الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(1)
: (وأكثره أربعون يوما)
.
يعني: أنها إذا رأت الدم أكثر من أربعين يومًا لم تكن نُفَساء. وحكي عنه أن أكثره ستُّون، لأنه قد روي عن عطاء والأوزاعي أنَّ ذلك وُجِد
(2)
.
والأول: هو المذهب، لما روت مُسَّة الأزدية عن أم سلمة قالت: كانت النُّفَساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا. وكنَّا نَطْلي وجوهَنا بالوَرْس من الكَلَف. وفي لفظ: تقعد بعد نفاسها. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي
(3)
. قال الخطابي
(4)
: أثنى محمد بن إسماعيل على هذا الحديث.
(1)
«المستوعب» (1/ 139 - 140)، «المغني» (1/ 427 - 428، 431)، «الشرح الكبير» (2/ 471 - 473، 479 - 482)، «الفروع» (1/ 394، 397 - 398).
(2)
ذكر الترمذي عقب الحديث (139) أنه يُروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي أن أكثر النفاس ستون يومًا. وانظر: «الأوسط» (2/ 250 - 251).
(3)
أحمد (26561، 26584)، وأبو داود (311)، وابن ماجه (648)، والترمذي (139)، من طرق عن أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة به.
في إسناده مقال، مسة مجهولة وعليها مدار الحديث، قال الترمذي:«هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة» ، وبها أعله ابن حزم في «المحلى» (2/ 204)، وابن القطان في «بيان الوهم» (3/ 328)، وصححه الحاكم (1/ 175)، وجود إسناده الذهبي في «تنقيح التحقيق» (1/ 92)، وحسنه بمجموع طرقه وشواهده الألباني في «إرواء الغليل» (201).
وفي الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد لا تخلو من نظر.
انظر: «الإمام» (3/ 340 - 345)، «البدر المنير» (3/ 137 - 142).
(4)
في «معالم السنن» (1/ 95).
وعن أم سلمة أنها سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم: كم تجلس المرأة [204/ب] إذا ولدت؟ قال: «أربعين
(1)
يومًا إلا أن ترى الطهرَ قبل ذلك» رواه الدارقطني
(2)
. وهذا يفسِّر الحديث الأول، ويبيِّن أنَّ ذلك أمرٌ من النبي صلى الله عليه وسلم، لا
(3)
أن ذلك كان عادةَ النساء، إذ
(4)
يستحيل في العادة اتفاقُ عادة أهل بلدة في النفاس. ويكون ذلك بيانَ أقصى ما تجلسه وبيانَ ما يجتنب فيه زوجُها من الوطء.
وقد حكى الإمام أحمد [ذلك]
(5)
عن عمر
(6)
، وابن عباس
(7)
، وأنس
(8)
،
(1)
في الأصل: «أربعون» ، والتصحيح من «سنن الدارقطني» و «المغني» (1/ 427) وغيره. وزاد في المطبوع قبله:«تجلس» من «السنن» .
(2)
الدارقطني (1/ 223).
إسناده تالف، فيه يحيى بن إسماعيل الجريري لا يحتج به، كما قال الدارقطني في «سؤالات الحاكم» (159)، وفيه أيضًا عبد الرحمن بن محمد العرزمي متروك، كما في «الضعفاء والمتروكين» للدارقطني (2/ 161).
(3)
في الأصل: «إلا» وهو خطأ، وفي المطبوع:«إلا إن كان ذلك» غيّر ما بعده.
(4)
في الأصل: «ان» تصحيف. وفي المطبوع: «فإنه» .
(5)
ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(6)
أخرجه عبد الرزاق (1197).
(7)
أخرجه الدارمي (954).
(8)
أخرجه عبد الرزاق (1198).
وعائذ بن عمرو
(1)
، وعثمان بن أبي العاص
(2)
، وأم سلمة
(3)
، ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف. وقال إسحاق: هو السنّة المجتمع عليها
(4)
. وقال الطحاوي: لم يقل بالستِّين أحد من الصحابة، وإنما هو قول مَن بعدهم
(5)
.
ولأن الأربعين هي المدَّة التي ينتقل فيها الإنسان من خلق إلى خلق، فإنه يبقى نطفةً أربعين، ثم عَلَقةً مثل ذلك، ثم مضغةً مثل ذلك. فإذا كان طورُ خلقه يكمل في أربعين
(6)
، فأَنْ يخرجَ الدم في أربعين أولى. وكذلك كثيرًا ما يخرج في أقلَّ منها.
فعلى هذا متى جاوز الدمُ أكثرَ النفاس، فما في مدة النفاس نفاس، ولا يكون استحاضة في مدة النفاس. وما زاد على الأربعين إن أمكن أن يكون حيضًا، بأن يصادف عادةَ الحيض، أو أن يتصل بعادة الحيض ويتكرَّر، أو يكون بينه وبين عادة الحيض طهرٌ كاملٌ أو يتكرَّر= فهو حيضٌ، وإلَّا فهو استحاضة. وهذا بخلاف الحيض، فإنه إذا جاوز الأكثرَ ثبت حكمُ المستحاضة فيه كلِّه، لأنَّ [205/أ] النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ النُّفَساءَ أن تقعد أربعين يومًا، إلَّا أن ترى
(7)
الطهرَ قبل ذلك
(8)
. وهذا يدلُّ على أنها إذا لم تر الطهرَ تقعد الأربعين، دون ما بعدها
(9)
، من غير التفات إلى عادة أو تمييز.
(1)
أخرجه الدارمي (956).
(2)
أخرجه الدارمي (950).
(3)
أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (2/ 250).
(4)
انظر: «فتح الباري» لابن رجب (2/ 187) و «المبدع» (1/ 259).
(5)
انظر الحاشية السابقة.
(6)
هذا والذي بعده غيَّره في المطبوع إلى «الأربعين» دون إشارة.
(7)
في الأصل: «ترى أن» . وقد تقدم لفظ الحديث على الصواب.
(8)
سبق تخريجه.
(9)
في المطبوع: «ما بعده» خلافًا للأصل.
ولأنَّ العبرة بكونه نفاسًا [و] وجوده
(1)
في مدَّة الأربعين فقط، سواء تكرَّر أو لم يتكرَّر، وسواء تغيَّر لونه أو لم يتغيَّر؛ لأنَّ دم النفاس هو ما فضَل عن غذاء الولد، وذلك يختلف باختلاف الولد في خلقه ومكثه. ولأن الحيض يتكرَّر كثيرًا وتقصُر مدتُه، بخلاف النفاس، فإنَّ اعتبار العادة فيه يؤدِّي [إلى]
(2)
حرج عظيم ومشقة.
وإذا ولدَتْ
(3)
توأمين، فأولُ مدّة النفاس وآخرها من الأول. وعنه: أنَّ أولَه من الأول، وآخرَه من الثاني. اختارها بعض أصحابنا، فتجلس ما تراه من الدم بعد وضع الأول ما لم يجاوز
(4)
أكثرَ النفاس. فإذا وضعت الثاني استأنفَتْ له مدَّةً أخرى، ودخلت بقيةُ مدَّة الأول
(5)
في مدَّته إن كانت باقية؛ لأنه وُلِدَ، فاعتُبرت له المدَّة كالأول وكالمنفرد
(6)
، ولأنَّ الرحم تتنفَّس به كما تنفَّست بالأول، فكثُر الدم بسبب ذلك، فيجب اعتبارُ المدَّة له.
وعنه رواية ثالثة، اختارها أبو بكر: أنَّ أول المدَّة وآخرها من الثاني، لأنها قبل وضعه حامل، ولا يضرب لها مدّة النفاس، كما قبل الأول. ولهذا لا تنقضي العِدَّة إلا بوضعها. فعلى هذه الرواية، ما قبل وضع الثاني [205/ب]
(1)
في الأصل: «نفسآ وجوده» . وتصحيحه من المطبوع.
(2)
ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(3)
في الأصل: «والدت» .
(4)
في المطبوع: «تجاوز» ، والمثبت من الأصل.
(5)
في الأصل والمطبوع: «الأولى» .
(6)
في الأصل بالواو بعد الفاء والكلمة مهملة.