الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشرة ركعة، فإذا كان الإنسان معه ساعتان، وقال لو صليت إحدى عشرة ركعة أنهيت في ساعة نقول له أطل الركوع والسجود والقيام ما دمت تريد أن تبقى ساعتين في الصلاة، حتى لا تزيد على إحدى عشرة ركعة، ومع هذا لو زاد فلا حرج؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صلاة الليل قال:"مثنى مثنى" ولم يحدد، فدل ذلك على أنه لا بأس بالزيادة.
وأما من قال: إنه تحرم الزيادة على إحدى عشرة ركعة فقول لا وجهة له، وكذلك من قال: إن الأفضل في رمضان أن يزيد على إحدى عشرة ركعة، ويصلي ثلاثًا وعشرين أو ما أشبه ذلك، فإن قوله مردود، والصواب: أنه لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، ولكن ليس على سبيل الوجوب. قال بعض الناس في قيام رمضان: إنه لا يزيد على إحدى عشرة ركعة إذا كان يريد أن يطيل القراءة في الصلاة، أما إذا كان لا يريد الإطالة فإنه يصلي ثلاثًا وعشرين، أو تسعًا وثلاثين وما أشبه ذلك، ولكن هذا ليس وجه؛ لأننا نقول: أنت إذا خففت الصلاة وزدت العدد خالفت فعل الرسول صلى الله عليه وسلم من وجهين: من وجه التخفيف، ومن وجه زيادة الركعات، ولكنك إذا قدر أنك أبقيت العدد على ما هو عليه؛ يعني: إحدى عشرة وخففت من أجل عدم إرهاق المصلين فقد خالفت في مسألة واحدة وهي التطويل وحافظت على العدد، ولا شك أن الموافقة والمخالفة في شيء أهون من المخالفة في شيئين وهذا أمر معلوم، ولذلك لو أن الناس اقتصروا في التراويح على إحدى عشرة ركعة مع التأني والخشوع والتطويل الذي لا يشق، لكان ذلك أفضل بكثير من تلك التراويح التي يصلونها كأنهم مطرودون تجد الواحد منهم يقول:"إن اليوم خرجت الأول" كأن الصلاة عندهم منافسة يتفاخرون فيما بينهم أيهم الذي يسلم أولًا، وهذا لا شك أنه إخلال بالصلاة، لاسيما أن وراء الإمام من لا يستطيع الموافقة لكونه ضعيفًا أو فيه أذى من مرض أو ما أشبه ذلك.
***
صلاة الوتر:
351 -
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمسٍ فيفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدةٍ فليفعل". رواه الأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن حبان، ورجح النسائي وقفه.
352 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ". رواه الترمذي والنسائي، وحسنة الحاكم وصححه.
نحن الآن في صلاة التطوع، وهي: الصلوات التي ليست بمفروضة، ومنها الوتر، وقد اختلف أهل العلم في الوتر، وهو ختم صلاة الليل بركعة، فقال بعض أهل العلم: إن الوتر واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا".
وقال بعض العلماء: إنه ليس بواجب؛ لأن الله تعالى إنما فرض خمس صلوات فقط، وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم هل علي غيرها؟ فقال للسائل:"لا" إلا أن تطوع".
وقال بعض أهل العلم: من كان له ورد من الليل فإنه يجب عليه الوتر، ومن لا فلا.
وأختار شيخ الإسلام هذا القول وقال: إن الوتر واجب على من له من الليل يصليه، فإنه يجب عليه أن يوتر، استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" وهذا أمر وبقوله: "أوتروا يا أهل القرآن"، وأهل القرآن كانوا يتهجدون في الليل ويقرءون القرآن، ولكن جمهور أهل العلم أن الوتر سنة وليس بواجب مطلقًا، وأن الأوامر الواردة فيه تحمل على الاستحباب، وما ذكر فيه أنه حق فإنه يحمل على التأكيد؛ لأن النصوص الأخرى صريحة بأنه لا يجب إلا خمس صلوات فقط، وقد قال الله عز وجل في ليلة المعراج بعد مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم له حتى صارت الصلوات خمسًا قال:"قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي"، فقوله:"أمضيت فريضتي" يدل على أن هذا هو الذي فرضه الله على عباده فقط، ولكن الوتر سنة مؤكدة حدًا لا ينبغي للإنسان تركه، حتى قال الإمام أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة، فقال:"لا ينبغي"، والإمام أحمد رحمه الله إذا قال:"لا ينبغي" يدل على أنه أمر مؤكد لا تقبل له شهادة؛ لان رجلًا يحافظ على ترك الوتر، والوتر ركعة واحدة فقط، هذا ليس فيه خير، ولهذا قال إنه رجل سوء لا ينبغي أن تقل له شهادة، وعليه فينبغي للإنسان أن يوتر، وأن يرشد أهله أيضًا إلى الوتر؛ لأن كثيرًا من النساء في البيوت والأولاد الذين لم يقرءوا يظنون أن الوتر ليس بمؤكد، فينبغي أن نبلغ أهلنا بأن الوتر سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يدعه.
***
353 -
وعن جابر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة يخرج، وقال: إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر". رواه ابن حبان.
المشهور في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بهم ثم تأخر، وقال:"إني خشيت أن تفرض عليكم"، يعني: قيام الليل في رمضان، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى ثلاث ليال، وقال:"إني خشيت أن يفرض عليكم القيام".
فإذا قال قائل: كيف يخشى أن يفرض القيام وقد قال الله عز وجل: "أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي"؟
قلنا: لأنه ربما إذا ألزم الناس أنفسهم بأمر أن يلزمهم الله به كما ألزم بني إسرائيل الرهبانية التي ابتدعوها ولم يفرضها الله عليهم، لكن لما ابتدعوها لأنفسهم ألزموا بها.
354 -
وعن خارجه بن حذافة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أمدكم بصلاةٍ هي خير لكم من حمر النعم. قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر". رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الحاكم.
355 -
وروى أحمد: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده نحوه.
هذا الحديث فيه بيان متى يكون الوتر؟ وما وصفه؟ بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وقوله:"ما بين الصلاة والعشاء"، يعني: وسن فيها قيام الليل إذا أراد أن يقوم لقوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، لكن لو أن الإنسان لم يرد أن يصلي راتبة العشاء وأوتر بعد صلاة الفريضة فالوتر صحيح؛ لأن وقته يدخل من بعد صلاة العشاء، وقوله:"ما بين صلاة العشاء" ولم يقل: ما بين وقت العشاء، يدل على أن الإنسان لو أوتر قبل صلاة العشاء فإنه لا وتر له، فلو أن رجلًا قال: إن بعد صلاة العشاء مباشرة عندي شغلًا وسأوتر قبل صلاة العشاء؛ لأنه من حين يسلم أذهب إلى شغلي، قلنا هذا: الوتر لا يصح؛ لأن الوتر لا يكون إلا من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وعلم من ذلك: أنه إذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر، فمن لم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فإنه لا يوتر طلوع الفجر، وصلاة الفجر لأنه انتهى الوقت، ولكن الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه يصلي ما فاته من صلاة الليل
يصليها في النهار، وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلاها لا يوتر بل يشفع فيصلي إذا غلبه نوم أو وجع، ولم يقم بالليل يصلي من النهار ثنتي عشرة ركعة.
356 -
وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا". أخرجه أبو داود بسند لين، وصححه الحاكم.
357 -
وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة ط عند أحمد.
358 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا. قالت عائشة، فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي". متفق عليه.
- وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشر ركعاتٍ، ويوتر بسجدةٍ، ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة ركعة.
هذا في بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، كم ركعة يصلي؟ سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت:"ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره عل إحدى عشرة ركعة"، ثم فصلت هذه الركعات فقالت:"يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهم وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا"، كم الجميع؟ إحدى عشرة ركعة، وقولها رضي الله عنها:"يصلي أربعًا"، يحتمل أن يصليهن بسلام واحد ثم يصلي أربعًا أخرى بسلام واحد، ثم يصلي ثلاثًا بسلام واحد، ويحتمل أنه يصلي أربعً متشابهات في الطول، لكن يسلم من كل ركعتين، ثم يفصل ثم يصلي أربعًا متشابهات في الطول، ثم يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بثلاث، أما الاحتمال الأول فإنه يؤيده ظاهر اللفظ، وأما الاحتمال الثاني فإنه يؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى"، وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه: : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر"، فهذا يسلم من كل ركعتين.