الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدالة على الوجوب، وإذا قلنا: لا يدل على الوجوب فمعناه: أنه بالنسبة للأدلة الدالة على الوجوب غير معارض؛ يعني: إثبات الفضل للشئ لا يدل على عدم وجوبه، بل يكون بالنسبة للوجوب أقرب.
ومن فوائد الحديث: أن الجماعة تنعقد باثنين، من أين تؤخذ؟ من قوله:"مع الرجل أزكى .. ".
ومن فوائده: أن الجماعة لا تنعقد بامرأة؛ أي: رجل وامرأة، من أين يؤخذ؟ من قوله:"صلاة الرجل مع الرجل"، مع أن المشهور من المذهب: أن الجماعة تنعقد بالأنثى، ويمكن الجواب عن هذا الحديث: بأنه مفهوم لقب وليس مفهوم صفة، ومفهوم اللقب ليس قيدًا، وليس بحجة، فالرجل ليس معناه دون المرأة لكن هذا علق بالرجل؛ لا لأنه رجل والمرأة ليست كذلك، بل لأنه لقِّب بهذا اللقب، ومفهوم اللقب عندهم لا حجة فيه.
ومن فوائد الحديث: أنه كلما كانت الجماعة أكثر فهي أفضل، وينبني على ذلك أن نبحث هل يجب أن نذهب إلى الأكثر وندع الأقل أم لا؟ يعني: لو كنا مائة فهل الأفضل أن نتفرق ونصلي جماعة والبعض الآخر جماعة، أو نصلي جميعًا؟ قلنا: أن يصلي الجميع.
ويستفاد منه: أنه لا ينبغي كثرة المساجد في الأحياء؛ لأن هذا يؤدي إلى توزيع الجماعة وتفرقهم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:"ما كان أكثر فهو أحب إلى الله".
حكم إمامة المرأة لأهل دارها:
402 -
وعن أمِّ ورقة رضي الله عنها: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤمَّ أهل دارها". رواه أبو داود، وصحَّحه ابن خزيمة.
قوله: "أمرها أن تؤم أهل داها" أي: تكون إمامة لهم، و "أهل دارها" الظاهر أن المراد به: أهل بيتها لا أهل الحي؛ لأن الدار تطلق على معنيين أحدهما: دار الإنسان الخاصة به، والثاني الدار بمعنى الحي، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها:" أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظَّف وتطيّب" في الدور يعني: في الاحياء. ومنها قولهم: دار بني فلان، أي: حيُّهم.
وهذا الحديث اختلف العلماء رحمهم الله في صحته، وفي حكمه؛ فذهب بعض أهل العلم إلى تضعيفه؛ لأنه من رواية عبد الرحمن بن خلَاّد وهو مجهول، وذهب بعضهم إلى تصحيحه، وقالوا: إنه مجهول، لكنه قد بينت حاله وعرفت، ودعوى الجهالة ليست بقائمة لمن قال بصحة الحديث.
يستفاد من هذا الحديث: مشوعية الجماعة للنساء، وأنه ينبغي للنساء أن يصلين جماعة
منفردات عن الرجال، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد؛ حيث قالوا: إنه يسن إقامة الجماعة للنساء بشرط أن يكن منفردات عن الرجال، وقال بعض العلماء: إن هذا الحديث لا يصح، وأنه لا يشرع للنساء أن يصلين جماعة، نعم يباح لهن الخروج مع الرجال لكن لا يشرع. فالمسألة ليست بتلك القوة التي يجزم الإنسان فيها باستحباب صلاة النساء جماعة؛ لأن مثل هذه المسألة مما تتوفر الدواعي على نقله لو أنها ثبتت، وإنما الجماعة للرجال كما ثبت في الحديث الأول عن أبي هريرة:"أنطلق إلى رجال لا يشهدون الجماعة"، فالأصل في مشروعية الجماعة للرجال، فإن صلين جماعة فهذا خير، ولا ينكر عليهن، وإن لم يفعلن فلا يقال إنهن تركن مشوعًا، وأكثر ما ينتفع النساء في ذلك إذا كن في مدرسة كما يفعلن الآن، فإن النساء في المدارس يصلين جماعة، ويكون في هذا خير؛ لأنهن يتعلمن كيفية الصلاة المشروعة بالطمأنينة وعدم السرعة ويألف بعضهن بعضًا، وهذا الآن هو الموجود؛ يعني: أنهن يصلين جماعة.
حكم إمامة الأعمى:
403 -
وعن أنس رضي الله عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أمِّ مكتوٍم، يؤمُّ النَّاس وهو أعمى". رواه أحمد، وأبو داّود.
"ابن أم مكتوم" اسمه: عبد الله، وقيل: عمر، وكان أحد المؤذنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"استخلفه يؤم الناس" أي: يصلي بهم إمامًا، استخلفه على أي شيء؟ على المدينة، استخلفه عليه الصلاة والسلام عدة مرات -إذا خرج في غزو- على المدينة في رعاية شئون الناس، وكذلك أيضًا في إمامتهم، وكذلك قوله:"وهو أعمى" هذه جملة حالية حال من المفعول به في قوله: "ابن أم مكتوم"، ويجوز أن تكون حالًا من فاعل "يؤم"، والحال أنه أعمى لكننا إذا جعلناها حالًا من المفعول صارت أعم، يعني: صاررت وصفًا له في الاستخلاف وفي الصلاة؛ أي: الإمامة.
فيستفاد من هذا الحديث: جواز استخلاف الأعمى في الحكم.
ويستفاد منه: ضعف من اشترط في القاضي أن يكون بصيرًا، وهذا هو المشهور من المذهب، أي: أنه يشترط أن يكون القاضي بصيرًا، وأن قضاء الأعمى لا يصح إلا إذا دعت إليه الضرورة، وهذه المسألة هل عليها عمل الآن أو لا؟ لا، ليس عليها عمل الآن؛ لأن المسلمين الآن يولون القضاء من هو أعمى، وإن كان يوجد غيره، وهذا هو الصحيح؛ بمعنى: أنه يجوز تولية القاضي وهو أعمى كما استخلف الرسول عليه الصلاة والسلام ابن أم مكتوم وهو أعمى.
ومن فوائد الحديث: جواز إمامة الأعمى، وهذا هو الشاهد من الحديث؛ فيجوز أن يؤم الناس وهو أعمى، لكن إذا كان نائبًا عن الإمام الراتب فإنه لا ينظر هل هو أقرأ الناس أو ليس أقرأهم؛ لأنه نائب مناب الأصل، أما إذا كنا نريد أن نصلي جماعة وليس لدينا إمام راتب فإنه كما سبق:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"؛ فإنه إذا كان أقرأهم قدِّم ولو كان أعمى، لكن لو استويا في جميع الصفات إلا العمى والبصر يقدَّم البصيرفهو أولى كما قاله الفقهاء رحمهم الله.
ومن فوائد الحديث: منقبة ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وأنه لثقة الرسول عليه الصلاة والسلام به في دينه وقوته كان يخلفه، وهل نأخذ منه أنه لا يجب الجهاد على الأعمى؟ ليس بظاهر؛ لأنه قد يقال: لو فرض أنه واجب عليه، فإنه تخلف بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام كما تخلف عثمان رضي الله عنه في تمريض ابنة الرسول -علية الصلاة والسلام-.
ويستفاد منه: جواز نسبة الرجل إلى أمه إذا اشتهر بذلك، ولم يرغب عنه، ومنه:"عبد الله ابن بحينة"، فإن بحينة هي أمه، ومنه:"عبد الله بن أبي ابن سلول"، فإن سلولًا أمه، وأبيُّا أبوه.
404 -
ونحوه لابن حبَّان: عن عائشة رضي الله عنها.
قوله: "ونحوه" أي: نحو هذا الحديث، والنحو عند العلماء يأتي بممعنى: المثل، ومنه علم النحو، فإنه سمي علم النحو، أي: علم المثل؛ لأنه يقال: إن أبا الأسود الدؤلي كتب قواعد أول ما بدأ في علم النحو حين اختلف اللسان، فكتب قواعد مبسطة وعرضها على علي بن أبي طالب ضي الله عنه فقال علي:"انح نحو هذا" يعني: اسلك مثله: فالنحو والمثل والشبه ووما أشبهه، كله بمعنى واحد.
405 -
وعن ابن عمر رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلُّوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا خلف من قال: لا إله إلا الله". رواه الدَّارقطنيُّ بإسنادٍ ضعيفٍ.
هذا الحديث -كما قال المؤلف- إسناده لا يصح، لكن ننظر إلى معناه:"صلوا على من قال: لا إله إلا الله" متى؟ إذا مات، و"صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله" أي: ليكن إمامًا لكم، فالأول: "صلوا على من قال: لا إله إلا الله". أي من قالها بلسانه معتقدًا لها في قلبه، وأمَّ من قالها نفاقًا فإن الله قال: {ولا تصل على أحدٍ منهم مَّات أبدًا ولا تقم على قبره} [التوبة: 84]. فإذا علمنا أنه قالها نفاقًا فإنه لا يصلى عليه، وكذلك "صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله" من قالها بقلبه ولسانه لا من قالها مناففقًا فإنه لا يصلى خلفه؛ لأن الصلاة خلفه لا تصح.
ولما كان هذا الحديث صحيحًا -على الرغم من إسناده- فإننا نستفيد منه ما يلي: وجوب الصلاة على الميت المسلم لقوله: "صلوا" والأمر للوجوب هل هو فرض عين أو فرض