الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدا منيعا في وجه انتشار النصرانية ، ثم امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها ".
فالسياسيون والعسكريون _ وارثوا الكراهية والحقد من جراء الخيبة التي منيت بها الحروب الصليبية _ يشتركون مع المبشرين والمستشرقين _ وارثي الكراهية والحقد أيضا _ من أجدادهم الذين حرضوا الجيوش الصليبية لغزو البلاد الإسلامية خلال قرنين كاملين ، فلم يظفروا منها بطائل ، وارتدوا منها على أعقابهم خاسرين.
ولدى تحليل الأسباب تحليلا إنسانيا كريما نجدها نوعا من التعصب القبيح الذميم ، وضيق الأفق النفسي ، والأنانية الشديدة ، وهي كلها مرفوضة لدى العقول السليمة ، والأفكار المستقيمة ، والنفوس الكريمة ، التي تسعى إلى الحق أين كان ، وتريد الخير لأنفسها وللإنسانية جمعاء.
(2) الالتقاء على كسب المغانم
نقطة لقاء تلتقي عليها أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها إنها كسب المغانم والاستثمارات المادية.
أ- أما المستعمرون فيكاد يكون الهدف الرئيسي لهم كسب المغانم الكثيرة من المسلمين وبلادهم ، ويضاف إلى هذا الهدف أهداف كثيرة أخرى ستأتي الإشارة إليها.
إن المستعمرين لما عرفوا أوضاع المسلمين ، ودرسوا أحوال بلادهم ، وما فيها من خيرات كثيرة ، وما للأرض التي تمتد شعوبهم في أرجائها من فضائل وحسنات اقتصادية وسياسية وعسكرية ، تحلبت أشداقهم شرها إليها ، وطعما باقتناص خيراتها والاستيلاء على كنوزها ، واستغلال كل ما أمكن استغلاله فيها ، وتسخير الطاقات البشرية المسلمة
التي تعيش عليها في خدمة أهدافهم الاستغلالية الاستثمارية ، مع حجب الخبرات الفنية عنها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وقد مهدوا لاحتلالهم البلاد الإسلامية بالمبشرين ومؤسساتهم ، فأمدوهم بإمدادات كبيرة سخية ، ليكونوا قاعدتهم الأولى لتحقيق أهدافهم الاستعمارية ، ومهدوا له أيضا بالمؤسسات التجارية والاستثمارية والتعليمية ، وبالبعوث من المستشرقين ، ثم استطاعوا بحيلهم وألاعيبهم ورشواتهم أن ينتزعوا الامتيازات الضخمة لشركاتهم الكبيرة ، بالاتفاقات الدولية ، وأن يدخلوها إلى العواصم الكبرى في البلاد الإسلامية ، وهي تحمل في حقيبتها غايتين:
الأولى: اقتصادية طامعة بالاستغلال والربح.
الثانية: سياسية تعمل على تهيئة القواعد السياسية والاجتماعية المناسبة ، الممهدة لدخول القوات العسكرية الغازية ، الطامعة ببسط سلطانها المباشر.
ودخلت قوات المستعمرين العسكرية بعد أن تهيأت لهم الظروف الدولية المناسبة وساعدهم على ذلك وصول الشعب المسلمة إلى دور الانحطاط النسبي الذي دفعتهم إليه عوامل شتى ، داخلية وخارجية ، ومن هذه العوامل ما يلي:
1-
فقدان الوعي الإسلامي العام ، وعزوف الناس عن المعارف والعلوم المختلفة ، الدينية والكونية ، واشتغالهم في ميادين التجارة والزراعة والصناعة التقليدية ، دون أن يدخلوا عليها شيئا من التطوير والتحسين.
2-
نقص الخبرات الفنية المتعلقة بالمكتشفات العلمية ، والمخترعات الآلية الحديثة ، والتخلف في التطبيقات التكنولوجية.
3-
تفرق كلمة المسلمين ، وقلة مبالاتهم بأمور أنفسهم الكبرى، وبأمور المسلمين العامة.
4-
انتشار حشد من المفاهيم الخاطئة بينهم ، منها ما يتعلق بالأمور الدينية
البحث ، ومنها ما يتعلق بالأمور الدنيوية التي يأمر بها الدين ، ويرشد فيها إلى أقوم السبل.
5-
المؤتمرات التي تدبر ضدهم في المحافل الدولية الكبرى ، ويستخدم لتنفيذها الأجراء من داخل الإسلامية.
6-
إثارة الفتن الطائفية التي يقصد منها إعطاء الجيوش الاستعمارية ذرائع الاحتلال باسم حماية الأقليات.
إلى غير ذلك من عوامل شتى.
ب- وأما المبشرون فبالإضافة إلى أهدافهم ومهماتهم الرئيسية ، المتعلقة بالتبشير ، والمتعلقة بالتمهيد للاستعمار السياسي والعسكري ، والتمكين له ، كانت لهم أهداف أخرى لها صلة بالاستثمار والاستغلال ، ذلك لأن مؤسساتهم التعليمية التي تبدأ من دور الحضانة وتترقى حتى المراحل الجامعية العليا ، ومؤسساتهم الصحية التي تبدأ من نشر الأطباء والممرضين والممرضات في المدن والقرى ، وترتقي حتى تصل إلى إنشاء المستشفيات الكبرى ، ومؤسساتهم الاجتماعية المختلفة وقد كانت مراكز استثمار تتدفق لهم منها أرباح وفيرة ، تدعم ميزانياتهم التبشيرية دعما قويا ، وتهيئ لهم الفرص الملائمة للاستزادة والتوسع.
فبينما ترضى المؤسسات التعليمية الإسلامية بمقدار الكفاف من الأقساط الشهرية أو السنوية التي يدفعها أولياء التلاميذ ، مع النسب المجانية المرهقة ، تصر المؤسسات التبشيرية على تحديد الأقساط العالية جدا ، التي لا يستطيع تقديمها إلا طبقة الأغنياء والمترفين ، بغية تسديد هدفين محكمين.
الهدف الأول: تربية أبناء الطبقة الثرية تربية مناسبة تخدم أهداف المبشرين خدمات جلى ، نظرا إلى أنهم قد كانوا في أغلب الأحيان هم الذين يرشحون لاستلام مراكز الإدارة والحكم.
الهدف الثاني: تحصيل الأرباح الوفيرة منهم ، لأنهم هم الذين