الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له نافلة ولهم فريضة، وقلنا: إن هذا مما استثنى على مذهب الحنابلة، والعجيب: أن بعض أهل العلم كالطحاوي (رحمة الله عليه) يقول: إن هذه الصفة منسوخة، لماذا؟ قال: لأنه لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل، وهذا من أعب ما يكون؛ لأي: عجيب أن ننسخ النصوص بآراء المذاهب فهذا من أبعد ما يكون، فيقال: أين النص الذي يدل على أنه لا يجوز ائتمام المفترض بالمتنفل حتى نقول: إنه نسخ، ثم إن من شروط النسخ ألا يمكن الجمع فإذا أمكن الجمع لأن نحمل هذا على صلاة الخوف كما حملها فقهاء الحنابلة حملناه فلا ينسخ، ثم لابد من شرط آخر وهو العلم بالتاريخ.
فالحاصل: أن هذه الصفة أحد وجوه صفات صلات الخوف وهي جائز أيضًا.
الصفة الخامسة لصلاة الخوف:
456 -
وعن حذيفة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان.
457 -
ومثله عند ابن خزيمة: عن ابن عباس رضي الله عنهما.
هذه أيضًا صفة خامسة، وهي أن يصلي الإمام ركعتين وكل طائفة ركعة فيقسم قسمين، ثم يصلي بالطائفة الأولى ركعة وتسلم الطائفة الأول، ثم تنصرف وجاه العدو، وتأتي الطائفة الثانية ثم تدخل معه في الركعة الثانية، وتسلم معه، فيكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة، وهذا كما تعلمون يعتبر تغيير كيفية وكمية بالنسبة للمأمومين، وقد اختلف فيها أهل العلم، فقال بعض أهل العلم: إنه لا مدخل للخوف في نقص العدد، وقالوا: إن هذه الرواية ضعيفة، ولا تقبل.
وقال بعض العلماء: إن الرواية صحيحة، وأنه قد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن صلاة الخوف ركعة واحدة، وأن صلاة السفر ركعتان، وأن صلاة الحضر أربعة". فقالوا: إن هذه الصفة صحيحة، وإنها جائزة، وللضرورات أحكامها، والقاعدة التي أسس الإمام أحمد رحمه الله مذهبه عليها في هذه المسألة أنها تجوز؛ لأنه قال: تصح بكل وجه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وبناء على ذلك فإن هذا الوجه يكون صحيحًا خلافًا للمشهور من المذهب، وهو أن العدد لا ينقص من أجل الخوف، ولكن الصحيح: أنه ينقص وأنه يجوز، ولكن هذه الصفات الخمس التي ذكرها المؤلف هناك أيضًا صفات أخرى لم يذكرها بعض عدها إلى أكثر من ثمانية عشر وجهًا، ولكن القاعدة أن كلما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يفعل، ثم هذا الفعل هل هو على
التخيير والتشهي أو على تقدير المصلحة؟ صوابه: أنه تخيير مصلحة، وأن الإمام يرى ما هو أصلح، وكلما أمكن اجتماع الجماعة واتحادهم فإنه أولى، ما الدليل؟ حديث جابر أنه لما كان العدو بينهم وبين القبلة لم يقسمهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا دليل على أنه كلما أمكن في الصفات هذه كلها أن يكون الناس جميعًا على الإمام فإنه أولى وهذا هو الأصل، ولكن في بعض الأحيان تأت ظروف ما يتمكن الجيش أو الإمام بالصلاة جماعة على الإمام فجعل الله في الأمر سعة وفروجًا.
ثم إنه إذا قدر أن الأمر لا يمكن، يعني: ما يمكن الجماعة لشدة القتال والتحام العدو بالمسلمين فماذا يصنعون؟ قال بعض أهل العلم: يؤخرون الصلاة حتى يأمنوا ويصلونها صلاة أمن، واستدل هؤلاء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق بأنه أخر. وقال آخرون: لا يجوز أن يؤخروا بل الواجب أن يصلوا في الوقت، ولكن على حسب حالهم إلى القبلة أو إلى غيرها بالإيماء أو بالركوع أو بالسجود حسب الحال؛ لقوله تعالى:{فإن خفتم فرجالًا أو ركابًا} (البقرة: 239).
ولكن ما هو الجواب عن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في غزو الخندق؟
قال بعض أهل العلم: إنها لم تشرع بعد، وإنما شرعت بعد ذلك، فالرسول فعلها قبل أن تشرع صلاة الخوف.
وقال آخرون: بل الجواب: انه إذا كان الناس في شدة عظيمة ما يتمكنون من مراقبة الصلاة لا بالقول، ولا بالفعل، ولا بالقلب: زاغت الأبصار وبلغت القوات الحناجر، ففي هذه الحال لهم أن يؤخروا لأنهم كيف يصلون؟ والذي يحس بذلك من هو في الموقف ففي هذه الحال يؤخر، وأما إذا كان الأمر في شدة لكن يتمكن من استحضار صلاته بقلبه ومما يقدر عليه من الإيماء فإنه يجب عليه أن يصليها في الوقت، وقد ذكر أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا في إحدى الحصون في تستر- بلد من بلاد الأهواز- كانوا منهضين ذلك الحصن، وكان اشتغال القتال عند طلوع الفجر، فلم يتمكنوا من الصلاة، وأخروها إلى أن تعالى النهار عند زوال الشمس، فصلوا وفتح الله لهم وكان معهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، يقول أنس: ما أحب أن يكون لي بهذه الصلاة الدنيا وما فيها. فهذا يحمل على ما إذا كان الخوف شديدًا جدًا ما يتمكن الإنسان من أي قول. وذهب من أهل العلم من ذهب إلى أنه اشتد الخوف حتى إذا كان الإنسان ما يتمكن من الإيماء أنه يجزئ التكبير أو التسبيح أو التهليل، يقول:"سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر" ويجزئ هذا، قالوا: لأن الصلاة ذكر، فإذا تعذر فعلها على الوجه المعلوم
فكفى أن يطلق الذكر، حتى بعضهم قال: يكبر ولو تكبيره واحدة إذا لم يتمكن من "أي شيء" فإنه يكفي الذكر، وهذه الأشياء ربما نقول بهذا القول إذا كانت المعارك مستمرة؛ يعني: ما تهدأ مثلًا بين وقت وآخر بحيث لو أخروها لاجتمع عليهم فروض كثيرة، وشق عليهم قضاؤها، يمكن في هذه الحال أن نقول: إنه يجزئهم الذكر والتكبير، لقوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم} (التغابن: 16).
هل الجمع بين الصلاتين جائز في القتال؟ نعم جائز، إذا كانت مشقة المطر تبيح لنا الجمع فكيف بمشقة القتال.
ثم اختلف العلماء هل تفعل صلاة الخوف في الحضر أو هي خاصة بالسفر؟ فقال بعض أهل العلم: إنها لا تفعل إلا في السفر فقط لقوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرون كانوا لكم عدوًا مبينًا} (النساء: 101). ثم قال: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} (النساء: 102). فذكر صلاة الخوف وهي معطوفة على قوله: {وإذا ضربتم في الأرض} ، يعني: وإذا ضربتم في الأرض وإذا منت فيهم فتكون صلاة الخوف مخصوصة بالسفر، ولكن الصواب: أنها تكون في السفر والحضر؛ لأن العلة ليست السفر، ولكن العلة الخوف، والله يقول:{فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا} (البقرة: 239). فهذا مناط الحكم، وليس مناط الحكم السفر، بل مناط الحكم الخوف وعدم الإتيان بالصلاة على الوجه المعتاد، فإذا وجد ذلك القتال ولو كان على سور المدينة فإنه يجوز أن يصلوا صلاة الخوف؛ لأن العلة واحدة.
458 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الخوف ركعة على أي وجهٍ كان". رواه البراز بإسنادٍ ضعيفٍ.
ومتنه منكر، هذا الحديث ليس بصحيح؛ لأنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومخالف لقواعد الشريعة، فهل الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الخوف ركعة على كال حال، على أي وجه كان؟ لا، إذن فهو شاذ من حيث العمل- عمل النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو شاذ من حيث قواعد الشريعة، ما الموجب بأن نجعلها ركعة على أي وجه كان؟ ليس هناك موجب، ثم سنده أيضًا ضعيف، فاجتمع فيه الشذوذ والنكارة مع مخالفة القواعد، والثالث ضعف الإسناد.
459 -
وعنه مرفوعًا: "ليس في صلاة الخوف سهو". أخرجه الدارقطني بإسنادٍ ضعيفٍ.
وهذا أيضًا مثله "ليس في صلاة الخوف سهو" ليس معناه: أنه لا يسهو الإنسان فيها، بل قد