الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال القاضي: يستبيح بنيّة مسِّ المصحف [و]
(1)
قراءة القرآن جميعَ النوافل، لأن جميع ذلك نافلة، فهي في درجة واحدة.
ولو تيمَّم الصبيُّ لصلاةٍ، ثمَّ بلَغ، لم يجُز أن يصلِّيها به، لأنه كان لنافلة. وله أن يتنفَّل قبل الفريضة وبعدها. وعنه: ليس له أن يتنفَّل قبلها إلا السنن الرواتب، لئلا يصير النفلُ متبوعًا، بخلاف السنن الرواتب، فإنّ نية الفريضة تتضمَّنها.
مسألة
(2)
: (الشرط الرابع: التراب. فلا يتيمَّم إلا بتراب طاهرٍ، له غبار)
.
هذه ثلاثة شروط:
الأول: أنه لا يتيمَّم إلا بالتراب خاصَّة. وعنه: أنه يجوز بالرمل. وحمَلها القاضي على رملٍ فيه تراب
(3)
. وأقرَّها بعض أصحابنا على ظاهرها، لما روى أبو هريرة أنّ ناسًا من أهل البادية أتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّا نكون بالرِّمال الأشهرَ الثلاثةَ والأربعةَ، ويكون فينا الجنُب والنفساء والحائض، ولسنا نجد الماء. فقال:«عليكم بالأرض» . ثمَّ ضرَب بيديه على الأرض لوجهه ضربةً واحدةً، ثمَّ ضرَب أخرى
(4)
فمسَح يديه إلى المرفقين. رواه
(1)
زيادة من المطبوع. وفي «الفروع» (1/ 302): «وإن تيمَّم جنُب لقراءةٍ أو مسِّ مصحف فله اللبث في المسجد. وقال القاضي: «وجميع النوافل
…
».
(2)
«المستوعب» (1/ 104 - 105)، «المغني» (1/ 324 - 329)، «الشرح الكبير» (2/ 214 - 220)، «الفروع» (1/ 296 - 297).
(3)
انظر: «المستوعب» (1/ 105).
(4)
في المطبوع: «لوجهه ضربة وضرب الأخرى» ، حذف وغيَّر دون تنبيه.
أحمد
(1)
.
ووجه الأول: أن الله قال: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]، قال ابن عباس: هو تراب الحَرْث. ولفظه فيما ذكره أحمد
(2)
: «أطيَبُ الصَّعيد أرضُ الحَرْث» . ومعنى أرض الحرث: الأرض [166/أ] التي يكون فيها الشجر والزرع. قال أحمد: السِّباخ
(3)
لا تُنبِت، والحجر لا يُنبِت، والحَرث يُنبِت.
وعن حذيفة بن اليمان أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «فُضِّلْنا على الناس بثلاث: جُعِلت صفوفُنا كصفوف الملائكة، وجُعِلت لنا الأرضُ مسجدًا، وجُعلت تربتُها لنا طَهورًا، إذا لم نجد الماء» رواه مسلم
(4)
. فلما خصَّ التربة بالذكر بعد تعميم الأرض بكونها مسجدًا عُلِم اختصاصُها بالحكم.
وحديث الرمل ضعيف، لأنّ فيه المثنَّى بن الصبَّاح. ثم إن صحَّ فهو محمول على الرمال التي فيها تراب، لأنَّ [في] لفظٍ
(5)
آخر: «عليكم
(1)
برقم (7747، 8626)، وأخرجه البيهقي (1/ 216).
إسناده ضعيف، فيه المثنى بن الصباح شديد الضعف، وقال البيهقي:«المثنى غير قوي» ، وضعَّفه المصنف، كما سيأتي.
انظر: «التحقيق» (1/ 232)، «نصب الراية» (1/ 156).
(2)
في «مسائل الكوسج» (2/ 379). وأخرجه عبد الرزاق (814)، وابن أبي شيبة (1714)، وحسنه ابن حجر في «المطالب العالية» (2/ 439).
(3)
جمع السَّبَخة، وهي الأرض الرملة التي لا تُنبت لملوحتها.
(4)
برقم (522).
(5)
في المطبوع: «لأنه جاء بلفظ» .
بالتراب»
(1)
، فيدلّ على [أنَّ]
(2)
الذي في الرمل إنما يتيمَّم
(3)
بالتراب، لأن العرب عادتها أن تعزب إلى الأرض التي
(4)
لها حشائش رطبة، وإنما تنبت
(5)
الحشائش الرطبة في الرمل الذي يخالطه التراب. ولأنَّ الرمل لا يلصق باليد فأشبَه الحصباءَ، ولأن طهارة الوضوء خُصَّت بالنوع الذي
(6)
أصلُ المائعات، وكذلك التيمم يُخَصُّ بالنوع الذي هو أصل الجامدات وهو التراب.
فأمّا الأرض السَّبِخة، فقد قال أحمد
(7)
: أرضُ الحَرث أحبُّ إليَّ. وإن تيمَّم من أرضٍ سبِخةٍ أجزأ. وقال أيضًا
(8)
: من الناس من يتوقَّى السبخة، لأنها تُشبه الملح. وقال أيضًا
(9)
: لا يُعجبني التيمُّم بالسِّباخ، لأنه لا يثبُت
(10)
في يده
(1)
أخرجه البيهقي (1/ 217)، من حديث أبي هريرة به.
إسناده واه، فيه عبد الله بن سلمة الأفطس متروك، كما في «لسان الميزان» (4/ 487).
(2)
زيادة مني.
(3)
في المطبوع: «تيمَّم» ، والمثبت من الأصل.
(4)
«التي» ساقط من المطبوع.
(5)
«تنبت» ساقط من المطبوع.
(6)
زاد بعده في المطبوع: «هو» . والزيادة ليست لازمة.
(7)
في رواية أبي الحارث. انظر: «المغني» (1/ 326).
(8)
في رواية أبي داود. انظر: «مسائله» (ص 26).
(9)
في رواية صالح. انظر: «مسائله» (2/ 15).
(10)
يشبه رسمها: «يتثبت» .
منه شيءٌ يخرج منها إلى غيرها. فمن أصحابنا من جعلها كالرمل، والمذهب: أنها إذا كان لها غبار فهي كالتراب، [166/ب] وإن لم يكن لها غبار فهي كالرمل؛ وعلى هذا ينزَّل كلام أحمد.
فإن عدِم الترابَ وجب عليه التيمُّم بالرمل والسَّبَخة والنُّورة
(1)
والكُحل والزِّرنيخ
(2)
والرَّماد وكلِّ طاهر تصاعَد على وجه الأرض، في إحدى الروايتين، اختارها ابنُ أبي موسى
(3)
وغيره، لقوله عليه السلام:«جُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاةُ، فعنده مسجدُه وطَهورُه»
(4)
.
ويُحمَل حديثُ حذيفة على حال وجود التراب، والأحاديثُ المطلقةُ على عدمه، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر أنَّ المسلم لا يزال عنده مسجده وطهوره، وقد يعدَم الترابَ في أرض الرِّمال والسِّباخ وغيرها. ولا إعادة عليه إذا وجد الماءَ أو التُّرابَ في أصحِّ الروايتين، كما لو عدِمَ الماءَ والتَّرابَ، وأولى. وفي الأخرى: يعيد لأنه عذر نادر، ويكون حكمه إذا وجد الترابَ كحكم المتمسِّح بالتراب إذا وجَد الماء، نصَّ عليه.
والرواية الثانية: لا يتيمَّم إلا بالتراب. اختارها الخلال
(5)
وغيره لأنَّ ما
(1)
النُّورة: حجر الكِلْس.
(2)
عنصر شبيه بالفِلزَّات له بريق الصلب ولونه. «المعجم الوسيط» .
(3)
انظر: «الإرشاد» (ص 36).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
«المغني» (1/ 326).