الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معلَّق على طهارة جميع الأعضاء.
ويمكن أن يُبنى على أنه وإن لم يرفع لكن الإباحة لا تتعلَّق ببعض الأعضاء دون بعض، فمتى استباح الصلاة بمسح الرِّجل، ثم زالت الإباحة عنها، زالت عن جميع الأعضاء. ويلزم على هذا، متى تيمَّم لرجليه ثم وجد الماء عقيبَ ذلك، أنه يعيد الوضوء.
وخلعُ أحد الخفَّين كخلعهما، فيوجب عليه غسلَهما أو جميعَ الطهارة، على اختلاف الروايتين، كما لو ظهر بعضُ القدم.
وكذلك إذا خرج
(1)
القدم أو بعضه إلى ساق الخفِّ خروجًا لا يمكن متابعةُ المشي معه، في إحدى الروايتين. وفي الأخرى: إن جاوز العقب موضع الغسل فهو كنزعه. وإن كان دونه لم يؤثِّر لأنه يسير. والأولى أقوى، لأن
(2)
استقرار القدم هو الشرط في جواز المسح، بدليل ما لو أحدَث قبل استقرارها فإنه لا يمسح. وما كان شرطًا في ابتداء الطهارة كان شرطًا في بقاء حكمها، كما تقدَّم.
مسألة
(3)
: (ومن مسح مسافرًا ثم أقام، أو مقيمًا ثم سافر، أتم مسحَ مقيم)
.
أمَّا إذا مسح بعضَ المدة وهو مسافر، ثم أقام، أتمَّ على مسح يوم وليلة،
(1)
في المطبوع: "أخرج".
(2)
في الأصل: "لا".
(3)
"المستوعب"(1/ 74)، "المغني"(1/ 371 - 372)، "الشرح الكبير"(1/ 401 - 404)، "الفروع"(1/ 210 - 211).
إلا أن يكون قد مسحهما
(1)
قبل إقامته، فيخلَع. وهذا بلا تردُّد. وأما إذا مسح بعض المدة مقيمًا ثم سافر، ففيها روايتان:
إحداهما: يُتِمُّ مسحَ مسافر. اختارها
(2)
الخلال وصاحبه أبو بكر
(3)
، لأنه سافر في أثناء المدة، فأشبه ما لو أحدث [77/أ] ولم
(4)
يمسح حتى سافر، فإنه يمسح تمام ثلاثة أيام ولياليهن، وإن كان ابتدأهن من حين الحدث الموجود في الحضر. ولأن المسحات عبادات لا يرتبط بعضها ببعض، ولا يفسُد أولها بفساد آخرها، فاعتُبر كلُّ مسح بالحال الحاضرة، كالصلوات والصيام، بخلاف الصلاة الواحدة.
والأخرى: يُتِمّ مسحَ مقيم، كما ذكره الشيخ. وهو اختيار الخِرَقي والقاضي وأكثر أصحابنا
(5)
، لأن المسح عبادة يختلف قدرُها بالحضر والسفر، فإذا وُجِد أحد طرفيها في الحضر غُلِّب حكمُه كالصلاة. وهذا لأن المسحات وإن كن عبادات لا يرتبط بعضها ببعض، لكن وقتها وقت واحد، بعضه مرتبط ببعض، ولا بد من بناء أحد طرفيه على الآخر. فإذا وقع بعضُ المدة في الحضر وجوَّزنا أن يُتمَّ مسحَ ثلاث لكان قد وقع مسحُ الثلاث في الإقامة
(6)
والسفر، وهو خلاف الحديث. وهذا أشبه بالصلاة الواحدة من الصلوات، لأن تلك لا يرتبط بعضها ببعض في الوقت ولا في الفعل. ولو
(1)
أي: قد مسح يومًا وليلةً.
(2)
في المطبوع: "اختاره". والمثبت من الأصل.
(3)
"المغني"(1/ 371).
(4)
في الأصل والمطبوع: "ولو لم"، والظاهر أن "لو" مقحمة.
(5)
انظر: "مختصر الخرقي"(ص 15) و"شرح الزركشي"(1/ 389) و"المبدع"(1/ 119).
(6)
في الأصل: "وفي الإقامة".
جُعلت كالعبادات لكان القياس أن يعطَى كلٌّ بحسابه، فإذا مسح ثلثَ يوم في الحضر، فقد مسح ثلثَ مدّته، فيمسح في السفر ثلثي مدته، وهي يومان وليلتان. وهذا ــ مع أنه لا يقال به
(1)
ــ لا يصح، لأن من شأن العبادات وأوقاتها المتعلّقة بالسفر والحضر أن يتعلَّق بأحدهما لا بهما، ولأنه يفضي إلى جعل مدّة ثالثة غير الواحد والثلاثة، وهو خلاف السنة.
وأمَّا [77/ب] إذا أحدث في الحضر ولم يمسح حتى سافر، فإنما أبحنا له أن يمسح مسحَ مسافر، وإن كان أولها في الحضر، لأن العبادة لم يُفعل شيءٌ منها، ولا وجبت في الحضر، وإنما وُجد وقتُ جوازها، فأشبه ما لو دخل وقتُ الصلاة على صبيٍّ مقيم، فبلغ في الوقت بعد سفره. ولأنّ المسح جميعَه إذا وقع في السفر تحقَّق في حقِّه جميعُ مشقّة السفر، بخلاف ما إذا وُجد بعضه، فإنما يثبت في حقِّه بعضُ المشقة، والله أعلم.
وإذا شكَّ في أول مدة المسح بني على الأصل، وهو وجوب غسل الرجلين. فلو شكَّ المسافر هل ابتدأ المسح في الحضر أو السفر بنى على مسح حاضر، لأن مدّته على اليقين. كما لو شكَّ المقيم هل ابتدأ المدّة في الحضر أو السفر، فلو مسح بعد يوم وليلة، ثم ذكر أنه أنشأ المسح في السفر= أعاد تلك الصلاة؛ كما لو صلَّى إلى بعض الجهات بغير اجتهاد ثُمَّ تبيَّن
(2)
أنها جهة القبلة، أو صلَّى قريبَ الزوال بغير اجتهاد ثم تبيَّن أنه بعد الزوال. هذا هو المشهور.
(1)
"به" ساقط من المطبوع.
(2)
تحرف "ثم" في الأصل إلى "لم"، وفي المطبوع:"لم يتبين". وكذا في الموضع الآتي.