الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالثة: أن تكون ذاكرةً لعددها دون وقتها
. فإن لم [تعلم]
(1)
لها وقتًا أصلًا، كأن تقول: حيضي خمسة أيام، لا أدري متى هي؟ فإنها تحيض الخمسَ من أول الشهر، في أحد الوجهين. وفي الآخر: تتحرَّى لوقتها. وشهرُها إن عرفته عُمِل به، وإن لم تعرفه فهو الشهر الغالب للنساء وهو ثلاثون يومًا.
وإن [202/أ] علمت لها وقتًا، مثل أن تقول: حيضتي في العشر الأول أو في النصف الأول وهي خمسة أيام، ولا أعلم عينَها= فهذه كلّ زمان تيقَّنت فيه الطهرَ فهي طاهر، وكلّ زمان تيقَّنت فيه الحيض فهي حائض، وكلَّ زمان اشتبه عليها فإنها تجلس منه قدر عادتها، إمّا بالتحرِّي أو من أوله.
وطريق معرفة ذلك: أنها إذا تيقَّنت الحيض في أيام، فإن كانت أيام الحيض بقدر [نصف]
(2)
تلك الأيام أو أقلَّ جاز أن يكون في أول تلك الأيام، وجاز أن يكون في آخرها. فليس هنا حيض متيقَّن ولا طهر متيقَّن، فتجلس قدرَ الحيض إما من أول تلك الأيام أو بالتحرِّي.
وإن كان الحيض أكثرَ من نصف تلك الأيام، فالزائدُ على النصف ومثلُه
(3)
من وسط تلك الأيام حيضٌ بيقين؛ لأنَّك
(4)
في أيِّ وقت فرضتَ ابتداءَ الحيض، فلا بدَّ أن يدخل الوسط فيه. مثال ذلك أن تقول: كنت
(1)
ساقط من الأصل. وأثبت في المطبوع: «تحدد» . وما قدّرته أقرب لقوله فيما يأتي: «وإن علمت لها وقتًا» .
(2)
زيادة يقتضيها سياق المسألة.
(3)
في الأصل: «ومثله» .
(4)
في المطبوع: «لابد» ، تحريف.
أحيض سبعة أيام من العشر الأول، فإنَّ الأربعة الوسطى حيضٌ بيقين، وهي الرابع والخامس والسادس والسابع، لأنها داخلة في زمن الحيض على كلِّ تقدير. والثلاث الباقية من حيضها، تجلسها إمّا من أول الشهر أو بالتحري، على اختلاف الوجهين، وهي حيض مشكوك فيه. وتبقى الثلاثة الأخر، وهي طهر مشكوك فيه.
وإن قالت: حيضي عشرة من النصف الأول من الشهر، فإن الزائد [202/ب] على النصف إذا أضْعَفتَه
(1)
كان خمسة أيام فهذه الخمس الوسطى
(2)
حيض بيقين، والخمس الأُوَل والأواخر مشكوك فيها، فتجلس إحدى الخمسَين
(3)
بالتحرِّي أو الأُوَل
(4)
منهما.
فصل
والطهر في أثناء الحيضة طهر صحيح، إذا رأت النقاء الخالص بحيث لا يتغيَّر لونُ القطنة إذا احتشَتْ بها، وإن كانت أقلَّ من يوم، في المشهور عنه.
وعنه: أنَّ ما دون اليوم لا تلتفت
(5)
إليه كالفترات واللحظات، وما
(6)
(1)
مهملة في الأصل. وفي المطبوع: «أضافته» ، وهو خطأ.
(2)
في الأصل: «الوسط» ، والمثبت من المطبوع.
(3)
في المطبوع: «الخمستين» ، والمثبت من الأصل.
(4)
في الأصل والمطبوع: «الأقل» ، تحريف.
(5)
في الأصل: «نلتفت» ، وفي المطبوع:«يلتفت» .
(6)
كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الواو مقحمة.
لم تر فيه القَصَّة
(1)
البيضاء. وعنه: أنه ليس الطهر في أثناء الحيضة بطهر صحيح، بل حكمه حكم الدم. لأنّ دم الحيض يستمسك مرّةً، وينقطع أخرى، وليس بدائم الجريَان. فلو كان وقت الانقطاع طهرًا
(2)
لم تسقط عنها صلاةٌ
(3)
بحال، ولأنه لو كان طهرًا صحيحًا كان ما قبله وما بعده حيضًا صحيحًا تامًّا
(4)
، فتنقضي العِدَّة بثلاث من هذا الجنس.
والأول: المذهب، لقول ابن عباس في المستحاضة: إذا رأتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ
(5)
فلا تصلِّي. فإذا رأت الطهرَ ولو ساعةً فلتغتسِلْ وتُصَلِّي. رواه أبو داود
(6)
. ولأنه ليس جعل النقاء الخالص حيضًا تبعًا لما يتخلَّله من الدم في العادة
(7)
. فأما اللحظات التي يستمسك فيها دم الحيض، فلا يحصل فيها النقاء الخالص، ولا ترى معه القَصَّة البيضاء.
فعلى هذا إذا رأت يومًا دمًا ويومًا طهرًا، ولم يجاوز مجموعها أكثرَ الحيض، اغتسلت أيامَ [203/أ] النَّقاء، وصلَّت وصامت، وضمَّت النقاء
(8)
(1)
في الأصل: «القطنة» ، والمثبت من المطبوع.
(2)
في الأصل: «طهر» .
(3)
في المطبوع: «الصلاة» ، والمثبت من الأصل.
(4)
في الأصل «حيض صحيح تام» .
(5)
هو الدم الخالص الشديد الحمرة.
(6)
معلقًا برقم (286)، وأخرجه ابن أبي شيبة (1377)، والدارمي (827).
(7)
كذا جاءت العبارة في الأصل والمطبوع.
(8)
كذا في الأصل والمطبوع، وهو اختيار شيخ الإسلام. والمشهور من المذهب أنها تضم الدمَ إلى الدم. انظر:«الإنصاف» (2/ 452).
إلى الدَّم، فكان مجموعها حيضًا، بشرط أن لا ينقص عن أقلِّ الحيض. وأما إن جاوز أكثر الحيض فهي مستحاضة، سواء حصل النقاء بعد أكثر الحيض، أو اتصل الدم بأكثر الحيض.
وقال القاضي: وإن لم تكن معتادة، فإن النقاء في السادس عشر يفصل بين دم الحيض والاستحاضة، لأن هذا الدم لم يتصل بدم فاسد، ولا خالف عادةً متقدِّمة، فوجب أن يكون حيضًا
(1)
.
ووجه الأول: أن هذا الدم وإن لم يتصل بدم فاسد، فلم يتصل بدم صحيح. فتعارض
(2)
الأمران، وكان كما لو اتصل بهما، ولو اتصل بهما كان الجميع استحاضة؛ فكذلك إذا انفصل عنهما. وهذه تسمَّى «الملفِّقة» .
مسألة
(3)
: (والحاملُ لا تحيض، إلا أن ترى الدمَ قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة، فيكون دم نفاس).
أمَّا الدم الذي تراه الحامل، فإنه عندنا دم فساد، لأنّ الله تعالى جعل دمَ الحيض غذاءً للجنين، فإذا خرج شيء فقد خرج على غير الوجه المعتاد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله قد رفع الحيض عن الحُبلى، وجعل
(1)
انظر: «المغني» (1/ 442).
(2)
في الأصل والمطبوع: «فعارض» .
(3)
«المستوعب» (1/ 137)، «المغني» (1/ 443 - 445)، «الشرح الكبير» (2/ 389 - 392)، «الفروع» (1/ 365). واختيار المصنف أن الحامل قد تحيض، وهي رواية عن أحمد. انظر:«مجموع الفتاوى» (19/ 239) و «اختيارات» البرهان ابن القيم (رقم 66) وابن اللحام (ص 30).
الدم رزقًا للولد. وعن علي رضي الله عنه أنه قال: إنَّ الله رفع الحيضَ عن الحُبلى، وجعل الدمَ مما تغِيضُ الأرحام. رواهما أبو حفص ابن شاهين
(1)
.
وروى الأثرم [203/ب] والدارقطني
(2)
عن عائشة رضي الله عنها في الحامل ترى الدم، فقالت: الحامل لا تحيض، وتغتسل وتصلِّي. فأمرَتْها بالغسل، لأنها مستحاضة، والمستحاضة يُستحبُّ لها الغسل.
ولأنَّ الشرع جعل الحيضَ علامةً على براءة الرحم من الحمل في العِدَّة والاستبراء، فلو جاز اجتماعهما لما كان علامةً على عدمه. ولأنَّ طلاق الحائض محرَّم، والطلاق بعد تبيُّن
(3)
الحمل جائز، فلو كان الدم الذي تراه الحامل حيضًا لما جاز الطلاق فيه، لما يلزمه من تخصيص العمومات والخروج عن القياس.
فأما الذي تراه قبل الوضع بيومين أو ثلاثة، فهو نفاس، لأنه دم خارج بسبب الولادة، فكان نفاسًا كالخارج بعدها. وهذا لأنَّ الحامل لا تكاد ترى الدم، فإذا رأته قريبَ الوضع، فالظاهر أنه بسبب الولد، لا سيَّما إن كان قد ضربها المخاضُ.
وهذه اليومان والثلاثة وإن جعلناها نفاسًا، فليست من المدَّة، بل أولُ المدّة من حين الوضع، لأنَّ في الحديث:«كانت تقعد بعد نفاسها»
(4)
، وفي
(1)
عزاهما إليه ابن التركماني في «الجوهر النقي» (7/ 424).
(2)
«سنن الدارقطني» (1/ 219).
(3)
في الأصل: «بغير تبيين» ، وتصحيحه من المطبوع.
(4)
سيأتي تخريجه في الباب الآتي.
الآخر: «كم تجلس النفساء إذا ولدت؟»
(1)
.
فأما إذا خرج بعضُ الولد، فالدم قبل انفصاله محسوبٌ من المدّة. وفيه وجه أنه لا يُحسَب حتى ينفصل جميعه.
(1)
سيأتي تخريجه في الباب الآتي.