الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العجوز
(1)
الكبيرة، أو الذي يجاوز
(2)
أكثرَ الحيض، فإنَّ الذي يجاوز أكثر الحيض يعلم أنه استحاضة.
وثانيها: أن تقوم
(3)
الأمارةُ على أنه دم استحاضة، من العادة أو التمييز أو غيرهما
(4)
.
وثالثها: أن يلتبس الأمر ويشتبه، كما سنذكر إن شاء الله تعالى. وهذا الذي يشتبه على قسمين: منه ما يُعلَم أنَّ بعضه حيض وبعضه استحاضة، وقد اختلط هذا بهذا. ومنه ما لا يُدرى أدم حيض هو، أم دم استحاضة؟ وهذا هو المشكوك فيه.
فصارت
الدماء ثلاثة أصناف: منها ما يُحكم بأنه حيض. ومنها ما يحكم بأنه استحاضة. ومنها ما يشَكُّ فيه
. فمتى عبر الدم في المبتدأة
(5)
أكثرَ الحيض، فهي مستحاضة، يجري عليها حكم المستحاضات كالمعتادة ثبت في حقِّها حكمُ الاستحاضة في أول مرَّة في أصحِّ الوجهين. وفي الآخر، وهو قول القاضي قديمًا: لا يثبت في حقِّها حكم المستحاضة حتى يتكرَّر مرة أو مرتين، على اختلاف الروايتين، لأنه يرجى انكشافُ حالها قريبًا بحدوث عادة لها. فتجلس على قوله يومًا وليلةً في ظاهر المذهب في الأشهر الثلاثة، على
(1)
في المطبوع: «والعجوز» ، والمثبت من الأصل.
(2)
في الأصل: «يجوز» .
(3)
في الأصل: «أنه يقوم» .
(4)
في الأصل والمطبوع: «غيرها» .
(5)
في الأصل: «فالمبتدأة» ، ولعله تحريف سماعي، والتصحيح من المطبوع.
قولنا: لا تثبت العادة إلا بثلاث، ومن الثالث أو الرابع تجلس كما تجلسه المستحاضة، وهو ستٌّ أو سبعٌ في المشهور. [وإن]
(1)
تبيَّن أن بعض ما تجلسه كان حيضًا فتقضي صومه كغير المستحاضة. والوجه الأول أصحُّ، وقد نصَّ على معناه، وهو الذي اختاره عامُّة أصحابنا حتى القاضي أخيرًا.
ثم إن كانت جلست أكثرَ الحيض كما ذكره الشيخ فتغتسل عند انقضاء زمن الحيض، وتلتزم حكمَ المستحاضة من حينئذ، لأنها قبل ذلك لم تكن تعلم أنها مستحاضة. فإذا استمرَّ بها الدم في الشهر الثاني علمَتْ إما بالتمييز أو بالغالب كما سيأتي.
وما تركته من الصلاة في الشهر الأول في الزمن الذي تبيَّن أنها كانت فيه مستحاضة
(2)
إما بالتمييز أو بالغالب، فإنها تقضيه. وإن كانت جلست أقلَّه، فإنها تقضي ما صامت في المدّة التي تبيَّن أنها حيض. وكذلك
(3)
إن جلست غالبه أو عادة نسائها.
مسألة
(4)
: (وعليها أن تغتسل عند آخر [188/ب] الحيض).
هذا على ما ذكره، وهو أنها تغتسل عند آخر الذي قعدته أولًا.
(1)
زيادة من المطبوع.
(2)
في المطبوع: «استحاضة» خلافًا للأصل.
(3)
في الأصل والمطبوع: «فكذلك» .
(4)
«المستوعب» (1/ 138)، «المغني» (1/ 449 - 450)، «الشرح الكبير» (2/ 455 - 468)، «الفروع» (1/ 388 - 392).
وكذلك
(1)
كلُّ مستحاضة
(2)
فإنَّ عليها أن تغتسل عند آخر الحيض، لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش:«إذا أقبلت الحَيضة فدَعي الصلاة، وإذا أدبرَتْ فاغتسلي وصلِّي» رواه البخاري
(3)
.
ولا يجب عليها في مدة الاستحاضة غسل، وإنما عليها أن تتوضَّأ، لأنَّ في حديث فاطمة:«وتوضَّئي لكلِّ صلاة»
(4)
، ولم يأمرها بالغسل، وحيثما جاء الوضوء
(5)
فهو استحاضة.
وإن اغتسلت كلَّ يوم غسلًا من الظهر إلى الظهر، فهو أفضل من الوضوء، لأنه ما من يوم إلا ويمكن أنَّ دمَ الحيض قد انقطع فيه. والأفضل من ذلك أن تغتسل ثلاثة أغسال: غسلًا تجمع به بين الظهر والعصر، وغسلاً تجمع به بين المغرب والعشاء، وغسلًا تصلِّي به الفجر؛ فتكون قد صلَّت بطهارة محقَّقة.
وأشدُّ ما قيل فيها أن تغتسل لكلِّ صلاة، لما روي عن عائشة قالت: استحيضت زينب بنت جحش، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اغتسلي لكلِّ صلاةٍ» رواه أبو داود
(6)
.
(1)
في الأصل والمطبوع: «فكذلك» .
(2)
في المطبوع: «استحاضة» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
(3)
برقم (320)، وقد تقدَّم.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
في الأصل: «جاء الغسل» ، والتصحيح من المطبوع.
(6)
علقه عقب الحديث (292)، وقال:«رواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة» ، وأخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق بمثل إسناده ونحو متنه (26005).
وهذا حديث معلول، إذ عامة الرواة عن الزهري لم يرفعوا أمرها بالاغتسال لكل صلاة، وإنما ذكروه من فعلها هي، والحمل فيه على ابن إسحاق وسليمان، قال ابن رجب في «فتح الباري» (1/ 530):«ابن إسحاق وسليمان بن كثير في روايتهما عن الزهري اضطراب كثير، فلا يحكم بروايتهما عنه مع مخالفة حفاظ أصحابه» .
انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (1/ 350)، «إرواء الغليل» (1/ 178).
وعن عائشة: أنَّ سهلة بنت سهيل بن عمرو استحيضت، فأتت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وسألته عن ذلك، فأمرها بالغسل عند كلِّ صلاة. فلما جهَدها ذلك أمرَها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، والصبح بغسل. رواه أحمد وأبو داود
(1)
.
ولأن وقت كلِّ صلاة [189/أ] يجوز أن يكون قد انقطع فيه دمُ الحيض، لا سيَّما في المتحيِّرة، لأن العادة والتمييز ليسا بدليل قاطع، لجواز انتقال العادة، وكونِ الأصفر والأحمر دمَ حيض. ولأنه وإن كان استحاضة محقَّقة، فهو شبيه بدم الحيض، فجاز أن يُستحبَّ معه الغسل كالحجامة، وأولى.
(1)
أحمد (24879)، وأبو داود (295)، من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة به.
إسناده ضعيف، ابن إسحاق لم يصرح بالتحديث، وقد خالف غيره في تسمية المستحاضة، واختُلِف فيه على ابن القاسم وقفًا ورفعًا، نقل البيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 353) عن أبي بكر بن إسحاق قوله:«قال بعض مشايخنا: لم يسند هذا الخبر غير محمد بن إسحاق، وشعبة لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر أن يكون الخبر مرفوعًا، وأخطأ أيضًا في تسمية المستحاضة» .