الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أركان الدعوة إلى الله ونشر الإسلام وإقامة العدل في الأرض، وإضعاف أثره في صفوف المسلمين ، وهدم بواعثه في قلوبهم.
وكان من مظاهر محاولاتهم لإلغاء هذا الركن العظيم ما يلي:
1-
خطَّة الهجوم على الإسلام بأنه انتشر بالسيف، وبإكراه الناس عليه. لاستغلال ردود الأفعال عند بعض المسلمين، الذين ينزلقون إلى بعض ما يريد الغزاة، وهم يرون أنهم يدافعون عن الإسلام.
2-
خطَّة تفريغ الجهاد في سبيل الله بالقتال من مضامينه، وذلك باصطناع البدائل، كالوطنية، والقومية، والأرض، والكرامة، والاشتراكية والحريّة، ونحو ذلك.
3-
حيلة الربط الدوري بين الجهاد في سبيل الله وبين إقامة الحكم الإسلامي.
4-
خطَّة اصطناع الفرق العميلة الأجيرة، التي تعمل على إلغاء الجهاد في سبيل الله، بحيل شتى، ومنها ما ينقض الإسلام كلَّه، مثل فرقة البهائية، وفرقة القاديانية.
5-
خطَّة استغلال المنظمات الدولية المندسة في شعوب العالم الإسلامي، كالماسونية والروتاري اللّيونز، لبث الأفكار الرامية إلى هدم الإسلام عن طريقها، ومن ذلك الاهتمام الشديد بإلغاء الجهاد في سبيل الله.
6-
خطَّة التوريط والإحباط، لإقناع جماهير المسلمين بالعجز عن عودة الجهاد بالقتال إلى سابق مجده.
7-
خطة تقديم صور مصطنعة من جهاد قتاليّ يحمل شعار جهاد إسلاميّ، وهو ليس منه منهجاً ولا غاية، للتنفير من الجهاد في سبيل الله بالقتال، كصور الأعمال الإرهابيّة الّتي تقتل الأبرياء، وتغتال وتدمّر، دون مواجهات قتالية واضحة.
وفيما يلي شرح موجز لهذه الخطط السَّبع:
الخطة الأولى: خطَّة استغلال ردود الأفعال الناتجة عن توجيه الاتهام
.
أطلق المستشرقون والمبشرون فريتهم التي اتهموا فيها الإسلام بأنه إنَّما انتشر بالسيف، وبإكراه الناس عليه، فكان ردُّ فعل هذا الاتهام عند بعض المسلمين الغيورين على إسلامهم، دفاعهم عن الإسلام بأنَّ الحروب الإسلامية لم تكن إلَاّ حروباً دفاعية فقط، وهذا هو ما يريده الغزاة المهاجمون، هو أن يستدرجوا المسلمين إلى هذه المقالة، ليلغوا بذلك جزءاً مُهِمَّاً من مفهوم الجهاد في سبيل الله، وهم يصلون بذلك إلى هدم شطر عظيم من ركن الجهاد في سبيل الله، الذي دلت عليه النُصوص الإسلامية، ومفاهيم المسلمين الأولين، ودلّت عليه وقائع الفتوحات الإسلامية العظمى التي طبقت هذه المفاهيم.
وضمن الغيورين على الإسلام المدافعين عنه بصدق، والمستدرجين إلى إطلاق مفاهيم غير صحيحة عنه، اندس مأجورون للمستعمرين والمستشرقين وغيرهم، فتظاهروا بالغيرة على الإسلام، وأخذوا ينشرون فكرة حصر القتال في الإسلام بقتال الدفاع فقط، وأطلقوا نظرياتهم بأنَّ الحروب الإسلامية لم تكن إلا حروباً دفاعية فقط، فهدموا بذلك شطراً من ركن الجهاد في سبيل الله.
وتذرع أصحاب النظرية الجديد بالحقيقة الإسلامية التي أعلنها القرآن بقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) :
وبالهدم الجزئي الذي تضمنه هذا الفهم الدخيل المبتدع تعطل شطر من شطري الجهاد في سبيل الله، وهو الشطر الذي تكون الغاية منه نشر الدين، وإبلاغه للعالمين، وكسر الأسوار التي تحجب الحق عن أن يصل إلى أسماع الغافلين المتعطشين إلى المعرفة من الشعوب المغلوبة على أمرها، الراغبة بالخلاص من ظلمات الجهل، وسلطان الحكومات الآثمة الظالمة، التي تحجب عنها النور، وتفرض عليها أهواءها، وتمنعها من تنسم أي حقيقة تخالف ما تمليه عليه بالقوة.
مع أن الجهاد بالقتال في سبيل الله كما هو واضح وصريح في كتاب
الله المجيد، وسنة رسوله صلوات الله عليه، والفتوحات الإسلامية التي تمت في عهود الخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان، له غايتان رئيستان:
الغاية الأولى: الدفاع، وهذا حق تتفق على شرعيته جميع الأمم والمذاهب والأديان، فلا مجال للمناقشة فيه.
الغاية الثانية: القتال لتأمين الدعوة وللقيام بواجب تبليغ الحق الرباني إلى الناس كافة، وإقامة العدل في الأرض، والقتال للقيام بواجب التبليغ من الأمور التي اتفقت عليها الشرائع الربانية الثلاث، المنزلة على موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول) :
{
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .
وطالب موسى عليه السلام بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة فاتحين، بعد أن أنجاهم الله من فرعون وجنوده، وأغرق عدوه، فأجابوه بقولهم: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، وقص الله علينا قصتهم في ذلك، فقال تعال في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول) :
ففي هذا النص بيان واضح أنهم كانوا مطالبين بالقتال لتحقيق الغاية الثانية وهي القيام بواجب تبليغ الحق الرباني، وفتح الأرض المقدسة وإزالة حكم الكفر، وإقامة حكم شريعة الرب.
وهذا هو الحكم في الإسلام إلا أنه أصبح مسايراً للدعوة العالمية التي جاء بها الإسلام، والتي ليست مهمتها قاصرة على حدود قومية أو حدود قومية.
فقد تدعو الضرورة إلى هذا النوع من القتال، وذلك حينما يكون شعب أو طائفة من الناس مغلوبين على أمرهم، محكومين بسلطة قاهرة، تحجب عنهم كل حقيقة، وتحرمه من ممارسة حق حريتهم فيما يعتقدون وفيما يعملون، ولا تسمح للدعاة المسلمين أن يدخلوا إليهم ويبصرهم بالحق الذي يحملونه، وأوجب الله عليهم تبليغه إلى الناس.
ولما كانت طبائع الحكم مهما كان نوعه تقاوم كل فكرة من شأنها أن تؤثر على نظامه، فإن ضرورة التبليغ دعت الإسلام إلى اللجوء إلى قتال الحكومات التي لا تسمح لسلطان التبليغ الحر أن ينتشر بين رعاياها المغلوبة على أمرها.
وهذا هو معنى وقوف الجيوش الإسلامية على أبواب الممالك التي فتحتها عارضة عليها واحداً من ثلاثة أمور:
1-
فإما أن تدخل هذه الحكومات في الإسلام، وعندئذ تنتهي المشكلة، إذ تصبح الدعوة الإسلامية حرة الانتشار.
2-
وإما أن يعطوا الجزية للمسلمين، وهي مرتبة دون الأولى، وهي تتضمن إعطاء الحرية التامة للدعوة الإسلامية الربانية أن تنتشر بين صفوف الشعب المكلف بدفع الجزية.
3-
وإما أن تناجز السلطة الحاكمة المسلمين القتال، وهو أمر ألجأت إليه الضرورة، والغرض منه تحقيق حرية انتشار الدعوة، وإقامة العدل عن طريق حكومة إسلامية رشيدة.
أمَّا الإكراه في الدين فلا مجال له بحال من الأحوال، لأن أول أسس الدين عقيدة في القلوب، ومحال أن تكره القلوب إكراهاً مادياً على أن تعتقد