الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سجودكم"، يكررها كما يفعل في الصلاة وإن دعا بما ورد به الحديث: "اللهم لك سجدت، وبك آمنت، وعليك توكلت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، اللهم اكتب لي بها أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك زخرًا"، وهل يسلم لسجود السهو؟ الجواب: لا، لا يقوم بتسليم ولا يكبر؛ لن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسًا: هل يسجد في كل وقت مر بالسجدة أو لا يسجد في أوقات النهي؟ الصواب: أنه يسجد كلما مر بآية السجدة، سواء الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو في آخر الليل، أو في أثناء النهار. يسجد كلما مر بالسجدة على سبيل الاستحباب كما تقدم، وآيات السجدات معروفة، وعددها أربع عشرة سجدة في القرآن كله، منها في الحج اثنتان.
سادسًا: إذا مر بآية السجدة وتجاوزها ونسى أن يسجد، فإن ذكر مع قرب الفصل سجد، وإن تجاوزها طال الفصل فإنه لا يسجد؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن السنة إذا فات محلها فإنها تسقط؛ لأنها علقت بسبب فزال.
بعض مواضع سجود التلاوة في القرآن:
326: وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: " {ص}. ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها". رواه البخاري.
يعني: ليست من السجدات المؤكدة، وإن كان ظاهر كلامه رضي الله عنه: أن سجود التلاوة واجب؛ لأن العزيمة هي: ما كان واجبًا فعله أو واجبًا تركه، ولكن تقدم لنا أن الصحيح: أن سجود التلاوة ليس بواجب، وإنما هو سنة مؤكدة، ويكون معنى قوله:"ليست من عزائم السجود" أي: ليست من السنن المؤكدة، ثم قال:"ولكن رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها" فدل هذا على أنها مما يسجد له من أجل التلاوة.
وقد اختلف أهل العلم- رحمهم الله: هل السجود في "ص" للتلاوة أو للشكر؟ فذهب بعضهم إلى أنها للشكر، وذهب آخرون إلى أنها للتلاوة، والصواب: أنها للتلاوة، وبناء على هذا فإذا مرت به وهو يصلي فإنه يسجد، وبناء على الأول- إذا قلنا إنها سجدة شكر- فإنه إذا مرت به وهو يصلي لا يسجد، ولكن الصواب: أنها سجدة تلاوة، ولهذا لا تشرع إلا إذا تلونا هذه الآيةـ ولو أن الإنسان تذكر قصة داود أو قصها على أحد فإنه لا يشرع له أن يسجد إلا إذا تلاها كما جاءت في القرآن. وأعلم أن قصة داود عليه السلام ورد فيها من الإسرائيليات ما ينزه عنه مثل داود؛ لأنه ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده تسع وتسعون امرأة، وأن أحد جنوده كان عنده امرأة جميلة فأرادها
داود ولكنه رأى أنه لا يمكن أن يأخذها من هذا الجندي قهرًا، فنفذه إلى جيش لقتال العدو لعله يقتل فيأخذها داود! هذه القصة لا ترد أو لا تحصل من أي عاقل، فضلًا عن مؤمن، فضلًا عن أحد الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، ولكنها من دسائس اليهود، افتروها فتلقاها الناس عن حسن ظن أو عن حسن نية، فصاروا يكتبونها عند تفسير هذه الآية الكريمة، والصواب بلا شك: أنه ليس هذا سببها، وأنه لا يجوز أن نعتقد مثل هذا في أحد الأنبياء والرسل الكرام، وأن سبب القصة: أن داود صلى الله عليه وسلم - كما في القرآن- دخل محرابه- يعني: محل عبادته- وأغلق بابه من أجل أن ينفرد بالتعبد لله- سبحانه وتعالى وكان رسولًا حكمًا بين الناس، لابد أن يتفرغ للحكم بينهم، فجاء هذان الخصمان ووجدا الباب مغلقًا، وكانا في حاجة شديدة إلى أن يقضي بينهما، فتسورا المحراب، يعني: أنهما صعدا من السور على داود وهو في محرابه يتعبد لله، فلما تسورا المحراب فإن الطبيعة البشرية تقتضي أنه إذا تسور عليك في مكانك الخاص أحد من الناس، لابد أن تخاف ولهذا قال:{إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم} (ص: 21، 22). وكأنهم جماعة لكنهم متخاصمون قالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فأحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط} (ص: 22). فسكن روعه وطلبا منه أن يحكم بالحق بدون شطط، ثم أدلى أحدهما بحجته فقال: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة- يعني شاة- ولي نعجة واحدة، فأحرجه وضايقه، فقال:{أكفلنيها وعزني في الخطاب} (ص 23). يعني: غلبني بخطابه؛ لأنه كان فصيحًا بليغًا فأخرجه. ماذا قال داود؟ قال: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرًا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقيل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب} (ص: 24). {فتناه} يعني: اختبرناه، حيث هيأ الله تعالى الخصمين ليتسوروا المحراب عليه، كيف ذلك؟ إذا نظرنا في هذه القصة وجدنا أن داود- عليه السلام - قال:{لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأثبت أنه ظالم دون أن يوجه القول إليه. والمعروف في المحاكمة أنه إذا أدلى الخصم بحجته يوجه القول إلى الخصم الثاني، ويقال: هل هذا الأمر واقع أو لم يقع؟ إن أقر حكم عليه، وإن لم يقر بنظر في الأمر. أما أن يحكم على أنه ظالم بمجرد دعوى الخصم فهذا فيه شيء من الفتنة.
كذلك كونه صلى الله عليه وسلم يدخل مكان تعبده ويغلق الباب دون حاجة الناس هذا الأمر الذي ينبغي عليه أن يفعل خلافه؛ لأن الحكم بين الناس الذي يحتاج الناس إليه لا ينبغي أن يغلق بابه فكان داود عليه السلام فهم أن الله ابتلاه بهذين الخصمين فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب.
وليس في القصة أنه عشق امرأة هذا الجندي، ولا أنه أرسله إلى الحرب ليقتل، ولا يمكن أن يكون هذا واقعًا من نبي الله صلى الله عليه وسلم، استغفر ربه فخر راكعًا وأناب، فغفر الله له ذلك فصارت