الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمور مناخاً ملائماً لنمو الجراثيم الفكرية، التي يلقيها الغزاة في صفوفهم.
رابعاً: أن يتعهدوا أمكنة الكثافة للجماهير الإسلامية، كالمدارس، والمعاهد والجامعات، والأندية والجمعيات، والأسواق التجارية، وسائر المجتمعات، خشية أن تسري فيها عدو الإصابة بالجراثيم الفكرية الوبائية الخطرة على عقائد المسلمين ومفاهيمهم.
خامساً: أن يقوموا بكل عمل إيجابي بسد حاجات من قصرت أيديهم عن تحصيل مطالب عيشهم وعيش أسرهم، حتى تقوى إرادتهم على مقاومة الوباء، وتكون لديهم قوة جسدية ومناعة نفسية تقيهم الإصابة بجرثومة الفساد الفكري والاعتقادي، التي يقذفها إليهم الأعداء والغزاة.
وباتخاذ هذه الوسائل الإيجابية والسلبية وما يشبهها، يمكن وقاية المجتمعات الإسلامية من عدوى الإصابة بالضلالات الفكرية والاعتقادية والأخلاقية، وعدوى المذاهب الهدامة الوافدة على بلاد المسلمين.
(11) التعلُّل بعدم وجود دولة تطبق نظم الإسلام وتحميها
يناقشني الكثيرون ممن يسمون أنفسهم طلائع الفكر العربي الحديث، المتأثرين بمذاهب الغزاة وأفكارهم لا سيما المذاهب الاقتصادية، حول بعض نظم الإسلام، ويأخذ الحوار مجراه المنطقي، ويتبين لي جهلهم التام بنظم الإسلام، أو معرفتهم ببعض جوانب منها دون استكمال الصورة المشرقة التامة لها، أو أنهم يحملون مفاهيم مشوهة عنها، تلقوها عن الكتب الأجنبية التي ألفها المستشرقون أو تلامذتهم، وشوّهوا فيها صورة المفاهيم الإسلامية أيما تشويه.
ويأخذ النقاش حظه من البحث والبيان الصحيح لحقيقة الإسلام ونظمه، ويكتشف هؤلاء خطأ الصورة التي كانت في أذهانهم، ويدركون كمال نظم الإسلام ويعترفون بذلك.
عندئذ أدعوهم إلى تبني نظم الإسلام والدعوة إليها، وهجر النظم
الأخرى التي يدعون إليها بحماسة، ويحاولون تطبيقها على الناس بوسائل العنف والقوة، فيعتذرون عن تبنيها والدعوة إليها، بأنه لا توجد دولة ذات قوة فعالة تطبقها، وتحميها بصدق وأمانة حتى يسيروا في ركابها.
والاعتذار بهذا العذر خدعة شيطانية لتثبيط طاقات المتطلعين إلى حياة أفضل، عن التجمع لعمل ما يجب عمله من أجل نقل نظم الإسلام من حيز الفكرة والعقيدة إلى حيز التطبيق والعمل، وعوامله الأساسية لدى التحقيق تعود جذورها إلى ضعف أو انعدام الإيمان بالله واليوم الآخر وعدم الشعور بالمسؤولية نحو الخالق.
وقد قلت لبعض هؤلاء: إنك سرت في ركاب دعوة لم يكن لها وجود إطلاقاً في بلاد المسلمين، ثم استطعتم بالتجمع والتآزر والسعي والعمل أن تفرضوها بالقوة على الأمة التي لا تدين بها، فلماذا لا يتجمع الطلائع المثقفون - إذا كانوا مخلصين حقيقة لأمتهم وبلادهم - ويتبنون النظم الإسلامية، التي تعترف معي بأنها أتم وأكمل من أي نظم أخرى، ثم يسعون لتطبيقها على شعب يؤيد تطبيقها كل التأييد، ولا يجرؤ على معارضتها منافق؟؟..
قلت له هذا الكلام، وفي نفسي من الحسرة على هذه الأمة الضائعة عن طريق رشادها لوعات.
ولكنه مع الأسف الشديد ظل كغيره منجرفاً مع التيار الظالم، منخدعاً بفتنة الظفر المؤقت الذي أصابه دعاة هذه النظم المعادية للإسلام، وهم لا يدرون إلى أي مصير سحيق ينحدرون ومعهم القطعان البشرية السائمة.
ولو أ، دولة مسلمة صدقت في تطبيق النظم الإسلامية على وجهها الصحيح، لقدمت للعالم أفضل صورة لمجتمع مثالي سعيد آمن مطمئن متكافل متعاون متواد متراحم، كأنه الجسد الواحد.
ولكن متى سادت النظم الإسلامية في مجتمع ما، وفي وقت ما، فإن استمرار سيادتها ودوام نفعها مرهونان برقابة ساهرة، تتابع تطبيقها بدقة، وحماية دائمة لها بالتنظيمات والترتيبات الإدارية، وصيانة مستمرة لها بمختلف وسائل
الصيانة ومنها عقوبات المخالفين، لئلا يتلاعب بمفاهيمها أو تطبيقاتها أصحاب المصالح الخاصة، وهم يخفون جرائمهم وانحرافاتهم ضمن حصانتها، ولئلا تعدو عليها عوادي الغزاة.
إن حدود الله في شرائعه لعباده، تشبه حدود الأرض بين الدول، فمتى أهملت دولة حدودها، فلم تقم بحراستها وحمايتها من عدوان المعتدين عليها، تعرضت للعدوان، وتساقطت قطع من بلادها في أفواه المفترسين، ثم استبيحت كل أرضها وسقطت دولتها.
وبين الحق والباطل وأنصار الحق وجنود الباطل صراع لا ينتهي، وما نام أنصار الحق نومة إلا كانت نومتهم مدداً لجنود الباطل وقوتهم في الأرض.
* * *