الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يلاحظه عثمان رضي الله عنه، لأن العلم في زمن عثمان انتشر أكثر من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام أحرص منه على ألا يضل الناس في فقه الدين، ومع ذلك كان لا يقصر الصلاة.
فإذن نقول: إن الذين قدموا ذلك مثل مروان بن الحكم قدموا الخطبة على الصلاة أخطأوا وإن كان قصدهم حسنًا، ولا شك أن في مخالفة السُّنَّة فيه إثمًا في هذه الشعيرة؛ لأنك إذا قدمتها والناس كلهم يصلون ليس كلهم علماء يظنون أن الشرع هكذا، فإذا كان هذا الظن سيقع صار إنكاره واجبًا؛ ولهذا أنكر أبو سعيد على مروان حينما قدم الخطبة على الصلاة وهو محل إنكار، لأن الذي يقدم الخطبة على الصلاة مثل الذي يقدم السجود على الركوع وإن كانوا سُّنَّة، لكن ما دام هذا ورد عن الشرع مرتبًا فإنه يعمل به مرتبًا وإن كان التنظير بالنسبة للركوع والسجود، وصلاة العيد وخطبتها ليس من كل وجه، لكن قصدي أن ما ورد مرتبا فإنه ينكر علي من خالف ترتيبه ولا محل للاستحسان مع وجود الشرع.
إذن يستفاد من هذا الحديث: مشروعية الخطبة في العيد، وأنها بعد الصلاة.
صلاة العيد ركعتان بلا نفل:
466 -
وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: "أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صلَّى يوم العيد ركعتين، لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما". أخرجه السَّبعة.
معلوم هذا لم يصلِّ قبلهما، لأنه بادر بالصلاة، ولا بعدهما؛ لأنه اشتغل بالخطبة.
فيستفاد من هذا الحديث: ألَّا يسن قبل صلاة العيد صلاة ولا بعدها صلاة؛ لأن المشهور أن يؤدي صلاة العيد ثم ينصرف بعد الخطبة، هذا واضح جدًّا من الحديث.
ولكن هل هذا شامل للإمام والمأموم، أو خاص بالإمام فقط؟ قال بعض أهل العلم: إنه خاص بالإمام فقط، لأن الإمام ينتظر ولا ينتظر، وأما المأموم فيشرع له أن يتطوع حتى يأتي الإمام كما يشرع ذلك في صلاة الجمعة، فإن المأموم يتقدم ويصلي إلى أن يحضر الإمام، فكذلك في صلاة العيد؛ لأن المحكيَّ هو عدم صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط، وليس فيه نهي والصلاة مرغَّب فيها، فإذا خرج وقت النهي فليقم المأموم وليتطوع ما شاء ولا حرج عليه في ذلك، لا نقول: إنها راتبة كصلاة الظهر مثلًا، ولكن نقول: إنها نفل جائز للمأموم بل إنه مستحب ولا تقول: إنه مستحب من أجل أنه مصلى عيد، لكن نقول: إنه مستحب، وهذا مذهب الشافعي، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يصلي بعدها في موضعها، وأن الإنسان لا
ينهى، فإذا فرغت الصلاة والخطبة فله أن يتنفل في مصلى العيد، ولا حرج عليه، وهذا القول كالذي قبله حيث يقول: إنه ما ورد النهي، والصلاة خير موضوع ومرغب فيها، فإذا لم يرد النهي فالأصل الإباحة، وأما كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ قبلها ولا بعدها فهو أيضًا في الجمعة لم يصلِّ قبلها ولا بعدها، ومع ذلك لا تكرهون للإنسان أن يتطوع في صلاة الجمعة قبل الإمام ولا بعد الصلاة.
وقال بعض أهل العلم: إن تحية المسجد لا بد منها فيصليها، والأفضل أن يقتصر عليها، واستدل بفعل الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يصلون، قال: "لو كان هذا من الخير لكان الصحابة أسبق الناس إليه، ولكن تحية المسجد ثبتت بدليل آخر، فإذا جاء صلى تحية المسجد ثم جلس، ولأنه ربما إذا شرع في الصلاة يحضر الإمام، وحينئذٍ قد يبطل ما شرع فيه أو تفوته أول صلاة العيد، وهذا القول عندي أحسن الأقوال أنه إذا جاء لا يجلس حتى يصلي ركعتين.
فإن قال قائل: كيف تقولون ذلك وهو مصلى وليس بمسجد؟
قلنا: هذا صحيح، أي: أنه مصلى، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام جعل له أحكام المسجد، الدليل أنه منع الحائض من دخوله، ولولا أنه مسجد أو في حكم المسجد ما منع النبي عليه الصلاة والسلام الحيض أن يدخلنه، فهذا القول هو أعدل الأقوال، أما القول بأنّه يكره للإنسان حتى تحية المسجد وحتى لو كان بعد وقت النهي، فهذا قول لا وجه له، بل وهو ضعيف.
ويستفاد من هذا الحديث: أن صلاة العيد ركعتان لقوله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ركعتين، لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما".
ويستفاد منه: أن الفريضة تجزئ عن تحية المسجد إذا قلنا بأن صلاة العيدين فرض، بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يصلِّ تحية المسجد، ومثل ذلك الراتبة فإنها تجزئ عن تحية المسجد مثل لو دخلت لصلاة الفجر، وصليت ركعتي الفجر ولم تصل تحية المسجد أجزأ عنك وهو كذلك.
وقد أخذ العلماء من هذا قاعدة وهي: أنه إذا اجتمع عبادتان من جنس وليس إحداهما مفعولة على وجه القضاء ولا على وجه التبعية للأخرى اكتفي بإحداهما عن الأخرى، واستدلوا بهذا الحديث، فهنا اجتمع عبادتان من جنس وهما الصلاة والتحية، وإحداهما ليست مفعولة. على وجه القضاء، ولا على وجه التبعية للأخرى، لئلًا يقول قائل: إن الفريضة تجزئ عن الراتبة؛ لان الراتبة تبعة للفريضة، فلا يكتفى بها عنها، وعلى هذا فنقول: إذا دخل المسجد وصلى الراتتبة أو الفريضة فلا يكتفى بها عنها، وعلى هذا فنقول: إذا دخل المسجد وصلى الراتبة أو الفريضة