الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة الضحى:
371 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله". رواه مسلم.
372 -
وله عنها: "أنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه".
373 -
وله عنها: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قط سبحة الضحى، وإني لأسبحها".
هذه الأحاديث في بيان حكم صلاة الضحى، صلاة الضحى أقلها ركعتان وأكثرها ما شئت، وابتداؤها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلي قبيل الزوال، ارتفاع الشمس قيد رمح يكون إذا مضي نحو ربع الساعة من طلوع الشمس، وقبيل الزوال إذا بقي علي الزوال خمس دقائق أو نحوها، فيكون وقتها كل الضحى، وهي سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وأمره وإرشاده.
أما فعله؛ فحديث عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله"، قالت:"يصلي في الضحى"، وهذا دليل علي ثبوت هذه السنة بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه فعلها وهي عبادة فتكون مشروعة.
وأما أمره بذلك؛ فإنه أمر أبا هريرة رضي الله عنه أن يصلى ركعتين كل يوم، قال:"أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام"، وكذلك أوصي أبا الدرداء بمثل هذه الوصية.
وأما ترغيبه فيها؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن: "علي كل سلامي من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس"- السلامي يعني: المفاصل والعظام، كل عظم عليك صدقة تتصدق عنه كل يوم إذا طلعت الشمس، كل تسبيحه صدقة، وكل تهليله صدقة، وكل تحميده صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة-، قال النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر ذلك:"ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى"، فهذه السنن في ركعتي الضحى تدل علي أنها مشروعة.
وقد أختلف أهل العلم- رحمهم الله هل هي مشروعة أو غير مشروعة، أو مشروعة لأناس دون آخرين؟ فقال بعض أهل العلم: إنها غير مشروعة، واستدلوا بالحديثين اللذين ذكرهما المؤلف
وفيهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلى الضحى إلا إذا جاء من مغيبه، وإذا جاء من مغيبه فإنه يصلي؛ لأنه يشرع لكل إنسان قدم البلد أن يصلي ركعتين قبل أن يدخل إلي بيته، وهذه سنة يهملها كثير من الناس، أما تهاونًا أو جهلًا بها، فإذا قدمت إلي بلدك أول ما تقدم اذهب إلي المسجد وصل ركعتين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، بل أمر به جابر بن عبد الله رضي الله عنه لما قدم جابر بجمله الذي اشتراه منه النبي صلى الله عليه وسلم، واستثني جابر أن يركب عليه إلي المدينة، فلما قدم المدينة وجاء إلي النبي صلى الله عليه وسلم وجده عند المسجد قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"صليت ركعتين؟ ". قال: لا. قال: "فادخل واركع ركعتين"، فدل هذا علي أنه يشرع لكل إنسان أن يصلي ركعتين في المسجد إذا دخل البلد، ولا فرق بين أن يصليهما في مسجد الحي الذي هو فيه أو في أي مسجد من مساجد البلد.
وقالت في حديثها الآخر قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى وإني لأسبحها"، قالت: ما رأيته يفعلها، وهذا نفي مطلق عام، لكنها تقول: وإني لأسبحها، يعني: لأصليها، فأستدل بعض أهل العلم بهذين الحديثين علي أن صلاة الضحى ليست بسنة، وفصل بعض أهل العلم في ذلك، فقال: إذا كان الرجل يعتاد قيام الليل فإنه لا يصليها، وإن كان لا يصلي الليل فإنه يصليها، واستدلوا لذلك بما في حديث عائشة حيث ذكرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلي الضحى؛ لأنه كان يقوم من الليل صلى الله عليه وسلم، وأما من لا يقوم كأبي هريرة رضي الله عنه لا يقوم الليل، ولهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يوتر قبل أن ينام؛ لأنه كان يتحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الليل، ولا شك أن العلم تحفظًا أو تعلمًا أفضل من قيام الليل، ولهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يوتر قبل أن ينام، وأمره أن يصلى ركعتي الضحى، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال آخرون من أهل العلم: إن ركعتي الضحى سنة، لكن لا تسن المداومة عليها، بل يصلى أحيانًا ويدع أحيانًا، ولكن الذي يترجح لي أنها سنة مطلقة ولو لم يكن منها إلا أنها تكفي عن الصدقات التي تجب علي كل سلامي من الناس، فعلي هذا نقول: صل ركعتي الضحى؛ لأنها تجزئك عن كل صدقة عليك في كل سلامي منك.
بقي عندنا في حديث عائشة وأمر آخر هو أنها تقول: "ما رأيته يصليها أو يسبحها وإني لأسبحها"، فكيف تخالف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: لو أراد أحد أن يقول: هذا مطعن في عائشة رضي الله عنها إذ كيف تقول: "ما رأيته يصلي سبحة الضحى وإني لأسبحها"، وهل هذا إلا مخالفة للرسول صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب: لا، لكنها رضي الله عنه تري من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدع العمل مخافة أن يفرض علي الناس، وقد فهمت هي رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه الصلاة لكنه يتركها مخافة أن تفرض علي الناس، وهذا لا شك فيه، أما أنها تخالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذا بعيد جدًا.