الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى حرب بإسناده عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ادفنوا شعوركم وأظفاركم ودماءكم، لا تلعَبْ بها سحرةُ بني آدم"
(1)
.
وعن عائشة: أنها قلَّمَتْ أظفارَها، فدفنَتْها
(2)
.
وعن ابن عمر أنه حلَق رأسه، فأمر بدفن شعره
(3)
.
وروى ابن بطّة عن رجل من بني هاشم قال: أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بدفن الدم والشعر
(4)
.
وأمّا
الختان
[70/أ] فواجبٌ على الرجال في المنصوص المعروف من المذهب؛ لأن الله سبحانه أمرنا باتباع ملّة إبراهيم عليه السلام، والختان من ملَّته، لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اختتَن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة، واختتنَ بالقَدُوم" متفق عليه
(5)
.
فإن قيل: فمِن
(6)
ملَّتِه سائرُ خصال الفطرة، وهي غير واجبة، لا سيَّما
(1)
"مسائل حرب"(1/ 226)، وأخرجه ابن حبان في "المجروحين"(1/ 144).
وإسناده ضعيف جدًّا، فيه اليمان بن عدي متروك الحديث كما ذكر ابن حبان في ترجمته.
(2)
لم أقف عليه.
(3)
أخرجه الخلال في "الترجل"(143).
(4)
لم أقف عليه.
وأخرج الخلال في "الترجل"(149) عن ابن جريج مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه دفن الدم. وانظر: "الآداب الشرعية"(3/ 330).
(5)
البخاري (3356) ومسلم (2370).
(6)
في المطبوع: "ضمن"، تصحيف.
وقد قرَن النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها في نسق واحد.
قلنا: إزالة الشعور والأظفار، القصدُ بها إزالة ما يجتمع بسببها من العرق والوسخ والدرن، وإزالة الأوساخ ليست واجبة، وكذلك ما قُصِدت به. وأما قُلفة الذكر، فالمقصود بقطعها التطهير من النجاسة التي تحتقن فيها، ونجاسة البول تجب إزالتها، وعامَّة عذاب القبر منها، فلذلك وجب إزالة ما يوجب احتقانها واجتماعها. يؤيد ذلك أنّ المقطوع هنا من أصل الخلقة، وكذلك يُحشَر الخلق يوم القيامة غُرْلًا. فلولا أن إزالتها من الواجبات لما تكلف قطعه بخلاف الشعر والظفر. ولأن البول المحتقن في القلفة نجاسةٌ شُرِع زوالها، فكان واجبًا كسائر النجاسات. وكذلك قال ابن عباس: الأقلف لا يَقبل الله له صلاةً، ولا تؤكل ذبيحته ولا تُقبل شهادته
(1)
.
وأما المرأة، ففيها روايتان. إحداهما: أن خفضها واجب كالرجل. والثانية: لا يجب، لأن ترك ختان [70/ب] الرجل مظِنّة احتقان النجاسة بخلاف المرأة. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الختان سنّة للرجال، مكرُمة
(2)
للنساء" رواه أحمد
(3)
.
يعني بالسنّة: الطريقة الشرعية.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (8562، 20246) ــ ومن طريقه البيهقي (8/ 325) ــ، وابن أبي شيبة (23799)، والجصاص في "أحكام القرآن"(2/ 236)، ولفظ عبد الرزاق:"الأرغل" وهو الأقلف.
(2)
في الأصل: "مكروه"، تحريف.
(3)
برقم (20719)، وأخرجه أيضًا الطبراني في "الكبير"(7/ 273، 274)، والبيهقي (8/ 325)، من طرق عن الحجاج بن أرطاة، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه به.
إسناده ضعيف، في الحجاج مقال كما في "تهذيب التهذيب"(1/ 356)، وهو مدلس وقد عنعن، واضطرب في روايته لهذا الحديث ألوانًا.
قال البيهقي في "معرفة السنن"(13/ 62): "لا يثبت رفعه، ورواه الحجاج بن أرطاة من وجهين آخرين مرفوعًا، ولا يثبت"، وبه ضعفه ابن عبد البر في "التمهيد"(21/ 59)، وجاء من أوجه أخرى ضعيفة، انظر:"البدر المنير"(8/ 743 - 745).
وإنما يجب إذا غلب على الظن سلامةُ المختون. فأما إن خُشي عليه لِكبَر أو مرض، فإنه يسقط، بل يمنع منه.
وإنما يجب الختان إذا وجبت الطهارة والصلاة، لأنه إنما شُرِع لذلك. والختان قبل ذلك أفضل، وهو قبل التمييز أفضل من بعده في المشهور، لأنه قُرْبة وطُهْرة، فتقديمها أحرز، لأن فيه تخليصًا من مسِّ العورة ونظرها، فإن عورة الصغير لا حكم لها. ولذلك
(1)
يجوز مسُّها وتقبيلُها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّل زُبَيبةَ الحسَن
(2)
.
وقيل: التأخير إلى سنِّ التمييز أولى، لما روى سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس: مثلُ مَن أنت حين قُبِض النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا يومئذ مختون. قال: وكانوا لا يختِنون الرجلَ حتى يدرك
(3)
. يعني ــ والله أعلم ــ حتى يقارب
(1)
في الأصل: "وكذلك".
(2)
أخرجه الطبراني في "الكبير"(3/ 51) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس به.
إسناده ضعيف، قابوس فيه ضعف، وكان ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، كما في "الميزان"(3/ 367)، وبه ضعف الحديث ابن الملقن في "البدر المنير"(2/ 479)، وحسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 299). وله شاهد من حديث أبي ليلى الأنصاري، أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 137) وضعفه.
(3)
أخرجه البخاري (6299).
الإدراك مثل يراهق
(1)
. وفي رواية لأحمد
(2)
: توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن عشر سنين مختون. وعن علي أنه كره أن تختتن الجارية قبل سبع سنين
(3)
. ولا يكره بعد سبعة أيام. وقبلها فيه روايتان. إحداهما: يُكره، لأنه فعل اليهود، فكره التشبُّه بهم. والأخرى: لا يكره، لأنه لم يثبت فيه نهي. وقد روي عن أبي جعفر أن فاطمة كانت تختِن ولدَها [71/أ] يوم السابع
(4)
.
وروي عن مكحول وغيره أنَّ إبراهيم ختَن ابنَه إسماعيل لثلاث عشرة سنة، وختَن ابنَه إسحاق لسبعة أيام
(5)
.
ويؤخذ في ختان الرجل جلدةُ الحَشَفة، وإن أُخِذ أكثرُها جاز. وأما المرأة فيستحبُّ ألا يجتذَّ خافضها. نصَّ عليه، وحكى عن عمر
(6)
أنه قال لختَّانة: أبقِي منه شيئًا إذا خفَضتِ. وعن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ختّانةً
(1)
في الأصل والمطبوع: "تراهق".
(2)
برقم (3357).
(3)
لم أقف عليه.
(4)
أورده ابن المنذر في "الإشراف"(3/ 424) دون إسناد بصيغة التمريض.
وجاء بإسناد منكر عند الطبراني في "الأوسط"(7/ 12)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 180) ــ ومن طريقه البيهقي (8/ 324) ــ عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين، وختنهما لسبعة أيام.
(5)
أورده ابن المنذر في "الإشراف"(3/ 424) دون إسناد بصيغة التمريض.
وأخرج الحاكم ــ كما في "إتحاف الخيرة"(1/ 293) ــ ومن طريقه البيهقي (8/ 326) من حديث موسى بن علي عن أبيه نحوه.
(6)
في الأصل والمطبوع: "ابن عمر". والصواب ما أثبتنا. انظر "الترجل" للخلال (ص 187) و"المغني"(1/ 116).
تختِن فقال: "إذا ختَنتِ فلا تَنْهَكِي، فإنّ ذلك أحظَى للمرأة وأحبُّ للبعل" رواه أبو داود
(1)
.
وقالت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لختّانة: إذا خفَضِت فأشِمِّي ولا تَنْهَكي، فإنه أسرَى للوجه
(2)
، وأحظى لها عند زوجها. رواه حرب في "مسائله"
(3)
.
(1)
برقم (5271)، وأخرجه البيهقي (8/ 324).
قال أبو داود: "ليس هو بالقوي، وقد روي مرسلًا. ومحمد بن حسان مجهول، وهذا الحديث ضعيف".
وفي الباب عن الضحاك بن قيس وأنس وعطية القرظي وابن عمر بأسانيد ضعيفة لا يصح منها شيء، كما في "البدر المنير"(8/ 749)، وحسَّن الحديث بمجموع طُرقه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(722).
(2)
في الأصل: "للزوج"، وهو تحريف ما أثبتنا من "مسائل حرب" (1/ 225) وغيره. قال الخطابي: أي أصفى للونه وأبقى لنضارته. "غريب الحديث"(2/ 361). وفي المطبوع: "أسرع للزوج"، ولا معنى له.
(3)
(1/ 225) بتحقيق السريع.