الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: لا يجب، لأن هذا الشعر متصل بشعر الرأس ابتداء، فكأنه منه كسائره.
والثالث: يجب غسل التحذيف خاصة، لأنه يعتاد أخذه دون أخذ الصدغ، ولأنَّ محلَّه يجب غسله ولو
(1)
لم يكن عليه شعر، فكذلك إذا كان عليه. ويستحب غسلُ داخل العين إذا أمن الضرر في أحد الوجهين، لأن ابن عمر كان يفعله
(2)
. ولا يستحب في الآخر، وهو أشبه؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه مظنة تخوُّف الضرر في الجملة مع تكرار الوضوء.
مسألة
(3)
: (ويخلِّل لحيته إن كانت كثيفة. وإن كانت تصف البشرة لزمه غسلها)
.
أما التي تصف البشرة، فقد تقدَّم القول فيها. وأمّا تخليل الكثيفة، فلما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفًّا من ماء فأدخله تحت حَنَكِه، فخلَّل لحيته، وقال:"هكذا أمرني ربِّي" رواه أبو داود
(4)
.
(1)
في المطبوع: "لو" بحذف الواو، والمثبت من الأصل.
(2)
أخرج مالك في "الموطأ"(111) عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة ــ وذكر صفة ذلك ثم قال: ــ ونضح في عينيه
…
الحديث.
وأخرجه عبد الرزاق (990) من طريق ابن جريج، عن نافع به، وفي آخره زيادة مهمة:"قال: ولم يكن عبد الله بن عمر ينضح في عينيه الماء إلا في غسل الجنابة، فأما الوضوء للصلاة فلا".
(3)
"المستوعب"(1/ 64)، "المغني"(1/ 165)، "الشرح الكبير"(1/ 336 - 338)، "الفروع"(1/ 177).
(4)
برقم (145) ــ ومن طريقه البيهقي (1/ 54) ــ، ورواه أيضًا أبو يعلى (4269)، من طرق عن أبي المليح الرقي، عن الوليد بن زوران، عن أنس به.
في إسناده ضعف، الوليد ليّن، وبه أعله ابن حزم في "المحلى"(2/ 35)، وابن القطان في "بيان الوهم"(5/ 17)، وفي سماعه من أنس نظر أيضًا، كما في ترجمته من "تهذيب التهذيب"(4/ 316)، وصححه بمتابعاته وشواهده الألباني في "صحيح أبي داود: الكتاب الأم" (1/ 245)، وانظر: "التلخيص الحبير" (1/ 85 - 87).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ عرَك عارضَيه بعض العَرْك، وشبَّك لحيته بأصابعه من تحتها. رواه أبو داود
(1)
.
وتخليلها من تحتها ليصيب الماء أسافلَها، كما أصاب عاليها. وأما غسلها فليس بسنة، كما تقدَّم.
مسألة
(2)
: (ثم يغسل يديه [50/ب] إلى المرفقين ثلاثًا، ويُدخلهما في الغسل).
لقوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]، والتثليث لما تقدَّم. ويجب غسل المرفقين، لأنَّ المرفق هو من جنس اليد، وهو مفصل حسِّي، ونهايته
(1)
لم أقف عليه عند أبي داود، ولم يعزه إليه أحد من المخرجين، ولا المزي في "تحفة الأشراف"(6/ 119).
والحديث أخرجه ابن ماجه (432)، والدارقطني (1/ 106)، والبيهقي (1/ 55)، من طرق عن الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر به.
إسناده ضعيف، عبد الواحد فيه مقال، واختلف فيه عن الأوزاعي وقفًا وإرسالًا، ورجح الدارقطني وقفه في "العلل"(1/ 361)، واختار أبو حاتم الإرسال في "العلل"(1/ 485).
(2)
"المستوعب"(1/ 65)، "المغني"(1/ 172 - 175)، "الشرح الكبير"(1/ 339 - 344).
متميزة، ومثل هذه الغاية والحدِّ إنما يُذكر إذا أريد دخوله في المحدود والمغيَّا، كما لو قال: بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف، وبعتك هذه الأرض إلى شاطئ النهر. وقد قيل: لأن اسم اليد يتناولها إلى المنكب، فقوله
(1)
: {إِلَى الْمَرَافِقِ} لنفي
(2)
الزيادة على المرفق، فيبقى المرفق داخلا في مسمَّى اليد المطلقة.
وقد روى الدارقطني
(3)
عن جابر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماءَ على مرفقيه
(4)
". وفعلُه إذا وقع امتثالًا لأمر وتفسيرًا لمجملٍ
(5)
كان مثله في الوجوب، لا سيما وإدخاله أحوط، وارتفاع الحدث بدونه مشكوك فيه، والأصل بقاؤه.
فإن كان أقطع من دون المرفقين إلى الأصابع غسل ما بقي منه، لأن العجز عن بعض الواجب لا يُسقط فعلَ ما يقدر عليه منه، لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمرٍ فَأْتُوا
(1)
في الأصل: "بقوله"، تصحيف. وفي المطبوع:"وبقوله"، زاد واو العطف.
(2)
كذا في الأصل، ويحتمل:"ينفي".
(3)
(1/ 83) ــ ومن طريقه البيهقي (1/ 56) ــ عن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عقيل، عن جده، عن جابر به.
إسناده ضعيف، القاسم وجده ضعيفان.
انظر: "الإمام"(1/ 514 - 515)، "البدر المنير"(1/ 669 - 672).
(4)
في الأصل: "مرفقه"، والتصحيح من "السنن" و"المغني" وغيرهما.
(5)
في الأصل وقع "تفسير" في آخر السطر و"المجمل" في أول السطر التالي، فألحق ألف "تفسيرا" بـ "لمجمل"، فصار "تفسير المجمل". وجعله في المطبوع:"تفسيرًا للمجمل".
منه ما استطعتم" متفق عليه
(1)
.
وإن كان القطع من فوق المرفق سقط الغسلُ لسقوط محلِّه. وإن قطعت من مفصل المرفق سقط
(2)
، وغسَلَ رأسَ العضد في أحد الوجهين، لأن غسلهما إنما وجب تبعًا لإبْرة الذراع
(3)
، إذ لا يمكن غسلها إلا بغسل رأس العضد. [51/أ] والمنصوص منهما وجوب غسل رأس العضد، لأن المرفق اسم لمجتمع عظم الذراع وعظم العضد، فإذا ذهب أحدهما وجب غسل الآخر كما لو بقي بعض الذراع.
ولو قطعت يد المتيمم من مفصل الكوع سقط مسحُ ما بقي هناك، وإن قلنا في الوضوء بغسل ما بقي؛ لأن الواجب هناك مسح الكفَّين وقد ذهبا، بخلاف الوضوء. فإنّ المرفق من جملة محل الفرض. هذا أحد الوجهين، والمنصوص: وجوب المسح أيضًا، لأن المأمور به مسحُ اليد إلى الكوع.
وإذا عجز الأقطع عن أفعال الطهارة، ووجد من ينجِّيه ويوضِّئه متبرعًا، لزم ذلك. وإن لم يجده
(4)
إلا بأجرة المثل لزم ذلك أيضًا في أشهر الوجهين، كما يلزمه شِرَى الماء والاستنابة في الحج. فإن لم يجد من يطهِّره، فقد عجز عن الطهارة في الحال كعادم الماء، فيصلي. وفي الإعادة وجهان.
(1)
من حديث أبي هريرة. البخاري (7288) ومسلم (1337).
(2)
في المطبوع: "سقط الغسل". زاد "الغسل" مع التنبيه.
(3)
وهي مستدَقُّها، ومن عندها يذرع الذارع.
(4)
في المطبوع: "يجد"، سقطت الهاء.