الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسهو؛ لأنها قد تكون أقرب للسهو من صلاة الأمن، والمعنى: أنه لا يلزم سجود السهو، وهذا أيضًا ضعيف، والصواب: أنها كغيرها إذا وجد فيها سبب وجوب السجود وجب السجود.
****
14 - باب صلاة العيدين
قوله: "باب صلاة العيدين" من باب إضافة الشيء إلى سببه ووقته أيضًا، يعني: الصلاة التي تصلى في العيدين بسببهما، و "العيدين" تثنية عيد، والعيد اسم لما يعود ويتكرر لمناسبة من المناسبات، فكل ما يعود ويتكرر لمناسبة من المناسبات فإنه يسمى عيدًا، والأعياد الشرعية ثلاثة فقط وهي: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الجمعة، ليس هناك عيد سواها، وعلى هذا فما يدعي من الأعياد في مناسبات أخرى كما يسمونه العيد الوطني، وعيد انتصاب الرئيس وما أشبه ذلك، كلها أعياد محدثة لا تجوز في الإسلام؛ لأنه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: العيد من الأمور الشرعية التي تتلقى من الشرع، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ووجدهم يلعبون في يومين اتخذوهما عيدًا قال" "إن الله أبدلكم بخير منهما عيد الفطر، وعيد الأضحى"، وهذا مما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحب أن يبقى في الإسلام عيد الفطر، وعيد الأضحى.
وعلى هذا نقول: الأعياد الشرعية ثلاثة، وهي: الأضحى، والفطر، ويوم الجمعة، وهذه أعياد عامة لجميع المسلمين، وهناك عيد خاص بأهل عرفة فإنه عيد لهم ولكنه للمناسبة الشرعية وهي الوقوف بعرفة.
460 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس". رواه الترمذي.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الفطر يوم يفطر" ويجوز: "الفطر يوم يفطر الناس" فإن قلنا: "الفطر يوم" صار الخبر محذوفًا، والتقدير: كائن يوم، وإن قلنا:"الفطر يوم" صارت يوم هي الخبر والظرف إذا قصد عينه لا وقوع الشيء فيه صح أن يقع عليه العمل مثل قوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا} (الإنسان: 7). {يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار} (النور: 37). فهنا يصح أن نجعل "يوم" هي الخبر؛ لأنه مقصود بعينه، ويصح أن ينصب، وهو عندي منصوب على أن الخبر محذوف؛ أي: الفطر كائن يوم يفطر الناس.
"والأضحى يوم يضحي الناس""الناس" هنا عام أريد به الخاص، وهم المؤمنون المتبعون للسنة، فخرج بذلك الكفار، فلا عبرة بموافقتهم أو مخالفتهم، وخرج بذلك أهل البدع، فلا
عبرة بموافقتهم ولا بمخالفتهم، يوجد من أهل البدع من لا يفطر مع المسلمين ولا يصوم مع المسلمين، وإنما يجعل له وقتًا خاصًا في عبادته هؤلاء لا عبرة بهم، ولكن الكلام على المؤمن المتبع، فالفطر يوم يفطر والأضحى يوم يضحي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "الفطر يوم يفطر الناس" هل المراد: أن الفطر حكمًا عند الله يوم يفطر الناس ولو أخطأوا، والأضحى يوم يضحي الناس ولو أخطأوا، أو المعنى: الفطر لازم للإنسان إذا أفطر الناس، والأضحى لازم له إذا ضحى الناس؟ والفرق بينهما واضح على المعنى الأول يقول:"الفطر يوم يفطر الناس" أي: أن الناس إذا أفطروا فهو الفطر عند الله، ولو أخطأوا لو تبين أنهم يخطئون في فطرهم وأن شوال لم يدخل ما يضرهم، فالفطر يوم يفطرون والأضحى يوم يضحون، حتى لو تبين أن عيد الأضحى كان متقدمًا أو متأخرًا فإنه لا يضرهم، ولا يضرهم الوقوف بعرفة إذا كانوا حجاجًا، فيكون هذا الحديث منصبًا على ما إذا أخطأ الناس في تعيين يوم الفطر أو الأضحى فإن ذلك لا يضرهم.
أما الوجه الثاني في تفسير الحديث: فالمعنى: أن الناس إذا أفطروا لزم كل واحد أن يفطر، وإذا ضحوا لزم كل واحد أن يضحي ولو كان على خلاف ما يراه هو، وكلا المعنيين صحيح؛ ولهذا قال العلماء في المسألة الأولى: لو أخطأ الناس فوقفوا في اليوم الثامن أو في اليوم العاشر فإن حجهم صحيح؛ لأن "الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس"، وكذلك لو أخطأوا في مسألة الفطر فأفطروا وتبين أنه لم يدخل شوال فإنه لا يضرهم إذا أفطروا ذلك اليوم، وهل يلزمهم القضاء؟ يحتمل أنه يلزمهم القضاء؛ لأنه تبين أنهم أفطروا يومًا من رمضان، ويحتمل ألا يلزمهم لعموم قوله:"الفطر يوم يفطر الناس".
أما المعنى الثاني في هذه المسألة: فإنه إذا أفطر الناس لزم الإنسان الفطر وإن لم ير الهلال، وإذا صام الناس لزم الإنسان الصوم وإن لم ير الهلال، وإذا لم يفطروا الناس لم يفطر ولو رأى الهلال، وإذا لم يصم الناس لم يصم ولو رأى الهلال، مثال ذلك: رجل رأى هلال رمضان وجاء عند القاضي يشهد، ولكن القاضي لم يعتبر شهادته فإنه لا يصوم؛ لأن الناس لم يصوموا، أو رأى هلال شوال بعينه وليس عنده فيه إشكال وجاء إلى القاضي، ولكن لم تقبل شهادته فإنه يلزمه أن يصوم؛ لأن الفطر يوم يفطر الناس هذا ما دل عليه الحديث.
وهذا الحديث هذا اختلف العلماء في صحته مرفوعًا؛ فمنهم من قال: إنه موقوف على عائشة لكن له شاهد من حديث أبي هريرة. والمشهور من مذهب الحنابلة في هذه المسألة: