الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماءَ في الحضر. وإن كان له من يناوله في الوقت فهو كالواجد
(1)
. وكذلك إن خشي خروجَ الوقت قبل مجيء المُناول
(2)
، في المشهور. وقيل: ينتظر مجيء
(3)
المناول وإن خرج.
الفصل السابع: إذا خاف من شدّة البرد فإنه يتيمَّم ويصلِّي
لما روى عمرو بن العاص قال: احتلمتُ في ليلة باردة شديدة البرد، في غزوة ذات السلاسل، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلِكَ، فتيمَّمتُ، ثم صليتُ بأصحابي صلاة الصبح. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرتُ ذلك له، فقال:«يا عمرو صلَّيتَ بأصحابك، وأنت جنُب؟» قلتُ: ذكرتُ قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [158/ب] إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقُل
(4)
شيئًا. رواه أحمد وأبو داود والدارقطني، وذكره البخاري تعليقًا
(5)
.
(1)
قبل «كالواجد» وقعت عبارة في الأصل في نحو أربعة أسطر: «واحده وهنا
…
وابن عقيل»، وهي مقحمة هنا، وموضعها الصحيح في المسألة الآتية، وقد وردت هناك (ق 160/ب- 161/أ). وقد نبّه الناسخ على زيادتها هنا بكتابة «لا» قبلها و «إلى» بعدها. وقد أثبتها محقق المطبوع، إذ لم يفطن للتنبيه المذكور ولا لتكرار العبارة في المسألة الآتية.
(2)
في الأصل والمطبوع هنا وفي الموضع الآتي: «منازل» ، تصحيف.
(3)
في المطبوع: «في» ، تحريف.
(4)
في المطبوع: «فلم يقل» ، والمثبت من الأصل.
(5)
أحمد (17812)، وأبو داود (334)، والدارقطني (1/ 178).
وعلقه البخاري (1/ 77)، وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 454):«إسناده قوي» . وسيأتي الحديث بلفظ آخر في المسألة الآتية.
وعن ابن عباس أنَّ رجلًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم احتلم في برد شديد، فاستفتى، فأُفتِيَ أن يغتسل، فمات. فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: «قتلوه، قتلهم الله
(1)
! إنما شفاءُ العِيِّ السؤالُ» رواه حرب
(2)
.
ولأنه إذا خاف المرضَ باستعمال الماء، فهو كما لو خاف زيادته، وأولى. والمخوف هنا إمّا التلف، وإمّا المرض، على ما تقدَّم. فأمّا نفسُ
(3)
التألُّم بالبرد، فلا أثر له لأنَّ زمن ذلك يسير؛ وإسباغ الوضوء على المكاره مما يكفِّر الله به الخطايا.
ومتى أمكنه تسخين الماء واشتراؤه بثمن المثل ــ كما تقدَّم ــ أو الدخول إلى الحمّام بالأجرة لزمه ذلك، لأنّ قدرته على الماء الحارِّ كقدرة المسافر على الماء المطلق
(4)
. وكذلك إن وجد من يُقرضه أو يبيعه أو يُكريه بثمن في الذمَّة، وله ما يوفيه بعد خروج الوقت، لأن زمن ذلك يسير؛ بخلاف المسافر في أحد
(5)
الوجهين، لأنَّ المدة تطول ويخاف تلفَ المال وبقاءَ الذمَّة مشغولةً
(6)
. وكذلك إن أمكنه أن يغتسل عضوًا عضوًا، وكلَّما غسل شيئًا ستَره.
(1)
كرَّر ناسخ الأصل «قتلوه» وترك لفظ الجلالة.
(2)
في «مسائله» (1/ 202) وسقط منه الشطر الأول من الحديث، وقد تقدم تخريجه.
(3)
في المطبوع: «نفي» ، تحريف.
(4)
في الأصل: «المطلق الماء» .
(5)
في الأصل: «إحدى» .
(6)
أي بثمن الماء. وقد زاد في المطبوع بعده بين القوسين: «بالتيمم» ، وهو خلاف المقصود.
وإذا صلَّى بالتيمم لخشية البرد، فلا إعادة عليه
(1)
في ظاهر المذهب. وعنه: يعيد لأنه عذر نادر [159/أ] غير متصل. وعنه: يعيد في الحضر دون السفر، لأن الحضر مظنَّة دفعِ البرد بالأكنان والمياه الفاترة، فالندرة فيه محقَّقة؛ بخلاف السفر فإنه يكثر فيه البرد خصوصًا في البلاد الباردة. وحديثا عمرو وابن عباس حجة على عدم الإعادة، فإنه لم يُعِدْ، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة ولا لأحد صلَّى خلفه، وقد أقرَّه على تعليله بخشية الضرر، وهي علّة تجمع المقيم والمسافر؛ ولأنه فعَل العبادة بحسب قدرته، فلم يلزمه الإعادة، كالمريض والمسافر.
والفرق بين العذر النادر والغالب فيما رجع إلى الإخلال بصفات العبادة لا دليل عليه، وإنما فرِّق بين الصوم والصلاة في الحيض، لأن الحائض تركت الصوم بالكلية. وهؤلاء قد فعلوا المفروض في الوقت، فإذا وجب قضاؤه لزمهم فعلُ العبادة مرَّتين، ولا أصل لذلك يقاس عليه. ثم إن الحائض يجب عليها صوم واحد في وقت القضاء، وهؤلاء يجب عليهم القضاء مع الفريضة في الوقت الثاني، فهم بقضاء الحائض للصلاة أشبه. ومتى أوجبنا عليه الإعادةَ، فالثانية في فرضه
(2)
والأولى نافلة، ذكره القاضي
(3)
، بخلاف ما لو لم تجب عليه الإعادة، كالمعادة مع إمام الحيِّ، فإن الفرض قد سقط هناك بالأولى. وإنما حُكِم بكون
(4)
الأولى نافلةً عند
(1)
«عليه» ساقط من المطبوع.
(2)
كذا في الأصل والمطبوع. وكأنَّ «في» مقحمة.
(3)
انظر: «الإنصاف» (2/ 210).
(4)
في الأصل: «يكون» ، فأثبت في المطبوع:«يكون حكم» .