الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حين التضعيف إلا من وجوه [ضعيفة]
(1)
، أو بناءً على قاعدة «الحديث دون ما يحتجُّ به الفقهاء» كما تقدَّم
(2)
. وذهب أبو إسحاق الجُوزجاني إلى وجوبه لما ذكرنا
(3)
، وهو معدود من أصحاب أحمد. والمذهب: أنَّ الأمر فيه على الاستحباب، لما تقدَّم عن الصحابة هنا، وفي مسألة نقض الوضوء به؛ ولأنه لو كان واجبًا مع كثرة وقوعه لَنُقِل نقلًا عامًّا، ولم يخفَ على أكابر الصحابة، مع أنَّ عائشة هي ممَّن يروي الاغتسال منه، وتفتي بعدم وجوبه. وكذلك الأمر في حديث علي المتقدِّم هو استحباب، لا سيَّما والروايات الصحيحة أنه أمرَه بمواراته
(4)
دون تغسيله. وتعليلُهم بعدم النجاسة يفيد غسلَ ما يصيب الغاسلَ منه لو كان نجسًا، دون بقية البدن.
وأما
الاغتسال من الحجامة
، فمستحَبٌّ في إحدى الروايتين، لما تقدَّم، ولفعل عليٍّ. وفي الأخرى: لا يُستحَبُّ. واختارها القاضي وغيره، لأن القياس لا يقتضيه كالرُّعاف والفِصاد، وحديثُه مضعَّف.
وأما
اغتسال المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا
، فإنْ رأيا منيًّا وجب عليهما الاغتسال. وإن لم يريا بللًا أصلًا، ففي وجوب الاغتسال روايتان:
إحداهما: يجب، لما روت عائشة قالت: ثَقُلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أصلَّى الناس؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قال:«ضَعُوا لي ماءً في المِخْضَب» . قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لِيَنُوءَ، فأُغْمِيَ عليه، ثم
(1)
الزيادة من المطبوع.
(2)
انظر أول باب الوضوء.
(3)
انظر: «المغني» (1/ 278).
(4)
في المطبوع: «لمواراته» خلافًا للأصل.
أفاق، فقال:«أصلَّى الناس؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قال:«ضَعُوا لي ماءً في المِخْضَب» قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينُوءَ، فأُغميَ عليه، ثم أفاق، فقال:«أصلَّى الناس؟» فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. وذكرت إرساله إلى أبي بكر. متفق عليه
(1)
. والأصل في أفعاله الوجوب على
(2)
إحدى الروايتين. يؤكد ذلك في الاغتسال أنه أفتى السائلَ عن الاغتسال من التقاء الختانين بأنه
(3)
يفعل ذلك ويغتسلُ منه، وأفتى عامّةُ الصحابة بقولها: فعلتُ ذلك أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فاغتسلنا. لا سيَّما وقد تكرَّر ذلك منه مع مشقَّته عليه، فلو لم [125/ب] يكن واجبًا لتَرَكه.
ولأنه مظنّة للجنابة غالبًا، فأقيم مقام الحقيقة كالنوم مع الحدث، والوطء مع الإنزال. قال الإمام أحمد: قلَّما يكون الإغماء إلا أمنَى
(4)
. وقال: قلَّ أن يُصرَع إلا احتلَم
(5)
. بل هو أولى من ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه الاحتلام، لأنه معصوم من الشيطان، ومع هذا كان يغتسل. وهذا يدل على أنَّ الإغماء سبب للغسل، مع قطع النظر عن كونه مظنَّة الإنزال. ألا ترى أنه إذ
(6)
كان محفوظًا في منامه من الحدث، كان ينام ثم يصلِّي ولا يتوضأ.
(1)
البخاري (687) ومسلم (418).
(2)
في المطبوع: «في» .
(3)
في المطبوع: «بأن» .
(4)
انظر: «مسائل أبي داود» (ص 28 - 29) واللفظ فيها: «زعموا: إذا كان ذلك، أو قلما يكون ذلك إلا أمنى» .
(5)
في المسائل المذكورة (ص 28): «وزعموا أنْ ربّما احتلم» .
(6)
في الأصل والمطبوع: «إذا» .