الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس اعتاده، قال: لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "إن التثاؤب من الشيطان"، وقد قال الله تعالى:{وإمَّا ينزغنَّك من الشَّيطان نزٌغ فاستعذ بالله} . فهو دليل على أنه يشرع، ولكن نقول: إن نزغ الشيطان الذي أشار الله إليه هو: الأمر بالمعاصي أو التثبيط عن الطاعات؛ بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام ما فسَّرها بذلك وهو أعلم الناس بمراد ربه عليه الصلاة والسلام، فلو كان هذا مرادًا لكان النبي عليه الصلاة والسلام يشرع لأمته الاستعاذة إذا حصل التثاؤب، المهم: أنه يجب علينا أن نعرف الفرق بين إثبات مشروعية الشئ وبين فعله أحيانًا إذا كان مشروعًا بشرط أن يكون له أصل في الشرع، وأمَّا إذا لم يكن له أصل، فإنه ليس مشروعًا مطلقًا.
قد يقول قائل: إن هذه القاعدة توجب لكم أن تبيحوا الاحتفال بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام أحيانًا.
فنقول: إن الاحتفال أصلًا لم يرد بخلاف الجماعة في الصلاة، وما ذكرنا لكم من أمثلة، أما الاحتفال بمولده فليس مشروعًا إطلاقًا، فلم يرد له أصل حتى نقول: إنه مشروع، فالقاعدة التي ذكرناها قاعدة مهمة أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله وهي معروفة من التتبع.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه أخذ بذؤابته من ورائه، والذؤابة ما هي؟ ذؤابة الرأس، ففيه دليل على جواز جعل رأس الرجل ذوائب وهو كذلك، وقد كان الناس يفعلون ذلك، لاسيما في البادية، أنا أذكر أني رأيتهم في البادية الرجل له ذؤابة تصل إلى السرة أحيانًا.
صلاة المرأة والصغير خلف الإمام:
396 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: "صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أنا ويتيم خلفه، وأمُّ سليم خلفنا". متَّفق عليه، واللَّفظ للبخاري.
"صلى" في أي مكان؟ في بيت أم سليم، وكانت دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، والنبي عليه الصلاة والسلام كان من أحسن الناس خلقًأ، هذه المرأة لمحبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما صنعت هذا الطعام أحبت أن يأكل منه، فدعت النبي عليه الصلاة والسلام فلبَّى دعوتها ولما جاء قال أنس: قمت إلى حصير لنا من النخل قد اسودَّ فنضحه بماء من أجل أن يلينه؛ لأن الحصير إذا اسودَّ من طول اللبس يكون فيه أعواد صغيرة ربما تنشف بالجلد، ولكنه نضحه ليلين، فقام النبي عليه الصلاة والسلام يصلي بهم يقول:"فقمت أنا ويتيم خلفه"؛ لأنهم ثلاثة،
والسنة إذا كانت الجماعة ثلاثة أن يتقدم الإمام، هذا هو الذي ثبتت به السنة أخيرًا، وكان بالأول كانت السُّنة إذا كانوا ثلاثة أن يكون الإمام بينهم واحد على اليمين وواحد على اليسار، لكنها نسخت، وكان ابن مسعود لم يعلم بنسخها؛ فصلَّى مرة بالأسود وعلقمة فجعل أحدهما عن يمينه والثاني عن يساره. لكن السُّنة لا شك أنها ثبتت بأن الأمر منسوخ، يقول:"فقمت أنا ويتيم"، اليتيم عند أهل العلم هو: الذي مات أبوه ولم يبلغ، ولو كانت أمّه باقية. العامة عندنا يون أن اليتيم من ماتت أنه، لكن الصواب: أن اليتيم هو الذي مات أبوه، وقوله: : وأم سليم خلفنا" هذه يعربها ابن آجروم، بأنها: ظرف مكان منصوبة على الظرفية بالفتحة الظاهرة، أين خبر المبتدأ متعلق بالظرف، الخبر إذن شبه جملة.
هذا الحديث فيه فوائد: ونأخذ من الفوائد حتى من اللفظ الذي لم يذكره المؤلف، وهي: قوة محبة الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم ذكورًا وإناثًا.
ومنها: جواز دعوة المرأة للرجل إذا أمنت الفتنة، مثل: لو أن امرأة كبيرة في السن دعت جيرانها فلا حرج إذا أمنت الفتنة.
ومنها أيضًا: سهولة خلق النبي -علية الصلاة والسلام- وإجابته لدعوة المراة.
ومنها: جواز الصلاة على الحصير، ففيه رد على من قالوا: إنه لا يجوز السجود إلا على الأرض، أو ما كان على الأرض؛ لأن الرسول سجد على حصير، وثبت عنه أنه كان يسجد على الخمرة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز صلاة النافلة جماعة أحيانًأ؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام صلَّى بهم جماعة.
ومنها: أن موقف الاثنين فأكثر يكون خلف الإمام.
ومنها: جواز مصافة الصبي، وهذه أيضًأ من المسائل الكبار التي اختلف فيها العلماء، فمن العلماء من يقول: إن مصافة الصبي لا تصح إلا في النفل، ولا تصح في الفرض، ومنهم من قال: إنها تصح في النفل وفي الفرض، وهو الصواب؛ لأنه قد ثبت أن الصبي يكون إمامًا لا مصافّا، وصحة إمامته أبلغ من صحة مصافته، فقد مرّ علينا أن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه وله ست أو سبع سنين، إذن فالقول الثاني في المسألة: أنه يصح أن يكون الصبي مصافًا للبالغ في النافلة بهذا الحديث، وفي الفريضة بأنه لا فرق، الدليل قياس الفرض على النفل لعدم وجود الفارق بينهما.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المرأة تكون خلف الرجال ولا تصفُّ معهم، حتى ولو كانوا من محارمها.
ومنها: نظر الشارع إلى ابتعاد المرأة عن الاختلاط بالرجال، حيث إنه أذن لها أن تصلي وحدها، ولا تكون مع الرجل، فيكون في هذا ردُّ لأولئك الذين ينادون باجتماع الرجل والمرأة، واختلاط النساء بالرجال، وأن هؤلاء مضادون لحكم الله عز وجل إذا كان في العبادات التي هي من أجل ما يختلط فيه الرجال والنساء، وأبعد ما يكون عن الفتنة، فكيف بالأماكن التي تكون مدعاة للفتنة، ثم إنكم أيضًا تعرفون ما يكون من فتنة المرأة إذا جاءت للعمل واختلطت بالرجل، كيف تأتي؟ لا شك أنها تأتي متبرجة، متطيبة كل ما تملك من الجمال تأتي به.
397 -
وعن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه انتهى إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصَّفِّ، ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ، وذكر ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"زادك الله حرصًا ولا تعد". رواه البخاريُّ.
وزاد أبو داود فيه: "فركع دون الصَّفِّ، ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ".
"أبي بكرة" هذا لقب، ويقولون: إنه سمي بذلك؛ لأنه نزل في حصار الطائف من السور ببكرة، يقول:"أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو"، الضمير يعود على الرسول عليه الصلاة والسلام، والجملة:"وهو راكع" حالية في محل نصب من النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: والحال أنه راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، من الذي ركع؟ أبو بكرة قبل أن يصل إلى الصف، وطبعًا مشى إلى الصف، ودخل فيه، وفي بعض ألفاظ الحديث:"أنه جاء مسرعًا يسعى قد حفزه النفس".
فهاهنا أربعة أشياء: الإسراع، والركوع قبل الوصول إلى الصف، والمشي حتى يدخل في الصف وموافقة الإمام في الركوع، أربعة أشياء، ننظر الآن ما هو المشروع منها، وما هو غير المشروع لأجل أن نطبق عليه قوله:"ولا تعد" يقول رضي الله عنه: "فركع قبل أن يصل إلى الصف" يعني: ثم دخل في الصف لا شك في هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"زادك الله حرصًا" متى قال له؟ بعد الصلاة، إذن الحديث فيه شيء محذوف، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته سأل:"من الذي جاء؟ "، فقيل له: أبو بكرة، أو هو قال: أنا يارسول الله، فقال له:"زادك الله حرصًا"، وقوله:"زادك الله حرصًا"، حرصًا هذه مفعول ثان لزادك؛ لأن زاد تنصيب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبرًا، فهي من باب كسا وأعطى تنصب مفعولين، "زادك الله حرصًا ولا تعد"، (لا) ناهية (تعد): فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة الجزم السكون، وهو من عاد يعود، مثل: قال يقول،
والنهي منه "لا تفعل" كما قال تعالى: {فلا تقل لَّهما أفٍ} (الإسراء: 23). إذن "لا تعد" من العود، يعني: لا تعد لمثل هذا العمل، وهذا متفٌق عليه في جميع الروايات أنه "لا تعد"، وزعم بعضهم أنه قال:"ولا تعد"، وهذا لا يصح لا رواية ولا دراية، وزعم بعضهم أنه قال:"ولا تعد" وهذا أيضًا لا يصح فالرواية الصحيحة الثابتة: "ولا تعد" من العوَّد، وهي متضمنة لعدم إعادته ومتضمنة لعدم عدوه أيضًا، ننظر الآن:"لا تعد"، إلى أي شيء؟ قلنا: إنه فعل أربعة أشياء: أسرع، وركع قبل أن يصل إلى الصف، ودخل في الصف، ووافق الرسول عليه الصلاة والسلام في الركوع، فلم ينتظر حتى يقرأ الفاتحة، هذه الأمور الأربعة ننظر ما الذي يتوجه إليه النهي، أولًا إسراعه هل يتوجه إليه النهي؟ نعم، من أين يؤخذ؟ من دليل آخر وهو:"إذا أقيمت الصلاة فامشوا ولا تسرعوا". إذن الإسراع دخل في قوله: "ولا تعد"، دخوله قبل أن يصل إلى الصف أيضًا منهي عنه أم لا؟ نعم منهي عنه؛ لأن الإنسان مأمور بالمصَّافة، وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يكبر حتى تستوي الصفوف، فمن باب أولى أن يقال: إن الإنسان لابد أن يدخل في الصف قبل أن يكبر، مشيه إلى الصف مأمور به لكي يدخل في الصف.
رابعًا: دخوله مع النبي عليه الصلاة والسلام بدون أن يقرأ الفاتحة، هل يتوجه إليه النهي؟ لا يتوجه لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:"ما أدركتم فصلُّوا"، الآن هو أدرك الركوع فليصلِّ ولا ينتظر؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام:"إذا ركع فاركعوا" فيكون النهي في قوله: "لا تعد" للإسراع أو للركوع قبل الدخول في الصف أمَّا "لا تعد" فيعني: لا تركع إذا أدركت الإمام راكعًا فهذا لا يتوجه إليه النهي؛ لأن الأحاديث الأخرى تدل على أن الإنسان إذا أتى والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام، هذه الأشياء هي التي يتوجه إليها النهي في قوله:"لا تعد"، فصار يتوجه إلى شيئين ولا يتوجه إلى شيئين آخرين، نعود إلى القصة فهي معروفة وذلك أن الصَّحابي رضي الله عنه جاء والنبي راكعًأ فأسرع وأدركه راكعًأ خوفًا من أن تفوته الركعة، وحرصًا على إدراك الركوع.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد منها: أنه ينهى الإنسان أن يسرع ولو أدرك الإمام راكعًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تعد"، إلا أن أهل العلم رخَّصوا في الإسراع الذي لا يقبح، كما نَّص عليه الإمام أحمد رحمه الله، فقد قال: ما لم تكن عجلة تقبح، فقيَّدها بأن تكون قبيحة، أمَّا إذا كان إسراعًا مع هدوء وسكينة فلا حرج رخَّص فيه بعض أهل العلم، والأولى أن يبقى النص على ما هو عليه، والحمد لله هو في عافية، أمَّا ما يفعله بعض العامة الآن بأن يكون إذا جاء
والإمام راكع يقول: اصبر إن الله مع الصابرين، وربما يتنحنح، فهذا خلاف المشروع، وقد حدثني بعض الناس أن أحد الأئمة إذا سمع الداخل رفع مباشرة وإن لم يتأخر كثيرًا إذا أتى بالطمأنينة رفع ويقول: إني أفعل ذلك لأني أخشى أن يأتي هذا عجلًا فيكبر تكبيرة الإحرام وهو راكع كما يفعله بعض العامة يكبر وهو يهوي، والواجب أن يكبِّر الإنسان تكبيرة الإحرام وهو قائم، لكن المشهور من المذهب: أنه يستحب انتظار الداخل ما لم يشق ذلك على المأموم، وليس في هذا سنة متبعة عن الرسول عليه الصلاة والسلام غاية ما هنالك أن يقال: إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعجل إذا سمع بكاء الصبي مخافة أن تفتتن أمه، مع أن التعجيل فيه تفويت للمأمومين الذين خلفه، أعني: بعض ما يرون، فالانتظار بدون مشقة على المأمومين لأجل مصلحة دينية -وهو إدراك هذا القادم لما يدرك من الصلاة- يكون من باب أولى، فالمسألة مسألة قياس واجتهاد، فإذا رأى الإمام أن الناس عندهم غشم وعدم طمأنينة وأنهم إذا جاءوا وهو راكع كبَّروا للركوع ونسوا تكبيرة الإحرام أو كبَّر بنية الدخول في الصلاة، ولكنه وهو يهوي ورأى أنه من المصلحة ألَاّ ينتظ فهذا طيب له أن يفعله.
ومن فوائد هذا: أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة، وفي هذه المسألة معترك بين أهل العلم، فمنهم ممن قال: إنه لا يدركها؛ لأن قراءة الفاتحة ركن في الصلاة في كل ركعة؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام للمسئ في صلاته: "وافعل ذلك في صلاتك كلها"، وقال بعضهم: بل هو مدرك للركعة؛ لأن قراءة الفاتحة في حق المأموم سنة وليست بواجبة، وقال آخرون: بل إنه إذا أدرك الركوع أدرك الركعة؛ لا لأن قراءة الفاتحة غير واجبة على المأموم، لكن لأنها سقطت في هذه الحال حيث إنه لم يدرك القيام الذي هو محل القراءة، كل هذه تعليلات، لكن ما الذي يدل عليه ظاهر الحديث؟ يدل ظاهر الحديث على أنه أدرك الركعة؛ لأن أبا بكرة رضي الله عنه عجَّل من أجل إدراك الركعة كما في بعض الطُّرق أشار إليها الحافظ في الفتح:"قال: خشيت أن تفوتني الركعة"، وهذا دليل على أنه أسرع لهذا الغرض ولم يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بقضاء هذه الركعة ولو أمره لنقل، والنبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى أحدًا أخطأ نبَّه على خطئه مثل الرجل الذي صلَّى بدون طمأنينة قال له:"ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ"، فلو كان أبو بكرة لم يدرك الركعة لأمره بقضائها؛ لأنه ما أسرع إلا لإدراكها، وهذا هو القول الراجح، مع أني أرى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في كل ركعة في الجهرية والسرية، لكن الحديث واضح.
ومن فوائده أيضًا: معاملة النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه خير معاملة، هذا الرجل
أخطأ بلا شك، والدليل على خطئه قوله له:"ولا تعد"، لكن مع ذلك لمَّا علم النبي عليه الصلاة والسلام أنه أراد الخير قال له:"زادك الله حرصًا"، لو أن أحدًا فعل مثل ما فعل أبو بكرة قال: من أجل ان تنالني دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم الآن يصلح؟ ما يصلح؛ لأن أبا بكرة رضي الله عنه ما كان عالمًأ بأن هذا مما ينهى عنه، وإلا لما فعل لكن لا شك أن من كان مجتهدًا حريصًا على الخير، وإن لم يصب فهو مأجور له أجر على اجتهاده وإن لم يصب الحكم.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من ارتكب محظورًا جاهلًا فلا إثم عليه، من أين يؤخذ؟ لم يقل: إنك آثم، ولا وبخه عليه الصلاة والسلام، وهكذا كانت عادته عليه الصلاة والسلام ألَاّ يوبخ من فعل الشئ جاهلًا، لم يوبخ الرجل الذي بال في المسجد، ولم يوبخ الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان، ولم يوبخ الرجل الذي تكلَّم في الصلاة؛ لأن كل هذا صار عن جهل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينهى عن الدخول في الصلاة قبل الوصول إلى الصف؛ لقوله: "ولا تعد".
ومن فوائده: أن الصلاة منفردًا خلف الصف جائزة، هذه الفائدة أخذها بعض العلماء وقالوا: إن فيه دليلًا على أن صلاة المنفرد خلف الصف جائزة؛ لأن الرسول ما أمره بالإعادة وهو قد صلَّى قبل أن يصل إلى الصف، ولو كانت ممنوعة لأمره بالإعادة، وهذا الاستدلال قريب من استدلال من استدلَّ بقصة ابن عباس السابقة حينما أداره الرسول عليه الصلاة والسلام وراء ظهره دلَّ على جواز الصلاة منفردًا، ولكن الصحيح أنه ليس فيه دليل؛ لأن هذا الرجل ما استمر في جميع الصلاة منفردًا، لو أتمَّ صلاته منفردًا لكان فيه دليل على أنه لا تحرم الصلاة منفردًا، لكن الرجل تقدم إلى الصف ولهذا نقول: إذا صلى منفردًا خلف الصف ركعة فأكثر لا تصح صلاته، وغن خاف فوات الركعة فله أن يدخل في الصف بشرط ألَاّ يصلي ركعة فأكثر، فإن صلَّى ركعة فأكثر فالصحيح: أنه لا تصح صلاته.
ومن الفوائد: أن المجتهد معذور ولو أخطأ.
ومنها: إثبات الأسباب، وأن الدعاء منها، يؤخذ هذا نت قوله:"زادك الله حرصًا".
ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لغيره نفعًا ولا ضرًا، وتؤخذ هذه الفائدة من دعائه، وفيه إيراد. لو قال قائل: إن كان الأمر مكتوبًأ فلا فائدة من السؤال، وغن كان لم يكتب فالسؤال لن يأتي به فما الجواب؟ يقولون: إن أحد الطلبة أو الحاضرين أورد هذا السؤال على الشيخ محمد عبده، فقال الشيخ: إن كان الله قد شاء أن أجيبك فلا فائدة من سؤالك لي، وإن كان الله لم يشأ أأجيبك فلن أجيبك على سؤالك، ألقمه الحجر من حجته، نحن نقول: في الجواب عن أصل المسألة: ما فائدة الدعاء إذا كان الله قد قدَّره، وإذا كان الله لم يقدره، فإن الدعاء لن يأتي به