الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما أمهاتهن فقال: {التي دخلتم بهن} ، ننظر هل القيدان معتبران صرح الله تعالى بهم القيد الثاني دون الأول فقال:{فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم} [النساء: 23]. ولم يقلك فإن لم يكن في حجوركم فلا جناح عليكم، فدل هذا على أنه غير معتبر؛ لأن هذا الغالب أن ربيبته التي جاءت بها امرأته قبله الغالب أن تكون في حجر تتبع أمها، أما الثاني:{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنًا} [النور: 33]. فقال بعض العلماء: إن هذا القيد أغلبي؛ لأن الغالب أنها لا تمتنع من البغاء إلا وتريد تحصين نفسها، وأنها لو امتنعت من البغاء بغير هذه العلة فإنه لا يجوز إكراهها، معنى ذلك: لو أن الرجل أكره أمته على أن تزني بهذا الرجل، وقالت: لا، هذا الرجل قبيح أحضر رجلاً جميلاً هذه امتنعت تريد تحصنًا أو لا؟ لا، هل تكره أو لا؟ إن أخذنا بقيد {إن أردن تحصنًا} نكرهها، ولكننا نقول: هذا القيد أغلبي بناء على الأغلب أنها تريد التحصن على هذا فلا مفهوم له على أن بعضهم قال: إن قوله: {إن أردن تحصنًا} بين العلة، وفيها الإشارة إلى توبيخ هؤلاء الأسياد، كيف هذه الأمة وليست حرة تريد التحصن وأنت تريد أن تكرهها على البغاء.
ما يقرأ في الجمعة والعيدين:
433 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين". رواه مسلم.
تقدم لنا عدة مرات أن "كان" تفيد الاستمرار غالبًا لا دائمًا، وقد يراد به مجرد اتصاف الصفة بقطع النظر عن الدوام وعدمه، وقد يراد بها أيضًا مجرد اتصاف الصفة مع وجود قرينة تدل على الاستمرار مثل:{وكان الله غفورًا رحيمًا} . هذا ما يمكن، نقول: غالبًا، ولا يمكن أن نقول مجرد الصفة التي تزول، بل هو الاستمرار الدائم الأزلي الأبدي.
قال: "كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة"، وهي التي ذكر فيها قوله تعالى:{يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} [الجمعة: 9]، ووجه قراءته بها عليه الصلاة والسلام: لما فيها من تقرير التوحيد، وبيان نعمة الله سبحانه وتعالى على العباد، وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم وتحذير مخالفته بضرب المثل القبيح للذين حملوا التوراة؛ ولأنها تشتمل على الدليل الصريح في وجوب صلاة الجمعة والحضور إليها، وعلى الترهيب من التشاغل عنها، ولو بما كان مباحًا كالتجارة، فالمهم أن فيها مناسبات متعددة لأن تقرأ في هذا الجمع الكثير، فتكون كأنها قراءة صلاة وفي نفس الوقت خطبة وموعظة.
وأما "المنافقون"، هنا عندي "والمنافقين" على الحكاية أو على إعمال العامل؟ على الإعمال، والمنافقين يعني: سورة المنافقين التي قال الله فيها: {إذا جاءك المنفقون
…
} الخ [المنافقون: 1]. ومناسبة هذه للجمعة ظاهرة لما فيها من التحذير عن هذا الخلق الذميم - والعياذ بالله - خلق النفاق، سواء كان هذا النفاق اعتقاديًا أو علميًا، ولما فيها من بيان عزة الإسلام وأهل الإسلام:{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون: 8]. فيها من التحذير عن التشاغل بالأموال عن طاعة الله: {لا تلهكم أمولكم ولا أولدكم عن ذكر الله} [المنافقون: 9]. فتكون هذه أعم مما ذكر في سورة الجمعة؛ لأن الجمعة خصت بالبيع: {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا} [الجمعة: 11]. أما هذه الآية فهي عامة في الأموال والأولاد بأي طريق، ولما فيها أيضًا من تذكير الإنسان بالحال التي لابد منها وهي حال الموت حيث يتمنى الإنسان أن يرد إلى الدنيا ليعمل ولكنه قد فات الأوان:{ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} [المنافقون: 11]. فالمهم: أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين السورتين فيه مناسبات متعددة أكثر مما قلنا لمن تأمل ذلك.
فيستفاد من هذا الحديث: استحباب قراءة هاتين السورتين في صلاة الجمعة، واستحباب قراءتهما كاملتين؛ يعني: لا يقرأ واحدة في الركعتين.
وفيه من الفوائد: مراعاة الأحوال واحتيار الأنسب؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام اختار ما هو أنسب.
ويستفاد منه أيضًا: أن المنافقين بعد الجمعة، لكن هل يستفاد منه أنها موالية لها؟ لا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد يقرأ سورتين غير متواليتين كما في فجر يوم الجمعة يقرأ في الأولى سورة السجدة، ويقرأ بعدها سورة {هل أتى}. لكن يستفاد: أن المنافقين بعدها؛ لأن المعروف أن هذا الترتيب ترتيب منه ما هو سماعي، ومنه ما هو اجتهادي، هذا هو الصحيح في هذه المسألة، وإن كان بعض أهل العلم يقول: إن ترتيب السور سماعي توقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الصواب أن منه ما هو توقيفي، ومنه ما هو اجتهادي، بخلاف ترتيب الآيات فإن ترتيب الآيات توقيفي؛ ولهذا قال أهل العلم: يكره تنكيس السور ويحرم تنكيس الآيات، فلو أن الإنسان قرأ الفاتحة من آخرها أو سورة الناس من آخرها قلنا: إن هذا محرم ولا يجوز.
434 -
وله: عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: "كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة: بـ {سبح اسم ربك الأعلى}، و: {هل أتاك حديث الغاشية} ".
قوله: "وله" أي: لمسلم، بهذا الحديث يتبين أن "كان" ليست للدوام دائمًا، لو كانت كذلك
للزم تعارض الحديثين؛ لأن الأول يقول: "كان يقرأ بالجمعة والمنافقين"، وهنا بسبح والغاشية.
وقوله: "كان يقرأ في العيدين" هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وليس في الإسلام عيد سواهما إلا يوم الجمعة، وقد ذكر "وفي الجمعة" فتبين أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ هاتين السورتين في الأعياد الثلاثة: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع.
وقوله: بـ {سبح اسم ربك الأعلى} " إعرابها: "الباء": حرف جر "سبح اسم ربك الأعلى" كل هذه الجملة في تأويل اسم مفرد مجرور بالباء، وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية كأنه قال: "يقرأ بهذه السورة" فهي إذن في تأويل المفرد، وقوله: {سبح اسم ربك الأعلى}. {سبح} معناها: نزه، وقوله: {اسم ربك الأعلى} اختلف العلماء في قوله: {اسم ربك} فقال بعضهم: إن لفظ "اسم" زائد، لأن الذي يسبح هو الله، فأنت إذا قلت: "سبحان الله" لا تريد أن تسبح اللام والهاء، إنما تريد المسمى بهذا الاسم، وعلى هذا فتكون "اسم" زائدة، والتقدير: "سبح ربك الأعلى"، واستدلوا لقولهم بقوله تعالى:{لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه} [الفتح: 9]. وبقوله: {يأيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرةً وأصيلًا} [الأحزاب: 41 - 42].
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك". فالتسبيح إذن لله عز وجل قالوا: فهذا الكتاب والسنة يدلان على أن التسبيح وارد ليس على الاسم، ولكن على المسمى، وعلى هذا فتكون "اسم" زائدة، وقال بعض أهل العلم: إن هذا دليل على أن فالاسم هو المسمى؛ لأنه قال: {سبح اسم ربك} فالمراد به: الله، الاسم هو المسمى، ولكن هذا لا دلالة في الآية عليه؛ لأنه قال:{اسم ربك} ، والمضاف في الأصل غير المضاف إليه، كما أن الموصوف غير الصفة فقال:{اسم ربك} ، فأنت إذا قلت:"غلام زيد" هل يكون الغلام هو زيدًا؟ لا، وكذلك لو قلت:"عمل زيد" لا يكون العمل هو زيدًا، فالمضاف لا شك أنه غير المضاف إليه، والصحيح أن الاسم للمسمى كما قال شيخ الإسلام، وقال بعض العلماء: بل إن المراد: تسبيح الله عز وجل لاشك فيه، ولكن فائدة ذكر الاسم أن يكون التسبيح باللسان؛ إذ لا يمكن تسبيح الله باللسان إلا بذكر اسمه، أما إذا لم تذكر اسم الله فإن التسبيح يكون بالقلب؛ ولهذا أنت تقول:"سبحان ربي العظيم"، "سبحان الله وبحمده"، "سبحان الله العظيم"، تذكر الاسم، فيكون فائدة ذكر الاسم هنا: الدلالة على أن المراد التسبيح باللسان وهذا لا يمكن إلا بذكر الاسم، ويدل لذلك الآية الأخرى التي أفضحت عن هذا، {فسبح باسم ربك العظيم}. أي:
سبح الله باسمه، فيكون هنا إذن فائدة ذكر الاسم عظيمة جدًا لئلا يقتصر الإنسان على التسبيح بقلبه الذي لا يظهر معه الاسم.
وقوله: {سبح اسم ربك الأعلى} الربوية هنا خاصة أو عامة؟ خاصة.
وقوله: {الأعلى} اسم تفضيل محلى بـ"أل" أي: الذي له العلو المطلق علو الذات وعلو الصفات، وهذا التقسيم - تقسيم العلو - إلى علو ذات وعلو صفات أخصر وأجمع وأعم من تقسيمه إلى ثلاثة أقسام: علو ذات، وعلو قدر، وعلو قهر؛ لأن القدر والقهر من الصفات فيكون هذا أجمع علو القدر، وعلو القهر، وعلو الرحمة، وعلو العفو، فيكون قولنا: علو الذات وعلو الصفات أشمل وأجمع - الله تعالى عالي الصفات وعالي الذات أيضًا - بمعنى: أن ذاته سبحانه وتعالى فوق كل شيء، إذن أنت أثبت له مكانًا وهو العلو المطلق العلو الذي ليس فيه شيء معناه: أن هذا المكان الذي لله عز وجل مكان عدمي ليس فيه شيء يحيط بالله عز وجل، ولو كان هناك شيء يحيط به لزم من ذلك انتفاء العلو المطلق؛ لأن هذا المحيط به يكون مساويًا له فليس هناك علو، ويلزم أيضًا منه محظور وهو إحاطة الأشياء به، ولا يحيط بالله شيء، وهذا السبب الذي أوجب لمنكري العلو أن ينكروا علو الذات حتى إنهم - والعياذ بالله - يقولون: من أثبت أن الله عال بذاته فقد وصف الله بأعظم النقص فجعلوا الكمال نقصًا، قالوا: لأنك الآن إما حيزت أو جسمت أو حصرت، ولكن هل يلزم من هذا التجسيم أو الحصر أو التحييز؟ لا يلزم بالمعنى الذي قالوه، فالله عز وجل إن أرادو بالحيز الذي نفوه أنه منحاز عن الخلائق بائن منها منفصل عنها فهذا النفي باطل؛ لأن الله تعالى نثبت أنه منحاز عن الخلائق بائن منها، لم يحل في شيء منها ولا شيء منها حل فيه، إن أرادوا، أيضًا بالحصر أن الأماكن تحصره فهذا باطل ولا نقرهم، وعلى هذا فالحصر ممنوع مطلقًا إن أرادوا بالجسم الذي جعلوا يغنون عليه ويدندونون، إن أرادوا بالجسم: مناف للأجسام المخلوقة فهذا ممتنع وباطل، وإن أرادوا بالجسم الذات المتصفة بما يليق بها فهذا حق، والمهم: أن إثباتنا للعلو الذاتي ليس معناه أننا نقر بأن شيئًا يحيط به، أو أنه سبحانه وتعالى لو أزيل هذا الذي علا عليه الله لخر، هذا شيء لا أحد يقوله، فلذلك العلو الذاتي قد دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف، والعقل، والفطرة، وقد سبق لنا وجه دلالة الأشياء الخمسة عليه.
وأما الثاني: {هل أتاك حديث الغاشية} . الخطاب لمن؟ إما للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يتأتى خطابه، و {هل} استفهام قال بعض العلماء: إن {هل} هنا بمعنى "قد" فهي للتحقيق كما في قوله تعالى: {هل أتى على الإنسن حينٌ من الدهر} [الإنسان: 1]. معناها "قد أتى".
وقال بعضهم: بل هي للاستفهام، ولا نقول: إنها للتحقيق، لكنها متضمنة معنى التقرير
والإثبات، وقوله:{حديث الغشية} المراد بالغاشية: القيامة؛ لأنها تغشى الناس وتحيط بهم، وقوله:{هل أتك} حديثها أو نبأها، وهذا يحتمل أن يكون بـ {هل} المراد بها التشويق مثل:{هل أدلكم على تجرة تنجيكم من عذاب أليمٍ} [الصف: 10]. وهنا قال: {هل أتك حديث الغشية} ثم قال: {وجوه يومئذ} [الغاشية: 2]. فهذا مبتدأ لحديث مناسبة هاتين السورتين لصلاة الجمعة ظاهرة لما فيه من مبدأ الخلق، وبيان حكمة الله عز وجل وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتذكير، وبيان من ينتفع بالذكرى ومن لا ينتفع، وبيان أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام بما يجب عليه من التذكير فإنه لا يضره مخالفة من خالف:{فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر} [الغاشية: 21 - 26]. وفيها بيان نهاية الناس، وأنها ترجع إلى الله:{إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم} [الغاشية: 25 - 26]. فالمناسبة فيها ظاهرة جدًا، وهما سورتان لا تشقان على الناس، ولا تمنعان الناس من التلذذ بسماع القرآن، فقد جمعتا بين القصص والفائدة العظيمة.
إذن يستفاد من هذا الحديث: أنه يسن قراءة هاتين السورتين في صلاة العيد والجمعة.
مسألة: هل تسقط صلاة الجمعة بصلاة العيد؟
في آخر الحديث السابق في مسلم - وليت المؤلف جاء به - أنه قال: "وإذا كانت الجمعة يوم العيد قرأ بهما في الصلاتين جميعًا" هذا فيه فائدة عظيمة، وهي أن صلاة الجمعة لا تسقط بصلاة العيد، وأن ما ورد عن ابن الزبير من اقتصاره على الصلاة إنما أرد الجمعة ليجمع بين فعله ووصف ابن عباس له بأنه السنة، وبين ما ثبت في صحيح مسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة والعيد جميعًا في يوم واحد، وقد سبق لنا البحث في هذا وبينا أن القول الحق في هذه المسألة أن الجمعة لابد أن تقام، ولكن من حضر العيد فله الرخصة في ترك الجمعة، وعليه أن يصلي الظهر.
435 -
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد، ثم رخص في الجمعة، ثم قال:"من شاء أن يصلي فليصل". رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة.
قوله: "صلى ثم رخص في الجمعة""رخص" يعني: سهل، والرخصة في اللغة: السهولة. وقوله: "صلى ثم رخص" يعني: في نفس اليوم؛ لأن يوم العيد صادف يوم الجمعة.
ثم قال: "من شاء أن يصلي فليصل"، "من شاء أن يصلي" أي: الجمعة، "فليصل"، اللام هنا لام الأمر، والمراد به: الإباحة؛ لأنه جاء جوابًا للمشيئة، وما كان معلقًا بالمشيئة فإنه للإباحة وإن شاء لم يفعله، وإن كان أحيانًا يراد به التهديد كما في قوله تعالى:{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [الكهف: 29]. لأن هذا ليس باختيار الإنسان، لكن الغرض من ذلك التهديد.
وقوله: "فليصل" فيها إشكال من جهة أنه فعل أمر وبني على الكسرة، لماذا؟ لأنه مجزوم بحذف حرف العلة.
هذا الحديث بين فيه زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد وكان ذلك يوم جمعة ثم رخص في الجمعة، وقال: من شاء أن يصليها فليصلها.
فيستفاد منه بيان أمور: الأول: أنه إذا اجتمع يوم العيد والجمعة فإن من حضر صلاة الإمام فله أن يحضر الجمعة، وله ألا يحضر، تؤخذ من قوله:"ثم رخص في الجمعة".
ثانيًا: أن هذا الحكم لا يشمل من لم يحضر؛ لأن قوله: "صلى ثم رخص" فقال: "من شاء أن يصلي فليصل" الخطاب لمن؟ للحاضرين المصلين، فمن لم يصل فلابد أن يحضر الجمعة.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي، بل يجب على الإمام أن ينبه الناس على الأحكام التي تخفى عليهم حيث قال:"فمن"، "ثم رخص في الجمعة".
ومن فوائد الحديث: تيسير الله سبحانه وتعالى على العباد، حيث إنهم إذا اجتمعوا في هذا اليوم على إمام واحد رخص لهم أن يدعوا هذا الاجتماع، استدل به بعض العلماء على أن صلاة الظهر تسقط لقوله:"فمن شاء أن يصلي فليصل" يعني: ومن شاء ألا يصلي فلا يصل، لكنه قد وردت أحاديث تدل على أن صلاة الظهر لا تسقط؛ وذلك لأن صلاة الظهر فرض الوقت تغني عنها الجمعة عند الاجتماع، فإذا سقطت الجمعة عن الإنسان ما الذي يجب عليه؟ الظهر كالمريض إذا سقطت عنه الجمعة للعذر فإنه يجب عليه أن يصلي الظهر ولا يدعها، وهذا القول قول وسط بين ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها لا تسقط الجمعة، وأنه يجب على من حضر صلاة العيد أن يحضر الجمعة، ويرون ضعف هذا الحديث ويقولون: إن الأصل بقاء الفريضة، وأن ما كان على ما هو عليه، وأن صلاة العيد لا تسقط بها الجمعة؛ لأنها في غير وقتها، وهذا على رأي من يرى أن صلاة الجمعة لا يدخل وقتها إلا بالزوال كما هو قول جمهور أهل العلم.
القول الثاني في المسألة: أنها تسقط صلاة الجمعة والظهر عملاً بظاهر الحديث، وبظاهر ما روي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه حيث صلى العيد ولم يصل بعدها إلا العصر.
والقول الثالث في المسألة: أنها تجب صلاة الجمعة، لكن يعفى عمن حضر صلاة العيد