المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(2): (ويجوز المسح على العمامة إذا كانت ذات ذوائب - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌[باب أحكام المياه]

- ‌مسألة(1): (خُلِق الماء طَهورًا يطهِّر من الأحداث والنجاسات)

- ‌مسألة(4): (ولا تحصل الطهارة بمائع غيره)

- ‌مسألة(3): (فإذا بلغ الماءُ قلَّتين أو كان جاريًا لم ينجِّسه شيء إلا ما غيَّر لونه أو طعمه أو ريحه

- ‌مسألة(2): (والقلّتان: ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي)

- ‌فصل(2)في تطهير الماء

- ‌مسألة(3): (وإن طُبخ في الماء ما ليس بطهور، أو خالطه(4)فغلب على اسمه، أو استعمل في رفع حدثٍ= سلَب طهوريته)

- ‌فصلولا يكره المسخَّن بالشمس

- ‌مسألة(2): (وإذا شكَّ في طهارة الماء أو غيره أو نجاسته بنى على اليقين)

- ‌مسألة(2): (وإن خفي موضعُ النجاسة من الثوب أو غيره غسَل ما تيقَّن به غسلَها)

- ‌مسألة(3): (وإن اشتبه طهورٌ بطاهر توضَّأ من كلِّ واحد منهما)

- ‌مسألة(4): (وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة صلَّى في ثوبٍ بعدَ ثوبٍ بعدد النجس، وزاد صلاةً

- ‌مسألة(2): (وتُغسَل نجاسة الكلب والخنزير سبعًا إحداهنّ بالتراب)

- ‌مسألة(3): (ويجزئ في سائر النجاسات ثلاثٌ مُنْقِيَةٌ)

- ‌مسألة(1): (وإن كانت على الأرض، فصبَّةٌ واحدةٌ تذهب بعينها

- ‌النجاسة على الأرض تفارق ما على المنقولات من ثلاثة أوجه:

- ‌فصلما لا يمكن غسله لا يطهُر

- ‌مسألة(3): (ويجزئ في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النَّضحُ)

- ‌مسألة(1): (وكذلك المذي)

- ‌مسألة(2): (ويُعفَى عن يسيره، ويسير الدم وما تولَّد منه من القَيح والصَّديد ونحوه، وهو ما لا يفحُش في النفس)

- ‌مسألة(2): (ومني الآدمي وبول ما يؤكل لحمه طاهر)

- ‌باب الآنية

- ‌(لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة، في طهارة(2)ولا غيرها

- ‌مسألة(1): (ويجوز استعمال سائر الآنية الطاهرة واتخاذها)

- ‌مسألة(3): (ويجوز استعمال أواني أهل الكتاب وثيابهم، ما لم تُعلَم نجاستُها)

- ‌مسألة(3): (وصوف الميتة وشعرها طاهر)

- ‌مسألة(1): (وكلُّ جلدِ ميتةٍ دُبغَ أو لم يُدبَغ فهو نجس)

- ‌فصلوإذا قلنا بتطهير الدِّباغ فهل يكون كالحياة أو كالذكاة

- ‌مسألة(2): (وكذلك عظامها)

- ‌مسألة(4): (وكلُّ ميتةٍ نجسةٌ إلا الآدميَّ)

- ‌كلُّ ميتٍ نجسٌ إلا ما يباح أكله ميتًا، وما ليس له دم سائل، وما حَرُم لشرفه

- ‌مسألة(2): (وحيوانَ الماء الذي لا يعيش إلا فيه

- ‌مسألة(3): (وما لا نفسَ له سائلةً، إذا لم يكن متولِّدًا من النجاسات)

- ‌باب دخول الخلاء

- ‌مسألة(2): (يُسْتَحبُّ لمن أراد دخولَ الخلاء أن يقول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث، ومن الرِّجس النِّجْس الشيطان الرجيم)

- ‌مسألة(4): (ويقدِّم رجله اليسرى في الدخول، واليمنى في الخروج)

- ‌مسألة(1): (ولا يدخُلُه بشيء فيه اسمُ الله إلا من حاجة)

- ‌مسألة(3): (ويعتمدُ في جلوسه على رجله اليسرى)

- ‌مسألة(1): (وإن كان في الفَضاء أبعَدَ واستَتَر)

- ‌مسألة(3): (وارتادَ موضعًا رِخْوًا)

- ‌[مسألة(2): (ولا يبول في ثَقْب ولا شَقٍّ، ولا طريقٍ، ولا ظلٍّ نافع، ولا تحت شجرة مثمِرة)]

- ‌لا يُكره البول قائمًا لعذر

- ‌مسألة(5): (ولا يستقبلُ شمسًا ولا قمرًا)

- ‌مسألة(1): (ولا يستقبلُ القبلةَ ولا يستدبرها

- ‌مسألة(1): (وإذا(2)انقطع البول مسَح من أصلِ ذكره إلى رأسه، ثم ينترُه ثلاثا)

- ‌مسألة(4): (ولا يمسُّ ذكرَه بيمينه، ولا يتمسَّح بها)

- ‌مسألة(1): (ثم يستجمر وترًا، ثم يستنجي بالماء)

- ‌[مسألة: (ولا يجزئ أقلُّ من ثلاثِ مسَحاتٍ مُنْقية)]

- ‌[مسألة(2): (ويجوز الاستجمار بكلِّ طاهرٍ يُنْقي المحلَّ، إلا الروثَ والعظامَ وما له حرمة)]

- ‌ شروط المستجَمر به

- ‌فصليستحبُّ إذا توضأ أن ينضح فرجه بالماء، ليقطع عنه الوسواس

- ‌باب الوضوء

- ‌مسألة(1): (لا يصح الوضوء ولا غيره من العبادات إلا أن ينويه

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: بسم الله)

- ‌(والمسنون: التسمية)

- ‌ معنى احتجاج أحمد بالحديث الضعيف

- ‌ مسألة(1): (ويغسل كفَّيه ثلاثًا)

- ‌مسألة(1): (من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللَّحْيَينِ والذَّقَنِ وإلى أصول الأذنين)

- ‌مسألة(3): (ويخلِّل لحيته إن كانت كثيفة. وإن كانت تصف البشرة لزمه غسلها)

- ‌مسألة(1): (ثم يمسح رأسه مع الأذنين: يبدأ بيديه(2)من مقدَّمه، ثم يُمِرُّهما إلى قفاه، ثم يردُّهما إلى مقدَّمه)

- ‌لا يستحبُّ تكرارُ مسح الرأس والأذنين

- ‌مسألة(2): (ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثًا ويُدخلهما في الغَسل)

- ‌مسألة(2): (ويخلل أصابعه)

- ‌مسألة(2): (ثم يرفع نظرَه إلى السماء، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله)

- ‌ مسألة(3): (والواجب من ذلك: النية، والغسل مرّةً مرّةً ما خلا الكفَّين)

- ‌مسألة(3): ([ومسحُ](4)الرأسِ كلِّه)

- ‌مسألة(3): (وترتيب الوضوء على ما ذكرنا)

- ‌مسألة(1): (وأن لا يؤخِّر غسلَ عضوٍ حتى ينشَف الذي قبله)

- ‌مسألة(4): ([والمسنون: التسمية](5)وغسلُ الكفَّين ثلاثًا(6)، والمبالغةُ في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائمًا)

- ‌مسألة(5): (وتخليلُ اللحية والأصابع، ومسحُ الأذنين، وغسلُ الميامن قبل المياسر)

- ‌مسألة(1): (والغَسْل ثلاثًا ثلاثًا، وتكره الزيادة عليها، والإسراف في الماء)

- ‌مسألة(2): (ويُسَنُّ السواكُ عند تغيُّر الفم، وعند القيام من النوم، وعند الصلاة

- ‌اتخاذ الشعر أفضل من إزالته بحلق أو قطع

- ‌هل يُكرَه حلقُ الشعر في غير الحجّ والعمرة إلا من حاجة

- ‌فصل في خصال الفطرة

- ‌ قصُّ الشارب

- ‌ إعفاء اللحية

- ‌ الاستحداد

- ‌ قصُّ الأظفار

- ‌ الختان

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌مسألة(5): (ومتى مسح ثم انقضت المدة أو خلع قبلها بطلت طهارته)

- ‌مسألة(3): (ومن مسح مسافرًا ثم أقام، أو مقيمًا ثم سافر، أتم مسحَ مقيم)

- ‌مسألة(2): (ويجوز المسح على العمامة إذا كانت ذاتَ ذوائب

- ‌مسألة(2): (ومن شرط المسح على جميع ذلك أن يلبسه على طهارة كاملة)

- ‌مسألة(1): (ويجوز المسح على الجبيرة، إذا لم يتعدَّ بشدِّها موضعَ الحاجة، إلى أن يحلَّها)

- ‌مسألة(4): (والرجل والمرأة في ذلك سواء)

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌(وهي سبعة: الخارج من السبيلين على كل حال)

- ‌مسألة(1): (والخارج النجس من غيرهما إذا فحُش)

- ‌مسألة(1): (وزوالُ العقل، إلا النومَ اليسيرَ جالسًا أو قائمًا)

- ‌المرجع في حدِّ القليل والكثير إلى العُرف

- ‌مسألة(4): (ولمس الذكر بيده)

- ‌مسألة(5): (ولمسُ المرأة لشهوة)

- ‌لمسُ المرأة الرجلَ ينقض وضوءها

- ‌مسألة(4): (والردَّة عن الإسلام)

- ‌مسألة(7): (وأكلُ لحمِ الإبل)

- ‌باب الغُسل

- ‌مسألة(1): (والموجب له شيئان: خروجُ المنيِّ وهو الماء الدافق، والتقاءُ الختانين)

- ‌فصلإذا احتلم ولم ير الماء فلا غسل عليه

- ‌النوع الثاني: ما يُشرع لأسباب ماضية

- ‌ الاغتسال من غسل الميِّت

- ‌ الاغتسال من الحجامة

- ‌ اغتسال المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا

- ‌مسألة(4): (والواجب فيه: النيّة، وتعميم بدنه بالغسل، مع المضمضة والاستنشاق)

- ‌مسألة(4): (وتُسَنُّ التسميةُ، وأن يَدلُكَ بدنَه بيديه، ويفعل كما روت ميمونة قالت: سترتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فاغتسل من الجنابة

- ‌ الغسل قسمان: كامل ومجزئ

- ‌فصليحرم على المحدث الصلاةُ، والطوافُ، ومسُّ المصحف

- ‌ باب التيمُّم

- ‌مسألة(1): (وصفته: أن يضربَ بيديه على الصعيد(2)الطيِّب ضربةً واحدةً، فيمسحَ بهما وجهه وكفَّيه

- ‌اليد المطلقة في الشرع: من مفصل الكُوع

- ‌مسألة(6): (وله شروط أربعة: أحدها: العجزُ عن استعمال الماء، لعدمِه أو خوفِ الضرر باستعماله لمرضٍ أو بردٍ شديد

- ‌الفصل الخامس: «أو إعوازه(3)إلا بثمن كثير»

- ‌الفصل السابع: إذا خاف من شدّة البرد فإنه يتيمَّم ويصلِّي

- ‌مسألة(2): (فإن أمكنه استعمالُه(3)في بعض بدنه، أو وجد ماءً لا يكفيه لبعض طهارته، استعمله وتيمَّم للباقي)

- ‌[مسألة](1): (الشرط(2)الثاني: الوقت، فلا يتيمَّم لفريضة قبل وقتها، ولا لنافلة في وقت النهي عنها)

- ‌إذا تيمَّم للمكتوبة صلَّى صلاة الوقت، وجمَع بين الصلاتين، وصلَّى الفوائت والنوافل والجنازة، حتى يخرج الوقت

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: النية. فإن تيمَّم لنافلةٍ لم يصلِّ به فريضة. وإن تيمَّم لفريضةٍ فله فعلُها وفعلُ ما شاء من الفرائض والنوافل حتى يخرجَ وقتها)

- ‌مسألة(2): (الشرط الرابع: التراب. فلا يتيمَّم إلا بتراب طاهرٍ، له غبار)

- ‌الشرط الثاني: أن يكون طاهرًا

- ‌مسألة(1): (ويُبطِل التيمُّمَ ما يُبطِل طهارةَ الماء، وخروجُ الوقت، والقدرةُ على استعمال الماء وإن كان في الصلاة)

- ‌باب الحيض

- ‌مسألة(4): (ويمنع عشرة أشياء: فعلَ الصلاة، ووجوبَها، وفعلَ الصيام، والطَّوافَ، وقراءةَ القرآن، ومسَّ المصحف، واللُّبثَ في المسجد، والوطءَ في الفرج، وسنّةَ الطلاق، والاعتدادَ بالأشهر. ويُوجب الغُسْل، والبلوغَ، والاعتداد به

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يجوز لها أن تطوف بالبيت

- ‌الفصل الثالث: أنه لا يجوز لها قراءةُ القرآن(6)، ومسُّ المصحف، واللبثُ في المسجد

- ‌الفصل الرابع: أنه يحرم وطؤها في الفرج

- ‌الفصل الخامس: أنّ الحيض يمنع سنَّة الطلاق

- ‌الفصل السابع: أنه يوجب الغسل

- ‌الفصل الثامن: أنه يوجب البلوغ

- ‌مسألة(5): (وأقلُّ الحيض: يومٌ وليلةٌ)

- ‌ الأسماء التي عُلِّقت الأحكام بها في الشرع ثلاثة أقسام:

- ‌مسألة(3): (وأكثره خمسة عشر يومًا)

- ‌مسألة(3): (وأقلُّ(4)الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يومًا، ولا حدَّ لأكثره)

- ‌مسألة(1): (وأقلُّ سنٍّ تحيض له المرأة: تسعُ سنين)

- ‌مسألة(1): (وأكثره ستون سنة)

- ‌مسألة(1): (والمبتدأة إذا رأت الدم لوقتٍ تحيضُ في مثله جلسَتْ، فإذا انقطع لأقلَّ من يوم وليلة فليس بحيض)

- ‌ مسألة(2): (وإذا جاوز ذلك ولم يعبُر أكثر الحيض، فهو حيض)

- ‌مسألة(2): (فإذا تكرَّر ثلاثة أشهُر(3)بمعنًى واحد صار عادة)

- ‌مسألة(3): (وإن عبر ذلك فالزائد استحاضة)

- ‌ الدماء ثلاثة أصناف: منها ما يُحكم بأنه حيض. ومنها ما يحكم بأنه استحاضة. ومنها ما يشَكُّ فيه

- ‌مسألة(1): (وتغسِلَ فرجَها، وتَعصِبَه)

- ‌مسألة(5): (وتتوضَّأَ لكلِّ صلاة وتصلِّي)

- ‌مسألة(1): (وكذلك حكمُ مَن به سلَسُ البول، ومَن في معناه)

- ‌مسألة(1): (وإذا كانت مبتدأةً، أو ناسيةً لعادتها ولا تمييز لها(2)، فحيضُها من كلِّ شهر ستة أيام أو سبعة، لأنه غالب عادات النساء)

- ‌فصلالناسية ثلاثة أقسام:

- ‌أحدها: المتحيِّرة

- ‌الثانية: أن تكون ناسيةً لعددها(4)، ذاكرةً لوقتها

- ‌الثالثة: أن تكون ذاكرةً لعددها دون وقتها

- ‌باب النفاس

- ‌(وهو الدم الخارج بسبب الولادة، وحكمه حكم الحيض)

- ‌مسألة(1): (وأكثره أربعون يوما)

- ‌مسألة(7): (ولا حدَّ لأقلِّه. متى رأتِ الطهر اغتسلَتْ، وهي طاهر

- ‌مسألة(2): (فإن عاد في مدة الأربعين فهو نفاس أيضًا)

الفصل: ‌مسألة(2): (ويجوز المسح على العمامة إذا كانت ذات ذوائب

وإن قلنا: إن المسافر إذا مسح في الحضر ثم سافر بنى على مسح مسافر، فكذلك هنا، لأن مسحه على التقديرين، لكنه يحسب المدّة من حين احتمال المسح

(1)

في الحضر، أو من حين احتمال المسح، على اختلاف الروايتين. وكذلك كلُّ طاهر لبس خفَّيه ثم شكَّ في الحدث، فإنه يبني حكم المدة على أول أوقات الشك، ويبني بتلك الطهارة التي لبِس عليها وشكَّ في زوالها على الصحة أخذًا [78/أ] باليقين في كلِّ واحد من الحكمين.

‌مسألة

(2)

: (ويجوز المسح على العمامة إذا كانت ذاتَ ذوائب

(3)

ساترةً لجميع الرأس، إلا ما جرت العادة بكشفه).

لا يختلف المذهب في جواز المسح على العمامة في الجملة، وأنه يجزئ عن مسح ما وازنه من الرأس، لما روى عمرو بن أمية الضَّمْري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفَّيه. رواه أحمد والبخاري وابن ماجه

(4)

.

وعن بلال قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفَّين والخمار. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي

(5)

.

(1)

كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الصواب:"احتمال الحدث".

(2)

"المستوعب"(1/ 71)، "المغني"(1/ 381 - 385)، "الشرح الكبير"(1/ 419 - 424)، "الفروع"(1/ 200 - 204).

(3)

كذا في الأصل. وفي متن العمدة المطبوع: "ذؤابة".

(4)

أحمد (17245)، والبخاري (205)، وابن ماجه (562).

(5)

أحمد (23884)، والنسائي (104)، وابن ماجه (561)، والترمذي (101)، وهو في "صحيح مسلم"(275) أيضًا.

ص: 252

وفي رواية لأحمد

(1)

: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "امسحوا على الخفَّين والخمار"

(2)

.

وعن المغيرة بن شعبة قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم[ومسَح]

(3)

على الخفَّين والعمامة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح

(4)

.

فإن قيل: المراد بذلك أنه مسح بعضَ رأسه وتمَّم المسحَ على العمامة، كما أخرجا في "الصحيحين"

(5)

عن المغيرة بن شعبة أنه مسَح

(6)

على ناصيته وعمامته، فنقول: المجزئ مسحُ بعض الرأس، والمسحُ على العمامة استحباب. وكذلك حكاه الترمذي

(7)

عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمسَح على العمامة إلا أن يمسحَ برأسه مع العمامة.

قلنا: لا يصح أن يكون الفرض إنما سقط بمسح بعض الرأس لوجوه:

أحدها: ما تقدَّم من أن استيعاب الرأس بالمسح واجب.

الثاني: [78/ب] ما روى ثوبان قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّةً، فأصابهم البرد، فلما قدموا عليه شكَوا ما أصابهم، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب

(1)

برقم (23892).

(2)

النص من "وعن بلال قال" إلى هنا ساقط من المطبوع.

(3)

"ومسح" ساقط من الأصل.

(4)

برقم (100).

(5)

كذا في الأصل، ولعله صادر عن "المنتقى"(1/ 101). والحديث أخرجه مسلم (274).

(6)

النص من "على العمامة" إلى هنا ساقط من المطبوع.

(7)

بعد الحديث (100).

ص: 253

والتَّسَاخين. رواه أحمد وأبو داود

(1)

. والعصائب: العمائم، والتساخين: الخِفاف. فلو كان بعض الرأس هو الممسوح، والفرض قد سقط، لم يكن إلى الأمر بالعصائب حاجةٌ لقومٍ شَكَوا البرد، وخافوا البرد أن يلحق رؤوسهم وأرجلهم.

الثالث: أنه أمرهم بمسح العصائب مطلقًا، كما أمرهم بالخِفاف مطلقًا، ولم يأمرهم مع ذلك بمسح بعض الرأس. وتأخيرُ البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، لا سيَّما وقد قرنه بمسح الخفِّ الذي ليس معه غيره. وكذلك سائر أصحابه

(2)

الذين نقلوا أنه مسَح على الخفين والعمامة فهموا من المسح على العمامة ما فهموا من المسح على الخفَّين: أنّ لباس العضو نائبٌ

(3)

عنه.

الرابع: أن المسح على العمامة إجماع الصحابة، ذكره إسحاق

(4)

والترمذي

(5)

عن أبي بكر وعمر. وقال أبو إسحاق الشَّالَنْجي: روي المسح

(1)

أحمد (22383)، وأبو داود (146)، من طرق عن راشد بن سعد، عن ثوبان به.

اختلف في إسناده؛ للنزاع في سماع راشد من ثوبان، وصححه الحاكم (1/ 169)، والنووي في "المجموع"(1/ 408)، وأعله بالانقطاع البخاري والبيهقي وابن حجر كما في "الدراية"(1/ 72).

(2)

في المطبوع: "الصحابة". والمثبت من الأصل.

(3)

في الأصل والمطبوع: "ثابت"، وهو تصحيف.

(4)

أثبت في المطبوع: "أبو إسحاق" مع التنبيه على ما في الأصل. والظاهر أن المقصود إسحاق بن راهويه. انظر: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه"(2/ 290).

(5)

بعد الحديث برقم (100).

ص: 254

على العمامة عن ثمانية من الصحابة، وهم

(1)

: أبو بكر وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وأبو موسى الأشعري وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن عوف وأبو الدرداء.

وروى الخلال بإسناده عن عمر قال: من لم يطهِّره المسح على العمامة، فلا طهَّره الله

(2)

.

ولو كان المسح على العمامة وجوده كعدمه في حصول الإجزاء به، وأن الفرض إنما هو مسحُ بعض الرأس لم يكن في حكاية هذا عن الصحابة فائدة، ولكان الواجب أن يقال: مذهبهم جواز [79/أ] مسح بعض الرأس، ثم لم يذكروا مسح بعض الرأس أصلًا، فكيف ينسب إليهم ما لم يقولوه، ولاستحال قول عمر: من لم يطهِّره المسح على العمامة، فلا طهَّره الله؛ فإن المخالف يقول: إنما طهَّره مسحُ بعض الرأس.

الخامس: أن أبا بكر عبد العزيز روى بإسناده عن عمر بن رُديَح عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي بردة عن المغيرة بن شعبة قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نمسح على الخفين والعمامة ثلاثة أيام ولياليهن في السفر، ويومًا وليلةً للمقيم

(3)

.

(1)

في الأصل: "منهم".

(2)

عزاه ابن قدامة في "المغني"(1/ 380) إلى الخلال، وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(2/ 60)، وقال:"إسناده في غاية الصحة".

(3)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(20/ 418)، والبيهقي (1/ 290)، من طريق عمر بن رديح، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي بردة، عن المغيرة بن شعبة بنحوه، وليس فيه ذكر "العمامة".

قال البيهقي: "تفرد به عمر بن رديح، وليس بالقوي"، وابن رديح مختلف فيه، وهو يخالف الثقات في بعض ما يرويه، كما في "لسان الميزان"(5/ 296 - 297)، وقد انفرد بهذا اللفظ مخالفًا غيره.

ص: 255

وقد قال يحيى بن معين: عمر بن رُدَيح صالح الحديث

(1)

.

وروى الخلال

(2)

بإسناده عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يمسح على الخفين والعمامة ثلاثًا في السفر، ويومًا وليلةً للمقيم".

وأحاديث شهر حِسان. والتوقيت إنما يكون في البدل واللباس والحائل.

السادس: إنما نقول بموجب دليلهم في إحدى الروايتين، وأنه إنما يجزئ المسح على العمامة إذا مسح ما يظهر من الرأس عادة كمقدَّمه، كما دلَّ عليه حديث المغيرة بن شعبة، وكما نُقِل عن بعض الصحابة. وهذا لأن العمامة نابتْ عن مسح ما سترتْه، فبقي الظاهر

(3)

على الأصل. ولا يقال: ففي هذا جمعٌ بين البدل والمبدل، لأنا نقول: مسحُ العمامة مع الرأس مشروع إجماعًا، مع أنه خلاف قياس الرِّجل، إما استحبابًا أو وجوبًا. وذلك لأن ستر جميع الرأس غير معتاد، بخلاف ستر جميع القدم. فمن أين لهم [79/ب] أن مسح بعض الرأس بدون العمامة هو المجزئ؟

(1)

انظر: "الجرح والتعديل"(6/ 108) قال أبو حاتم: بل ضعيف الحديث.

(2)

عزاه إليه ابن قدامة في "المغني"(1/ 383)، وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 1350) مختصرًا، والطبراني في "الكبير"(8/ 122)، من طريق مروان أبي سلمة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة به.

إسناده ضعيف، مروان منكر الحديث، كما في "الضعفاء" للعقيلي (4/ 1350)، وشهر فيه مقال مشهور.

(3)

في الأصل: "الطهارة".

ص: 256

والرواية الأخرى، وهي الصحيحة: أنه لا يجب مسح ما يظهر، لأن في حديث بلال وثوبان أمر بمسح الخمار والعصائب ولم يذكر شيء آخر، وكذلك عامة من حكى عنه

(1)

المسح على العمامة لم يذكروا الناصية إلا المغيرة، فيكون قد فعله في بعض الأوقات، إذ لو كان هو المداوم عليه لما أغفله الأكثرون.

ولا يجب مسح الأذنين على الروايتين، لأنه لم يُنقل عنه مع مسح العمامة، ولأنهما من الأصل تبعًا، وقد انتقل الفرض عنه إلى غيره؛ ولأنه عضو يسقط في التيمم، وجاء طهوره في القرآن بلفظ المسح، فشرع المسح على لباسه كالرجلين وأولى، لأن المسح إلى المسح أقرب من المسح إلى الغسل

(2)

؛ ولأن الغالب أنه مستور بلباسه، واستيعابُه يشقُّ؛ ولأن العمامة محلٌ لتكميل وظيفة المسح، فكانت محلًّا للمسح المجزئ، كجوانب الرأس. وعكسُه مسحُ باطن الخف.

وفي مسح المرأة على مِقْنَعتها ــ وهي خِمارها المُدارُ تحت حلقها ــ روايتان:

إحداهما: لا يجوز، لأن نصوص الرخصة

(3)

إنما تناولت الرَّجل بيقين، والمرأة مشكوك فيها؛ ولأنها ملبوس على رأس المرأة، فهو كالوقاية.

والثانية: يجوز، وهي أظهر، لعموم قوله:"امسحوا على الخفينوالخمار" والنساء يدخلن في الخطاب المذكور تبعًا للرجال، كما دخلن في المسح على الخفين.

(1)

في المطبوع: "عن".

(2)

في الأصل: "على الغسل".

(3)

في المطبوع: "الرخص"، والمثبت من الأصل.

ص: 257

وذكر الإمام أحمد وابن المنذر عن أم سلمة زوج النبي [80/أ]صلى الله عليه وسلم أنها كانت تمسح على الخمار

(1)

، فلولا أنها علمت ذلك من جهة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصًّا أو دلالةً لَما عملَتْه، وهي أفهم لمراده؛ ولأن الرأس يجوز للرجل المسح على لباسه، فجاز للمرأة كالرجل؛ ولأنه لباس يباح على الرأس يشقُّ نزعُه غالبًا، فأشبه عمامة الرجل وأولى، لأن خمارها يستر أكثر من عمامة الرجل، ويشقُّ خلعه أكثر، وحاجتها إليه أشدُّ من الخفين.

فأما العمامة للمرأة، فلا يجوز المسح عليها، لأنها منهيَّة عن ذلك. وكذلك كلُّ ما فيه تشبُّه بالرجال. وإن فرضت الإباحة بعض الأوقات لحاجة، فهي حالة نادرة.

فأما مسحُ الرجل على القلانس المبطَّنات الكبار، كالنوميَّات

(2)

التي تتخذ للنوم، والدَّنِّيّات

(3)

التي كانت القضاة تلبسها مستقدمًا

(4)

، ففيه روايتان:

إحداهما: يجوز، لأن عمر

(5)

وأبا موسى

(6)

وأنس بن مالك

(7)

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة (224)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 468).

(2)

سمَّاها في "المستوعب"(1/ 70): "القلانس النومية".

(3)

في "مجموع الفتاوى"(21/ 21): "القلانس الدَّنِّيّات". وهي قلانس كبار شُبِّهت بالدَّنِّ، انظر:"القاموس" مع الشرح، وقد وهم الشارح فيما نسبه إلى الشريشي في أصل الكلمة.

(4)

كذا في الأصل، ولعل الصواب:"قديمًا"، كما في "الإنصاف"(1/ 386).

(5)

عزاه ابن قدامة في "المغني"(1/ 384) إلى الأثرم.

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة (222)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 428)، وابن المنذر في "الأوسط"(1/ 468).

(7)

أخرجه عبد الرزاق (1/ 190)، وابن المنذر في "الأوسط"(1/ 472).

ص: 258

رخَّصوا في ذلك، ولأنه ملبوس مباح معتاد للرأس أشبه العمامة. قال بعض أصحابنا: وهذا إذا كانت محبوسة تحت الذَّقَن كالعمامة والخمار

(1)

.

والثانية: لا يجوز، لأن ذلك لباس لا يشقُّ نزعه، فأشبه القلنسوة غير المبطَّنة، ولأن الحديث إنما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمامة، وهذه لا تُشبهها من كلِّ وجه، فلم تلحق بها.

فصل

ومن شرط جواز المسح على العمامة أن تكون ساترة لجميع الرأس، إلا ما جرت العادة بكشفه مثل مقدَّم الرأس والأذنين، [80/ب] فإن هذا يُعفى عنه، بخلاف الخفّ فإنه لا يعفى عن يسيره، لأن العمائم إنما تلبس على هذه الصفة. ثم هي على ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تكون محنَّكة، فيجوز المسح عليها، سواء كان لها ذؤابة أو لم تكن، من غير اختلاف نعلمه في المذهب، وكلام الشيخ على هذا لا مفهوم له.

والمحنَّكة: هي التي يدار تحت الحَنَك منها كَوْرٌ أو اثنان

(2)

، وتسمى "المحنَّكة"، أو "المتلحَّاة"، لأن هذه كانت عِمَّة المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانصرف كلامه وكلام أصحابه إليها، ولم يكونوا كلُّهم يُرخون الذوائب؛ ولأنَّ هذه يشقُّ نزعُها، فجاز المسح عليها كالخفّ.

(1)

نسبه في "الإنصاف"(1/ 385) إلى صاحب "التبصرة".

(2)

في المطبوع: "تدار

منها كوراوتان". والصواب ما أثبتنا من الأصل.

ص: 259

الثاني: أن لا تكون محنكة ولا ذات ذؤابة، فالمذهب المعروف أنه لا يمسح عليها، لأنها لم تكن عِمَّة المسلمين فيما مضى، ولا تلحق بها، لوجهين:

أحدهما: أنها لا يشقُّ نزعها كنزع المحنَّكة، ولا تستر سترها، فأشبهت الطاقية والكُلتة

(1)

.

والثاني: أنه منهيٌّ عنها. قال عبد الله: كان أبي يكره أن يعتمَّ الرجل بالعمامة ولا يجعلها تحت حلقه

(2)

. وقال أيضا: يكره أن لا تكون تحت الحنَك كراهية شديدة، وقال: إنما يتعمَّم مثل ذلك اليهود والنصارى والمجوس

(3)

. وقال أيضًا: أحبُّ الرجل إذا اعتمَّ أن يتحنَّك بها، ولا يعتمَّ إلا بتحنيك فإنه مكروه.

وقال الميموني: رأيت أبا عبد الله، وعمامتُه تحت ذقنه؛ ويكره غير ذلك

(4)

.

وذلك لما روى أبو عبيد في آخر "الغريب"

(5)

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر

(1)

لم يذكر هذه الصيغة صاحب "التاج" ولم أجدها عند دوزي أو غيره. وأصلها بالفارسية: كُلُوتَه، وقد وردت في "الكافي"(1/ 85)، وهي قلنسوة مبطَّنة كان يلبسها الأطفال، وكذلك الصوفية. انظر:"برهان قاطع"(3/ 1682).

(2)

انظر: "مسائل عبد الله"(ص 449).

(3)

نقله في "اقتضاء الصراط المستقيم"(1/ 276) من رواية الحسن بن محمد الزعفراني عن الإمام أحمد. وانظر: "مسائل أبي داود"(ص 351).

(4)

انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم"(1/ 276).

(5)

في المطبوع: "غرائب"، والمثبت من الأصل. يعني: كتابه "غريب الحديث"(2/ 537). وكذا قال: "في آخر الغريب" مع أن الحديث المذكور هنا رقمه (283) والأحاديث النبوية فيه 538 حديثًا.

ص: 260

بالتلحِّي، ونهى عن الاقتعاط

(1)

. قال أبو عبيد: أصل هذا الحديث في لبس العمائم. إذا لاثها المعتمُّ على رأسه، ولم يجعلها تحت حنكه، قيل: اقتعَطَها فهو المنهي عنه. وإذا أدارها تحت الحنك قيل: تلحَّاها تلحِّيًا

(2)

، فهو المأمور به.

وروى أبو حفص العكبري عن جعدة بن هبيرة قال: رأى عمر بن الخطاب رجلًا يصلي، وقد اقتعط بعمامته، فقال: ما هذه العمامة الفاسقية؟ ثم دنا منه، فحلَّ لَوْثًا من عمامته، فحنَّكه بها، ومضى

(3)

.

وروى أبو محمد الخلال بإسناده عن طاوس في الرجل يلوي العمامة على رأسه ولا يجعلها تحت ذقنه، قال: تلك عِمَّة الشيطان

(4)

.

وعن الحسن أنه بينما هو يطوف بالبيت إذ أبصر على رجل عمامة قد اعتمَّ بها، ليس تحت ذقنه منها شيء، فقال له الحسن: ما هذه الفاسقية؟

(5)

.

(1)

أورده دون إسناد في "غريب الحديث"(2/ 537)، وقال الصاغاني فيما نقله عنه في "تاج العروس" (ق ع ط: 20/ 48): "لم أظفر بإسناده، ولا باسم من رواه من صحابي أو تابعي أرسله"، انظر: حاشية تحقيق الحلبي لكتاب "الحوادث والبدع" للطرطوشي (ص 72).

(2)

"تلحِّيًا" ساقط من المطبوع.

(3)

أورده ابن قدامة في "المغني"(1/ 381) دون عزو، ولم أقف عليه مسندًا.

(4)

وأخرجه معمر في "الجامع"(11/ 80)، ومن طريقه أحمد في "العلل ــ رواية عبد الله"(2/ 569)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 176).

(5)

لم أقف عليه.

ص: 261

وعن عمران المقبري قال: هذه العِمَّة

(1)

التي لا يُجعَل

(2)

تحت الحلق منها عمة قوم لوط، يقال لها "الأبارية"

(3)

.

ويتخرَّج جواز المسح عليها كالقلنسوة المبطَّنة، وأولى، لأنها في الستر ومشقّة النزع لا تنقص عنها. وذلك لأنها داخلة في مسمَّى العمائم والعصائب التي جاء الإذن بها.

وأما كراهية لبسها

(4)

، فقد رخَّص فيه إسحاق بن راهويه وغيره من أهل العلم. واحتجُّوا بما روى وهب بن جرير عن أبيه عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن أبي عبد الله قال: أدركت أبناء المهاجرين والأنصار، فكانوا يعتمُّون ولا يجعلونها تحت الحنك

(5)

. لكن المنصوص عن أحمد [81/ب] الكراهية كما تقدَّم. وأنكر هذا الحديث، وقال: حديث منكر، ما أدري أي شيء ذلك الحديث!

وقال أيضًا وقد سئل عنه: ما أدري ما هو

(6)

: وقيل له: تعرف سليمان بن أبي عبد الله؟ فقال: لا.

وردُّ أحمد له، لأن إجماع السلف على خلافه. قيل له: سمعت أنت هذا الحديث من وهب؟ فقال: نعم. وهو معروف، ولكن الناس على غير هذا

(1)

في الأصل: "الأعمة"، ولعله تحريف ما أثبتنا.

(2)

في المطبوع: "تجعلون"، والمثبت من الأصل.

(3)

لم أقف عليه. ولم أعرف عمران المقبري، وأخشى أن يكون الصواب "المنقري".

(4)

في المطبوع: "حكم لبسها"، وعلَّق بأن ما ورد في الأصل لا يستقيم السياق به.

(5)

أخرجه ابن أبي شيبة (25489)، وابن راهويه في "المسند"(3/ 882).

(6)

"مسائل الكوسج"(9/ 4781).

ص: 262

الذي رووا عن

(1)

يعلى بن حكيم.

ولأن أولئك الذين نُقِل عنهم لم يُعرَف مَن هم

(2)

؟ ولعلهم من جملة من أنكر عليه كما ذكرنا آنفًا.

لكن المحكي عن أحمد فيها لفظ الكراهة، والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى حدِّ التحريم. ومثل هذا لا يمنع الترخيص، كما قلنا في سفر النزهة أنه يبيح القصر على ظاهر المذهب. يؤيد هذا أن الكراهة على ما ذكر، فلا يختلف بين إرخاء الذؤابة

(3)

وتركه، ومع هذا فيقال: مال جماعة من أصحابنا إلى المسح على ذات الذوائب.

القسم الثالث: أن تكون ذات ذؤابة بلا حنك، فيجوز المسح عليها في أحد الوجهين، وهو الذي ذكره الشيخ؛ لأن إرخاء الذؤابة من السنة. قال أحمد في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث: ينبغي أن يُرخي خلفه من عمامته، كما جاء عن ابن عمر

(4)

. يشير بذلك إلى ما روى أبو بكر الخلال بإسناده عن نافع كان ابن عمر يعتمَّ ويُرخيها بين كتفيه

(5)

.

وبإسناده عن عبيد الله بن عمر قال: أخبرني أشياخنا [82/أ] أنهم رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعتمُّون، ويُرخونها تحت أكتافهم

(6)

.

(1)

في الأصل: "عنه".

(2)

في الأصل والمطبوع: "منهم".

(3)

في المطبوع: "ذؤابة"، والمثبت من الأصل.

(4)

انظر: "الآداب الشرعية"(3/ 529).

(5)

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(4/ 174)، وابن أبي شيبة (25477).

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة (25477).

ص: 263

وبإسناده عن عاصم بن محمد عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن الزبير اعتمَّ وأرخاها من خلفه نحو ذراع

(1)

.

وبإسناده عن سلمة بن وردان

(2)

قال: رأيت على أنس بن مالك عمامة سوداء قد أرخاها من خلفه

(3)

.

وقد روى أبو محمد الخلال بإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علي بن أبي طالب، فإذا هو رَمِد، فتفل في عينيه، ودعا له بعمامة سوداء، وأرخى طرف العمامة من بين كتفيه، ثم قال:"سِرْ". فسار، ففتح الله عليه

(4)

.

وعن ابن عمر قال: عمَّم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف عمامة سوداء كرابيس

(5)

، وأرخاها من خلفه قدر أربع

(6)

أصابع، وقال:"هكذا فاعتمَّ، فإنه أعرف وأجمل"

(7)

.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة (25456).

(2)

في الأصل: "زادان"، تحريف.

(3)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(7/ 23)، وابن أبي شيبة (25455).

(4)

لم أقف عليه.

وجاء نحوه من طرق واهية عن أبي راشد الحبراني، عن علي، انظر:"إتحاف الخيرة"(4/ 487).

(5)

جمع كِرْباس، وهو ثوب من القطن، وقيل: ثوب خشن. انظر: "المعرب" للجواليقي (ص 556 - 557).

(6)

في المطبوع: "أربعة"، والمثبت من الأصل. والغالب على الإصبع التأنيث.

(7)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(5/ 61)، والبزار (2/ 276)، من طريق عطاء بن أبى رباح، عن ابن عمر به.

وصححه الحاكم (4/ 540)، وحسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 209)، والبوصيري في "إتحاف الخيرة"(7/ 446).

وجاء من وجه آخر باطل عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، كما في "العلل" لابن أبي حاتم (4/ 329).

ص: 264

فإذا أرخاها ذؤابةً ولم يتحنَّك، فقد أتى ببعض السنة. والنهي عن الاقتعاط كان لئلا يتشبه بأهل الكتاب، وبهذا يحصل قطعُ التشبُّه

(1)

، لأنها ليست من عمائمهم. وحملوا حديث سليمان بن أبي عبد الله على أن تلك العمائم كانت بذوائب.

والثاني: لا يجوز، لأن عموم النهي يشملها، ولأنها لا يشقُّ نزعها.

ويشترط للمسح على العمامة ما يشترط لمسح الخفِّ

(2)

من لبسها على طهارة كاملة، ومن اعتبار الوقت. وإذا خلعها بطلت طهارته. وكذلك إذا انكشف رأسه إلا أن يكون يسيرًا، مثل أن يرفعها بقدر ما يدخل يده لحكِّ

(3)

رأسه أو لمسحه في الوضوء [82/ب] ونحو ذلك، فلا بأس به ما لم يفحُش. ولو انتقضت فكذلك؛ إلا أن ينتقض

(4)

بعضها ككور أو كورين، ففيه روايتان:

إحداهما: لا تبطل الطهارة، لأن العضو مستور ببعض الممسوح، فأشبه ما لو زالت ظهارةُ الخفِّ

(5)

وبقيت بطانته.

(1)

في الأصل: "التشبيه".

(2)

في المطبوع: "للمسح على الخف"، والمثبت من الأصل.

(3)

في الأصل والمطبوع: "كحك".

(4)

في المطبوع: "ينقض"، والمثبت من الأصل.

(5)

في المطبوع: "زال ظاهر الخف". والصواب ما أثبتنا من الأصل، وفيه:"طهارة"، تصحيف.

ص: 265

والثانية: تبطل. وهي المشهورة، لأنه بانتقاض بعضها ينتقض سائرها، فلم تبق على حال تثبت بنفسها، فأشبه ما لو انفتق الخفُّ فتقًا لا يثبت في الرجل معه.

وعلى الرواية التي تقول: يجوز غسل رجليه في مسألة

(1)

الخف، يحتاج هنا إلى مسح رأسه وغسل رجليه لأجل الترتيب.

فصل

السنة: أن يمسح أعلى الخف، دون أسفله وعقبه. والأفضل أن يضع يده مفرَّجةَ الأصابع على أصابع رجليه، ثم يجرَّها إلى ساقه. ولو بدأ بأسفل الساق قبل رؤوس الأصابع جاز.

وقال ابن أبي موسى: السنة أن يمسح أعلاه وأسفله

(2)

، لما روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسَح أعلى الخف وأسفله. رواه الخمسة إلا النسائي

(3)

. ولأنه موضع يحاذي محلَّ الفرض، فأشبه أعلاه. ولأنه استيعاب بالمسح، فكان مشروعًا كمسح الرأس والعمامة.

(1)

كلمة غير محررة في الأصل، وقراءة المطبوع:"مسلمة"!.

(2)

انظر: "الإرشاد"(ص 39) و"المستوعب"(1/ 76).

(3)

أحمد (18197)، وأبو داود (165)، والترمذي (97)، وابن ماجه (550).

قال الترمذي: "هذا حديث معلول، لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمدًا عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح"، وكذا أعله عبد الرحمن بن مهدي وأحمد وأبو حاتم وغيرهم، انظر:"مسائل صالح"(1/ 356) و (2/ 124 - 126)، "الإمام"(2/ 145 - 148)، "البدر المنير"(3/ 20 - 28).

ص: 266

والأول هو المذهب المنصوص، لقول علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي لكان أسفلُ الخفِّ أولى بالمسح من أعلاه. وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفَّيه. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح

(1)

.

وعن المغيرة بن شعبة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين على [83/أ] ظاهرهما. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن

(2)

.

وذاك الحديث قال الترمذي: هو معلول، وضعَّفه أحمد والبخاري وأبو زرعة

(3)

. قال أحمد: الصحيح من حديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف.

ولأن أسفل الخف ليس بمحلِّ الفرض فكذلك لسنَّته كالساق. وقد بيَّن علي رضي الله عنه أنَّ الرأي وإن اقتضى مسحه، لكونه محلَّ الوسخ والأذى، إلا

(1)

أبو داود (162) واللفظ له، وأحمد (737)، ولم أجده عند الترمذي، ولم يعزه إليه أحد من المخرجين.

وجود إسناده ابن عبد البر في "التمهيد"(11/ 149)، وصححه ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 160)، ووقع في سنده ومتنه اختلاف كثير، انظر:"العلل" للدارقطني (4/ 44 - 54).

(2)

أحمد (18156)، وأبو داود (161)، والترمذي (98).

في إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد مختلف فيه، وحسنه الترمذي، وانظر:"صحيح أبي داود ــ الكتاب الأم"(151).

(3)

سبق ذكر الأقوال وعزوها في تخريج الحديث.

ص: 267

أن السنة أحقُّ أن تتبع؛ مع أن رأيًا يخالف السنة رأي فاسد، لأن أسفله مظنةُ ملاقاة النجاسة وكثرة الوسخ، فيفضي إلى تلويث اليد من غير فائدة، إذ ليس المقصود إزالة الوسخ عن الخف. ولهذا لا يُشرع غسلُه، بل غسله كغسل الرأس.

ولأن استيعابه بالمسح يفضي إلى إخلاقه وإتلافه من غير فائدة كما تقدم، وذلك لا يُشرع. وبهذا يظهر الفرق بينه وبين العمامة، فإنه لا أذى هناك ولا يخاف بِلاها، لأن مواضع المسح تتبدل بتبدل اللَّوثات

(1)

.

والصفة التي ذكرناها رواها ابن ماجه

(2)

عن جابر قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغسل خفَّيه، فقال بيده كأنه دفعه:"إنما أُمِرتَ بالمسح"، هكذا من أطراف الأصابع إلى أصل السَّاق خُطُطًا

(3)

بالأصابع.

ورواه أبو عبد الله بن حامد، ولفظه: "إننا لم نؤمر

(4)

بهذا". فأراه،

(1)

في الأصل: "الوتان" وفي المطبوع: "الوتاد". ولعل صوابه ما أثبتنا، يعني: لفَّات العمامة.

(2)

برقم (551) من طريق بقية، عن جرير بن يزيد، عن منذر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به.

إسناده واه، بقية مدلس وقد عنعن، وشيخه وشيخ شيخه مجهولان، انظر:"البدر المنير"(3/ 29 - 31).

(3)

كذا في الأصل دون ضبط، وفي "سنن ابن ماجه":"وخَطَّطَ". والخُطُط: بضم المعجمة وضم الطاء الأولى، ويجوز فتحها. جمع خُطَّة، بمعنى الخطّ. وقد ورد في حديث البخاري (6417). انظر:"فتح الباري"(11/ 238). وجاء في كلام الحسن والإمام أحمد.

(4)

في الأصل والمطبوع: "إنما لم تؤمر".

ص: 268

فقال

(1)

بيده من مقدَّم الخف إلى الساق، وفرَّق

(2)

الأصابع

(3)

. وهذا أقرب إلى مسح ظهر الخف بجميع تلك اليد، [83/ب] بخلاف لو بدأ بما يلي الساق، فإن بعض البلل يذهب في الساق.

وروى الخلال بإسناده عن المغيرة بن شعبة أنه ذكر وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثم توضَّأ ومسَح على الخفين، فوضع يده اليمنى على خفِّه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأني أنظر إلى أثر أصابعه على الخفين

(4)

.

قال القاضي وابن عقيل: سنَّة المسح هكذا: أن يمسح خفيه بيده اليمنى لليمنى، واليسرى لليسرى. قال الإمام أحمد: كيف ما فعلتَ فهو جائز باليد الواحدة أو باليدين

(5)

.

ولا يُسَنُّ تكرارُ المسح، ولا يتبع ما بين الأصابع بالماء، ولا يجب استيعابه بالمسح، لما ذكرنا. قال أحمد: المسحُ على الخفِّ هو مسُّ أعلاه خُطُطًا بالأصابع

(6)

. وقال: هو أثبت عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

في المطبوع: "وقال"، والمثبت من الأصل.

(2)

زاد في المطبوع بعده: "بين".

(3)

أخرجه أبو يعلى (1945) بنفس طريق ابن ماجه السابق.

(4)

عزاه إليه ابن قدامة في "المغني"(1/ 377)، والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (1969)، والبيهقي (1/ 292)، من طرق عن الحسن، عن المغيرة به.

وأعله بالانقطاع بين الحسن والمغيرة ابن حجر في "الدراية"(1/ 79).

(5)

قول الإمام أحمد وابن عقيل في "المغني"(1/ 378).

(6)

انظر: "مسائل عبد الله"(ص 33) و"مسائل ابن هانئ"(1/ 18).

ص: 269

وقد روي في حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح مرة واحدة

(1)

. وكذلك عن ابن عمر

(2)

، وعن ابن عباس

(3)

، وأنس

(4)

. ومسح عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى رُئِيتْ آثار أصابعه

(5)

. وكذلك قيس بن سعد بن عبادة

(6)

. ولأن الاستيعاب والتكرار يُوهيه ويُخلِقه من غير فائدة.

والواجب مسحُ أكثره، فلا يجزئ مسحُ ثلاثِ أصابع، وما لا يسمَّى

(7)

مسحًا؛ لما ذكرنا من حديث جابر، وقوله:"إنما أُمِرتَ هكذا من أطراف الأصابع إلى [84/أ] أصل الساق". والأمر يقتضي الإيجاب، لا سيما وقد أخرجه مخرج البيان للمسح المسقط لفرض الغسل. وفي حديث المغيرة وغيره: أنه مسَح بكفِّه. وفعله هو المفسر

(8)

للمسح المفروض.

وقد كان القياس يقتضي مسح جميعه، لأنه بدل عن مغسول، فكان كالجبيرة وعضوَي التيمم، لكن سقط أسفله وعقبه لما ذكرنا، فبقي ظاهره. والأكثر يقام مقام الجميع في كثير من المواضع بخلاف الأقل.

(1)

أخرجه أبو يعلى (1945)، وقد تقدم الكلام عليه.

(2)

أخرجه عبد الرزاق (855)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 452).

(3)

أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 455).

(4)

أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 453).

(5)

أخرجه مسدد كما في "إتحاف الخيرة"(1/ 389)، وابن أبي شيبة (1917).

(6)

أخرجه عبد الرزاق (852)، وابن أبي شيبة (1919).

(7)

في الأصل: "ولا ما يسمَّى"، وحذف في المطبوع "ما". وانظر:"الفروع"(1/ 212).

(8)

في الأصل: "المقر"، تصحيف.

ص: 270

والمفروض مسحُ أكثر ظهر القدم. فلو مسح بدل ذلك أسفله أو عقبه لم يجزئه، لما روى الخلال عن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظاهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان

(1)

. ولما تقدم من حديث جابر. ولأن عليًّا بيَّن أن السنة قدَّمت ظهر الخف على أسفله مخالفةً للرأي الذي يوجب تقديم أسفله، فمتى مسح أسفله فقد وافق الرأي الفاسد. ولأن فعله خرج امتثالًا وبيانًا لسنّة المسح المفروضة بدلًا عن الغسل.

وإن مسح بخرقة أو بإصبع واحدة، أو غسَل بدلًا عن المسح، فهو كما ذكرنا في مسح الرأس.

وأما العمامة فالسنّة استيعابها. قال أحمد: يمسح على العمامة كما يمسح على رأسه

(2)

. وهو واجب في أحد

(3)

الوجهين، اختاره أبو حفص البرمكي، لأنه حائل شُرِع مسحُ جميعه، فوجب كالجبيرة؛ ولأن الأصل أن البدل يحكي المبدل، لا سيما المبدل من الجنس، كقراءة غير الفاتحة بدلا عن الفاتحة؛ بخلاف غير الجنس، [84/ب] كالتسبيح عن القرآن.

(1)

عزاه إليه ابن قدامة في "المغني"(1/ 377)، والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (1884)، وأبو يعلى (1/ 158).

إسناده ضعيف، فيه خالد بن أبي بكر ضعيف صاحب مناكير، قال الدارقطني في "العلل" (2/ 22) بعد أن ساق الحديث من طريقه:"وأغرب فيه بألفاظ لم يأت بها غيره، ذكر فيه المسح، وقال فيه: على ظهر الخف، وذكر فيه التوقيت ثلاثًا للمسافر ويومًا وليلة للمقيم. وخالد بن أبي بكر العمري هذا ليس بقوي".

(2)

انظر: "المغني"(1/ 382).

(3)

"أحد" ساقط من المطبوع.

ص: 271

والثاني: لا يجب، وهو اختيار أكثرهم. بل يجزئ أكثرها كالخف، لما روى المغيرة بن شعبة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فتبرَّز لحاجة، ثم جاء فتوضأ ومسح على ناصيته وجانبي عمامته، ومسح على خفيه. رواه النسائي

(1)

.

ولأنه بدل ممسوح رخصة، فلم يجب استيعابه كالخف، وإن كان المبدلَ منه

(2)

هناك غَسلٌ يجب استيعابه وفاقًا. وبهذا يفارق الجبيرة، لأنها جُعلت كالجلد، فمُسحت في الطهارتين من غير توقيت.

وهذان الوجهان فرع على ظاهر المذهب، وهو وجوب استيعاب الرأس. فأما إن قلنا: يجزئ الأكثر أو قدر الناصية من الرأس ومن الناصية

(3)

، فهاهنا أولى.

ويختصُّ محلُّ الإجزاء بأكوارها ــ وهي دوائرها دون وسطها ــ في أحد الوجهين، لأن وسطها باطن، فهو بمنزلة أسفل الخف. وفي الآخر

(4)

:

(1)

برقم (109)، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(20/ 426)، من طرق عن يونس، عن ابن سيرين، عن عمرو بن وهب، عن المغيرة به.

رجاله ثقات، غير أنه اختلف فيه على ابن سيرين، حتى قال ابن خزيمة بعد أن خرجه (1645):"إن صح هذا الخبر، يعني قوله: حدثني عمرو بن وهب، فإن حماد بن زيد رواه عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: حدثني رجل يكنى أبا عبد الله، عن عمرو بن وهب".

وانظر: "العلل" للدارقطني (7/ 109)، وحاشية محققي "مسند أحمد" طبعة الرسالة (30/ 60 - 63).

(2)

في الأصل والمطبوع: "أبان البدل منه"، ولعل الصواب ما أثبت.

(3)

كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الصواب:"أو عين الناصية".

(4)

يعني الوجه الآخر. وفي الأصل: "الأخرى"، وفي المطبوع كما أثبتنا.

ص: 272