الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيام الليل:
349 -
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة اليل مثنى مثنى، فإذا خشى أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى". متفق عليه.
- وللخمسة، وصححه ابن حبان بلفظ:"صلاة الليل والنهار مثنى مثنى". وقال النسائي: هذا خطأ.
350 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل". أخرجه مسلم.
هذه الأحاديث تدل على صلاة الليل: حكمها وعددها وهئتها، أما حكمها: فإنها سنة مؤكدة، وهي أفضل من صلاة النهار، يعني: المطلق من صلاة الليل أفضل من المطلق من صلاة النهار، وأن المقيد من صلاة النهار في الرواتب فهو أفضل من المطلق من صلاة الليل.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل"؛ أن صلاة الليل أبعد عن الرياء، فإن الإنسان فيها يكون خاليًا بربه عز وجل لا يطلع عليه إلا الله، وصلاة الليل أشد وطأ كما قال الله عز وجل:{غن ناشئة اليل هي أشد وطئًا وأقوم قليلًا} (المزمل: 6)، يعني يتواطأ عليه القلب واللسان والجوارح، فهي أخشع من صلاة النهار، ولأن صلاة الليل تدل على الرغبة الأكيدة في فعل العبادة؛ لأن الإنسان يدع فراشة ويدع راحته ويقوم إلى الصلاة، فهي أدل على حرص الإنسان على عبادة ربه تبارك وتعالى؛ لأن صلاة الليل توافق في غالبها وقت النزول الإلهي، وقت نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فإن الرب سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، ويقول:"من يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر"، يقول ذلك عز وجل كل ليلة، ونزوله هنا حق؛ أي: يكون على حقيقته وظاهره لكن ليس كنزول المخلوقين، بل يجب علينا أن نؤمن ونقول: الله أعلم بكيفيته، لكننا نعلم أنه لا يماثل نزول المخلوقين؛ لأن الله تعالى يقول:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى: 11)، ولا يحل لأحد أن يعرف معناه ويقول: إن معنى "ينزل ربنا" يعني: تنزل رحمته، أو ينزل ملك من ملائكته، أو ينزل أمره؛ لأن هذا التحريف يعني: إخراج لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن معناه، فإن هذا
التحريف يأباه سياق اللفظ، يقول الرسول:"ينزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول: من يدعوني "ينزل فيقول" هل الرحمة تقول هذا الكلام؟ لا، الأمر لا يقول هذا الكلام، الملك لا يقول هذا الكلام، لا يقول الملك: من يدعي فأستجيب له؟ إنما الذي يقول الرب سبحانه وتعالى، وأيضًا نزول رحمة الله تعالى وأمره لا تختص بالسماء الدنيا، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض وليس إلى السماء الدنيا، ثم أي فائدة لنا إذا نزلت الرحمة إلى السماء الدنيا ولم تنزل إلى الأرض فتعمنا.
فالحاصل: أن الذين حرفوا ذلك قالوا: ينزل أمره حوموا -والعياذ بالله- من طعم معنى هذا الحديث وشعور الإنسان بقرب الرب منه عز وجل، ولكنه سبحانه وتعالى مع كونه ينزل إلى السماء الدنيا هو قريب في علوه قريب عال فوق سمواته، وعلى عرشه؛ لأن الله ليس كمثله شيء في صفاته، فلهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل"، لهذه المعاني وغيرها.
وأما كيفية صلاة الليل فهي مثنى مثنى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى"، يعني: على ركعتين ركعتين، ويستثنى من ذكر الوتر، إذا أوتر بثلاث فله أن يقرنها بسلام واحد، وبتشهد واحد، وإذا أوتر بخمس فالأفضل أن يقرنها جميعًا بسلام واحد وتشهد واحد، وإذا أوتر بسبع فالأفضل أن يقرنها كلها بسلام واحد وتشهد واحد، وإذا أوتر بتسع فإنه يقرنها كلها بسلام واحد، لكن بتشهدين التشهد الأول في الركعة الثامنة والتشهد الأخير في الركعة التاسعة، وإذا أوتر بإحدى عشرة صلى ركعتين ركعتين، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، وكذلك صلاة النهار مثنى مثنى ليس فيها صلاة رباعية غير الفرائض.
ويستفاد من هذا الحديث: أن حديث عائشة التي قالت فيه لما سئلت عن كيفية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان: "ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن طولهن وحسنهن، ويصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ويصلي ثلاثًا"، فإن ظاهر هذا الحديث أنه يصلي أربعًا بسلام واحد، ولكنه يحمل هذا المطلق على المقيد، ويقال: يصلي أربعًا لكن بسلامين وتشهدين؛ لأن صلاة الليل مثنى مثنى، ولكن كأنها تريد أنه يصلي أربعًا، ثم يصلي ثم يصلي أربعًا آخر، وبهذا تجتمع الأدلة.
وأما عدد ركعات الليل، فعدد ركعات الليل لم يكن فيها توقيف عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا تزيد ولا تنقض، ولكن كان فعله صلى الله عليه وسلم أنه لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، فيصلي الإنسان نشاطه، والأفضل إذا كان معه وقت ونشاط أن يطيل النشاط حتى لا تتجاوز في العدد إحدى