الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(1)
: (ويُبطِل التيمُّمَ ما يُبطِل طهارةَ الماء، وخروجُ الوقت، والقدرةُ على استعمال الماء وإن كان في الصلاة)
.
................................................. ]
(2)
.
ووجه الأول: أنَّ نزعَ الخفّين والعمامة يُبطل الوضوء، فيُبطل التيمُّمَ، كسائر النواقض. وهذا لأنَّ الخفَّ تتعدى إليه طهارةُ التيمم حكمًا، كما تتعدّى إلى سائر البدن، لأن المسح على العضوين قائم مقام تطهير الأعضاء الأربعة. فإذا كان عليه خفَّان، فكأنه في الحكم مسَح عليهما. ولأنَّ الحدث قائم بالرِّجلين، وإنما استباح الصلاة بالتيمُّم مع سترهما، إذا ظهرتا ظهر حكمُ الحدث، فيحتاج إلى تيمُّم؛ حتى لو تيمَّم قبل اللبس، ثمَّ خلع لم ينتقض تيمُّمُه.
ويزيد التيمُّم على الماء بشيئين:
أحدهما: أنَّ خروج الوقت يُبطلها في المشهور، لأنها طهارة ضرورة، فتقدَّر بقدرها، كطهارة المستحاضة. [167/ب] وقيل: لا تبطل إلا بدخول وقت الصلاة الثانية، لأنه حينئذ يخاطَب بتجديد التيمُّم. فعلى هذا يصلِّي الضحى بتيمُّم الفجر، وقد تقدمت الروايتان الأخريان.
(1)
«المستوعب» (1/ 107 - 108)، «المغني» (1/ 347 - 354)، «الشرح الكبير» (2/ 238 - 251)، «الفروع» (1/ 305 - 310).
(2)
وقع هنا في وسط الصفحة سقطٌ في الأصل ذهب بشرح جزء من المسألة السابقة وجزء من هذه المسألة في مبطلات التيمُّم. ولم يفطن الناسخ لهذا السقط.
الثاني: القدرة على استعمال الماء، إمّا أن يجده إن كان عادمًا، أو يقدر على استعماله إن كان مريضًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الصعيدُ الطيِّبُ طَهورُ المسلم إذا لم يجد الماء عشرَ سنين. فإذا وجد الماء فَلْيُمِسَّه بَشَرتَه، فإن ذلك خيرٌ» ، وقد تقدَّم. ثم إن وجده قبل الصلاة بطل التيمُّمُ قولًا واحدًا. وكذلك إن رأى ما يدلُّ على الماء، أو ظنَّ وجودَ الماء، فإنه يلزمه الطلب، ويبطل تيممُّه في أحد الوجهين. وإن وجده بعد الصلاة بطَل أيضًا، فلا يصلّي به صلاة أخرى.
وإن وجده في الصلاة بطل تيمُّمه أيضًا في ظاهر المذهب. وكان قبل ذلك يقول: يمضي فيها ولا يُبطلها
(1)
. فجعل
(2)
الخلال وصاحبُه المسألة قولًا واحدًا، لأنَّ الرجوع عنه وجوده كعدمه. وأثبت ابن حامد وغيره المسألة على روايتين، لأنَّ القول الأول قاله باجتهاد، فلا ينتقض باجتهاد ثانٍ؛ بخلاف نسخ الشارع. وكذلك كلُّ رواية عُلِمَ الرجوعُ عنها.
وذلك لأنَّ الصلاة حالٌ لا يجب فيها طلبُ الماء، فلا يجب فيها
(3)
استعمالُه، كما بعد الفراغ؛ ولأنه عملٌ صحَّ بالبدل، فلا يبطُل بوجود المبدل منه، كحُكم الحاكم [168/أ] بشهود الفرع، لا يبطُل بوجود شهود الأصل. ولأنه وُجِد المبدَلُ منه بعد الشروع في البدل، فلم يجب الانتقال إليه؛ كما لو
(1)
انظر: «الروايتين والوجهين» (1/ 90)، و «المستوعب» (1/ 109).
(2)
في الأصل والمطبوع: «فحمل» .
(3)
«طلب الماء
…
فيها» سقط من المطبوع لانتقال النظر.
وُجِد الأصلُ [مثل]
(1)
الهدي بعد الشروع في صوم التمتُّع
(2)
، أو الرقبة بعد الشروع في صوم الكفارة. ولأنه لا يتمكن
(3)
من الوضوء إلا بإبطال الصلاة، وذلك منهيٌّ عنه بقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]. ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الذي يخيَّل إليه الحدثُ في الصلاة أن يخرج منها إلا باستيقان الحدث
(4)
.
فعلى هذا، لو خرج منها لنجاسة أصابته أو غير ذلك لم يكن له أن يعيدها بذلك التيمُّم قولًا واحدًا. فإن لم يجد من الماء إلا ما يكفيه لإزالة النجاسة أعاد التيمُّمَ، لأن الأول قد بطل بطلب الماء. ولو نوى الإقامةَ في الصلاة، ثم رأى الماء، لم تبطل الصلاة بناءً على جواز التيمُّم في الحضر وأنه لا إعادة عليه، قاله القاضي. فعلى هذا إن قلنا: لا يتيمَّم في الحضر أو يعيد، بطلت هنا، لأنها غير معتَدّ بها.
والأول
(5)
أصحُّ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الصعيدُ الطيِّبُ طَهورُ المسلم، وإن لم يجد الماء عشرَ سنين، فإذا وجدتَ الماء فأمِسَّه بشرتَك» ، وقولِه عليه السلام في الحديث:«وجُعِلت لنا تربتُها طهورًا إذا لم نجد الماء»
(6)
.
(1)
زيادة يقتضيها السياق.
(2)
في الأصل: «الصوم التمتع» . وفي المطبوع: «صوم المتمتع» .
(3)
في المطبوع: «لا يُمَكَّن» ، والمثبت من الأصل.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
يعني بطلان التيمم إذا وجد الماء في الصلاة، وهو المذهب.
(6)
سبق تخريج الحديثين.
فجعله طهورًا بشرط عدم الماء، والحكم المشروط بشرط يزول بزواله. وأمرَ بأن يُمِسَّه بشرتَه إذا وجده، وهذا يعُمُّ [168/ب] المصلِّيَ وغيرَه، ولو افترق الحكم لبيّنه. ولأنَّ ما أبطل الطهارةَ خارج الصلاة أبطلها في الصلاة، كسائر النواقض. وتقريبُ الشبه أنَّ هذه طهارةُ ضرورة، ورؤيةُ الماء تبطلها خارج الصلاة، فكذلك داخلهَا كانقطاع دم المستحاضة، وانتهاء مدَّة المسح. ولأنّه قد بطل تيمُّمه فلزمه الخروجُ من الصلاة، كما لو كان مقيمًا أو نوى الإقامةَ. والدليلُ على أنّ تيمُّمه بطَل مع قوله:«الصعيدُ الطيِّبُ طَهورُ المسلم إذا لم يجد الماءَ» : أنه لو مضى فيها ولم يفرغ حتى عدم الماء [لم]
(1)
يجز له أن يتنفَّل حتى يتيمَّم، مع قولنا: يمضي فيها، على أشهر الوجهين. وكذلك في المشهور: لا يجوز له أن يزيد على ركعتين في التنفُّل المطلَق الذي لم ينو به
(2)
عددًا. ولأنَّ الطهارة بالماء فرضٌ كان عاجزًا عنه، فإذا قدَر عليه في الصلاة لزمه فعلُه، كالعاري إذا وجد الثوبَ، والمريضِ إذا قدرَ على القيام.
وأما كونه لا يجب فيها الطلب فإنما ذاك إذا شكَّ في وجود الماء، لأنه قد دخل في الصلاة بيقين، فلا يخرج منها بشكٍّ، كالذي يخيَّل إليه الحدَث. فأمَّا إن رأى ما يدلّ على وجود الماء، مثل ركبٍ لا يخلُون من ماء ونحو ذلك، لزمه الطلبُ. فإن وجد الماءَ وإلا استأنف التيمُّم.
وشهودُ الفرع قد تمَّ العملُ المقصودُ بهم، فنظيرُه هنا أن يجد الماء بعد الفراغ. ونظير [169/أ] مسألة التيمُّم أن يقدر على شهود الفرع في أثناء كلمة
(1)
زيادة من المطبوع.
(2)
أثبت في المطبوع: «لم ينوه» ، وذكر محققه أن في الأصل:«لم ينويه» . قلت: بل في الأصل كما أثبتنا.
الحكم، فإنه لا ينفذ حكمه بهم.
وأما قولهم: وُجِد المبدَل منه بعد الشروع في البدل، [فالبدلُ]
(1)
هنا هو التيمم، وليس هو الصلاة، فلا يصح الوصف في الفرع. وإن قالوا: بعد الشروع في العمل بالبدل، لم يصحَّ الأصل.
وثانيها
(2)
: أنه إذا شرع هنا في البدل وهو التيمم، ثم وجد المبدَل وهو الماء انتقل إجماعًا.
وثالثها: أنَّ وجود
(3)
المبدَل منه هنا يُبطل البدلَ، فلا يمكن إتمامه والاكتفاء به. وهناك وجودُ الرقبة والهدي لا يُبطل الصوم، فأمكن إجزاؤه. فنظير هذا: بدلٌ يفسُد بوجود مبدَله.
ورابعها: أنه منتقِضٌ بالصغيرة إذا اعتدَّت بالشهور، ثم حاضت في أثنائها، تنتقلُ
(4)
إلى المبدَل، وهو الأقراء. وهذا نصُّ أحمد، وإلحاقُ مسألتنا بهذا أولى، لأنَّ العدَّة والصلاة يُبنى آخرُهما على أولهما، فيفسُد
(5)
بفساده، بخلاف الصيام.
وأما إبطالُ الصلاة هنا، فهو لم يُبطلها، وإنما بطلت بحكم الشرع، كما
(1)
زيادة منّي.
(2)
كذا في الأصل، ولعل في الكلام سقطًا، أو ما سبق ذكره هو الوجه الأول.
(3)
في الأصل: «وجد» .
(4)
في المطبوع: «لتنتقل» ، والمثبت من الأصل.
(5)
في المطبوع: «فتفسد» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
لو سبقه الحدثُ، أو وجد السُّترةَ بعيدةً
(1)
منه. ولو فرضنا أنه أبطلها لغرض صحيح ليأتيَ بها على وجه الكمال لم يكن ذلك محذورًا.
فإذا قلنا: يخرج، فإنه يستأنف الصلاةَ بعد وضوئه في المنصوص. وخرَّج القاضي وغيره روايةً: أنه يتطهَّر ويبني، كما يقول فيمن سبقه الحدث [169/ب] على إحدى الروايتين
(2)
. وفرَّق آخرون بين هذا وبين من سبقه الحدث، بأنّ هذا كان المانع موجودًا حين ابتدأ
(3)
الصلاة وهو الحدث، وإنما جازت الصلاة معه بالتيمم إذا كمل مقصوده، وهنا لم يكمل مقصودُه
(4)
، فيبقى المانع بحاله، بخلاف من سبقه الحدث. وكذلك الطريقان في المستحاضة إذا انقطع دمها في أثناء الصلاة، ومن ابتدأ الصلاةَ عاريًا ثم وجد السُّترة بعيدةً
(5)
منه، وكذلك الماسح إذا انقضت مدّتُه في أثناء الصلاة، إن قلنا: المسحُ لا يرفع الحدث. وإن قلنا: يرفعه، فهو كالحدث السابق. ولا فرق بين صلاة العيد والجنازة وغيرهما. ويتخرَّج أن يبني في صلاة الجنازة.
وإن كان يخاف أنه إن خرج وتطهَّر فات الوقتُ، وهو في السفر، لم يخرُج في أشهر الوجهين. وإن كان في الحضر خرَج كما لو كان خارج الصلاة.
(1)
في المطبوع: «يعيد» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
(2)
انظر: الإنصاف (2/ 249).
(3)
قراءة المطبوع: «ابتداء» .
(4)
في الأصل: «المقصوده» . وفي المطبوع: «المقصود» .
(5)
في المطبوع: «يعيد» . وانظر ما علّقت آنفًا.
ومن صلَّى بلا ماء ولا تراب، ثم وجد أحدَهما وقلنا: يمضي في التي قبلها، فقيل: تبطل هنا لأنها صلاة بغير طهارة. والصحيح: أنَّا إن قلنا: لا يعيدها، مضى فيها، وإن قلنا: يُعيدها، قطعَها كالمحبوس في المصر إذا وجد الماء في أثناء صلاته، والمتيمِّمِ من البرد إذا قدَر على الماء المسخَّن في أثناء صلاته. وكذلك كلُّ من تلزمه الإعادةُ فإنه يخرج، ومن لا تلزمه فإنه يمضي.
وإن يمَّم الميِّتَ، ثم وجد الماءَ في أثناء الصلاة عليه، فقيل: يقطع، قولًا واحدًا. وقيل: هي كالأولى. وحيث جاز له المضيُّ فهو واجب عليه في أحد الوجهين، لأن إبطال الصلاة لا يجوز إلا لواجب. وقال الشريف أبو جعفر: القطعُ أولى، لما فيه من الاختلاف، وكالمكفِّر إذا انتقل من الصوم إلى العتق.
وإذا خرج الوقتُ وهو في الصلاة بطل تيمُّمُه في أشهر الوجهين
(1)
. وكذلك لو خرج الوقت قبل أن يصلِّيها، لأنَّ خروجَ الوقت مُبطِل للتيمُّم، كالقدرة على استعمال [الماء]
(2)
. والآخر: لا يبطل
(3)
بناءً على أن التيمُّم لفعل الصلاة لا لوقتها، وأنه يمضي فيها إذا شرع فيها بالتيمم.
ولو قدَر على استعمال الماء في أثناء قراءةٍ، أو وطءٍ، أو لُبثٍ في المسجد، أو مسِّ مصحفٍ= قطعه قولًا واحدًا، لأنَّ بعضه لا يرتبط ببعض. وإن كان في أثناء طوافٍ، فهو كالصلاة، إلّا أن نقول [170/ب]: الموالاة فيه
(1)
كتب أولًا: «الروايتين» ، ثم كتب فوقها بخط أصغر:«الوجهين» دون الضرب على الأولى. وذكر في «تصحيح الفروع» (1/ 306) ثلاثة أوجه.
(2)
الزيادة من المطبوع.
(3)
في المطبوع: «تبطل» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
ليست واجبة.
ومن لم يجد ماءً ولا ترابًا، أو وجدهما وعجز عن الوضوء والتيمُّم، إمَّا لقروح ببدنه، وإما لعجزه عن فعل الطهارتين وعدم من يطهِّره= فإنه يصلِّي على حسب حاله؛ لما روت عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادةً، فهلكَتْ، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجالًا في ظنِّها، فوجدوها، فأدركتهم الصلاة، وليس معهم ماء، فصلَّوا بغير وضوء. فلما أتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم شكَوا ذلك إليه، فأنزل الله تعالى آية التيمُّم. رواه الجماعة إلا الترمذي
(1)
. فصلَّوا بغير طهارة للضرورة، فكذلك كلُّ من عجز عن الطهارة.
ولأنه شرط من شرائط الصلاة، فإذا
(2)
عُدِم [أو] عجَز عنه فعَل ما يقدر عليه كسائر الشرائط، فلا إعادة عليه في إحدى الروايتين
(3)
. وفي الأخرى: يعيد، اختارها القاضي بناءً على العذر النادر وقد تقدَّم، وبناءً على أنه عجز عن الأصل والبدل، فلم يسقط الفرضُ عنه؛ كما لو عجز في الكفارات عن الأصول والأبدال.
أمَّا
(4)
فعلُ ما لا يجب من قراءةٍ أو وطءٍ أو مسِّ مصحفٍ أو صلاةٍ
(1)
أحمد (24299)، والبخاري (336)، ومسلم (367)، وأبو داود (317)، والنسائي (323)، وابن ماجه (568).
(2)
كتب بعده في الأصل أولًا: «عذا» ثم كأنه جعل الألف ميماً، يعني:«عدم» . وقد يكون «عدم» مقحمة. وقد أصلحت الجملة بزيادة «أو» . وفي هذه الصفحة أخطاء فاحشة عديدة.
(3)
في «الإنصاف» (2/ 213) أنها اختيار الشيخ تقي الدين.
(4)
في الأصل: «ما» ، والتصحيح من المطبوع.
نافلةٍ، فلا يجوز إلا بطهارة، لأنه لا حاجة إليه. ولو قيل بجوازه لتوجَّه بناءً على أن التحريم إنما ثبت
(1)
مع إمكان الطهارة، ولأن له أن يزيد في الصلاة على [171/أ] أداء الواجب، على ظاهر قول أصحابنا، حتى لو كان جنبًا قرأ بأكثر من الفاتحة، فكذلك فيما يستحَبُّ خارج الصلاة.
إذا اجتمع حيٌّ وميِّتٌ كلاهما مفتقر إلى الغسل، وهناك ماء مبذول لأَولاهما به، فالميِّت أولى به في أقوى الروايتين. [وفي الأخرى: أنه للحيِّ]
(2)
اختارها أبو بكر وغيره. والحائضُ أولى به في أقوى الوجهين. ومَن عليه نجاسة أولى منهما، وهو أولى من الميِّت في أحد الوجهين، وإن قلنا: الميِّت أولى من الجنب. والصحيح: أن الميِّت أولى به بكلِّ حال، لأنه لا تُرجى له الطهارة بالماء بعد ذلك.
وإن اجتمع جنُب ومحدِث، والماءُ يكفي المحدِثَ ولا يفضُل منه شيء، دون الجنب، فهو أولى به
(3)
. وإن [كان]
(4)
يكفي أحدَهما لصغر خلقه
(5)
ولا يفضل منه شيء، أو لا يكفي واحدًا منهما، أو يكفي المحدِثَ
(1)
في «المبدع» (1/ 189): «يثبت» ، وقد نقل فيه هذا النص.
(2)
زيادة لازمة. وهذه الرواية هي التي اختارها أبو بكر كما ذكر بعدها. انظر: «المغني» (1/ 353) و «الإنصاف» (2/ 266).
(3)
«به» ساقط من المطبوع.
(4)
زيادة من المطبوع.
(5)
في الأصل بعدها: «الجنب» ، وهي أول كلمة في السطر وفي السطر السابق، فلعل الناسخ كررها خطأ. وأصلح الجملة في المطبوع هكذا:«يكفي الجنب لصغر خلقه» .
وحده ويفضل منه شيء، فالجنبُ أولى، لأنَّ حدثه أغلظ، وهو محتاج إلى استعمال الماء كلِّه.
وإن كان يكفي كلًّا منهما وحدَه، ويفضُل منه شيء، فهل يقدَّم المحدِثُ أو الجنبُ، أو يتساويان بحيث يُقْرِع الباذلُ بينهما، أو يعطيه لمن شاء؟ على ثلاثة أوجه. فأمَّا إن كان ملكًا لأحد هؤلاء، فهو أولى به. وإن [كان]
(1)
مشتركًا
(2)
اقتسموه، واستعمل كلُّ واحد نصيبَه، لأنه لا يلزم الرجلَ بذلُ ما يحتاج للطهارة لطهارة غيره.
وإن كان الماء مباحًا، فهو كالمبذول، لأنه متى وجده أحدُهم أحوجَ إليه كان
(3)
بمنزلة المضطرِّ وغيره إذا وجد فاكهةً مباحةً. وقيل: لا حظَّ فيه للميِّت، لأنه لا يجد شيئًا، وإنما يجده الأحياء.
والأول أوجَهُ، لأنَّ تغسيل الميت أوجَبُ على الأحياء، فإذا وجدوه كان صرفُه إلى ما وجب عليهم للميِّت أولى؛ ولأنهم
(4)
يستفيدون بذلك الصلاةَ عليه.
ولو بادر المرجوحُ
(5)
فتطهَّر به أساء، وصحَّت طهارته، بخلاف الماء المغصوب؛ لأنه لم يملكه أحد. هكذا ذكر كثير من أصحابنا، وحملوا مطلقَ كلام أحمد رضي الله عنه على ذلك. وقد قال الإمام أحمد في قوم في سفر،
(1)
زيادة منِّي.
(2)
في المطبوع: «اشتركا» خلافًا للأصل، ولا يصح.
(3)
غيَّره في المطبوع إلى: «كان أحوجَ إليه» ، وهو خطأ.
(4)
في الأصل: «ولأنه» ، والمثبت من المطبوع.
(5)
في الأصل والمطبوع: «المجروح» ، تحريف.
ومعهم من الماء ما يشربون، ومعهم ما يغتسل [به]
(1)
وقد أصابت رجلًا منهم جنابةٌ، ومعهم ميِّت: أعجَبُ إليَّ أن يغسَّل الميِّت ويتيمَّم
(2)
الجنُب.
فهؤلاء قوم مشتركون في الماء. وقد يقدَّم الميِّت، وهو إما أن يكون له نصيبٌ في الماء، أو لا يكون له شيء. وقد قدَّمه بنصيب الأحياء، حتى بنصيب الجنب. [172/أ] وهو في نفس هذه المسألة قدَّم الجنبَ في رواية أخرى. وهذا فيما إذا كان الماءُ مشتركًا، لأنَّ نصيب كلِّ واحد لا يكفيه لطهوره، ولا يستبيح به شيئًا، بل لا بد من تيمُّمه. فكان تخصيصُ واحدٍ بالماء وآخرَ بالتيمم أولى من تيمُّم كلِّ واحد وتشقيصِ
(3)
طهارته.
ألا ترى أنَّ الشرع قد حكم فيما إذا أُعتق شِقْصٌ من عبيد أن يجمع الحرية كلّها في شخص واحد، والرِّقُّ في آخر، لمصلحة تخليص الحرية والمِلك، وإن كان فيه إسقاطُ حقِّ المشترك من الحرية.
وقال أيضًا فيمن معه ماء بأرض فلاة، وهو جنُب، ومعه ميِّت، إن هو اغتسل بالماء بقي الميِّت، وإن غسّل الميت بقي هو؛ قال: ما أدري، ما سمعتُ في هذا شيئًا.
وتوقُّفه هنا يخرَّج على الروايتين هناك. وظاهرُ الرواية أنّ الميِّت لا شيء له في الماء. ووجهُ هذا أنَّ تغسيلَ الميِّت واجب على الحيِّ من الماء الذي يملكه، كما يجب اغتساله، بخلاف الحيَّين. وهذا أيضًا دلالة على المسألة الأولى.
(1)
زيادة من المطبوع.
(2)
في المطبوع: «تيمَّم» .
(3)
من شقَّص الذبيحةَ: وزَّع أجزاءها بين الشركاء توزيعًا عادلًا.