الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولياليهن من الغائط والبول والنوم، فمفهومه أنّها تُنزَع لثلاث تَضَمَّنُهنّ
(1)
من الغائط والبول والنوم، ولأن ما بعد الحدث وقت يباح فيه المسح، فكان من المدّة، كما بعد الحدث الثاني والثالث.
وهذا لأن أول وقت العبادة ما جاز فيه فعلُها، لا
(2)
ما وقع [فيه]
(3)
فعلُها كالصلاة والأضحية. ومعنى قوله: يمسح المسافر ثلاثًا، أي يجوز
(4)
له المسح ثلاثًا، بدليل ما بعد الحدث الثاني فإنه من المدة، وقد لا يحتاج فيه إلى المسح، أو بناء على أن الغالب وقوع المسح عقيب الحدث، وهذا معنى قول عمر إن شاء الله تعالى.
مسألة
(5)
: (ومتى مسح ثم انقضت المدة أو خلع قبلها بطلت طهارته)
.
لا يختلف المذهب أنه إذا انقضت المدة المعتبرة أو خلع
(6)
قبلها بطل حكمُ المسح، فلا يجوز أن يصلِّي به، سواء نزع خفَّيه بعد انقضاء المدة أو لم ينزعهما، لأن هذه الحال لا يجوز أن يبتدئ طهارة المسح فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن في المسح ثلاثًا لمن ليس على طهارة غسل، وأمَر بالخلع عند
(1)
في الأصل والمطبوع: "إنما ينزع لثلاث يضمنهن".
(2)
في الأصل والمطبوع: "إلا".
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
(4)
في المطبوع: "لا يجوز".
(5)
"المستوعب"(1/ 75)، "المغني"(1/ 366 - 367)، "الشرح الكبير"(1/ 428 - 431)، "الفروع"(1/ 212).
(6)
في الأصل: "طهر"، والصواب من المطبوع.
انقضاء المدة، فمتى انقضت [75/ب] المدة خلَع الخفَّ، فإنه شرط المسح. وكلُّ حال لا يجوز فيها ابتداء الطهارة لا يجوز فيها استدامتها، كالتيمم بعد رؤية الماء. وهذا لأن ابتداء الطهارة خصوصًا أقوى من استدامتها، لأنه فعل، وذاك حكم. ولهذا يجوز ابتداؤها مع قيام الحدث وطهارة المتيمِّم والمستحاضة بعد خروج الوقت، ولا يجوز استدامتها. فإذا كان بعد انقضاءِ المدّة وخلع الخف يمتنع ابتداء طهارة المسح، فكذلك يمتنع استدامتها. ويفارق هذا إذا زال
(1)
شعره أو ظفره أن طهارتها بحالها، لأنّ ما تحت الشعر والظفر لم يتعلَّق به الحدثُ الأصلي قبل ظهوره، بدليل أنه لا يُشرع طهارته، وإنما تعلَّق به الحدثُ التابعُ كغير أعضاء الوضوء، فإذا زال الحدث عن محلِّ الوضوء زال عنه تبعًا، فلا يعود إليه حتى يعود إليها.
والرِّجل تعلَّق بها الحدثُ الأصلي بدليل أنها تشرع طهارتها، فلو غسلها في الخفِّ أجزأ. ولهذا يتعدَّى حكم الحدث إحدى الرجلين إلى الأخرى، ولا يتعدَّى موضع الشعر والظفر إلى غيره، فإذا زال عنها بشرط عاد إليها بفواته
(2)
، وتبطل الطهارةُ بذلك في أصحِّ الروايتين كما ذكر الشيخ، فإذا أراد عودها احتاج إلى طهارة كاملة.
وفي الأخرى: تبطل طهارة الرجلين خاصَّةً، فيكفيه غسلهما، لأن الوقت واللبس إنما هو معتبر فيهما خاصَّة، فإذا زال كانتا كرِجْلين لم تُغسَلا، فيكفي غسلُهما خاصّة. وهذا بمثابة من توضأ إلا غسل [76/أ] رجليه، فانقلب الماء، فيتيمَّم لهما، فلو وجد الماء بعد ذلك بيسير أو بكثير، وقلنا:
(1)
في المطبوع: "أزال".
(2)
في الأصل: "فواته"، والتصحيح من المطبوع.
الموالاة ليست شرطًا= كفاه غسلُ رجليه.
وبنوا هذا على أن الطهارة تتبعَّض، وأنه يجوز تفريقها كالغسل. فإمّا أن نقول: إنّ الحدث لم يرتفع عن الرِّجل خاصّة، فتُغسل بحكم الحدث السابق؛ أو نقول: ارتفع عنها وعاد إليها خاصّة. ووجه الأول أن ما أبطل طهارةَ عضوٍ أبطلَ طهارةَ سائر الأعضاء، كسائر النواقض.
ثم من أصحابنا من بنى هذا على أن الموالاة واجبة، فإذا تأخَّر غسلُ الرِّجلين لم يصحَّ، كما لو كانتا ظاهرتين. والتزموا على هذا أنه لو كان الخلع وانقضاء المدة عقيب المسح كفى غسلُ رجليه. وبنوا هذا على أن طهارة المسح لا ترفع حدث الرِّجل، وإنما تبيح الصلاة بها، لأنها طهارة موقتة، فلم يرتفع الحدث كالتيمم وطهارة المستحاضة. فإذا ظهرت الرِّجل وانقضت المدة ظهر حكم الحدث
(1)
السابق.
والمنصوص أنه يجب عليه استئناف الوضوء سواء طال الفصل أو قصر بناء على شيئين:
أحدهما: أن المسح يرفع الحدث رفعًا موقتًا، لأن رفع الحدث شرط لصحة الصلاة مع القدرة عليه، فلو لم يحصل لم تصحَّ الصلاة، لأنه قادر على غسل رجليه، بخلاف المتيمِّم والمستحاضة فإنهما عاجزان عن رفع الحدث.
والثاني: أنه إذا ارتفع ثم عاد إلى الرِّجل سرَى إلى بقية الأعضاء، لأن الحدث لا يتبعَّض، فلا يرتفع عن عضو حتى يرتفع عن الجميع، [76/ب] بدليل أنه لا يستفاد ببعضه فائدة أصلًا، وأنَّ حكمه يتعدَّى محلَّه، وذلك
(1)
"الحدث" ساقط من المطبوع.