةِ العربيَّة

- ‌(1) مقدمة عامة حول أهمية اللّغة

- ‌(2) الاستعمار ومحاربته للعربية الفصحى

- ‌(3) الدعوة إلى نشر العاميات واللهجات الإقليمية

- ‌(4) نظرة تاريخية إلى حركة التحويل عن الفصحى

- ‌(5) ردود على مزاعم خصوم الفصحى

- ‌(6) دغدغة العواطف القومية القديمة للتحويل عن العربية الفصحى

- ‌(7) مزاعم إصلاح رسم الخط العربي

- ‌(8) غزو الفصحى عن طريق العبث بقواعدها

- ‌(9) غزو اللغة العربية بالمفردات الأجنبية الدخيلة

- ‌(10) طلائع المستجيبين لمكيدة إحلال العاميات محل الفصحى

- ‌(11) نحن والغزاة

- ‌الفصْل الثاني عشر الغزاة وتفصيل أعمالهم في الإفساد

- ‌(1) تكسير معاقد الترابط الاجتماعي وتقطيع أوصاله

- ‌(2) العبث بجذور الأخلاق

- ‌(3) طريقا التضليل الفكري والاستدراج إلى الانحراف السلوكي

- ‌(4) الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: استخدام عنصر المال

- ‌الوسيلة الثانية: استخدام عنصر النساء

- ‌الوسيلة الثالثة: الاهتمام بالمرأة في مجالات العلم والثقافة والفن

- ‌الوسيلة الرابعة: فتنة الاختلاط وسفور المرأة

- ‌الوسيلة الخامسة: استخدام الآداب والفنون

- ‌الوسيلة السادسة: استخدام عنصر الحكم

- ‌الوسيلة السابعة: استخدام المسكرات والمخدرات

- ‌الوسيلة الثامنة: استخدام وسائل اللهو واللعب

- ‌الوسيلة التاسعة: اهتمام الغزاة بإفساد الفتيان والفتيات

- ‌الوسيلة العاشرة: استخدام وسائل الترف والرفاهية

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: سياسة المستعمرين غير الأخلاقية

- ‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

- ‌الفصْل الثالث عشر الغزو بالمذاهِبِ الاقتصَادية

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) بين اتجاهين متباينين

- ‌(3) وسائل إيقاف نشاط غزو المذاهب المخالفة للإسلام

- ‌(4) نظام الإسلام على قمة وعن يمينها ويسارها منحدران

- ‌(5) قدوم المذاهب الاقتصادية المخالفة لنظام الإسلام

- ‌(6) لا تكفي الكلمة وحدها

- ‌(7) الأسس العامة لنظام الإسلام الاقتصادي

- ‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإِسلام والنظم الأخرى

- ‌(9) فرية ربط التخلف الصناعي بنظام الإسلام

- ‌(10) اصطناع المناخات المناسبة لتقبل الأفكار والمذاهب الغازية

- ‌(11) التعلُّل بعدم وجود دولة تطبق نظم الإسلام وتحميها

- ‌الفصْل الرابع عشر مَا تُعانيه الحَركات وَالمؤسَّسّاتُ الإسْلَاميَّة

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) الكمين والإثارة

- ‌(3) الفقر الذي تعاني منه المؤسسات والحركات الإسلامية

- ‌القِسمُ الثَّاني الغَزْو بالهُجُوم المبَاشِر عَلى الإسْلَام

- ‌الفصْل الأوّل شُبهَاتٌ حَوْلَ المثَاليّةِ وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثاني شُبهَاتٌ حَوْلَ الرُّوحيَّة وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثالث شُبهَاتٌ حَوْلَ بَعْض العبَادات في الإسْلَام

- ‌الفصْل الرابع شُبهَاتٌ حَوْلَ الزَّكَاةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الخامس شُبهَاتٌ حَوْلَ العُقوبَات في الإسْلَام

- ‌الفصْل السادس شُبهَاتٌ حَوْلَ الرِّقِّ في الإسْلَام

- ‌الفصْل السّابع شُبهَاتٌ حَوْلَ حُقُوق المَرأةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثامِن أجوبَة أسئِلة تَشكيكيَّة

- ‌القِسمُ الثالِث نَظَراتٌ عَامَّة حَوْل دَوافِع الغزو في الناسِ

- ‌الفصْل الأوّل دَوافع الغزو

- ‌(1) ربانية أو عدوانية

- ‌(2) الجهاد المقدس

- ‌(3) أهداف محاولات التسلط المادي المرتبط بالدوافع العدوانية

- ‌(4) تآزر الغزاة لتحقيق الأهداف المشتركة

- ‌الفصْل الثاني خلَاصَة وتوجيه لِلمسْلمين

- ‌(1) مقدمة

- ‌(2) العناصر الغازية

- ‌(3) نتائج حققها الغزاة

- ‌(4) خطوات العمل الحميدة

الفصل: ‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

لأنَّ كلاًّ من الركنين قد ارتبط بالآخر ارتباطاً دوريَّاً، فتساقط بذلك طرفا الدور، فلا يقوم الحكم الإسلامي المطلوب، ولا يباشر المسلمون الجهاد في سبيل الله بالقتال.

وقد قامت نظريات جديدة تبنَّاها بعض المسلمين تنادي بأن الجهاد بالقتال حقٌّ، وركن من أركان العمل الإسلامي، لنشر الإسلام وصيانته، ولكن لا يصحّ مباشرته قبل توافر شروطه الأساسية.

والأمر عند هذا الحد سليم لا غبار عليه، ولكن عند الحديث عن الشروط يعملون على انتحال شروط بعيدة المنال، في ظروف المسلمين الحالية. ثم يعملون بكل وسيلة على جعل هذه الشروط مستحيلة الوقوع، أو كالمستحيلة.

كما يعمل أعداء الإسلام على ربط هذه الفئات التي تنادي بهذه النظريات الجديدة بهم ربطاً محكماً، يجعل كلَّ أنواع النشاط التي تقوم به تحت اسم الإسلام كمن يحرث في البحر، تمتصّ بالجهد طاقاته، ولا تؤثر في الماء محاريثه، ثمَّ ينتهي الأمر إلى تعطيل ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال تعطيلاً نهائيَّاً، وإبقائه كمادّة معطّلة عن التطبيق في دستور نظري.

على أنَّ من الواجب أن نبيّن أنه لا يصح مباشرة القتال قبل توافر شروطه، من تحديد الغاية الأساسية، وإعداد العدّة المطلوبة للمواجهة، والقيام بواجب الجهاد بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة أولاً، وانتظار الفرصة الملائمة.

ولكن على المسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها أن يخطّطوا ويساهموا في الإعداد التامّ، لردّ صور العدوان التي يبيتها ضدّهم أعداء الإسلام، ليوقعوا في شركهم كلّ بلد من بلدان العالم الإسلامي، وعلى المسلمين جميعاً أن لا يتوانوا في هذا لحظة واحدة.

* * *

‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

، التي تعمل على إلغاء الجهاد في سبيل الله، بحيل شتى، ومنها ما ينقض الإسلام كلَّه.

لقد جرب الغزاة أن ينشروا بين المسلمين عقائد جديدة تفسّر نصوص

ص: 277

الإسلام بحسب أهوائهم، وتنادي بالأخوة الإنسانية، دون تفريق بين الأديان القائمة، وتفسّر بأنه واحد من هذه الأديان المنتشرة في الأرض، يدعو إلى المحبة، وإلى التآخي العامّ بين البشر، مهما كانت مذاهبهم واتجاهاتهم وأعمالهم ومعتقداتهم، ولا يفرض نفسه على الناس فرضاً، وما هو بدين قتالٍ وسفك دماء.

وأمَّا القتال الذي حصل في صدر الإسلام فقد كان عملية مرحلية فقط، وقد انتهى دورها بانتشار الإسلام في العالم، وأضافوا إلى هذا التغيير في مفهوم الإسلام أخلاطاً اعتقادية أخرى تنسف الإسلام من أساسه.

واستأجروا للقيام بتنفيذ هذا المخطط أجراء ضمن صفوف المسلمين، بألوان شتى، وصور مختلفة، وظهر بعض هؤلاء بأثواب قادة سياسيين، وظهر بعضهم بأثواب مصلحين دينيين، وابتدع بعضهم ديناً جديداً دعا إليه وجمع فريقاً من المرتزقة عليه، فظهرت البهائية في إيران، وظهرت القاديانية في الهند، وكلٌّ منهما قد ضمَّن أخلاطه الاعتقادية الملفقة إلغاء ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال، ودعا إلى التعايش بمحبَّة وإخاءٍ وتعاون مع السلطات الكافرة، التي تمتص خيرات البلاد، وتنشر مبادئها باعتبارها أمَّة غالبة مستعمرة.

وفيما يلي تعريف موجز بالبهائية، وبالقاديانية:

البهائية:

هي نحلة جديدة ظهرت في جسم الأمة الإسلامية، بتدبير من أعداء الإسلام، وإمداد منهم لها بالأموال، وبتيسير المصالح، بالدعم والتأييد، فلفقت ديناً جديداً بعقيدته وشريعته، تحت قناع الإصلاح الديني والاجتماعي المزيف، وباسم التآخي العام بين الناس على اختلاف أديانهم وقومياتهم ومذاهبهم. ولهذه النحلة (البهائية) صلة في مفاهيمها بالإباحية من جهة، وبطرح الفوارق الدينية من جهة أخرى، وإلغاء مبدأ الجهاد في سبيل الله من جهة ثالثة، وتعمل على هدم الإسلام وتمزيق وحدة الأمة الإسلامية، وخدمة أغراض وأهداف المستأجرين لها من أعداء الإسلام والمسلمين.

ص: 278

وقد بدأت فكرة هذه الفرقة الضالة في مدينة شيراز من مدن إيران سنة (1260هـ) على يد فارسي اسمه "علي محمد الشيرازي" حين أعلن أنه باب العلم بالحقيقة الإلهية، وسمى نفسه "الباب". واجتمع حوله أتباع من ضعفاء العقول وأصحاب الشهوات. ولما أعلن مقالته في الناس قامت فتنة دعت الحاكم إلى أن يسجن أتباعه. ثم هاجر من شيراز إلى أصفهان فحماه حاكمها، ولما توفي هذا الحاكم تلقى خلفه أمراً بالقبض على (الباب) وحبسه في قلعة (ماكو) .

وفي سنة (1266هـ) أي: بعد ست سنوات من بدء ضلالته قتل رمياً بالرصاص في تبريز، ولم ييأس أعداء الإسلام من متابعة مكرهم في إيجاد خلف له، فاشتروا رجلاً للقيام بالمكيدة اشتهر باسم (البهاء) أو (بهاء الله) وإلى هذا الرجل تنسب طائفة البهائية، ولم يلبث هذا الرجل بعد تسلمه رئاسة الدعوة لهذه النحلة الجديدة حتى اتهم بالاشتراك في مؤامرة لاغتيال ناصر الدين شاه (ملك إيران) انتقاماً للباب، فاعتقل وأبعد، فنزل بغداد، وأقام بها اثنتي عشرة سنة يبشر بضلالته، وضج منه علماء العراق، فقصد (الآستانة) وقاومه علماؤها، ثم كان آخر أمره في (البهجة) وهي قرية من قرى (عكة) بفلسطين، ومات بها سنة (1309هـ) .

ودعم أعداء الإسلام من بعده ابنه المعروف (بعباس عبد البهاء) وقد رافق هذا أباه منذ بدء ضلالته، وتنقل معه، وقام هذا بأمر البهائية وتنظيم جماعاتها، ونشط هذا الشيطان الابن في نشر ضلالة هذه الطائفة، وكان متوقد الذكاء، وقد زار أوربا في سنة (1330هـ) وزار أمريكا في سنة (1331هـ) وعاد إلى فلسطين فمات في (حيفا) .

وتتلقى هذه الطائفة دعماً ومالاً من أمريكا ومن اليهود ومن غيرهما من أعداء الإسلام.

فقد تأكد أن الجاسوسية الروسية هي التي تولت غرسها، وأن اليهودية الصهيونية هي التي احتضنتها، وأن الصليبية ومؤسساتها الاستعمارية والتبشيرية

ص: 279

تدعمها وتشد أزرها، لأن الجميع يلتقون على هدف واحد، هو هدم الإسلام، وتجزئ المسلمين، وتوهين قواهم.

تقوم هذه النحلة الضالة على تأليه (البهاء) فبهاء الله عندهم الذي هو الرئيس الثاني لدعوتهم، هو الرب الذي بشرت به الديانات كلها، وهو المشرع الأعلى الذي تنبأت بظهوره البوذية والبرهمية واليهودية والمسيحية والإسلام.

وقاموا بدور الأجير المطيع في تنفيذ مخططات أعداء الإسلام، من صليبيين واستعماريين ويهود. إنهم يقررون ويعترفون في كتبهم ونشراتهم بأنهم عملوا على سقوط الحكومة العثمانية في فلسطين، وبأن المستعمرين الإنكليز قد دخلوا الأراضي المقدسة بمساعيهم، ويتباهون بأنهم كانوا قد تنبأوا بقيام الدولة الإسرائيلية ثم يتحدثون عن الصلاة الوثيقة التي تقوم بينهم وبين إسرائيل.

وفيما يلي طائفة من الوثائق التي تكشف تآمرهم مع أعداء الإسلام:

1-

نشرت مجلة (الأخبار الأمرية) التابعة للمحفل الروحاني الوطني للبهائيين، بالعدد الخامس، الصادر في أيلول لعام (1951م) حديثاً لرئيس القسم العالي للبهائيين مع وزير أمور الأديان الإسرائيلي، يقول فيه:"إن أراضي الدولة الإسرائيلية في نظر البهائيين واليهود والمسلمين أراض مقدسة، وقد كتب حضرة عبد البهاء قبل أكثر من خمسين عاماً أنه في النهاية ستكون فلسطين موطناً لليهود، وهذا الكلام طبع في حينه وانتشر".

2-

جاء في كتاب الوقيعات المباركة بالمجلد الثانية "شوقي أفندي" وهو الزعيم الثالث للفرقة البهائية، في الصفحة (290) ما يلي:"لقد تحقق الوعد الإلهي لأبناء الخليل ووارث الكليم، وقد استقرت الدولة الإسرائيلية في الأراضي المقدسة، وأصبحت العلاقات بينها وبين المركز العالمي للجامعة البهائية وطيدة وقد أقرت واعترفت بهذه العقيدة الإلهية".

3-

نشرت مجلة (الأخبار الأمرية) بالعدد العاشر في عام (1961م) ما قالته "روحية ماكسول" زوجة "شوقي أفندي" وزعيمة البهائيين حالياً، في مقابلة صحفية لها مع "مزدهيفت" وهو:

ص: 280

"فإن كان من المقرر لنا الاختيار، فمن الجدير أن يكون هذا الدين الجديد في أحدث دولة، وفيها يترعرع، وإن لنا مع إسرائيل روابط ووحدة مصير، وفي الواقع يجب أن أقول: إن مستقبلنا ومستقبل إسرائيل يرتبطان ببعضهما كحلقتين في سلسلة واحدة".

4-

إن مركز تشكيلات البهائيين الرئيسي ويسمى "بيت العدل" يوجد حالياً في مدينة حيفا بفلسطين المحتلة، وتشرف عليه هيئة مكونة من تسعة أشخاص، بينهم أمريكون وأوربيون، والرئاسة الروحية فيه لتلك المرأة الأمريكية الأصل "روحية ماكسول".

وكل المحافل الأخرى التي تقام في العالم تعتبر فرعاً للمركز الرئيسي في إسرائيل.

5-

أعلن في النشرة الرسمية للبهائيين في إيران أيام رئاسة "ابن غوريون" للوزارة الإسرائيلية ما يلي:

"مع كمال الفخر نبلغ البهائيين باتساع الروابط بين البهائيين والمسؤولين في دولة إسرائيل".

وفي تلك الأثناء قام وفد من البهائيين بمقابلة "ابن غوريون" وقدم له تمنيات البهائيين القلبية لتقدم وتطور إسرائيل.

6-

في السابع من شهر نيسان لعام (1964م) قام الرئيس السابق لإسرائيل "زالمان شازار" بزيارة رسمية لمركز البهائيين، واستقبله هؤلاء استقبالاً حاراً، ظهر فيه مدى التعاطف والتعاون بينهم وبين اليهود.

7-

ثبت لدى مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل أن البهائية تتعامل مع الصهيونية وتتآزر معها، لذلك أصدر في شهر صفر عام (1395هـ) الموافق لآذار عام (1975م) قراراً باعتبار (البهائية) من الحركات الهدامة، وبوضعها في القائمة السوداء، ومقاطعتها، وحظر أي نشاط لها في البلاد العربية، لثبوت تعاملها مع العدو الإسرائيلي، وافتضاح اتصالاتها المشبوهة بالصهيونية وأجهزتها السرية والعلنية.

* * *

ص: 281

القاديانية:

هي نحلة جديدة، عملت بما تستطيع من خدمة مأجورة من قبل المستعمرين الإنكليز، لهدم العقائد والشرائع الإسلامية، التي يخدم هدمها مصالح المستعمرين في بلاد المسلمين، وكان لتأسيس هذه النحلة تحت ستار ديني هدفان رئيسان:

الهدف الأول: تفريق وحدة المسلمين، وتوهين قوتهم، وهدم مبادئهم وعقائدهم.

الهدف الثاني: تمكين الدولة البريطانية من بسط نفوذها على البلاد الإسلامية التي اغتصبتها، لا سيما الهند التي نشأت هذه الطائفة فيها.

وقصة هذه الطائفة تتلخص بما يلي:

اجتمع قواد الاستعمار البريطاني وزعماؤه في مدينة (لندن) ووضعوا خطة لهدم أركان العقيدة والشريعة الإسلامية، ولتمزيق وحدة المسلمين، وتوهين قوتهم، فكان من مظاهر هذه الخطة إنشاء فرق باطلة في صفوف المسلمين تدعمها الحكومات البريطانية. وتغذيها بالرشوات والمساعدات المالية، تحميها من غضبة المسلمين، وتمدها بالمعونات المادية بقدر ما تسمح به الظروف، على أن تحمل هذه الفرق في الظاهر اسم الإسلام، وتعمل في الحقيقة على هدم أصوله وقواعده، وتقطيع أوصاله، وإبعاد المسلمين عن جوهره، وتخدم في كل مناسبة مصالح الاستعمار البريطاني بكل ما لديها من قوة.

فأرسلت بريطانيا من أجل هذه الغاية بعثات خاصة إلى البلاد المستعمرة من قبلها، للبحث عن الظروف الملائمة، والتفتيش عن المنحرفين الطامعين، ممن لديهم استعداد للقيام بهذه المهمة الخبيثة، فعثرت في الهند على رجل منحرف نفسياً وفكرياً طامع بالمال، طامح إلى زعامة دينية مزورة، ضمن أسرة عميلة للاستعمار الإنكليزي، فاشترته وأطمعته، ووجهته للقيام بزعامة فرقة باسم الإسلام، تشق عصا المسلمين، وتهدم أركان الإسلام ومبادئه فقام هذا الرجل بمهمته الخائنة لدينه وأمته وبلاده.

ص: 282

إنه (ميرزا غلام أحمد) القادياني المولود في قرية (قاديان) إحدى قرى البنجاب في سنة (1839م) في أسرة عميلة للاستعمار الإنكليزي، فقد كان أبوه واحداً من الذين خانوا المسلمين، وتآمروا عليهم، وساعدوا الكفار الغاصبين، سعياً وراء المال الحرام، والجاه الخائن.

وسعى (ميرزا غلام أحمد) يدعو إلى ضلالته، ويخدم الإنكليز خدمة العبد المطيع، ويتلقى المكافآت الكثيرة منهم على ما يقدمه إليهم من خدمات.

ففي سنة (1882م) ادّعى أن الله ألهمه مهمة خاصة، ثم ادّعى بعد مُدَّة أن جبريل قد نزل عليه بوحي من السماء، ثم ادَّعى بعد حين أن الله تعالى لقبه برسول وسماه "محمداً" وفي عام "1901م" أعلن بصراحة أنه نبي مرسل من الله.

وفرض الاستعمار الإنكليزي هذا الرجل وأمده وحماه، وقدم له كل التسهيلات للقيام بمهمته، وخصص له جنوداً من قبله لحراسته، حتى لا تنزل به نقمة المسلمين في الهند، وأتاح لأتباعه المستأجرين أيضاً لنشر نحلته فرصاً كبيرة لإقامة مراكزهم التبليغية في أنحاء العالم، لا سيما البلاد الخاضعة للاستعمار الإنكليزي، وصار الإنكليز يحثون من لهم عليهم يد من الأسر الإسلامية البارزة أن يعتنقوا القاديانية، فمن اعتنقها منهم منحوه ما يسره من لقب ووسام.

وظل القاديانيون يرتعون في كنف الاستعمار البريطاني، ويصيبون من خيرات البلاد ما لا يصيبه غيرهم، ليقوموا بهدم الإسلام وتمزيق وحدة المسلمين من ضمن صفوفهم، وليقوموا بخدمة المصالح الاستعمارية وفق ما يملي عليهم سادتهم.

وألف (ميرزا غلام أحمد) كتباً ورسائل ونشرات كثيرة، ضمنها الحث الصريح على طاعة الدولة البريطانية، وعدم الخروج عليها، ومما أفتى به أنه لا يجوز للمسلم أن يرفع السلاح في وجه الإنكليز لأن الجهاد قد رفع، ولأن الإنكليز هم خلفاء الله في الأرض فلا يجوز الخروج عليهم.

ومما جاء في رسائله: "لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة

ص: 283

الإنكليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر الإنكليزي، ما لو جمع بعضه إلى بعض لملأ خمسين خزانة".

(وما جاء في أقواله:

"إن الحكومة البريطانية أقرّت بأن أسرتي في مقدمة الأسر التي عرفت في الهند بالنصح والإخلاص للإنجليز، ودلت الوثائق التاريخية على أن والدي وأسرتي كانوا من كبار المخلصين لهذه الحكومة من أول عهدها".

وقوله أيضاً:

" وقد قدّم والدي فرقة من خمسين فارساً لمساعدة الحكومة الإنجليزية في ثورة (1857م) وتلقى على ذلك رسائل شكر وتقدير من رجال الحكومة".

ثم انقسمت الهند، وقامت الدولة المسلمة (باكستان) في عام (1947) محاطة بالمشكلات الصعبة التي وضعها فيها الاستعمار الإنكليزي، وبخطة مدبرة انتقل مركز القاديانيين من (قاديان) في الهند إلى باكستان، ليتابعوا مكيدتهم في الدولة المسلمة الناشئة، وفرض على هذه الدولة الحديثة تولية الزعيم القادياني المشهور السير (ظفر الله خان) وزيراً للخارجية، واحتج المسلمون على هذا الإجراء، وأجابهم رئيس وزراء باكستان يومئذ (الخواجا ناظم الدين) بأنه لا يستطيع التخلي عنه، لأن ذلك يحرم باكستان من المساعدات الأجنبية، لا سيما المواد الغذائية التي كانت باكستان بأمس الحاجة إليها، فدل ذلك على متابعة دعم القاديانيين من الدول المعادية للإسلام، لاستكمال تنفيذ مخططات المكيدة، وظلت الحكومات في باكستان تواجه الضغوط الخارجية لمنح القاديانيين ما يطلبون من تسهيلات وامتيازات.

وانتهز القاديانيون هذه الفرصة المواتية فوضعوا عدة مشاريع طبقوها بنجاح ملحوظ، فعمقوا جذورهم في باكستان، وانطلقوا من ذلك ينشرون دعايتهم في العالم بدعم مستمر من سادتهم، المستفيدين من أعمالهم في باكستان ما يلي:

ص: 284

1-

إنشاء مدينة لهم باسم (ربوة) وهذه المدينة خاصة بهم، لهم فيها نظام بوليسي خاص، ومحاكم خاصة ومدارس وكليات ومستشفيات خاصة، ولا يستطيع أحد من المسلمين أن يشتري فيها أرضاً، أو يستأجر فيها داراً، وكل الوظائف فيها لا يشغلها إلا القاديانيون، أقاموا فيها سكرتارية فخمة مجهزة بأحدث الآلات، ومنها ينشرون التضليل القادياني.

2-

شحن المناصب الهامة في الجيش وفي الإدارة المدنية وفي السفارات الباكستانية بالقاديانيين. وكان ذلك بتأثير السير (ظفر الله خان) .

3-

إنشاء المدارس والكليات والمستشفيات على مستوى عالٍ، واستدراج المسلمين عن طريقها إلى القاديانية، على مثل ما تقوم به البعثات التبشيرية المسيحية.

4-

تقديم المنح الدراسية والمساعدات المالية المشروطة باعتناق القاديانية.

5-

استغلال الوظائف والمناصب الحكومة استغلالاً غير مشروع، وذلك بربط التعيين والترقيات بأن يعتنق طالب ذلك نحلتهم.

6-

عمل القاديانيون المتغلغلون في أجهزة الحكم على منح المنتسبين إلى نحلتهم مساعدات غير عادية، ليتقدموا تقدماً كبيراً في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة.

7-

وقاموا بنشاط كبير في مجال طبع الكتب والنشرات القاديانية، التي تثير الشبهات حول العقائد الإسلامية، وتضلل أبناء المسلمين، وتحاول إبعادهم عن الإسلام الحق.

وقام المسلمون في باكستان بمظاهرات واحتجاجات ضد تصرفات القاديانيين في مناسبات متعددة، ولم يستطيعوا أن يعزلوهم عزلاً تاماً عن جسم الأمة الإسلامية حتى عام (1974م) إذ استطاع المسلمون أن يوجهوا ضغوطاً متعددة اضطر على أثرها البرلمان المركزي الباكستاني أن يصدر في

ص: 285