الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأما الشعر فهو طاهر في أصح الروايتين، لأنه ليس بمحلٍّ للحياة. وفي رواية أخرى: أنه نجس بناء على أنه من الجملة كاليد، سواء جُزَّ أو تساقط، بخلاف شعر المأكول فإنه لمّا احتيج إليه كان جزُّه كتذكيته
(1)
. وهذا ضعيف كما سبق. ويطهر بالغسل [30/ب] في أصح الروايتين.
ولا ينجس الشهيد كما لا ينجس دمه. وإن قلنا: لا ينجس بالموت، فكذلك أعضاؤه على الأصح. وقيل: تنجس وإن لم ينجس في الجملة، لأن الحرمة إنما تثبت لها إذا كانت تابعة. وهو ضعيف، لأن حرمة الأعضاء كحرمة الجملة. وهذا يختص بالمسلم.
وأما الكافر فينجس على الروايتين، لأن المقتضي للطهارة من الأثر والقياس مفقود فيه، وسبب التنجيس موجود فعمِل عمله. وعموم كلام بعض أصحابنا يقتضي التسوية كما في الحياة.
مسألة
(2)
: (وحيوانَ الماء الذي لا يعيش إلا فيه
، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر:"هو الطَّهورُ ماؤه، الحِلُّ ميتته").
أما السمك إذا مات بمفارقة الماء، فهو حلال طاهر بالإجماع. وكذلك إذا مات في الماء حتف أنفه وهو الطافي، في ظاهر المذهب. وقد خُرِّج فيه وجهٌ أنه حرام، وليس بشيء. ومع ذلك فهو طاهر أيضًا، لأنَّ دمه طاهر كالجراد. هو طاهر، وإن قلنا: لا يحل إن مات فيه بغير سبب؛ لأنه ليست له نفس سائلة.
(1)
في المطبوع: "كتذكية"، والمثبت من الأصل.
(2)
"المستوعب"(1/ 113)، "المغني"(1/ 62 - 63)، "الشرح الكبير"(2/ 343).
وما عدا السمك مما يباح، ففيه ثلاث روايات:
إحداها
(1)
: أن جميعه يباح بلا ذكاة لعموم الحديث، فعلى هذا لا ينجس الماء لموته فيه.
والثانية: لا يباح منه إلا السمك، لأنه هو الميتة المعروفة، بدليل قوله:"أُحِلَّ لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد"
(2)
.
والثالثة: أن ما لا يعيش إلا في الماء فهو كالسمك. وما يعيش في البرِّ لا يباح إلا بالتذكية. وهو ظاهر المذهب، كما ذكره الشيخ رحمه الله، لما روى أبو هريرة قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنّا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا منه عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو الطهورُ ماؤه، الحِلُّ ميتته". رواه الخمسة، وقال
(1)
في الأصل والمطبوع: "أحدها".
(2)
يروى هذا الحديث عن عبد الله بن عمر مرفوعًا وموقوفًا:
أما المرفوع فأخرجه أحمد (5723)، وابن ماجه (3314)، والبيهقي (1/ 254)، من طرق عن عبد الرحمن وأسامة وعبد الله بني زيد بن أسلم، عن أبيهم، عن ابن عمر يرفعه.
ومال إلى تصحيحه ابن دقيق العيد في "الإمام"(3/ 362)، وابن التركماني في "الجوهر النقي"(1/ 254). ورده جماعة بالكلام في أولاد زيد الثلاثة وبالنكارة، كأحمد في "العلل" لعبد الله (2/ 136)، وأعله بالموقوف أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل"(4/ 411)، والدارقطني في "العلل"(13/ 157).
وأما الموقوف فأخرجه البيهقي (1/ 254)، وقال:"هذا إسناد صحيح، وهو في معنى المسند"، وصححه من تقدم من النقاد وقدموه على المرفوع.