الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهنا قامت في وجه الغزاة أسوار العلوم الإسلامية الرصينة وحصون النصوص الإسلامية الحصينة وأمجاد تاريخ المسلمين الناصع في جملته.
(2) العناصر الغازية
وبعد البحث والتأمل والاختبار والتجربة والملاحظة وتقويم النتائج رأى الغزاة أن يهاجموا هذه الأسوار والحصون بخطة ماكرة جداً، تشتمل على عناصر كثيرة جداً منها العناصر التالية:
العنصر الأول: إثارة الشبهات حول المبادئ والمفاهيم الإسلامية، وإثارة الشبهات حول النصوص المشتملة في مضمونها على هذه المبادئ والمفاهيم، وبعد العناء الطويل لم يظفروا من ذلك بطائل كبير يذكر، أو يستطيع التأثير في العقول النيرة الواعية البصيرة، وقام الباحثون من المسلمين يفندون هذه الشبهات، ويكشفون حقيقة الإسلام الناصعة.
العنصر الثاني: تشويه المفاهيم الإسلامية، بدس أفكار غير إسلامية في أصلها، ثم يجعل بعض المسلمين يأخذونها على أنها من الإسلام، ثم بحاربة الإسلام بها.
إن الغزاة في هذا يحاولون أن يقذفوا فينا الوباء بدسائسهم ليوجهوا لنا النقذ اللاذع بعد ذلك، وليقولوا لنا: أنتم موبوءون، وما كان فينا هذا الوباء الذي ينتقدوننا به إلا بأسباب من دسائسهم.
العنصر الثالث: تجهيل المسلمين بإسلامهم، أو صرفهم عن تفهمه تفهماً صحيحاً بدسائس كثيرة ومكايد خطيرة، وللعملاء والأجراء، والمخدوعين بهم دور كبير وخطير في حمل هذه الدسائس، وتنفيذ هذه المكايد.
والغرض من هذا التجهيل أن تكون عقول المسلمين ونفوسهم وقلوبهم مستعدة بفراغها لتقبل ما تمليه عليهم خطة الغزو.
وفي تنفيذ خطة التجهيل هذه يحاربون كل نشاط تعليمي صحيح مشرق
منير، هدفه تعليم العلوم الإسلامية الحقة، وفق الأساليب المعاصرة، ووفق الصور السليمة المقنعة القادرة على الصمود والثبات، ضدّ كلّ أنواع الغزو الثقافي الماكر.
وهذه المحاربة تتخذ طريقين: طريقاً تنتهي بإلغاء مواد تعليمية قادرة على التبصير الصحيح للأجيال الناشئة، مع اصطناع المبررات المزيفة لذلك. وطريقاً تنتهي بتعقيد المعارف الإسلامية، وجعلها في وضع عقيم الإنتاج، غير صالح لمسايرة معارف العصر، ومناهضة الثقافة الغازية، ولهذه الطريق نتيجة أخرى هم يرجونها، ألا وهي تنفير الأجيال الناشئة تفي البلاد الإسلامية من العلوم الإسلامية.
مع العلم بأن المعارف الإسلامية والمفاهيم الإسلامية لو صيغت صياغة مسايرة لأساليب التعليم الحديث، مع احتفاظها بمضمونها الحق، قادرة على أن تكون هي الغازية حقاً، لأنها في مستوى القمة، بالنسبة إلى الميادين التي عالجتها في المفاهيم الكبرى والصغرى، وفي تحديد كمال السلوك الإنساني، الذي يحقق أرقى مستوى من السعادة التي يمكن تحقيقها في ظروف هذه الحياة الدنيا للفرد وللجماعة.
العنصر الرابع: تشويه واقع تاريخ المسلمين تشويهاً يجعل المسلمين يفقدون مشاعرهم بأمجادهم، وينظرون إلى تاريخهم نظرات استهانة ونقد، مع أن في تاريخهم العظيم ما ليس في تاريخ أية أمة من الأمم، علماً وحضارة وإنسانية مثالية ومجداً كبيراً.
العنصر الخامس: محاولة إقامة حجب وعقبات كثيرة بين أبناء المسلمين وبين العلوم المادية البحتة العالية والعلوم التكنولوجية الكبرى، لإقامة حاجز بينهم وبين مياادين القوة المادية الحقيقية، ثم شغلهم بسيول هائلة من العلوم الأخرى التي تشتمل على الأفكار والثقافات الغازية، والإيحاء لهم بأن الاشتغال بها هو طريق التقدم العلمي الصحيح للارتقاء الحضاري.
العنصر السادس: قيادة حركة التعليم العالية خطة ومناهج
ومضامين وعناصر عمل وتنفيذ، ثم القبض على نواصي وثائق المعرفة وصكوكها الورقية التي ترتبط بها الألقاب العلمية، وكراسي التعليم في كل معاهد التعليم وجامعاته.
وكان من ضمن المعارف التي زحف الغزاة إلى قيادة التعليم فيها لمنح أعلى الوثائق فيها العلوم الإسلامية والعربية، لاستقدام أبناء المسلمين إلا بلادهم واستدراجهم إلى شبكة الصيد التي نصبوها لهم، بغية أن ينفذوا خطتهم العامة عن طريق من يستطيعون تصيده من هؤلاء الأبناء، ومتى تولى قيادة العلوم الإسلامية والعلوم العربية الخادمة لها، حملة ألقاب عليا مطبوعون بخاتم العدو مرصوصون في قالبه، فإن خطة الغزو تكون أكثر إحكاماً وأعظم نفاذاً.
ويخرج زمرٌ من أبناء المسلمين إليهم، فيسقط من يسقط منهم في حبائل الفكر والثقافات المدسوسة المزيفة، ويسقط من يسقط منهم في حبائل الشهوات والمطامع، ومرضيات الأهواء والنزغات، وينجو من ينجو منهم بفضل الله وعصمته، إلا أنه كما ينجو من الحريق من يدخل النار وهو يلبس الألبسة الواقية، أو كما ينجو من الغرق من يتوغل سابحاً في عباب البحر الهائج.
وهنا نقول: إن أخذ هذه العلوم الإسلامية والعلوم العربية على أيدي أعداء هذه العلوم - وإن نا فقوا لها وتظاهروا بالإخلاص لها في البحث العلمي - يمثل خطراً عظيماً على الأمة الإسلامية، ويمهد للغزاة سبيل الغزو للإسلام نفسه ولو بعد حين.
ولكن ثقتنا بالله أن الله لن يمكنهم من ذلك لأنه تكفل بحفظ كتابه، وإن من حفظ الله أن يتخذ المسلمون الخطط والوسائل اللازمة للحماية.
ومن العجيب أن كراسي العلوم الإسلامية في الجامعات العالمية إنما يتولاها في هذه الجامعات من لا يدين بالإسلام، بينما لا يتولى كراسي العلوم النصرانية إلا عالم من علماء النصرانية، ولا يتولى كراسي العلوم اليهودية إلا عالم بالهيودية من علماء اليهود، فماذا فعل المسلمون تجاه واجبهم الذي يقضي عليهم بانتداب علماء من المسلمين يتولون كراسي العلوم الإسلامية في الجامعات العالمية!؟.