الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة"، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الذين يتعلقون بهذه الأشياء عبادّا لها، ومن المعلوم أنه ليس المعنى: أن الإنسان يسجد للدينار أو للدرهم، لكن المعنى أن قلبه متعلق بهذه الأشياء، فمحبته لها زاحمت محبة الله عز وجل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يمكن أن يتحول أحد من حال إلى أخرى أو يقوى على ذلك إلا بالله، ويتفرع على هذا أن يعتمد الإنسان على ربه غاية الاعتماد حتى في أيسر الأشياء يعتمد على الله، ولهذا جاء في الحديث:"ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله".
فأنت يا أخي المسلم اعتمد على الله عز وجل في كل شيء، لا تعتمد على حولك وقوتك، فإنك إن فعلت هزمن ووكلت إليها ولم يحصل مقصودك، ولكن إذا اعتمدت على الله-سبحانه وتعالى يسر لك الأمر، ولهذا لو قال الإنسان:"والله لأفعلن كذا" فإن الغالب أنه لا ييسر له ذلك، وإذا قال:"والله إن شاء الله" يسر له؛ لأنه علق ذلك بمشيئة الله تعالى.
كيفية القراءة في الصلاة:
275 -
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر -في الركعتين الأوليين- بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحيانًا، ويطول الركعة الأولى، ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب". متفق عليه.
أبو قتادة رضي الله عنه بين أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورتين ولم يبين هاتين السورتين، لكن السنة ثبتت أن الغالب أنها تكون من أوساط المفصل:"الشمس وضحاها"، "والليل إذا يغشى"، وما أشبه ذلك.
وقوله: "يسمعنا الآية أحيانًا" يعني: أنه عليه الصلاة والسلام يتقصد أن يرفع صوته ليسمع من وراءه لقوله: "يسمعنا"، وهذا يدل على الإرادة، لم يقل: ونسمع منه الآية، ولو قال: نسمع منه الآية لكان ربما يكون جهره بها تلقائيًا، لكن قوله:"يسمعنا" يدل على أنه يريد هذا، والحكمة من ذلك إما لينتبه المصلون، وإما ليعلموا أنه يقرأ سورة، وإما لأن الآية التي جهر بها تحمل معنى خاصًا ينبغي التنبه له، المهم أنه يسمعهم الآية.
وقوله: "أحيانًا" أي: وأحيانًا لا يسمعنا، ولكن حذف الطرف الثاني للعلم به من قوله:"يسمعنا الآية أحيانًا".
ويقول رضي الله عنه: "يطول في الركعة الأولى" يعني: أطول من الثانية، فإذا قرأ بمقدار خمس دقائق في الأولى قرأ في الثانية بمقدار ثلاث دقائق؛ يعني: بعد الفاتحة وورد أيضًا - وسيأتينا إن شاء الله - أنه يجعل صلاة العصر على النصف من صلاة الظهر، فتكون القراءة في الظهر أطول من قراءته في العصر.
أسئلة:
- سبق لنا أن بعض الواجبات يسقط إلى بدل، نريد مثلًا على ذلك؟
- ومن الواجبات من يسقط إلى غير بدل، مثل؟
- إذا عجز عن البدل فماذا يكون؟ يسقط عنه، مثاله: كفارة القتل الخطأ.
- ما الدليل على الاقتصار في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر بالفاتحة فقط من حديث أبي قتادة؟
نعود للفوائد:
من فوائد هذا الحديث: حرص الصحابة على نقل السنة بدون تغيير ولا زيادة ولا نقص؛ لأن أبا قتادة نقل السنة في قراءة الظهر والعصر في الركعتين الأخريين على وجه مفصل، وهكذا يجب على من ورث الصحابة في نقل السنة ألا يزيد ولا ينقص ولا يغير.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي أن يسمع الآية أحيانًا في قراءة الظهر والعصر، دليله: فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: أما يخشى أن يشوش هذا على من وراءه من الناس؟
فالجواب: نعم ربما يشوش، لكن الذين وراءه قراءتهم تبع لقراءة الإمام، فلا يخل ذلك بقراءتهم.
ومن فوائد حديث أبي قتادة: حكمة الشريعة في أنه كلما كثر العمل ازداد تخفيفًا، ومن ذلك ما حصل في صلاة الكسوف، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطول في القراءة أول ما يقرأ على آخر القراءة، وهذه من السياسة الحكيمة؛ لأن النفوس مهما كانت في الحرص على الطاعة لابد أن يلحقها كسل أو ملل، فروعي هذا وصارت العبادة تخفف.
فإن قال قائل: ألسنا في رمضان نكثر من الصلاة في العشر الأواخر أكثر من العشر الأول والأوسط؟
فالجواب: بلى، لكن لمزية اختصت بها العشر الأواخر وهي ليلة القدر، فهل مثل ذلك إذا كان المعلم يراعي التلاميذ فيشدد عليهم في أول الحفظ وفي الآخر يخفف، يعني: مثلًا أنه