الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه ثواب الواجب، وإن كان للاستحباب أثبت عليه ثواب المستحب، وأنت إن تركته على خطر، وكذلك نقول في النهي: إذا نهى عن شيء فاتركه، أنت لو نهاك أبوك عن شيء هل تقول: يا أبت، أنت عازم في النهي أو لست بعازم، أم تنتهي عنه؟ يمكن لو قلت له ذلك أن يلفعك على الرأس ويقول لك: نهيتك انته، أمرتك ائتمر، فلهذا على الإنسان الذي يريد أن يخلص ذمته يفعل ما أمر به وليترك ما نهى عنه إلا إذا قامت الأدلة الواضحة على أن للكراهة في النهي وللندب في الأمر، فهذا ظاهر وإلا فلا شك أن السلامة أن يفعل الإنسان المأمور وأن يدع المنهي بدون أن يستفصل، نعم ربما لو أن أحدًا وقع فيما نهي عنه الشارع وليس عند الإنسان يقين بأن النهي للتحريم قد يتورع المفتى عن تأثيم هذا الرجل أو إلزامه بشيء، ولكن كيف يتخلص من هذا؟ يقول: تب على الله عز وجل مما انتهكت من النهي وبهذا يسلم. ثم قال المؤلف:
الصلاة على الغائب:
531 -
وعن أبى هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم، وكبر عليه أربعًا" متفق عليه.
"نعى النجاشي" يعني: أخبر بموته في اليوم الذي مات فهي - وحى من الله- أعظم من التليفون وأسرع وأصدق وأبين، أخبره الله عز وجل بأن هذا الرجل مات، والنجاشي اسمه "اصحمة"، وكان ملكًا للحبشة في أفريقيا، وقد أكرم الذين هاجروا من الصحابة إليه، أكرهم وأسلم رضي الله عنه، لكنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ففاتته رتبة الصحبة إلا أنه أكمل من التابعين، لأنه أدرك عهد النبوة، والعدل أن يعطي كل إنسان ما يستحق، فالذي أدرك عهد النبوة وشاهد النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به صحابي أعلى المراتب، والذي لم يدرك العهد دون ذلك، والذي أدرك العهد ولم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بين المرتبتين، ولهذا الصحيح أن هؤلاء أفضل من التابعين من حيث المرتبة يقطع النظر عن الشخص مع الشخص، لكن من حيث المرتبة، هذه المرتبة أفضل من مرتبة التابعين، ويسمى في اصطلاح أهل العلم "مخضرمًا" لأن الخضرمة القطع، انقطع عن مرتبة الصحابة.
النجاشي رحمه الله أسلم وآمن بالرسول صلى الله عليه وسلم وبعث إليه، بل أصدقه صداق أم حبيبة رضي الله عنه أصدقه إياه أربعمائة دينار فيما أظن، وهذا الرجل توفى في بلده، وهل عنده قوم يصلون عليه أم لا؟ لا ندري، قد يغلب على الظن أنه ليس عنده أحد، أو عنده من لا يعلم عن صلاة الجنائز، لأنهم بعيدون عن المدينة والمواصلات ليست كوقتنا هذا، على كل حال أخبرهم بموته في اليوم الذي مات فيه، وسماه أخًا لهم.
وقوله: "في اليوم الذي مات فيه" متعلق بـ "نعي" يعني: نعاه في نفس اليوم، وقوله:"خرج بهم إلى المصلى" اختلف الشراح في "المصلى" بعد اتفاقهم على أن المصلى على وزن "مفعل" أي: مكان الصلاة، لأن اسم المكان من الرباعي فما فوق يكون على وزن اسم المفعول، فيقال: مصلى، ويقال: مخرج وما أشبه ذلك، فقوله:"إلى المصلى" اختلف الشراح في المراد به، فقيل: إن المراد به: مصلى الجنائز، وقيل: إن المراد به: مصلى العيد، فرجح الأول بأن هذه صلاة جنازة، فكان الأنسب أن تكون في المكان الذي يصلى فيه على الجنائز، ورجح الثاني بأن "أل" للعهد، والمعهود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقال: المصلى فهو مصلى العيد، وأما مصلى الجنائز فيقيد بالإضافة، ويقال: مصلى الجنائز، فهذا ما يرجح أن المراد به: مصلى العيد، الحكمة من ذلك: إعلاء شأن هذا الرجل، لأن الناس إذا خرجوا إلى مصلى العيد ليصلوا عليه اشتهر ورفع ذكره بين الناس وهذا مرعوف، وهذا عندي هو الأقرب، أنه خرج بهم إلى مصلى العيد تنويهًا بذكر هذا الرجل وإعلاء لشأنه رحمه الله.
قال: "فصف بهم" أي: جعلهم صفوفًا كصفوف الصلاة، و"كبر عليه أربعًا" في حديث جابر رضي الله عنه:"كنت في الصف الثالث أو الرابع"، وهذا يدل على كثرة الذين خرجوا، لأن مصلى العيد- فيما يظهر- واسع، فإذا كان جابر في الصف الثالث أو الرابع فهذا دليل على أن الناس خرجوا بكثرة، قال:"وكبر عليه أربعًا" ولم يذكر سوى التكبير، لأن المظاهر - والله أعلم- أنه أراد أن سن عدد التكبير حيث اختلفت السنة فيه، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فكبر عليها خمسًا، فلما اختلفت نص على التبكير، وأما ما يقرأ فيما بين التكبيرات فسيأتي - إن شاء الله تعالى-.
ففي هذا الحديث عدة فوائد؛ منها: جواز النعي وهو: الإخبار بموت الميت ليصلى عليه، ودليلة: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإن قلت: هذا فعل، وحديث حذيفة قول، والقول مقدم على الفعل لاحتمال الخصوصية فالجواب: أن الأصل عدم الخصوصية، وأننا مأمورون بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.
إذن نقولك احتمال أن يكون خاصًا بالرسول صلى الله عليه وسلم الأصل عدمه، ومن العجيب أن الشوكاني رحمه الله - مع أنه من العلماء الفحول- يري أنه إذا تعارض القول والفعل أدنى معارضة فالحكم للقول ويلغي الفعل، يقول: لاحتمال الخصوصية، ونحن نقول: إذا أمكن الجمع فإن
الأول الجمع؛ لأن فعل الرسول لا يعارض قوله، ولهذا أمثلة كثيرة منها هذا الحديث" ومنها: حديث النهي عن الشرب قائمًا، مع أنه شرب قائمًا، ومنها: حديث النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في البنيان، وله أمثله كثيرة، لكن الصواب في هذا أنه يجب علينا أن نأخذ بالقول والفعل، وأن نجمع بينهما ما استطعنا، نعم إذا لم نستطع وأعيانًا الأمر فيمكن أن نقول: هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم لأننا لا نعلم وجهًا يمكن فيه الجمع بين فعله وقوله، فحينئذ نقول: فعله خاص به ونبقى على دلالة القول.
ومن فوائد الحديث: فضيلة النجاشي رحمه الله، وذلك لاهتمام النبي صلى الله عليه وسلم به، بل ولعناية الله به من قبل، فإن الله تعالى أخبر نبيه بموته، والنبي صلى الله عليه وسلم اهتم به كما سمعتم.
فيستفاد منه: فضلية هذا الرجل، وربما يستفاد منه: فضيلة صلاح السلطان، وأن للسلطان أهمية في صلاحه؛ لأن هذا الرجل ليس رجلاً عاديًا، بل هو ملك للحبشة.
فقد يؤخذ منه: الاهتمام بصلاح السلطان، ولا شك أن صلاح السلطان له أهمية عظيمة كما قال الإمام أحمد رحمه الله: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان، لأن بصلاحه صلاح الأمة.
وقد يؤخذ منه أيضًا: فضيلة من انفرد بالصلاح في مكان أهله ذو فساد، يؤخذ من أن النجاشي رحمه الله كان في مكان أهل شر وفساد وهو رحمه الله صالح، ولا شك أن الصلاح في موضع الفساد له فضل وأهمية، ولهذا ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طوبي للغرباء الذين يكونون في الناس كالغرباء"، الناس أهل شر وفساد وهذا أهل صلاح كأنه غريب في هذا البلد، وورد أيضًا في أيام الصبر أن للعامل فيهن أجر خمسين من الصحابة، ولا شك أن انفراد الإنسان بالصلاح في موضع يكثر فيه الفساد يعتبر من نعمة الله عليه وأن له شأنًا ينبغي أن يهتم به؛ ليكون ذلك تشجيعًا لغيره، وكذلك تقويه لهذا الرجل الذي صلح في مكان الفساد.
ويستفاد من الحديث: مشروعية الصلاة على لغائب أو جواز الصلاة على الغائب، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على أقوال ثلاثة: فمنهم من يري: أنه يشرع الصلاة على كل غائب أيا كان هذا الغائب، إذا مات ميت في بلد فإنه تشرع الصلاة عليه مطلقًا ولو كان من عامة الناس، وبناء على ذلك رأي بعض أهل العلم- رحمهم الله أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن
ينام أن يصلى صلاة الجنازة وينوي بها الصلاة على كل من مات من المسلمين في هذا اليوم والليلة، والقول الثاني: أنه لا تشرع الصلاة مطلقًا على من مات إلا إذا علمنا أنه لم يصل عليه، أو بعبارة أصح: إلا إذا لم نعلم أنه صلى عليه، والثالث: أنه تشرع الصلاة على كل من قدم صدق وإصلاح ونفع في الأمة، كالعالم الكبير والتاجر النافع للناس بماله والسلطان وما أشبه ذلك هذا قول وسط بين القولين، ولكن الأرجح القول الثاني أن الصلاة لا تشرع إلا على من لا نعلم أنه صلى عليه، فإنه يجب علينا أن نصلى عليه.
ومن فوائد الحديث: ثبوت آية للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كشف له عن موته في نفس اليوم، وهو ظاهر لقوله:"في اليوم الذي مات فيه".
ومن فوائد الحديث: أنه تجوز الصلاة على الميت في مصلى العيد، بناء على أن المصلى في الحديث هو مصلى العيد.
وفيه أيضًا: التنويه بفضل النجاشي، لأن خروج النبي صلى الله عليه وسلم بهم إلى المصلى هذا يوجب أن يكون له ذكر وشهره بين المصلين.
ومن فوائد الحديث: مشروعية المصافة في صلاة الجنازة لقوله: "فصف بهم".
ومن فوائد: أن صلاة الجنازة حكمها حكم الصلوات الأخرى، فيشرع لها ما يشرع للصلوات الأخرى من الوضوء، أو بعبارة أعم: من الطهارة واستقبال القبلة والتسوك وما أشبه ذلك.
لو خاف الإنسان أن تفوته الصلاة على الجنازة وهو ليس على وضوء هل يتيمم؟ هذا مسألة اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال: إنه يتيم قياسًا على خوف فوات وقت الفريضة، فإن الإنسان إذا لم يجد الماء حتى تضايق وقت الفريضة فإنه يتيمم، قالوا: وكذلك صلاة الجنازة إذا لم يتيمم ويصلى فاتته الصلاة، ومثلها صلاة الجمعة إذا أقيمت وأنت لست على وضوء أو أحدثت وأنت قد حضرت بوضوء فإن ذهبت تتوضأ فاتتك الصلاة، وإن تيممت أدركت الصلاة فهذه أيضًا موضع خلاف بين العلماء، فشيخ الإسلام رحمه الله يقول: كل صلاة تفوت إذا تطهر الإنسان لها فإنه يتيم لها، وقاس ذلك على خوف فوات المفروضة المؤقتة.
فعلى هذه القاعدة نقول: إن من خاف أن تفوته صلاة الجمعة- إذا ذهب يتوضأ- له أن يتيم ويصلى الجمعة، ولا يذهب فيتوضأ فتفوته الصلاة ثم يصلى ظهرًا.
ومن فوائد الحديث: مشروعية التكبير على الجنازة أربعًا لقوله: "وكبر عليه أربعًا" وهل تجوز الزيادة؟ سيأتي بيان ذلك في الحديث الذي يأتي ثم قال المؤلف:
فضل كثرة المصلين على الميت:
532 -
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفعهم الله فيه"، رواه مسلم.
قوله: "ما من رجل مسلم يموت" كلنا يعلم أن "ما" من حيث الإعراب نافية، وأن "من" حرف جر زائد، يعني: زائد لفظًا زائد معنى، يعني: يزيد في المعنى وهو التوكيد، وقوله:"رجل" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهروها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، و"مسلم" صفة له على لفظه، ويجوز أن نقول:"ما من رجل مسلم" على المحل، كما هي في قوله تعالى:{أعبدوا الله ما لكم من إله غيره} ، {ما لكم من إله غيره} [الأعراف: 65] فهو صفة على اللفظ وعلى المحل، وقوله:"يموت" هل هي صفة أو خبر؟ إذا لت: ما رجل يموت هل تم الكلام؟ لا، لكن عدم تمام الكلام من حيث المعنى لا يدل على أنه لم تتم أركان الجملة، ولننظر إلى قوله:"فيقوم" هذه معطوف على "يموت".
قوله: {على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه" هذا الخبر، وقوله: "رجلاً" تمييز، لاشي شيء؟ لـ "أربعون" أي: عدد، وقوله: "غلا شفعهم" أي: قبل شفاعتهم فيه، هذا المراد بالتشفيع يعني: يقبل شفاعتهم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يموت رجل مسلم فيقول على جنازته أربعن رجلاً قد سلمت قلوبهم من الشرك فيدعون الله له إلا قبل الله شفاعتهم فيه فقوله: "ما من رجل مسلم" خرج به الكافر، الكافر لو صلى عليه ألف رجل ما نفعته صلاتهم عليه، بل إنه لا يجوز أن يصلى أحد من المسلمين على الكفار؛ لقوله الله تعالى:{ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله} [التوبة: 84] الكافر لا يجوز للمسلم أن يصلى عليه.
وقوله: "أربعون رجلاً لا يشركون بالله" هل المراد بنفي الشرك: ما يتناول الأصغر والأكبر أو هو بالأكبر فقط؟ نقول: ما يتناول الأصغر والأكبر، لأن الذين قاموا عليه لو كانوا مشركين شركًا أكبر ما صحت صلاتهم أصلاً، ولكن المراد: أنهم لا يشركون أصغر ولا أكبر، وما أعظم هذا الشرط، لأننا لو طبقناه على كثير من الناس لوجدنا أنهم خالون من هذا الشرط فما أكثر المرائين، وما أكثر الذين يحلفون بغير الله عز وجل! وما أكثر الذين يتعلقون بأسباب لم يجعلها الله سببًا لا شرعًا ولا قدرًا .. إلى غير ذلك من أنواع الشرك الأكبر! ! هذا ولا بد أن يكون القائم على الجنازة حاليًا من الشرك صغيرة وكبيرة، لأن من كان مشركًا لا يليق أن يكون شافعًا، كيف
نقول: إنه شافع وهو نفسه يحتاج إلى من يشفع له، الشافع لا بد أن يكون خاليًا من الشوائب التي تحول بينه وبين الشفاعة.
وقوله: "أربعون رجلاً" هل هي على سبيل التحديد، أو من باب المبالغة، ما الأصل؟ الأصل: التحديد إلا إذا قامت قرائن تدل على أن المراد: المبالغة فإنه يعمل بها، وبناء على ذلك فإنه يفهم من قوله:"أربعون رجلاً" أنه لو صلى عليه تسع وثلاثون فإن شفاعتهم غير مضمونة لكنها ليست ممنوعة وفرق بين أن تكون مضمونة وأن تكون ممنوعة، ممكن أن يشفعهم الله فيه ولو كانوا دون الأربعين، لكن الشيء المضمون هو أن يكونوا أربعين، وقوله:"أربعون رجلاً" يفهم منه أنه لو صلى عليه عشرون رجلاً وعشرون امرأة لا تؤمن الشفاعة، فيقال: لا؛ الظاهر أن هذا القيد من باب الأغلب؛ لأن أغلب الذين يصلون على الجنائز رجال، فإذا جاء القيد موافقًا للأغلب لم يكن لمفهومه حكم، ثم إن كثيرًا من الأحكام الشرعية تعلق بوصف الرجولة، سواء كانت جمع تكسير أو كانت مفردًا أو كانت جمعًا سالمًا، ولا يعني ذلك أن النساء لا يدخلن في هذا إلا إذا وجد دليل يخرج النساء.
ففي هذا الحديث فوائد منها: أولاً: أن غير المسلم لا تنفع الشفاعة، لقوله:"ما من رجل مسلم".
ثانيًا: أن المرأة لو قام على جنازتها أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا شفعهم الله فيها؛ لأن القيد أغلبي، أو نقول: ما يثبت في حق الرجال يثبت في حق النساء إلا بدليل.
ومن فوائد الحديث: أن غير المسلم لا تنفعه الشفاعة؛ لقوله: "رجل مسلم" وهو كذلك، وقد قال الله عز وجل {فما تنفعهم شفاعة الشافعين (28)} [المدثر: 48].
ومن فوائده: مشروعية تكثير المصلين على الجنازة طلبًا لنيل شفاعتهم ومن فوائده، أن الدعاء من الشفاعة، يعني: دعاء الإنسان للإنسان شفاعة، فإذا دعوت لأحد فمعناه: أنك شفعت له عند الله سبحانه وتعالى وأصل الشفاعة جعل الفرد شفعًا؛ لأن الشافع يأتي مع المشفوع له، فبدلاً من أن يكون المشفوع له واحدًا صار اثنين: هو والشافع.
ومن فوائد الحديث: أن الأعداد التي يعينها الشرع توقيفيه، بمعني أننا لا نعلم حكمتها، لأن الرسول قال:"أربعون رجلاً" لماذا لم يكن ثلاثين؟ قد نقول: لأنهم أقل: وإذا قلنا: لأنهم أقل، قال قائل: والأربعون أقل من الخمسين فيأتي الدور، ولكننا نقول: إن هذه الأعداد التي يعينها الشرع ليس للعقل فيها مجال، ولهذا لا يقول قائل: لماذا كانت صلاة الظهر أربعًا، وصلاة العصر أربعًا، لماذا لم تكن ستًا أو ثمانيًا؟ والجواب: أن نقول هذه أمور توقيفية ليس للعقل فيها مدخل.