الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشكل أخطر وأكبر من قبل شياطين اليهود في العالم ، وهم عن مكر اليهود بهم غافلون.
نقرأ في "بروتوكولات حكماء صهيون" فنجد معظم مخططاتهم تهدف إلى تفتيت الشعوب وتشتيتها وتقطيع أوصالها ، ونشر الفساد فيها ، وغرس أصول الرذيلة بين أفرادها ، حتى لا تبقى لهذه الشعوب مكارم أخلاق تجمعهم وتشد أواصرهم ، ولا عقائد سليمة تغذيهم بالفضائل ، وغاية اليهود أن يظفروا بأن تكون لهم وحدهم القوة الجماعية المتماسكة ، التي تمكنهم من بسط سلطانهم على الشعوب المختلفة ، رغم قلة عددهم في العالم ، وقد نفذ اليهود قدراً كبيراً من مخططهم الخبيث في الشعوب النصرانية ، قبل أن يتوجهوا بثقلهم الكبير إلى الشعوب الإسلامية ، وقبل أن تتولى الأجنحة الثلاثة تنفيذ هذا المخطط في هذه الشعوب.
والبلهاء من غير اليهود ينفذون في أنفسهم وفي شعوبهم وفي شعوب غيرهم مخططات أعدائهم تسوقهم الخديعة الكبرى ، أو تستدرجهم وعود كاذبة ، أو رشوات حقيرة ، أو فكرة باطلة مزخرفة ، أو شعار براق خادع ، أو شهوة طاغية.
وثبتت قيادات الأجنحة الثلاثة أنظارها في دائرة محاربة الأمة الإسلامية ، وتهديم شعوبها ، غافلة عن عدوها الأكبر وعدو الإنسانية كلها ، ويوم تصحو هذه القيادات لا تجد في أيديها شعوبها ، إذ تكون هذه الشعوب ساقطة في حبائل المكر اليهودي.
(2) العبث بجذور الأخلاق
وقد كرس الأعداء الغزاة جهوداً ضخمة لإفساد أخلاق المسلمين ، والتلاعب والعبث بالمنابع الأساسية للأخلاق ، وهي التي تفجرها العقيدة الإسلامية الراسخة ، وتمدها بالقوة والأصالة والثبات ، وقد توصلوا إلى كثير مما
أرادوا من توهين المسلمين وإضعاف قوتهم ، حينما بلغوا إلى العبث في جذور أخلاقهم الإسلامية العظيمة.
وذلك لأنهم عرفوا بالخبرة التاريخية الطويلة ، وبدراسة الأسباب النفسية أن الأخلاق في أفراد الأمم تمثل معاقد الترابط فيما بينهم ، وأن النظم الاجتماعية والتعاليم السلوكية التي جاء بها الإسلام والأديان الربانية الصحيحة تمثل الأربطة التي تشد المعاقد إلى المعاقد ، فتتكون بذلك الكتلة البشرية المتماسكة القوية ، التي لا تهون ولا تستخذي.
ونضرب على ذلك أمثلة من الأخلاق الإسلامية ومدى تأثيرها في تحقيق الترابط الاجتماعي.
المثال الأول: خلق الصدق ، إن هذا الخلق بوصفه خلقاً ثابتاً في الفرد المسلم السوي معقد من معاقد الترابط الجماعي ، إذ تنعقد به ثقة المجتمع بما يحدّث ويخبر في مجال التاريخ والأخبار ، أو في مجال نقل العلوم والمعارف ، أو في مجال المعاملات المادية والأدبية ، أو في مجال الوعود والعهود والمواثيق ، وغير ذلك.
ومتى انهارت في الفرد فضيلة الصدق انكسر فيه معقد من معاقد الترابط الجماعي ، فانقطعت بينه وبين مجتمعه رابطة عظمى ، وغدا الناس لا يصدقونه فيما يقول ، ولا يثقون به فيما يحدث أو يخبر أو يعد ، فلا يكلون إليه أمراً ، ولا يعقدون بينهم وبينه عهداً ، ولا يواسونه إذا اشتكى لهم من شدة ، لأنهم يرجحون في كل ذلك كذبه ، بعد أن غدت رذيلة الكذب هي الخلق الذي خبروه فيه.
المثال الثاني: خلق الأمانة ، إن هذا الخلق بوصفه خلقاً ثابتاً في الفرد المسلم السوي معقد من معاقد الترابط الجماعي ، إذ تنعقد به ثقة الناس بما يضعون بين يديه من مال أو سلطان ، وبما يمنحونه من جاه أو تكريم ، وبما يكلون إليه من تمثيل لهم في المجالس والمحافل والمجتمعات العامة أو الخاصة ، وأشباه ذلك.
ومتى انهارت في الفرد فضيلة الأمانة انكسر فيه معقد من معاقد الترابط الجماعي ، فانقطعت بينه وبين مجتمعه رابطة عظمى ، وغدا الناس لا يأمنونه على أي شيء ذي قيمة معتبرة لديهم ، خاصاً كان أو عاماً ، لأنهم يقدرون في نفوسهم أن سيسطو عليه لنفسه ، بعد أن غدت رذيلة الخيانة هي الخلق الذي خبروه فيه.
المثال الثالث: خلق العفة ، إن هذا الخلق بوصفه خلقاً ثابتاً في الفرد المسلم السوي معقد من معاقد الترابط الجماعي ، إذ تنعقد فيه ثقة الناس بما يضعون بين يديه من أعراضهم ، فتأمنه الأسرة على أعراضها إذا غابت ، ويأمنه الجار على عرضه إذا خرج من منزله إلى عمله ، وتأمنه الزوجة إذا غاب عنها من أن يختان نفسه ، ونحو ذلك.
ومتى انهارت في الفرد فضيلة العفة انكسر فيه معقد من معاقد الترابط الجماعي فانقطعت بينه وبين مجتمعه رابطة عظمى ، وأمسى الناس لا يأمنونه على أعراضهم ، ولا يأمنونه على بلادهم ومصالحهم العامة ، لأنهم يقدرون في نفوسهم أن أعداءهم سوف يسهل عليهم شراؤه من مغمز عفته ، فإذا اشتروه سخروه في خدمة أغراضهم.
وهكذا سائر الأخلاق الفاضلة الإسلامية ، كالعدل ، والجود ، والوفاء بالوعد والعهد ، والإحسان ، والعطف على الناس ، والتعاون ، وغير ذلك من فضائل الأخلاق ، وبانهيار كل خلق منها ينكسر معقد من معاقد الترابط الجماعي ، وتتقطع ما بينه وبين مجتمعه الرابطة المتصلة بهذا المعقد. وبانهيارها جميعاً تنكسر جميع معاقد الترابط الجماعي ، وتنحل جميع الروابط الاجتماعية ، ويمسي المجتمع مفككاً منبثاً ، كحبات رمل تسفيها الرياح.
ولا تكون الدعوة إلى التكتل والتجمع ناجحة ما لم يرافقها تأسيس خلقي في الأفراد ، ويضمن للجماعة الواحدة معاقد التماسك ، وأي تجمع ليس بين أفراده ترابط حقيقي ، مشدود في معاقد خلقية متينة فاضلة ، فإنه تجمع يشبه تجمع كثبان الرمل من غير أربطة بينها.