الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترمذي: حديث حسن صحيح
(1)
. ولأن ما لا يعيش إلا في الماء لا يمكن تذكيته غالبًا، فأشبه السمك، بخلاف ما يعيش في البر.
فأما حيوان البحر المحرَّم كالضفدع والتمساح على المشهور، والكوسَج
(2)
إذا قلنا بتحريمه، فهو نجس بالموت. وينجِّس الماء القليل كما ينجِّس غيره من المائعات.
مسألة
(3)
: (وما لا نفسَ له سائلةً، إذا لم يكن متولِّدًا من النجاسات)
.
النفس هي دمه، ومنه سمِّيت النُّفَساءُ لجرَيان نفسها
(4)
. يقال: نَفِسَت المرأةُ إذا حاضت، ونُفِسَتْ إذا ولدت. ومنه قول الشاعر
(5)
:
تسيلُ على حدِّ الظُّبات نفوسُنا
…
وليس على غيرِ الظُّباتِ تَسيلُ
وهو قسمان: أحدهما: المتولِّد من النجاسة مثل صراصير الكنيف، فهو نجس حيًّا وميِّتًا؛ لأنه متولِّد من نجس، فكان نجسًا كالكلب.
والثاني: ما هو متولِّد من طاهر كالذُّباب والبَقِّ والعقرب والقَمْل والبراغيث والدِّيدان والسَّرَطان، سواء لم يكن له دم أو كان له دم
(6)
غير
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
الكوسج: سمكة في البحر تأكل الناس، وهي اللُّخْم. انظر:"اللسان"(كسج).
(3)
"المستوعب"(1/ 113)، "المغني"(1/ 59 - 62، 64)، "الشرح الكبير"(2/ 340 - 344)، "الفروع"(1/ 341 - 342).
(4)
كذا في الأصل. وفي حاشيته: "لعله: دمها" وهو مقتضى السياق.
(5)
البيت من قصيدة في حماسة أبي تمام (1/ 80) تنسب إلى السموأل وعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي وغيرهما. انظر: سمط اللآلي (1/ 595).
(6)
في الأصل: "دمًا".
مسفوح، فهذا لا ينجُس بالموت، ولا ينجِّس المائع إذا وقع فيه، لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقع الذبابُ في شراب أحدكم فليغمِسْه كلَّه، ثم لْيَطرحْه
(1)
، فإنَّ في [31/ب] أحد جناحيه شفاءً وفي الآخر داءً" رواه البخاري
(2)
. فأمر بغمسه، مع علمه بأنه يموت بالغمس غالبًا، لا سيَّما في الأشياء الحارّة؛ فلو كان ينجِّس الشراب لم يأمر بإفساده.
وقد روى الدارقطني
(3)
عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سلمان كلُّ طعام وشراب وقعت فيه دابة
(4)
ليس لها دم فماتت فيه، فهو حلالٌ أكلُه وشربُه وطهورُه
(5)
".
وقد روي عن عمر، ومعاذ، وأبي الدرداء، وابن مسعود، وأبي أمامة أنهم كانوا يقتلون القَمْلَ في الصلاة، ومنهم من كان يدفنه في المسجد
(6)
.
(1)
"ليطرحه" ساقط من المطبوع.
(2)
في الصحيح (3320، 5782).
(3)
في "السنن"(1/ 37)، وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(4/ 464)، ومن طريقه البيهقي (1/ 253).
إسناده ضعيف جدًّا، فيه بقية بن الوليد وعلي بن جدعان متكلم فيهما، وسعيد بن أبي سعيد الزبيدي مجهول صاحب مناكير، وقد تفرد به فيما ذكره الدارقطني؛ لذا ضعف الحديث مخرجوه الثلاثة.
(4)
في الأصل: "ذبابة"، تحريف.
(5)
في المطبوع: "وضوءه". والمثبت من الأصل.
(6)
أخرج الآثار المتقدمة ابن أبي شيبة (4/ 153 - 158)، وعبد الرزاق (1/ 446 - 449)، خلا أثر أبي الدرداء فلم أقف عليه.
وفي الباب أحاديث مرفوعة وآثار عن أبي أيوب وأنس وابن عباس
وابن عمر وغيرهم ــ رضوان تعالى الله عليهم ــ أسندها صاحبا المصنَّفَين.
ولو كان نجسًا لصانوا صلاتهم عن حمل النجاسة، ومسجدَهم عن دفن النجاسة فيه؛ ولأنه ليس له دم سائل، فأشبه دودَ الخلِّ والباقلاء.
فصل
إذا مات في الماء ما يُشَكُّ فيه هل له نفس سائلة، فهو طاهر في أظهر الوجهين.
فأمّا الوزَغ، فهو نجس في المنصوص من الوجهين، والله أعلم.