الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(1)
: (من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللَّحْيَينِ والذَّقَنِ وإلى أصول الأذنين)
.
لأن الرأس ما عليه الشعر، وهو المشروع مسحُه، فما دون المنابت هو من الوجه. وهذا معتبر بغالب الناس، فأما الأفرع
(2)
الذي ينبت الشعر في بعض جبهتِه
(3)
أو الأجلح الذي انحسر الشعر عن مقدَّم رأسه، فلا عبرة بهما، بل يجب على الأفرع غسلُ الشعر النابت على الوجه، وغسلُ ما تحته إن كان يصف البشرة.
وقوله: "إلى ما انحدر من اللَّحْيَين والذَّقَن"، فاللَّحْيان: هما [49/أ] العظمان اللذان في أسفل الوجه قد اكتنفاه، وعليهما ينبت
(4)
أكثر اللحية. والذقن: مجتمع اللحيين، فيجب غسلُ البشرة إن كانت ظاهرة، وغسل ما عليها من الشعر وما استرسل من اللحية عن اللحيين والذقن.
وعنه: لا يجب غسل ما خرج عن محاذاة البشرة طولًا وعرضًا، كما لا يجب مسح ما استرسل من الرأس؛ ولأن الفرض كان على البشرة قبل النبات، فلما نبت الشعر انتقل الفرض إليه، فما لم يحاذ البشرة لم ينتقل إليه شيء.
(1)
"المستوعب"(1/ 64 - 65)، "المغني"(1/ 161 - 165)، "الشرح الكبير"(1/ 329 - 338)، "الفروع"(1/ 174 - 177).
(2)
في المطبوع: "الأقرع" بالقاف هنا وفيما يأتي، والصواب ما أثبتنا من الأصل.
(3)
في المطبوع: "جبهتيه"، والمثبت من الأصل.
(4)
في الأصل والمطبوع: "تثبت"، تصحيف.
والصحيح: الأول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من عبد يغسل وجهه كما أمره الله تعالى إلا خرَّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء"
(1)
، ولأنه نابت
(2)
في المحلِّ المغسول، فتبعه وإن طال، كالظفر إذا خرج عن حدِّ الإصبع.
ولأن اللحية تشارك الوجه في معنى التوجُّه والمواجهة والوُجاه
(3)
، بخلاف الذوائب فإنها لا تشارك الرأس في الترؤس والارتفاع، ولذلك كان غسلُ اللحية مشروعًا، ومسحُ الذوائب مكروهًا
(4)
. وقد ذكر أصحابنا وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا قد غطَّى لحيته في الصلاة، فقال:"اكشِفْ عن وجهك، فإنَّ اللحية من الوجه"
(5)
.
وقوله: "من الأذن إلى الأذن" يعني به: من وتد الأذن، وهو
(6)
أصلها
(1)
من حديث طويل عن عمرو بن عبَسَة السُّلمي في "صحيح مسلم"(832).
(2)
في الأصل والمطبوع: "ثابت"، تصحيف.
(3)
يعني التُّجاه. وفي المطبوع: "الوجاهة".
(4)
في الأصل: "مكروه".
(5)
لم أقف عليه، وأورده بهذا اللفظ ابن قدامة في "المغني"(1/ 164) بصيغة التمريض دون عزو، وله ذكر عند الشافعية في كتبهم أيضًا كما في "الشرح الكبير" للرافعي (1/ 340).
قال الحازمي: "هذا الحديث ضعيف، وله إسناد مظلم، ولا يثبت في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء"، نقله ابن الملقن في "البدر المنير"(1/ 666).
وأخرج نحوه الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث ابن عمر مرفوعًا بإسناد هالك، انظر:"التلخيص الحبير"(1/ 56)، "السلسلة الضعيفة"(5754).
(6)
"وهو" ساقط من المطبوع.
دون فرعها، فلم تدخل الأذنان في الوجه. فأما البياض بين الأذنين والعِذار، فمن الوجه. قال الأصمعي والمفضَّل بن سلَمة: ما جاوز وتد الأذن من العارض
(1)
؛ والعارضان من الوجه، ولأنه قبل نبات الشعر كان يجب غسله إجماعا وكذلك بعده؛ ولأن فيه معنى التوجّه والمواجهة [49/ب] والوجاه
(2)
، ولأن حكم الموضحة يثبت في عظمه، وهي لا تثبت إلا في رأس أو وجه، وليس من الرأس فيكون من الوجه.
فأما الشعور النابتة في الوجه، فإن كانت تصف البشرة وجب غسلُها، وغسلُ ما تحتها، كما كان يجب قبل نبات الشعر ; لأنه ما دام يظهر فهو ظاهر لا يشقُّ إيصال الماء إليه.
وإن لم تصف البشرة لم يجب إلا غسل ظاهرها فقط، سواء في ذلك شعر الحاجبين والشاربين والعَنْفَقة والعِذار واللحية. هذا هو المنصوص، لأنه يشقُّ إيصال الماء إليها، ولأنه لم ينقل عنه أنه غسل باطن اللحية. قال أحمد، وقد سئل: أيما أعجَبُ إليك: غسل اللحية أو تخليلها؟ فقال: غسلها ليس من السنّة
(3)
.
وقيل: يجب غسل باطن ما سوى اللحية، وكذلك لحية المرأة وإن كان كثيفًا لأن إيصال الماء لا يشقُّ غالبًا.
والصحيح: الأول، لأن الفرض بعد الستر انتقل إلى الظاهر، ولأن في إيجاب غسل باطنها مشقةً وتطريقًا للوسواس كاللحية.
(1)
"المغني"(1/ 162 - 163).
(2)
في الأصل والمطبوع: "الوجاهة".
(3)
"المغني"(1/ 165).
والذي يدخل في الوجه من الشعور: الحاجبان، وأهداب العينين، والشاربان، والعَنفقة، والعِذار، والعارضان.
والعِذار: هو الشعر النابت على العظم الناتئ
(1)
محاذيًا صِماخَ الأذن، مرتفعًا إلى الصُّدغ، ومنحطًّا إلى العارض.
والعارض: هو النابت على اللحيين إلى الذقن. وقال الأصمعي: ما جاوز وتد الأذن فهو عارض
(2)
.
فأما التحذيف والصدغ ــ والتحذيف: هو ما ارتفع عن العذار آخذًا إلى طرف اللحيين. والنزَعة: ما انحسر عنه الشعر من الرأس متصاعدًا. [50/أ] والصدغ: هو ما ارتفع من العذار إلى فوق مشيًا إلى فرع الأذن ودونه قليلًا، وهو يظهر في حق الغلام قبل نبات لحيته ــ ففيهما
(3)
ثلاثة أوجه:
أحدها: يجب غسلهما، لأنهما داخلان في تدوير الوجه، فدخلا في حدِّه، وإن كان شعرهما متصلًا بشعر الرأس؛ كما أن النزَعتين لما دخلتا
(4)
في حدِّ الرأس كانتا منه وإن خَلَتا
(5)
من الشعر.
(1)
في المطبوع: "النابي" تصحيف.
(2)
سبق قبل قليل عن الأصمعي والمفضَّل بن سلَمة. والذي في كتاب الأصمعي في خلق الإنسان (ص 176): "العارض من اللحية ما نبت على عُرض اللحى فوق الذقن". وفي "خلق الإنسان" لثابت (167): سئل الأصمعي عن العارض من اللحية، فوضع يده على ما فوق العوارض من الأسنان. وانظر:"خلق الإنسان" لأبي محمد الحسن بن أحمد (ص 205).
(3)
في الأصل والمطبوع: "ففيها".
(4)
في الأصل والمطبوع: "دخلا".
(5)
في الأصل والمطبوع: "خليا"، تصحيف.