الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا انقلعت جلدة من العضد حتى تدلَّت من الذراع وجب غسلها. وإن انقلعت من الذراع حتى تدلَّت من العضد لم يجب اعتبارًا بأصلها. ولو انقلعت من أحدهما والتحم رأسُها بالآخر غسَلَ ما حاذى موضع الفرض من ظاهرهما وباطنهما المتجافي، وما تحته.
ولو كانت له يد زائدة أصلها في محلِّ الفرض وجب غسلها كالإصبع الزائدة. وإن كانت في العضد أو المنكب، وهي مثل الأصلية، وجب غسلها ليؤدِّي الفرض بيقين. وإن تميَّزت فهل يجب غسل ما حاذى [51/ب] محل الفرض منهما؟ على وجهين.
مسألة
(1)
: (ثم يمسح رأسه مع الأذنين: يبدأ بيديه
(2)
من مقدَّمه، ثم يُمِرُّهما إلى قفاه، ثم يردُّهما إلى مقدَّمه)
.
لقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]. والسنة في مسحه ما روى عبد الله بن زيد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسَحَ رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر: بدأ بمقدَّم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه. رواه الجماعة
(3)
.
قيل لأحمد: من له شعر إلى منكبيه، كيف يمسح في الوضوء؟ "فأقبل أحمد بيديه على رأسه مرَّةً، وقال: هكذا، كراهيةَ أن ينتشر شعره. يعني أنه
(1)
"المستوعب"(1/ 66)، "المغني"(1/ 175 - 184)، "الشرح الكبير"(1/ 344 - 361)، "الفروع"(1/ 178 - 183).
(2)
في المطبوع: "بيده".
(3)
أحمد (16431)، والبخاري (185)، ومسلم (235)، وأبو داود (118)، والترمذي (32)، والنسائي (97)، وابن ماجه (434).
يمسح إلى قفاه ولا يردُّ يديه. قال أحمد: حديث عليٍّ
(1)
هكذا
(2)
، يعني أنه من خاف انتفاشَ شعره لم يردَّ يديه سواء كان رجلًا أو امرأةً.
وعنه: أن المرأة تبدأ بمؤخَّر رأسها، ثم تردُّ يديها إلى مقدَّمه، ثم تعيدهما إلى مؤخره؛ لما روت الرُّبَيِّع بنت معوذ أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه مرَّتين. بدأ بمؤخره، ثم بمقدَّمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن
(3)
.
وعنه: أنها تمسح كما روت الرُّبَيِّع بنت معوِّذ أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ عندها، فمسح الرأس كلَّه من فوق الشعر: كلَّ ناحية لمُنْصَبِّ الشعر لا يحرِّك الشعرَ عن هيئته. رواه أبو داود
(4)
.
وعنه: تضع يدها على وسط الرأس، ثم تجرُّها إلى مقدَّمه، ثم ترفعها وتضعها حيث بدأت، ثم تحرِّكها إلى مؤخره بمسحة واحدة، محافظةً على
(1)
في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: أن عليًّا مسح رأسه بكفَّيه جميعًا مرَّة واحدة. وقد سبق تخريجه عند ذكر إفراد كل من المضمضة والاستنشاق بكفٍّ كفٍّ.
(2)
انظر: "مسائل أبي داود"(ص 13) و"سنن الأثرم"(ص 228) و"المغني"(1/ 177).
(3)
أبو داود (126)، والترمذي (33)، من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الربيع به.
مدار إسناده على ابن عقيل وهو مختلف فيه، قال الترمذي:"حديث حسن"، وصححه الحاكم (1/ 152)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود: الكتاب الأم" (1/ 211).
(4)
برقم (128)، وأخرجه أحمد (27024)، والبيهقي (1/ 60)، من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الربيع به، والكلام فيه كسابقه.
أن تقبل وتدبر، وعلى مسحة لا تغيِّر شعرها، لأنَّ بقاء شعرها على هيئته مقصود. وكيف ما مسح الرجل أو المرأة
(1)
جاز.
وأما الأذنان فهما من الرأس [52/أ] بحيث يجزئ مسحهما بمائه، كسائر أجزاء الرأس، بلا خلاف في المذهب؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الأذنان من الرأس" رواه أحمد وابن ماجه
(2)
.
وروى الصُّنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض
(3)
خرجت الخطايا من فيه" وذكر الحديث إلى أن قال: "فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه" رواه النسائي
(4)
. وهذا يدل على دخولهما في مسمَّى الرأس.
ولأن الذين وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه مسَحَ رأسه وأذنيه.
(1)
في المطبوع: "والمرأة". والمثبت من الأصل.
(2)
أحمد (22223)، وابن ماجه (444) من طرق عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة به. وقد تقدم الكلام عليه (ص 157).
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر وأبي موسى وعبد الله بن زيد وغيرهم بأسانيد ضعيفة، انظر:"السنن" للدارقطني (1/ 97 - 106)، "الإمام"(1/ 564 - 583).
وصحَّح الألباني الحديث بمجموع طُرقه في "السلسلة الصحيحة"(36).
(3)
في المطبوع: "فتمضمض".
(4)
برقم (103)، من طريق مالك في "الموطأ"(66) ــ ومن طريقه أحمد (19068) ــ عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي به.
رجاله ثقات، وقد اختلف في إسناده وإرساله؛ للخلاف في صحبة الصنابحي، قال البخاري:"لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث مرسل" نقله الترمذي في "العلل الكبير"(21)، وصححه الحاكم (1/ 129).
قال ابن عباس: بغرفة واحدة
(1)
. ولم يذكروا أنه أخذ لهما
(2)
ماءً جديدًا. قال ابن المنذر
(3)
: "مسحُهما بماء جديد غيرُ موجود في الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم".
ولأنّ الله سبحانه إنما أمر بمسح الرأس، وفعلُه صلى الله عليه وسلم خرج امتثالًا للأمر وتفسيرًا للمجمل، فعُلِمَ أنّ الرأس المذكور في القرآن هو ما مسحه صلى الله عليه وسلم؛ يريد بذلك
(4)
أنهما عضوان متّصلان بالرأس اتصال
(5)
خلقةٍ، فكانا منه كالنَّزَعتين. وذلك لأن البياض الذي فوق الأذن هو من الرأس، لأن الموضحة يثبت حكمها فيه، وهي لا تكون إلا في رأس أو وجه، وليس من الوجه فيكون
(6)
من الرأس.
لكن هل الأفضل أن يمسحهما بماء الرأس، أو يأخذ لهما ماءً جديدًا؟ على روايتين:
إحداهما
(7)
: أن الأفضل مسحُهما بماء جديد، لأن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه. رواه مالك في "الموطأ"
(8)
؛ ولأنهما
(1)
أخرجه أبو داود (36) مختصرًا دون موضع الشاهد، والنسائي (102).
وصححه ابن خزيمة (148)، وابن حبان (1078).
(2)
في الأصل: "له".
(3)
في "الأوسط"(1/ 404).
(4)
في الأصل: "ذلك".
(5)
في الأصل والمطبوع: "إيصال"، تصحيف.
(6)
في المطبوع: "فتكون"، والصواب ما أثبتنا من الأصل.
(7)
في الأصل: "أحدهما".
(8)
برقم (73)، عن نافع به.
لا يشبهان الرأس خلقةً، ولا يدخلان في مطلقه، فأُفردا [52/ب] عنه بماء، وإن كانا منه كداخل الفم والأنف. ومعنى هذا ألا يُمسحا إلا بماء جديد.
وذكر القاضي عبد الوهاب وابن حامد أنهما يُمسحان بماء جديد بعد أن يُمسحا
(1)
بماء الرأس
(2)
. وليس بشيء، لأن فيه تفضيلًا لهما على الرأس، ولأن ذلك خلاف المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
والثانية: مسحُهما بماء الرأس أفضل
(3)
، لأنّ الذين وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه مسح رأسه وأذنيه بماء واحد. وما نُقِل خلافَ ذلك محمول على أن اليد لم يبق فيها بلل، وحينئذ يُستحبّ أخذُ ماء جديد لهما. ويفارق الفم والأنف، لأنهما يغسلان قبله، ولا يكفيهما مع الوجه ماء
(4)
واحد.
والسنَّةُ: مسحُ ظاهرهما وباطنهما، وأن يدخل سبَّاحتيه في صِماخهما،
(1)
في الأصل: "يمسح" والتصحيح من "الإنصاف" إذ نقل فيه هذا النص، كما في الحاشية الآتية. وفي المطبوع:"يمسحان".
(2)
نقل ابن رجب في "الذيل على طبقات الحنابلة"(1/ 98) من كتابنا هذا "أن أبا الفتح بن جَلَبة كان يختار استحباب مسح الأذنين بماء جديد بعد مسحهما بماء الرأس". ومن هنا عُلِم أن المراد بالقاضي عبد الوهاب هو أبو الفتح عبد الوهاب بن أحمد بن جَلَبة البغدادي ثم الحرَّاني، قاضي حرَّان المتوفى سنة 476. انظر ترجمته في "الذيل" (1/ 93 - 100). وانظر:"تصحيح الفروع"(1/ 183) و"الإنصاف"(1/ 289).
(3)
وهو اختيار المصنف. انظر: "اختيارات ابن اللحام"(ص 12).
(4)
في الأصل: "بماء".