الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعنى أكله الطعام: أن يشتهيه للاغتذاء به، بخلاف ما يُحنَّكه وقتَ الولادة ويُلعَقه من الأشربة ونحوها.
مسألة
(1)
: (وكذلك المذي)
.
ماء
(2)
رقيق يخرج لابتداء الشهوة إذا تحرَّكت بتفكر
(3)
أو نظر أو مسٍّ، وبعد فتورها، من غير إحساس به؛ وظاهر المذهب أنه نجس.
وعنه أنه طاهر، اختاره أبو الخطاب في "خلافه"
(4)
، لِمَا روى سهل بن حُنَيف قال: كنت ألقى من المذي شدّةً، وكنت أُكثر منه الاغتسال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يُجزئك من ذلك الوضوء". فقلت: يا رسول الله كيف أصنع بما يصيب ثوبي؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفًّا من ماء، فتنضَح به حيث ترى أنه أصابه". رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح
(5)
،
(1)
"المستوعب"(1/ 84 - 85)، "المغني"(2/ 490 - 491)، "الشرح الكبير"(2/ 326 - 327)، "الفروع"(1/ 336 - 337).
(2)
زاد في المطبوع قبله: "وهو" لإقامة السياق، دون التنبيه على أنه لم يرد في الأصل.
(3)
زاد في المطبوع قبله واو العطف، وهو خطأ.
(4)
يعني كتابه: "الانتصار في المسائل الكبار"، انظر (1/ 552) منه. وهو اختيار المصنف. انظر:"اختيارات" ابن عبد الهادي (رقم 74) والبرهان ابن القيم (رقم 85).
(5)
أبو داود (210)، وابن ماجه (506)، والترمذي (115) من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثني سعيد بن عبيد، عن أبيه، عن سهل بن حنيف رضي الله عنه.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق"، وصححه ابن خزيمة (291)، وابن حبان (1103)، وقال أحمد:"حديث محمد بن إسحاق لا أعرفه عن غيره، ولا أحكم لمحمد بن إسحاق""مسائل أحمد برواية صالح"(3/ 48).
وأحمد
(1)
ولفظه: "فتمسَح" بدل قوله: "فتنضَح به"، والأثرم ولفظه: "يجزئك أن
(2)
تأخذ حُفنةً من ماءٍ، فترُشَّ عليه"
(3)
. فلم يأمره بغسل فرجه منه، ولو كان واجبًا لأمره، ويُحمَل الأمر بالنضح وبالغسل في حديث علي على الاستحباب. ولأنه جزء من المني إذ يخرج بسبب الشهوة من مخرج المني، لكنه لم يستحكم بكمال الشهوة.
والأول: هو المشهور، لكن يكفي نضحُ المحلِّ منه في إحدى الروايتين ــ كما ذكره الشيخ ــ للحديث المذكور. وحملُه على هذا أولى من حمله
(4)
على مجرد الاستحباب [18/ب]، فإنَّ الأصل في الأمر الوجوب لا سيما في مثل هذا. وسكوتُه عن غسل الفرج منه قد يكون لعلم المستمع، فإنه كان عالمًا بنجاسته، ولكن سأل عن موجب خروجه وعن كيفية التطهر منه، ولأنه متردِّد بين المني لأنه جزء منه وبين البول لكونه لم يكمل، وهو مما يشقُّ التحرّز منه، فأجزأ فيه النضح كبول الغلام.
والأخرى: لا يجزئ إلا الغسل، لما روي عن علي قال: كنت رجلًا مذَّاءً، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرتُ المقداد، فسأله، فقال:
(1)
(15973)، وإسناده كسابقه.
(2)
في الأصل: "وأن".
(3)
لم أقف عليه في القطعة المطبوعة من "السنن"، وحكاه عنه المجد ابن تيمية في "المنتقى"(1/ 50).
(4)
بعده في الأصل: "وسكوته عن حمله" ولعله بسبب انتقال النظر إلى السطر التالي، وفي المطبوع:"وسكوته عن غسله".
"يغسل ذكره، ويتوضأ"
(1)
. وإذ
(2)
أمر بغسل الذكر، فكذلك سائر المحالّ.
والنضح ينبغي أن يكون في غير مخرجه. فأمّا مخرجُه، ففي قدر ما يجب غسلُه منه ثلاث روايات.
إحداهن: يجب الاستنجاء منه كالبول، اختارها الخلّال
(3)
، لأنه نجس فأشبه سائر النجاسات، ولأن في حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"في المذي الوضوء، وفي المني الغسل". قال الترمذي: حديث حسن صحيح
(4)
. وكذلك حديث سهل لم يذكر إلا الوضوء.
الثانية: يجب غسل جميعُ الذكر، ما أصابه منه وما لم يصبه، لحديث علي:"يغسل ذكره".
والثالثة
(5)
: يغسل جميع الذكر والأنثيين. اختارها أبو بكر والقاضي
(6)
، لما روي عن علي قال: كنت مَذّاءً، فاستحييتُ أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمكان ابنته، فأمرتُ المقداد، فسأله، فقال:"يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضَّأ".
(1)
أخرجه البخاري (269) ومسلم (303).
(2)
في الأصل والمطبوع: "وإذا".
(3)
انظر: "الإنصاف"(2/ 329).
(4)
أخرجه أحمد (662، 869)، والترمذي (114)، وابن ماجه (504) من طرق عن عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن علي رضي الله عنه.
وفي يزيد ضعف، غير أن للحديث شواهد ومتابعات، وأصله في "الصحيحين" كما تقدم؛ لذا قال الترمذي:"حديث حسن صحيح".
(5)
في الأصل: "والثالث"، والمطبوع:"الثالثة" بحذف الواو.
(6)
انظر: "الإنصاف"(2/ 329).
رواه أحمد وأبو داود
(1)
. فإن قيل: يرويه [19/أ] هشام بن عروة عن أبيه عن علي، وهو لم يدركه. قلنا: مرسِلُه أحد أجلّاء الفقهاء السبعة، رواه ليبيِّن الحكم المذكور فيه، وهذا من أقوى المراسيل.
وقد روى عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون بعد الماء، فقال:"ذاك المَذْي، وكلُّ فحلٍ يَمذي. فتغسِلُ من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضَّأْ". رواه أبو داود
(2)
.
ولأنه خارج بشهوة، فجاز أن يجب بغسله أكثرُ من محلِّه كالمني؛ وذلك لأنّ الأنثيين وعاؤه، فغسلُهما يقطعه ويزيل أثره.
(1)
أحمد (1009، 1035)، وأبو داود (208) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه.
وعروة لم يسمع من علي كما ذكره المؤلف، نص عليه أبو حاتم كما في "المراسيل" لابنه (149)، وأبو زرعة كما في "جامع التحصيل"(236)، غير أن هذه اللفظة جاءت من طريق أخرى عند أبي عوانة (1/ 229) بإسناد جيد عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن علي، وبها يقوى مرسل عروة.
انظر: "الإمام"(3/ 445 - 449)، "صحيح أبي داود: الكتاب الأم" (1/ 376 - 380).
(2)
برقم (211)، وأخرجه ابن الجارود (7)، والبيهقي (2/ 411) مطولًا، ورجاله رجال مسلم، غير حرام بن حكيم وقد وثقه العجلي وابن حبان، ويشهد له روايتا عبيدة وعروة السالفتان لحديث علي رضي الله عنه.
وصححه النووي في "المجموع"(2/ 165)، وضعفه بحرام ابنُ حزم في "المحلى"(2/ 180)، وابن القطان في "بيان الوهم"(3/ 310 - 312)، والذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير"(2/ 836).
انظر: "الإعلام بسنته عليه السلام"(1/ 106 - 108)، "صحيح أبي داود: الكتاب الأم" (1/ 381 - 383).
فصل
(1)
ولا يطهر شيء من النجاسات بالمسح ولا يعفى عنه إلا أسفل الخفّ والحذاء، فإنه يجزئ دلكه بالأرض في إحدى الروايات. وفي الأخرى: لا يجزئ كسائر الملبوسات. والثالثة: يجزئ في غير الغائط والبول لغلظهما.
ووجه الأولى ــ وهي أصح
(2)
ــ قوله: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإنَّ التراب له طهور" رواه أبو داود
(3)
.
ولأنه محلٌّ يتكرر إصابة النجاسة له، فأجزأ فيه المسح كالسبيلين. وكذلك خُرِّج في طهارتهما وطهارة السبيلين بالاستجمار وجهان.
وذيول الثياب يتوجَّه فيها الجواز
(4)
لحديث أم سلمة
(5)
.
(1)
في الأصل: "مسألة"، ولعله سهو من الناسخ، فإن المصنف عقد المسائل على المتن.
(2)
انظر: "مجموع الفتاوى"(21/ 480) و"اختيارات" ابن عبد الهادي (رقم 29) وابن اللحام (ص 23).
(3)
برقم (385، 386) من طريقين عن الأوزاعي ــ صرح الأوزاعي في إحداهما بالواسطة ولم يصرح في الأخرى ــ عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وصححه ابن خزيمة (292)، وابن حبان (1403، 1404)، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (13/ 107):"حديث مضطرب الإسناد لا يثبت، اختلف في إسناده على الأوزاعي وعلى سعيد بن أبي سعيد اختلافًا يسقط الاحتجاج به"، وكذا أعله البزار في "البحر الزخار"(15/ 131 - 132)، والدارقطني في "العلل"(8/ 159 - 160).
وللحديث شواهد تقويه من حديث عائشة وأنس وأبي سعيد، انظر:"الخلافيات" للبيهقي (1/ 137 - 141)، "البدر المنير"(4/ 127 - 133).
(4)
في الأصل: "المنع"، والتصحيح من المطبوع. وهو اختيار المصنف. انظر:"مجموع الفتاوى"(22/ 121) و"اختيارات" ابن اللحام (ص 23).
(5)
وهو حديث أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر؟ قالت أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطهره ما بعده"، أخرجه مالك "الموطأ برواية يحيى"(49)، ومن طريقه: أبو داود (383)، والترمذي (143)، وابن ماجه (531).
ورجال إسناده ثقات، غير أم ولد إبراهيم فهي مجهولة، وبها أُعِل الحديث، قال العقيلي في "الضعفاء" (2/ 653):"إسناد صالح جيد"، وضعفه الخطابي والمنذري "مختصر سنن أبي داود وبهامشه معالم السنن"(1/ 227)، وللحديث شاهد جيد من حديث امرأة من بني عبد الأشهل، وآخر ضعيف من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما.
انظر: "الإعلام بسنته عليه السلام"(1/ 178 - 182)، "صحيح أبي داود: الكتاب الأم" (2/ 234 - 238).