الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب نواقض الوضوء
(وهي سبعة: الخارج من السبيلين على كل حال)
(1)
.
يعني: سواء كان نادرًا أو معتادًا، قليلًا أو كثيرًا، نجسًا أو طاهرًا.
أما المعتاد فلقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] ولقوله عليه السلام في حديث صفوان: «ولكن من غائط وبول ونوم»
(2)
، وقوله في الذي يخيَّل إليه الشيء في الصلاة:«لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا»
(3)
، أو كحديث علي في المذي
(4)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدَثَ حتى يتوضأ» . فقال رجل من أهل حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ فقال: فساء أو ضراط. متفق عليه
(5)
.
وأما
(6)
النادر، فكالدود والحصى ودم الاستحاضة وسلس البول والمذي، فينقض أيضًا، لما روي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في
(1)
«المستوعب» (1/ 77)، «المغني» (1/ 230 - 233)، «الشرح الكبير» (2/ 5 - 10)، «الفروع» (1/ 219 - 221).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أخرجه أحمد (16450)، والبخاري (137)، ومسلم (361)، وأبو داود (176)، والنسائي (160)، وابن ماجه (513)، من حديث عبد الله بن زيد.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
البخاري (135) ومسلم (225).
(6)
في المطبوع: «أما» دون الواو، والمثبت من الأصل.
المذي الوضوء، وفي المني الغسل» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح
(1)
.
ولم يفرق بين دائمه ومنقطعه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله
(2)
صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاضُ فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال:«لا، إنما ذاك دم [92/أ] عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، وتوضَّئي لكلِّ صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
(3)
.
وهذه الزيادة
(4)
قد رويت من قول عروة، ولعله أفتى بها مرةً، وحدَّث بها أخرى. ولعلها كانت عنده عن فاطمة نفسها لا عن عائشة، فقد روي عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا كان دم الحيض فإنه أسود يُعرف، فإذا كان كذلك فأمسِكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضَّئي وصلِّي، فإنما هو دم عرق» رواه أبو داود والنسائي
(5)
.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
في المطبوع: «الرسول» ، والمثبت من الأصل.
(3)
برقم (125)، وأخرجه بمثله البخاري (228)، ومسلم (333) دون زيادة عروة:«وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» .
(4)
يعني: قوله: «توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» .
(5)
أبو داود (286)، والنسائي (215) من طريق محمد بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة بنت أبي حبيش به.
وصححه ابن حبان (1348)، والحاكم (1/ 281)، وقال ابن دقيق العيد في «الإلمام» (1/ 110):«رجاله رجال مسلم» ، وأعله جماعة من النقاد بتفرد ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو بألفاظ لم يذكرها سائر أصحاب الزهري، قال أبو حاتم في «العلل» (1/ 576):«لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر» ، ووافقه النسائي، والدارقطني في «العلل» (14/ 103)، وغيرهم.
انظر: «مشكل الآثار» (7/ 154 - 155)، «التمهيد» لابن عبد البر (20/ 65)، «فتح الباري» لابن رجب (1/ 437 - 438).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أُستحاضُ فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: «لا، اجتنبي الصلاةَ أيام محيضك، ثم اغتسِلي وتوضَّئي لكلِّ صلاة، ثم صلِّي وإن قطَر [الدمُ]
(1)
على الحصير» رواه أحمد وابن ماجه
(2)
.
وعن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتتوضأ عند كلِّ صلاة وتصوم وتصلِّي» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن
(3)
.
(1)
«الدم» ساقط من الأصل.
(2)
أحمد (24145)، وابن ماجه (624)، من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة به.
رجاله ثقات، غير أنه أعل بالانقطاع بين حبيب وعروة، وبالخلاف في رفعه ووقفه، وقد تكلم في هذا الحديث أئمة الصنعة بالتضعيف والنكارة، كيحيى، وابن المديني، وأحمد، وابن معين، وأبي داود، والدارقطني.
انظر: «السنن» للدارقطني (1/ 212 - 213)، «الجوهر النقي» (1/ 345 - 346)، «الإعلام» (3/ 97 - 107).
(3)
أبو داود (297)، وابن ماجه (625)، والترمذي (126)، من طرق عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده به.
إسناده ضعيف، شريك متكلم فيه، وأبو اليقظان عثمان بن عمير ضعيف منكر الحديث، وقد انفرد بهذا الإسناد، وبذلك ضعف الحديث أبو داود، والدارقطني كما في «البدر المنير» (3/ 130 - 131)، وصححه بشواهده الألباني في «إرواء الغليل» (1/ 224 - 225).
ولأنه خارج من السبيل، فنقَض كالمعتاد.
وأما الطاهر فينقض أيضًا في ظاهر المذهب، كالمني والريح الخارجة من الدبر، و
(1)
من قُبل المرأة وقُبل [92/ب] الرجل، في المنصوص المشهور من الوجهين. قال أبو بكر: لا يختلف قول أبي عبد الله إنّ الرجل والمرأة إذا خرجت الريح من قبلهما، إنهما يتوضآن.
وقال القاضي أبو الحسين: قياس مذهبنا أن الريح تنقض من قُبل المرأة دون الرجل، لأن الصائم إذا قطَّر في إحليله لم يُفطر، لأنه ليس من الذكر إلى الجوف منفذ، بخلاف قبل المرأة
(2)
.
وريح الدبر إنما نقضت لأنها تستصحب بخروجها أجزاء لطيفة من النجاسة، بدليل نتنها، فإن الرائحة صفة لا تقوم إلا بأجزاء من الجسم. وكذلك ريحُ قبل المرأة بدليل نتنها. وربما علَّلوا ذلك بأن هذا لا يدرك فتعليق النقض به محال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يخيَّل إليه الشيء وهو في الصلاة:«لا ينصرفْ حتى يسمعَ صوتًا أو يجد ريحًا»
(3)
. وهذه الريح لا
(1)
في المطبوع: «أو» ، والمثبت من الأصل.
(2)
انظر: «شرح الزركشي» (1/ 234).
(3)
تقدم في أول الباب.
تُسمَع ولا تُشَمُّ، وإنما تُعلَم بأن يحسَّ الإنسان في ذكره بدبيب يعتقده قطرةَ بول، فإذا انتهى إلى طرف الذكر، فلم يجد له [أثرًا]
(1)
علِمَ أنها الريح.
ويلتزم من قال هذا بنجاسة المني، وأن الريح تنجِّس الماء اليسير، حيث لم تنقض
(2)
الطهارة بشيء طاهر. ويعتذر عن المني بأنه يوجب الطهارة الكبرى، فلا يدخل في نواقض الوضوء، إلا أن هذا لا يصح، فإن مني الرجل إذا خرج من فرج المرأة بعد اغتسالها، أو خرجت من الرجل بقية المني، وجب الوضوء دون الغسل.
والصحيح: الأول، لأنه خارج [93/أ] من السبيل فنقض، كريح الدبر فإنها طاهرة، واكتسابها ريح النجاسة لا يضرُّ، فإن الريح قد تكتسب من انفصال أجزاء كالحشا المتغيّرة والماء المُرْوِح
(3)
بجيفة على جانبه. ولو فرضنا انفصال أجزاء من النجاسة، فإنما خالطَتْ أجزاءً هوائية، وذلك لا يوجب التنجُّس كما تقدم. وقولهم: الريح الخبيثة إنما خرجت مستصحبة لأجزاء من النجاسة. قلنا: بل نادت
(4)
الرائحة إلى الهواء الخارج من غير أجزاء، كما تنادي الحرارة إلى الماء من غير أجزاء من النار. والفقه في ذلك: أن السبيل هو مظنة خروج النجاسة غالبًا، فعُلِّق الحكم بهذه المظنة، وإن علَّقناه بنفس خروج النجاسة أيضًا.
(1)
ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(2)
في المطبوع: «ينقض» ، وحرف المضارع مهمل في الأصل.
(3)
من أروح الماءُ: تغيَّرت رائحته.
(4)
كذا في الأصل والمطبوع، وكذا فيما بعد:«تنادي الحرارة» . ولعله تصحيف «بادرت» ، و «تبادر» .
وإذا قطَّر في إحليله دهنًا ثم سال، أو احتشى في قبله أو دبره قطنًا ثم خرج منه شيء لا بلَّة معه، أو كان في وسط القطن مِيلٌ فسقط بِلا بلّة= نقَضَ في أشهر الوجوه، لأنه
(1)
خارج من السبيل.
والثاني: لا ينقض، لأنه خارج طاهر، وجريانُ الطاهر في مجرى النجس الباطن لا ينجِّسه، كجريان النجاسة في مجرى القيء، ومني المرأة في مجرى دمها.
والثالث: ينقض الدهنُ، لأنه لا يخلو من بِلَّة نجِسة تصحبه، بخلاف القطن والمِيل. فأما إن تحقَّق خروجُ شيء من بِلَّة الباطن نقَض قولًا واحدًا.
وكذلك إن احتقن، فخرج شيء من الحقنة؛ أو وطئ الرجل المرأة، فدبَّ ماؤه، فدخل في فرجها، ثم خرج؛ لأن هذا دخل الجوف، فحُكِم [93/ب] بتنجيسه. وكذلك لو أدخل المِيلَ ثم أخرجه. ولو لم يخرج شيء
(2)
من الحقنة وماءِ الرجل لم ينقُضْ، كما لو لم يخرج المِيل. وقيل: ينقض، لأنه في الغالب لا بدَّ أن يتراجع منه أجزاء يسيرة، فينقض بوجود المظنة كالنوم.
ولو استرخت مقعدته، فظهرت وعليها بِلَّة لم تنفصل عنها، ثم عادت= نقَضَ في أشبه الوجهين بكلامه، لأنها نجاسة ظهرت إلى ظاهر البدن، فأشبهت المنفصلة
(3)
.
(1)
في الأصل: «ولأنه» . والظاهر أن الواو زائدة، وقد حذفت في المطبوع أيضًا.
(2)
في الأصل: «ولو لم ينتقض خروج شيء» ، وقد يكون في النص سقط، والمثبت من المطبوع.
(3)
في الأصل والمطبوع: «المتصلة» ، والصواب ما أثبت.