الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجزئ من الجميع، لأن الاسم يقع على الجميع، وليس باطنها محلًّا للأذى
(1)
، بخلاف الخف.
مسألة
(2)
: (ومن شرط المسح على جميع ذلك أن يلبسه على طهارة كاملة)
.
لا يختلف المذهب أنه يشترط في جواز المسح على العمامة والخفين أن يكون قد لبسهما على طهارة. فلو كان محدِثًا حين لبسهما، أو أحدث حين وضع قدمه في الساق
(3)
قبل أن يستقرَّ، لم يجز له المسح، لأن الحدث تعلَّق بالرجل في حال ظهورها، فصار فرضها الغسل، لأنه لا مشقة فيه حينئذ [85/أ]، فلا يجوز أن ينوب عنه المسح، لأنه أخفُّ منه؛ كمن نسي صلاةَ حضر، فذكرها في السفر، فقد استقرَّت في ذمته تامّة، فلا يجوز قصرها؛ بخلاف ما إذا لبس طاهرًا ثم أحدث فإنه تعلَّق بها على صفة يشقُّ غسلها، فكان الفرض فيها على أحد الأمرين: إما الغسل أو المسح.
وكذلك لا بد أن تكون الطهارة قبل اللبس. فلو لبس الخفَّ على حدثٍ، ثم توضأ وغسل رجليه فيه، لم يجُز له المسحُ عليه حتى يخلعه ثم يلبسه، ليكون حين اللبس متطهِّرًا. لما روى المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له، فأفرغتُ عليه من الإداوة، فغسل وجهه، وغسل
(1)
في الأصل والمطبوع: "للأولى"، تصحيف.
(2)
"المستوعب (1/ 72 - 73)، "المغني" (1/ 361 - 365)، "الشرح الكبير" (1/ 387 - 396)، "الفروع" (1/ 205 - 207).
(3)
يعني: ساق الخف. وغيّره في المطبوع إلى "في الخف".
ذراعيه، ثم مسح برأسه. ثم أهويتُ لأنزع خفَّيه، فقال:"دَعْهما، فإني أدخلتُهما طاهرتين"، فمسح عليهما. متفق عليه
(1)
. ولأبي داود
(2)
: "دع الخفَّين، فإني أدخلتُ القدمين الخفَّين، وهما طاهرتان"، فمسح عليهما.
وعن المغيرة بن شعبة قال: قلنا: يا رسول الله أيمسح أحدنا على الخفين؟ قال: "نعم إذا أدخلهما، وهما طاهرتان". رواه الحميدي في "مسنده"، والدارقطني في "سننه"
(3)
.
وعن صفوان بن عسَّال قال: أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا أدخلناهما على طهر ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلةً [إذا أقمنا]
(4)
ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم، ولا نخلعهما إلا من جنابة. رواه أحمد والدارقطني وابن خزيمة
(5)
.
(1)
البخاري (206) ومسلم (274).
(2)
برقم (151)، من طريق عيسى بن يونس، عن أبيه، عن الشعبي، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه به.
رجال إسناده ثقات، وأصله في الصحيح، انظر:"البدر المنير"(3/ 18 - 20).
(3)
الحميدي (2/ 335) ــ وعنه الدارقطني (1/ 197) ــ من طريق سفيان، عن زكريا بن أبي زائدة وحصين بن عبد الرحمن ويونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه به.
رجال إسناده ثقات، وأصله في "الصحيحين"، وقد سبق آنفًا.
(4)
ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل.
(5)
أحمد (18093)، والدارقطني (1/ 196 - 197)، وابن خزيمة (193) ــ ثلاثتهم من طريق عبد الرزاق في "المصنف"(793) ــ من طرق عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن صفوان به.
قال الترمذي (96): "هذا حديث حسن صحيح
…
قال محمد: أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسال". وصححه ابن حبان (1319)، وقد تكلم في إسناد الحديث من أجل عاصم؛ فإنه مختلف فيه، وقد تابعه جماعة.
انظر: "الإمام"(2/ 140 - 142)، "البدر المنير"(3/ 9 - 18).
قال الخطابي: هو صحيح الإسناد
(1)
.
وهذا
(2)
يدل على أن [85/ب] الطهارة شرط حين إدخالهما
(3)
الخفين. ولأنه إذا لبس الخفَّ محدثًا لبسه مع قيام فرض الغسل بالرجل، فأشبه ما لو لم يغسلهما حتى أحدث. ولا يقال: النزع واللبس عبث، بل هو تحقيق لشرط الإباحة، كما أن من ابتاع طعامًا بالكيل، ثم باعه، فإنه يكيله ثانيًا.
ولا بد أن يبتدئ لبسهما على طهارة كاملة في أشهر الروايتين. وفي الأخرى: يكفيه أن يُدخل كلَّ قدم وهي طاهرة
(4)
. فلو غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف، ثم الأخرى وأدخلها الخف، لم يبح له المسح في ظاهر المذهب، حتى يخلع ما لبسه قبل تمام طهره، فليلبسه بعده. ولذلك لو نوى الجنب رفع الحدثين، وغسل رجليه، ثم أدخلهما الخفَّ، ثم تمَّم طهارته، أو فعل ذلك المحدث، وقلنا: الترتيب ليس بشرط= لم يجز له المسحُ على الأولى.
وجاز على الثانية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أدخلتُ القدمَين الخفَّين، وهما طاهرتان" وذلك يقتضي طهارة كلِّ رجل حين أدخلها، لأن مقابلة العدد
(1)
انظر: "المنتقى"(1/ 111).
(2)
في الأصل والمطبوع: "وبهذا".
(3)
في الأصل والمطبوع: "أدخلهما".
(4)
وهو اختيار المصنف. انظر: "مجموع الفتاوى"(21/ 209 - 210) و"الفروع"(1/ 205) و"اختيارات" البرهان ابن القيم (رقم 82) وابن اللحام (ص 14).
بالعدد تقتضي
(1)
توزيع الأفراد على الأفراد؛ كما يقال: دخل الرجلان الدار وهما راكبان، فإنه يقتضي أن كلاهما
(2)
راكب حين دخوله، سواء كان الأول إذ ذاك راكبًا أو لم يكن.
ووجه الأول أن
(3)
في حديث صفوان المتقدم: "إذا أدخلناهما على
(4)
طُهر" وذاك إنما يراد به الطهر الكامل.
وعن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخَّص للمسافر ثلاثة أيام [86/أ] ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، إذا تطهَّر فلبس خفيه، أن يمسح عليهما. رواه الأثرم والدارقطني وابن خزيمة
(5)
. وقال الخطابي: هو صحيح الإسناد
(6)
.
(1)
"طهارة كلِّ رجل
…
تقتضي" ساقط من المطبوع.
(2)
كذا في الأصل بدلًا من "كليهما". وقد كثر مثله في حالتي النصب والجرّ في كتب المصنف. انظر مثلًا: "الاقتضاء"(1/ 385)، و"درء التعارض"(2/ 362)، (6/ 159)، (7/ 59)، (9/ 277). وسيأتي مثله في هذا الكتاب أيضًا. وكذا وُجد بخطه، انظر:"جامع المسائل"(8/ 112) تعليق المحقق. وهي لغة في "كلا" و"كلتا"، يجريهما بعض العرب مجرى الاسم المقصور مطلقًا. انظر:"ارتشاف الضَرَب"(2/ 558).
(3)
"أن" ساقطة من المطبوع.
(4)
في المطبوع: "مع طهر"، والمثبت من الأصل، وهو لفظ الحديث.
(5)
ابن خزيمة (192) ــ ومن طريقه الدارقطني (1/ 204) ــ، وعزاه المجد في "المنتقى"(1/ 128) إلى الأثرم.
وصححه الشافعي كما في "معرفة السنن"(1/ 342)، وابن حبان (1324)، وحسنه البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي (55)، والبزار (9/ 90)، وضعفه بعضهم بالكلام في مهاجر بن مخلد، كالزيلعي في "نصب الراية"(1/ 190).
انظر: "البدر المنير"(3/ 5 - 9)، "السلسلة الصحيحة"(3455).
(6)
انظر: "المنتقى"(1/ 111).
والتطهر إنما هو كمال التوضؤ.
ولأن اللبس اعتبرت له الطهارة، فاعتبرت الطهارة الكاملة، كمسِّ المصحف ومسح الخف، فإنه لا يجوز أن يمسّ المصحف بعضو غسله حتى يطهر الجميع.
ولا يمسح على خفِّ رجل غسَلها، حتى يغسل الرجل الأخرى ويلبس خفَّها.
والحديث حجة لنا لأنه أثبت
(1)
أن كلَّ واحدة طاهرة عند دخولها، ولا يثبت لها الطهارة حتى يغسل الأخرى، لأن الحدث الأصغر لا يتبعض، ولا يرتفع عن العضو إلا بعد كمال الوضوء. ولهذا لا يجوز له مسُّ المصحف بعضو مغسول؛ على أن ما ذكروه ليس بمطرد، فإنه لو قال لامرأتيه: أنتما طالقتان إن شئتما أو إن حضتما، لم يقع طلاق واحدة منهما حتى يوجد الشرط منهما.
فأما العمامة، فقال أصحابنا: هي كالخف، فلو مسح على رأسه ثم لبسها ثم غسل رجليه لم يجزئه في أشهر الروايتين [حتى]
(2)
يبتدئ لبسها بعد كمال الطهارة. وفي الأخرى: يجزئه، لأنه لبسها بعد طهارة محلِّها
(3)
. ولو لبسها محدثًا ثم توضأ ومسح على رأسه، ورفعها رفعًا فاحشًا، فكذلك؛ كما
(1)
في الأصل: "لا أثبت"، وصححه في المطبوع:"لإثبات".
(2)
زيادة من المطبوع.
(3)
وهو اختيار المصنف. انظر: "اختيارات ابن اللحام"(ص 14).
لو لبس الخف محدثًا، فلما غسل رجليه رفعه إلى الساق ثم أعاده
(1)
. وإن لم يرفعها رفعًا فاحشًا، فيحتمل أن يكون كما لو غسل رجليه في الخف، لأن الرفع [86/ب] اليسير لا يُخرجه عن حكم اللبس، [ولهذا لا تبطل الطهارة به. ويحتمل أنه كابتداء اللُّبس]
(2)
لأنه إنما عفي عنه هناك للمشقة.
ويتوجه أن يقال في العمامة: لا يشترط فيها ابتداء اللباس على طهارة، بل يكفي فيها الطهارة المستدامة، لأن العادة الجارية أن الإنسان إذا توضّأ مسح رأسه ورفَع العمامة
(3)
، ثم أعادها. ولم تجر العادة بأن يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء، ولا أن يخلعها
(4)
بعد وضوئه ثم يلبسها، بخلاف الخف، فإن عادته أن يبتدأ لبسه بعد كمال الطهارة. وغسله في الخف نادر. ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه في المسح على العمامة شيء من ذلك وهو موضع حاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وقد علل أصحابنا الخفَّ بندرة غسل الرجل فيه، وهذه العلة تنعكس في العمامة، لا سيما إن قلنا: ابتداء اللبس على كمال الطهارة واجب. فأما إن قلنا: يكفي لبسها على طهارة محلِّها، وجعلنا رفعَها شيئًا يسيرًا ثم إعادتَها
(1)
في الأصل: "رفعها
…
أعادها"، وكذا في "الفروع". والضمير للخف، والخف مذكر. وفي المطبوع كما أثبتنا.
(2)
ما بين الحاصرتين من "الفروع"(1/ 206) وقد نقل فيه هذا النص. ولعله سقط من الأصل لانتقال النظر.
(3)
في المطبوع: "رفع العمامة ومسح برأسه"، وكذا في "الفروع". والمثبت من الأصل، وهو صواب، وقد سبق نحوه آنفًا.
(4)
في الأصل والمطبوع: "يجعلها"، تحريف. انظر:"الفروع"(1/ 207).
ابتداءَ لُبسٍ، فهو شبيه بما ذكرنا.
فصل
يكره أن يلبس الخفَّ وهو حاقن، كما يكره أن يصلى بهذه الطهارة. وطردُ ذلك مسُّ المصحف والطوافُ بها، لأن الحدث القريب إذا لم يكن كالحاصل في المنع، فلا أقلَّ من الكراهة. وإذا قلنا: إن سؤر البغل والحمار مشكوك فيه، فتطهَّر منه، ثم لبس، ثم أحدث، ثم توضأ منه وتيمَّم وصلَّى صحّت صلاته، لأن الماء إذا كان طاهرًا فقد صلى بطهارة وضوء صحيحة
(1)
، [87/أ] وإن كان نجسًا فقد صلّى بالتيمم. وفي هذه لبسٌ على طهارة لا تجوز الصلاة بها.
والطهارة أربعة أنواع: غسل، ومسح، وتيمم، وطهارة المستحاضة. فإذا لبسه على طهارة غَسْل فلا شبهة فيه. وإذا لبسه على طهارة مَسْح، فهو على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يلبس خفًّا على طهارة مسح الخف، مثل أن يلبس خفًّا أو جوربًا فيمسح عليه، ثم يلبس فوقه خفًّا أو جُرموقًا، فلا يجوز المسح عليه، لأن هذه الطهارة لا يمسح بها ثلاثة أيام، لأن ما مضى محسوب من المدة، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما أباح المسح على طهرٍ يُمسح
(2)
به ثلاث. ولأن الخف التحتاني بدل عن الرجل، والبدل لا يكون له بدل؛ بخلاف ما إذا لبس
(1)
في المطبوع: "صحيح"، والمثبت من الأصل.
(2)
في الأصل والمطبوع: "مسح" ولعل الصواب ما أثبت، و"به" ساقط من المطبوع.
الفوقاني قبل أن أحدثَ
(1)
، فإنه لم يتعلّق به حكم البدل، فجاز أن يمسحه
(2)
. ويجوز أيضًا أن يمسح التحتاني ويدعه، كما يجوز أن يغسل الرجل في الخف.
وإذا مسح الفوقاني ثم نزعه، فهو كما لو بدت رجلُه في أشهر الروايتين، لأن المسح تعلَّق بالفوقاني وحده، فصار التحتاني كلفافةٍ
(3)
؛ بخلاف ما إذا نزعه قبل المسح، أحدث أو لم يحدث، فإن المسح عليه جائز، ولبسُ الفوقاني لم يضرَّه شيء.
وفي الأخرى: لا يلزمه نزع التحتاني، بل يتطهَّر عليه إما بمجرد مسحه أو تكميل الطهارة
(4)
، كما لو كان هو الممسوح دون الفوقاني. ولو لبس الفوقاني بعد أن أحدث، وقبل أن يمسح على التحتاني، فهو أحرى أن لا يجوز، لأنه لبسه [على غير طهارة]
(5)
. ولا يشبَّه [87/ب] بهذا أن يخيط على الخف جلدة، لأن هنا خفين منفصلين.
وهذا كلُّه إذا كان الخفان صحيحين
(6)
. فإن كان التحتاني مخرَّقًا والفوقاني صحيحًا مسح عليه، كما لو لبسه على لفافة. وإن كان التحتاني صحيحًا والفوقاني مخرَّقًا، فالمنصوص من الوجهين جواز المسح عليه، لأن
(1)
أثبت في المطبوع: "يحدث".
(2)
في المطبوع: "يمسح"، والمثبت من الأصل.
(3)
أثبت في المطبوع "كاللفافة" مع التنبيه على ما ورد في الأصل!
(4)
بعده في الأصل والمطبوع: "كما لا يلزمه نزع التحتاني"، وهو مكرر لانتقال النظر.
(5)
ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(6)
في الأصل: "صحيحان".
خروقه مستورة
(1)
. والثاني: لا يجوز كما لو كان تحته لفافة. وعنه: أنه كالجورب مع النعل. فإن ثبت الصحيح بالمخرَّق
(2)
جاز المسح عليهما، كما تقدم في الجورب مع النعل. وإن ثبت الصحيح بنفسه مسح عليه خاصة.
ولو كانا مخرَّقين، وقلنا يمسح على المخرق فوق الصحيح، فهنا وجهان: أحدهما: يمسح أيضا كالجورب الثابت بنعل. والثاني: لا يمسح كالمخرَّق فوق اللفافة.
القسم الثاني: أن يلبس خفًّا أو عمامةً على طهارة مسح الجبيرة، فهذا يجوز له المسح، لأن هذه الطهارة تقوم مقام الغسل من كل وجه حتى في الحدث الأكبر، لأنه لا يقدر إلا عليها، والجبيرة بمنزلة جلده.
الثالث: أن يلبس خفًّا على طهارة مسح العمامة أو بالعكس، أو يشدَّ جبيرة على طهارة مسح أحدهما، ونقول باشتراط الطهارة في الجبيرة، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز له المسح؛ لأنه لبس على طهارة ناقصة من غير ضرورة أشبه ما لو لبس الخفَّ على خف ممسوح، أو لبس العمامة على قلنسوة ممسوحة، وجوَّزنا المسح [88/أ] عليها.
والثاني: الجواز بناءً على أن طهارة المسح ترفع الحدث كما تقدَّم. والنص يتناول ذلك بعمومه، وإنما امتنع في الملبوس على الممسوح
(3)
،
(1)
بعده في الأصل: "فلا يجوز المسح عليه"، والظاهر أنه من غلط الناسخ لانتقال النظر. وقد حذف في المطبوع أيضًا.
(2)
في المطبوع: "المخروق".
(3)
في المطبوع: "مع الممسوح"، والمثبت من الأصل.
لأنه بدل البدل، ولبعض المدة المعتبرة شرعًا كما تقدَّم.
وأما إذا لبسه على طهارة تيمُّم لم يكن له المسح عليه، لأن التيمم لا يرفع الحدث، فقد
(1)
لبسه مع بقاء الحدث، ولأنه إذا وجد الماء ظهر حكمُ الحدث السابق قبل لبسه، فيكون في التقدير قد لبس وهو محدِث، لأنه إنما جعلناه متطهّرًا فيما لا يستمرُّ حكمه كالصلاة والطواف ومسِّ المصحف للضرورة؛ ولا إلى المسح بعد وجود الماء، لأنه يتمكن من غسل رجليه ولُبس الخفّ حينئذ. وهذا إنما يكون فيمن تيمَّم
(2)
لعدم الماء. وأما من تيمَّم خوفَ الضرر باستعماله لجُرح أو قَرح، فإنه إذا لبس الخف على هذه الطهارة ينبغي أن يكون كالمستحاضة، وتعليل أصحابنا يقتضي ذلك.
وأمّا الطهر الذي معه حدث دائم كالمستحاضة ونحوها، فإنها إذا لبست الخف على طهارتها تمسح يومًا وليلةً في الحضر، وثلاثة أيام ولياليهن في السفر، نصَّ عليه. ولا تتقيد بالوقت الذي يجوز لها أن تصلي فيه بتلك الطهارة، كطهارة ذي الحدث المنقطع، لأن هذه الطهارة كاملة في حقِّها. وإنما وجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة، لأن الطهارة فرض لكل صلاة، وهي قادرة على ذلك، بخلاف اللبس فإنه إنما تشترط له [88/ب] الطهارة حين ابتدأه وقد كانت طهارته حكمًا. والفرق بينها وبين المتيمّم
(3)
أنه لما وجد الماء زالت ضرورته، فظهر حكم الحدث السابق. ونظير
(4)
ذلك أن
(1)
في الأصل والمطبوع: "بعد"، ولعله تصحيف ما أثبت.
(2)
في المطبوع: "يتيمم"، والمثبت من الأصل.
(3)
في الأصل والمطبوع: "بينهما وبين التيمم"، والظاهر أن الصواب ما أثبت.
(4)
في الأصل والمطبوع: "ومظنة"، ولعله تحريف.