الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "شيئًا"، فأنظر إلى فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث إنه لما رأي أن هذا الفعل قد يحدث به التساؤل بينه ووضحه.
قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة:
537 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر على جنائزنا أربعًا ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى"، رواه الشافعي بإسناد ضعيف.
538 -
وعن طلحة بن عبد الله بن عوف رضي الله عنه قال: "صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ فاتحة الكتاب فقال: لتعلموا أنها سنة" رواه البخاري.
المؤلف رحمه الله ذكر حديثين أحدهما مرفوع صريحًا، والثاني مرفوع حكمًا، المرفوع الصريح ضعيف كما قال: بإسناد ضعيف، ولكنه أعقبه بالحديث المرفوع حكمًا، وهو قول ابن عباس:"لتعلموا أنها سنة" ويؤيد ذلك أيضًا عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن: فإن الصلاة على الجنازة داخله في اسم الصلاة فتكون داخله في هذا العموم، وعلى هذا فنقول: عندنا ثلاثة أدلة الآن: عموم وهو حديث مرفوع صحيح صريح، وخصوص وهو حديث مرفوع بسند ضعيف، وخصوص وهو مرفوع حكمًا بسند صحيح رواه البخاري.
قله: "يكبر على جنائزنا أربعًا" هذا له شاهد بل عدة شواهد تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على الجنائز أربعًا، ونمه ما ثبت في الصحيحين، وغيرهما أنه كبرى على النجاشي أربعًا، ولا إشكال فيه:"ويقرأ بفاتحة الكتاب"، ذكرنا ثلاثة أدلة على ذلك ولكنه قال:"في التكبيرة الأولى" وهذا الحديث- كما رأيتم- ضعيف، وحديث ابن عباس ليس فيه تعيين أن الفاتحة في الركعة الأولى، ولكننا نقول: إن هذا الحديث الضعيف يعضده القياس والمعني، أما القياس فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يبدأ بشيء قبل الفاتحة في الصلاة، كما قالت عائشة:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين" وعلى هذا فلا شك أن المناسب في تكبيرات الجنازة أن تكون قراءة الفاتحة في التكبيرة الأولى، وأيضًا هي فاتحة الكتاب فتنفتح بها الصلاة ما عدا التكبير.
وقوله: "بفاتحة الكتاب" سميت فاتحة الكتاب: لأنه افتتح بها كتاب الله عز وجل وليست هي أول ما نزل بل إن أول ما نزل قوله تعالى: {أقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) أقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما يعلم} [العلق: 1 - 4]. هذه الآيات الأربع هي أول ما نزل حتى قبل
البسملة وقوله: "بفاتحة الكتاب"، الكتاب: هو القرآن، وسمي كتابًا، لأنه مكتوب فهو فعال بمعني مفعول تأتي في اللغة العربية، كما في الغراس والبناء والفراش ونحوها، وسمي كتابًا لأنه بمعني: مكتوبًا؛ لأنه كتب في اللوح المحفوظ: {بل هو قرآن مجيد (21) في لوح محفوظ) [البروج: 21، 22]، وكتب في الصحف التي في أيدي الملائكة {كلا إنا تذكرة (11) فمن شاء ذكره (12) في صحف مكرمة (13) مرفوعة مطهرة (14) كرام برره) [عبس: 11]، وكتب في الصحف التي بين أيدي الناس فهو مكتوب لهذه الوجوه الثلاثة.
إذا قال قائل: ماذا يستفاد من الحديث؟
نقول: يستفاد منه: مشروعية قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، وهل هي ركن، أو واجب، أو سنة؟ فالجواب: أنه ركن، لعموم قولة صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب" وعلى هذا فهي ركن في صلاة الجنازة لو تركها إنسان ما صحت صلاة الجنازة فلا بد منها.
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنها فيستفاد منه: أن ينبغي للعالم أن يجهر بما يحتاج الناس إلى تعلمه؛ لأنه الظاهر أن ابن عباس جهر حيث قال "لتعلموا أنها سنة" اللام هنا: للتعليل، والمعلل محذوف تقديره: قرأتها لتعلموا، وقوله:"أنها سنة" السنة في اللغة: الطريقة، وفي الاصطلاح: طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وتشمل: القول، والفعل، والإقرار، وفي اصطلاح الأصوليين: السنة ما أثيب فاعله ويعاقب تاركه، فلها ثلاثة تعريفات، أيها المراد من كلام ابن عباس؟ المراد: المعني الوسط أي: أنها سنة النبي صلى الله عليه وسلم لأن الظاهر أن تقسيم المشروع، المأمور به إلى سنة وواجب، الظاهر أنه حدث أخيرًا، وأن كل ما يسمي سنه في لسان الشارع، أو في لسان الصحابة فإنه يشمل الواجب والمستحب، وتعينه قواعد الشريعة، هل المراد به الواجب، أو المراد به السنة؟ هنا نقول: إن المراد بها الطريقة، فهل هي واجبة أو غير واجبة؟ واجبة، والدليل:"لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب" وأما مجرد قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب، حتى ولو قام الدليل على أنه من العبادة فإنه لا يدل على الوجوب، لأنه لم يقرن بأمر بفعله ولا ينهي عن تركه، وإنما هو داخل في عموم قوله تعالى:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] وهذا عام خرج أفراد كثيرة ليست على الوجوب.
وقوله: "لتعلموا أنها سنة" ذكرنا أنه من باب المرفوع حكمًا، فهل هناك مرفوعات؟