الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما قبل وضع الحمل المنفرد، إن كان يومين
(1)
أو ثلاثة، فهو نفاس، وليس من المدَّة؛ وإن كان أكثر من ذلك لم يُلتفَت إليه. وهذا بعيدٌ على أصلنا.
ووجه الأولى ــ وإليها صَغْوُ
(2)
أكثرِ أصحابنا ــ: أنَّ الدم الخارج عقبَ وضع الأول دمٌ يعقُب
(3)
ولادةً، فكان نفاسًا، كدم الولد الفذّ. وهذا لأن الرَّحِم تنفَّست به، وانفتح ما استدَّ منها، فكان بسببه، فيكون نفاسًا. وإذا كان أولُه منه فكذلك آخره، لأنَّ الحمل الواحد لا يُوجِب مدَّتَين، كالولد الواحد إذا خرج متقطِّعًا
(4)
. ولأنَّ خروجَ الولد الأول كظهور بعض الولد، فأولُ المدة محتسبةٌ من حين ظهوره أو البعض
(5)
، فكذلك آخرها؛ كما قلنا في ظهور
(6)
بعض الولد، فإنَّ آخرَ المدَّة يتبع أوّلَها، إمَّا من حين ظهور البعض، أو من حين انفصال الجميع.
مسألة
(7)
: (ولا حدَّ لأقلِّه. متى رأتِ الطهر اغتسلَتْ، وهي طاهر
(8)
).
وهذا لما تقدَّم من حديث أم سلمة لمَّا سألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: كم تجلس
(1)
في المطبوع: «قبل يومين» ، زاد «قبل» .
(2)
الصَّغْو: الميل. وأثبت في المطبوغ: «صغى» .
(3)
في الأصل: «تعقب» ، وكذا في المطبوع مع تشديد القاف.
(4)
في المطبوع: «منقطعًا» ، وفي الأصل بإهمال ثانيه.
(5)
في الأصل: «ظهورها ان البعض» . وفي المطبوع: «ظهور البعض» .
(6)
الراء ساقطة من الأصل.
(7)
«المستوعب» (1/ 139 - 140)، «المغني» (1/ 428 - 430)، «الشرح الكبير» (2/ 473 - 475)، «الفروع» (1/ 394 - 396).
(8)
في المطبوع: «طاهرة» خلافًا للأصل دون إشارة.
المرأة إذا ولدت؟ قال: «أربعين
(1)
إلا أن ترى الطُّهرَ قبل ذلك»
(2)
. ولم يفصِل بين مدّة طويلة وقصيرة
(3)
. وقال الترمذي
(4)
: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا، إلا أن ترى الطُّهرَ قبل ذلك.
ولأنَّ الدم الخارج عقب الولادة خرج بسببها، فكان نفاسًا، سواء كان [206/أ] قليلًا أو كثيرًا، إذ
(5)
ليس في تقديره هنا نصٌّ ولا اتفاق ولا قياس صحيح. ولأنَّ من النساء من لا ترى الدم أصلًا، ومنهن من ترى قليلًا أو كثيرًا، والمرجِعُ
(6)
في ذلك إلى ما وُجد.
وقد روي أنَّ امرأةً ولَدت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تر دمًا، فسُمِّيت «ذات الجَفاف»
(7)
.
وذكر الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي قال: كانت عندنا امرأة تسمَّى «الطاهر» ، تلد أول النهار، وتطهُر آخرَه.
(1)
في المطبوع: «تجلس أربعين» . زاد «تجلس» دون إشارة.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
في المطبوع: «أو قصيرة» . أثبت «أو» مكان الواو.
(4)
في الجامع بعد حديث أم سلمة (129).
(5)
في الأصل: «إذا» .
(6)
في الأصل: «أو المرجع» .
(7)
كذا في «الحاوي» للماوردي (1/ 436). وفي «المغني» (1/ 428) و «المرصَّع» (ص 109): «ذات الجفوف» . وقد أوردوا الخبر دون عزو. قال الألباني في «إرواء الغليل» (1/ 226): «لم أجده» .
فإذا انقطع بدون الأربعين اغتسلت وصلَّت وصامت بلا خلاف، لما تقدَّم. لكن في حدِّ الطهر روايتان، كما في طهر الملفِّقة:
إحداهما: لا بدَّ أن يكون يومًا. وما دون ذلك لا تلتفت إليه.
والثانية: لا فرق بين القليل والكثير، إذا رأت النقاء الخالص.
ويكره وطؤها إلى تمام الأربعين، في المشهور عنه، كراهةَ تنزيه. وعنه: ما يدل على أنها كراهةُ تحريم. وعنه: أنه مباح، لأنه وطءٌ بعد الطهر والتطهُّر
(1)
فأشبه الوطءَ إذا انقطع لأكثره، ووطءَ الحائض إذا انقطع دمُها لعادة.
ووجه الأول: ما رواه الإمام أحمد رحمة الله عليه
(2)
عن علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه
(3)
، وعائذ بن عمرو
(4)
وعبد الله بن عباس
(5)
وعثمان بن أبي العاص
(6)
رضي الله عنهم أنهم قالوا: لا تُوطَأ النُّفسَاء إلا بعد الأربعين. ولا يُعرَف لهم مخالف في الصحابة رضي الله عنهم.
(1)
في الأصل والمطبوع: «التطهير» .
(2)
في المطبوع: «رحمه الله» ، والمثبت من الأصل.
(3)
كذا في الأصل. وقد حذف التكريم في المطبوع دون إشارة. وأثر عليٍّ لم أقف عليه.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
سبق تخريج قول ابن عباس: إن أكثر النفاس أربعون ليلة. ولكن ليس فيه أنها لا تُوطأ قبل الأربعين بحال.
(6)
في الأصل: «عثمان بن العاص» . وقد سبق تخريج الأثر المروي عنه.
وقد روى ابن شاهين
(1)
عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم[206/ب] قال: «إذا رأت الطهر فيما دون الأربعين صامَتْ وصلَّت. ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين» .
وحديث أمِّ سلمة المتقدِّم ظاهر العموم في جميع النفساوات
(2)
، لكن تصوم وتصلِّي بعد الطهر إجماعًا. ثم إن قيل: هو حرام، فلظاهر الآثار. وإن قيل: هو مكروه ــ وهو المشهور ــ فلأنَّ النقاء الخالص المُبيح لنفل
(3)
العبادات وفرضها قد وُجِدَ، وإنما كُره خوفَ
(4)
أن يصادفه الدم حين الوطء، أو خوفَ أن ترى الدم بعد الوطء؛ فإن من الناس من يجعل الجميع نفاسًا
(5)
، فيكون قد وطئ نُفَساء، فإنَّ أكثر النفاس هو الغالب.
ومثل هذا ما لو انقطع دم الحائض المعتادة لدون العادة، فإنها تكون طاهرًا، تغتسل وتصلِّي وتصوم. وفي كراهية الوطء روايتان
(6)
كهاتين الروايتين. والمنعُ في النفاس أشدُّ، لأن العادة في الجملة قد تتغيَّر وتزيد
(7)
(1)
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (7/ 320).
إسناده تالف، فيه محمد بن سعيد الشامي المصلوب، كذاب كما في «تقريب التهذيب» (480)، وقال في «الدراية» (1/ 84):«إسناده واه» .
(2)
في الأصل: «النفسوات» .
(3)
في المطبوع: «لفعل» ، والمثبت من الأصل.
(4)
في المطبوع: «خوفًا» ، وما في الأصل صواب. وكذا المعطوف عليه.
(5)
في الأصل: «نفاس» .
(6)
في الأصل: «روايتين» .
(7)
«وتزيد» ساقط في المطبوع.