المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النهي عن سب الأموات: - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌7 - باب صفة الصلاة

- ‌صفة الاستفتاح ومعانيه:

- ‌الاستعاذة ومعناها:

- ‌أوضاع منهي عنها في الصلاة:

- ‌مواضع رفع اليدين وصفته:

- ‌صفة وضع اليدين في القيام:

- ‌حكم قراءة الفاتحة:

- ‌هذه الروايات فيها فوائد:

- ‌أحكام البسملة:

- ‌شروط كون قول الصحابي حجة:

- ‌التأمين وأحكامه:

- ‌متى تسقط الفاتحة:

- ‌كيفية القراءة في الصلاة:

- ‌مقدار القراءة في صلاتي الظهر والعصر:

- ‌قدر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب والعشاء والفجر:

- ‌صفة القراءة في فجر الجمعة:

- ‌هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تدبر القراءة في الصلاة:

- ‌أذكار الركوع والسجود ومعانيها:

- ‌تكبيرات الانتقال وأحكامها:

- ‌أذكار القيام من الركوع ومعانيها:

- ‌هيئة السجود وأحكامه:

- ‌صفة الأصابع في السجود والركوع:

- ‌الجلوس في محل القيام وأحكامه:

- ‌الدعاء بين السجدتين:

- ‌حكم جلسة الاستراحة:

- ‌القنوت وأحكامه:

- ‌دعاء القنوت:

- ‌حكم تقديم اليدين قبل الركبتين للسجود:

- ‌صفة وضع اليدين في التشهد:

- ‌صيغ التشهد ومعانيها:

- ‌صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌الدعاء بعد التشهد وأحكامه:

- ‌صفة التسليم وأحكامه:

- ‌الأذكار دبر الصلوات ومعانيها:

- ‌وجوب تعلم صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌صلاة المريض:

- ‌8 - باب سجود السهو وغيره من سجود التلاوة والشكر

- ‌صفة سجود السهو:

- ‌السجود للسهو بعد السلام وحكمه:

- ‌حكم التشهد لسجدتي السهو:

- ‌حكم سجود السهو قبل الكلام:

- ‌السهو مبني على غلبة الظن:

- ‌سقوط سجود السهو:

- ‌حكم سهو الإمام والمأموم:

- ‌سجود التلاوة:

- ‌حكم سجود التلاوة:

- ‌أحكام سجود التلاوة:

- ‌بعض مواضع سجود التلاوة في القرآن:

- ‌حكم سجود القارئ والمستمع والسامع:

- ‌التكبير لسجود التلاوة:

- ‌9 - باب صلاة التطوع

- ‌السنن الرواتب:

- ‌فضل ركعتي الفجر:

- ‌النفل قبل العصر والمغرب:

- ‌التخفيف في ركعتي الفجر والاضطجاع بعدها:

- ‌قيام الليل:

- ‌صلاة الوتر:

- ‌صفات صلاة الوتر:

- ‌الحث على قيام الليل والوتر:

- ‌لا وتران في ليلة:

- ‌ما يقرأ في الوتر:

- ‌صلاة الضحى:

- ‌10 - باب صلاة الجماعة والإمامة

- ‌حكم صلاة الجماعة:

- ‌وجوب الحضور للجماعة في المسجد:

- ‌عدم سقوط الجماعة عن الأعمى:

- ‌صلاة المفترض خلف المتنقل:

- ‌حكم الصلاة قيامًا خلف إمام قاعد:

- ‌مراعاة حال المأمومين في الصلاة:

- ‌إمامة الصغير المميز:

- ‌يقدم في الإمامة الأكثر قرآنًا:

- ‌تسوية الصفوف والمقاربة بينها:

- ‌أفضلية الصف الأول للرجال:

- ‌صلاة المرأة والصغير خلف الإمام:

- ‌حكم صلاة المنفرد خلف الصف:

- ‌المشي إلى الصلاة بالسكينة والوقار:

- ‌استحباب الكثرة في الجماعة:

- ‌حكم إمامة المرأة لأهل دارها:

- ‌الدخول مع الإمام على أي حال أدركه:

- ‌11 - باب صلاة المسافر والمريض

- ‌حقيقة السفر ومعناه:

- ‌قصر الصلاة في السفر وحكمه:

- ‌مسائل مهمَّة:

- ‌الصلوات التي لا تقصر في السفر:

- ‌الفطر في السفر وحكمه:

- ‌عدد الأيام التي يجوز فيها القصر:

- ‌حكم الجمع بين الصلاتين في السفر:

- ‌حالات جمع التقديم والتأخير:

- ‌حالات الجمع بين الصلاتين في الحضر:

- ‌الصلوات التي لا يجمع بينها:

- ‌صلاة المريض وكيفيتها:

- ‌12 - باب صلاة الجمعة

- ‌التحذير من ترك الجمع:

- ‌وقت صلاة الجمعة:

- ‌العدد الذي تنعقد به الجمعة:

- ‌حكم إدراك ركعة من الجمعة:

- ‌حكم الخطبة قائمًا:

- ‌صفة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌استحباب طول الصلاة وقصر الخطبة:

- ‌قراءة سورة (ق) في الخطبة:

- ‌حكم تحية المسجد والإمام يخطب:

- ‌ما يقرأ في الجمعة والعيدين:

- ‌صلاة النفل بعد الجمعة وأحكامها:

- ‌حكم فصل الفريضة عن النافلة:

- ‌فضل الاغتسال والتطيب يوم الجمعة:

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة:

- ‌استغفار الخطيب للمؤمنين:

- ‌حكم قراءة آيات من القرآن في الخطبة:

- ‌الذين تسقط عنهم الجمعة:

- ‌13 - باب صلاة الخوف

- ‌شروط صلاة الخوف:

- ‌الصفة الأولى لصلاة الخوف:

- ‌الصفة الثانية لصلاة الخوف:

- ‌الصفة الثالثة لصلاة الخوف:

- ‌الصفة الرابعة لصلاة الخوف:

- ‌الصفة الخامسة لصلاة الخوف:

- ‌14 - باب صلاة العيدين

- ‌حكم صلاة العيد في اليوم الثاني إذا ترك لعذر:

- ‌من السنة أكل تمرات قبل الخروج لعيد الفطر:

- ‌حكم خروج النساء لصلاة العيد:

- ‌مشروعية الخطبة بعد صلاة العيد:

- ‌صلاة العيد ركعتان بلا نفل:

- ‌صلاة العيد بلا أذان ولا إقامة ولا نفل:

- ‌صلاة العيد في المصلى:

- ‌التكبير في صلاة العيد:

- ‌قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد:

- ‌مخالفة الطريق والتكبير في الطريق:

- ‌15 - باب صلاة الكسوف

- ‌مشروعية صلاة الكسوف والدعاء فيها:

- ‌القراءة في صلاة الكسوف جهرًا:

- ‌صفة صلاة الكسوف:

- ‌الدعاء عند هبوب الريح:

- ‌حكم الصلاة للزلازل:

- ‌16 - باب الاستسقاء

- ‌صفة صلاة الاستسقاء والخطبة لها:

- ‌الدعاء في صلاة الاستسقاء:

- ‌تحويل الرداء في الاستسقاء والجهر بالقراءة:

- ‌مشروعية رفع اليدين في الاستسقاء:

- ‌أقسام التوسل وأحكامه:

- ‌ما يفعل عند هطول المطر:

- ‌الدعاء عند رؤية المطر:

- ‌مشروعية الاستسقاء في الأمم السابقة:

- ‌17 - باب اللباس

- ‌تحريم الزنا والخمر والغناء:

- ‌تحريم لبس الحرير والجلوس عليه:

- ‌مقار ما يباح من الحرير:

- ‌حكم لبس الحرير لعذر أو مرض:

- ‌إباحة الذهب والحرير للنساء والحكمة منها:

- ‌حبُّ الله عز وجل لرؤية أثر نعمته على عبده:

- ‌النهي عن لبس القسيِّ والمعصفر:

- ‌جواز كف الثياب بالحرير وضوابطه:

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الترغيب في تذكر الموت:

- ‌كراهة تمني الموت:

- ‌تلقين المحتضر الشهادة:

- ‌حكم قراءة يس عند المحتضر:

- ‌تغميض الميت:

- ‌حكم تسجية الميت:

- ‌حكم تقبيل الميت:

- ‌الإسراع في قضاء دين الميت:

- ‌حكم تحنيط الميت المحرم:

- ‌حكم تجريد الميت عن تغسيله:

- ‌صفة الغسل:

- ‌تكفين الميت وأحكامه:

- ‌استحباب الكفن الأبيض:

- ‌استحباب إحسان الكفن:

- ‌هل يجمع بين الرجال في الدفن، ومن يقدَّم:

- ‌كراهة المغالاة في الكفن:

- ‌حكم الصلاة على المقتول في حد:

- ‌حكم الصلاة على قاتل نفسه:

- ‌حكم الصلاة على القبر:

- ‌الصلاة على الغائب:

- ‌موقف الإمام في الصلاة على المرأة:

- ‌حكم الصلاة على الميت في المساجد:

- ‌عدد التكبير في صلاة الجنازة:

- ‌قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة:

- ‌الدعاء للميت في صلاة الجنازة:

- ‌الدعاء للمسلمين في صلاة الجنازة:

- ‌الإخلاص في الدعاء للميت:

- ‌استحباب الإسراع بالجنازة:

- ‌فضل اتباع الجنائز والصلاة عليها:

- ‌النهي عن اتباع النساء للجنازة:

- ‌كيفية إدخال الميت القبر:

- ‌الميت يتأذى بما يتأذى به الحي:

- ‌اللحد والشق في القبر:

- ‌النهي عن البناء على القبور وتجصيصها:

- ‌حكم تلقين الميت عند القبر:

- ‌زيارة النساء للقبور:

- ‌جواز البكاء على الميت:

- ‌النهي عن الدفن ليلًا:

- ‌استحباب إيناس أهل الميت:

- ‌آداب زيارة القبور:

- ‌النهي عن سب الأموات:

الفصل: ‌النهي عن سب الأموات:

فيستفاد من هذا ومما قبله: أنك مخير بين أن تأتي بهذا أو بهذا، ولا حرج عليك؛ لأن المخاطب مفهوم أنهم أهل هذه المقبرة.

ومن فوائد الحديث أيضًا: أن الإنسان ينبغي له أن يوطّن نفسه على مستقبله الذي لابد منه؛ لقوله: "أنتم سلفنا ونحن بالأثر"، يعني: أنتم تقدمتمونا والحال بيننا وبينكم واحد، لكن أنتم تقدمتم ووصلتم إلى المنزل ونحن لكم بالأثر، وهل يمكن أن نتخلف عنهم؟ لا يمكن أبدًا.

‌النهي عن سب الأموات:

569 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبُّوا الأموات، فإنَّهم قد أفضوا إلى ما قدَّموا". رواه البخاريُّ.

570 -

وروى التِّرمذيُّ عن المغيرة رضي الله عنه نحوه، لكن قال:"فتؤذوا الأحياء".

"لا تسبوا" ما هو السبّ؟ السبّ هو: ذكر العيب، فإن كان في مقابلة الشخص فهو سبّ، وإن كان في غيبته فهو غيبة، وإن كان كذبًا فهو بهتان وسبّ أو غيبة، فقوله:"لا تسبوا الأموات" هذا سبّ ولكنهم أموات، فهو سب متضمن للغيبة؛ لأنهم ليسوا عندك حتى نقول: إن هذا مجرد سب، وقوله:"الأموات": جمع محلى بـ"أل"، والجمع المحلى بـ"أل" إذا لم تكن للعهد فهو يفيد العموم، فيشمل الأموات المسلمين وغير المسلمين، حتى الكافر لا يسب إذا مات؛ لأنه- كما سيأتي- أفضى إلى ما قدّم، وهذا تعليل عدم جواز شبهم مطلقًا.

وقوله: "فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" أي: انتهوا إليه ووصلوا إليه، وقوله:"إلى ما قدموا" يعني: من العمل، وهم الآن لا فائدة من سبَّهم؛ لأنهم وصلوا إلى الجزاء، وحينئذٍ يكون السب عبثًا، ثم إن كان لهم أحياء يسمعون هذا السب صار هناك علة أخرى، وهي إيذاء الأحياء، كما في رواية الترمذي:"فتؤذوا الأحياء".

فكان في سب الأموات معنيان: المعنى الأول: أنه لغو؛ لأنهم أفضوا إلى ما قدمّوا.

والمعنى الثاني: أنهم إذا كان لهم أحياء فسوف يتأذون، وحينئذٍ فسب الأموات دائر بين أمرين: إما لغو لا فائدة منه، وإما إيذاء للأحياء؛ فلهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو ظاهر الحديث، أي: أن ظاهره العموم، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا خاص بالمسلمين، وأما الكفار فإنه يجوز أن يسبهم الإنسان ولو بعد موتهم، واستدلوا بما ثبت في صحيح

ص: 631

البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "قال أبو لهب- لعنه الله- للنبي صلى الله عليه وسلم .... " ذكر الحديث. فلعن عمه، يعني: لعنه ابن عباس، وابن عباس قوله حجة في مثل هذا، فهذا يقتضي أنه إذا كان كافرًا فإنه يجوز سبه؛ لأنه ليس له عرض محترم، وهو إذا أفضى إلى ما قدم فإنه يجازى عليه، لكن بالنسبة لنا ليس له عرض محترم، ولكن هذا يأباه ظاهر الحديث، إلا أن نقول: إذا سبه الإنسان تحذيرًا من فعله وسلوكه فهذا لا حرج فيه، وإذا سبّه لبيان حاله فكذلك لا حرج فيه؛ لأن المقصود بذلك النصح، وإذا سبّه قبل الدفن فلا محذور فيه، هذه ثلاثة أشياء: أما الأول يعني: إذا سبّه تحذيرًا من فعله فهذا ظاهر؛ لأن فيه مصلحة، لأن التحذير من فعل هذا الكافر أو الفاسق فيه مصلحة عظيمة، فإذا سبّه وقال: هذا الذي ظلم الناس وهذا الذي فعل كذا

يريد أن يحذّر منه لا أن ينتقم منه بالسبّ فهذا جائز، وإذا سبه أيضًا لبيان حاله فهو أيضًا جائز، بل قد يكون واجبًا، وهذا يقع كثيرًا في كتب أهل الحديث؛ أي: في كتب الرجال، فتجد فيها: يقول فلان، ثم يذكر بما فيه من العيب، لماذا؟ لأن هذا من باب التحذير يبين حاله، وما زال المسلمون على هذا، الثالثة: إذا كان قبل الدفن، ويستدل لذلك بالجنازة التي مرّت بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه فأثنوا عليه شرًّا؛ فقال:"وجبت". وقد يقال: إنه لا حاجة للاستثناء؛ لأن التعليل يخرجه؛ لأن قوله: "فإنهم أفضوا إلى ما قدموا" لا يكون إلا بعد الدفن، أما قبل فإنه لم يفض إلى ما قدم حتى الآن، أي: إنه لم يصل إلى المجازاة، وعلى كل حال هذا الحديث- عمومه- لا شك أن فيه تخصيصًا، والتخصيص في الحالات الثلاث التي ذكرنا.

ويستفاد من هذا الحديث: حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يريد أن يحمي أمته عما فيه شر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".

ومن هذا نعرف أن ما يفعله بعض الناس الآن من الرؤساء والزعماء مما لا فائدة فيه، حيث يبدءون فيما بينهم بالتشاتم، بأن يسب أحدهم نظيره بالطول، ويعيِّره الآخر بالعرض، ويقوم وسيط ثالث للدفاع عن هذا أو ذاك، فما الفائدة من هذا؟ لا فائدة فيه، هذا لغو وربما يحدث عداوة وبغضاء بين الناس، فهو قد أفضى لما قدّم وانتهى عن الدنيا، وبالنسبة إلى مبدئه إذا كان ذا مبدأ خبيث معارض للشريعة يجب أن نسبَّ هذا المبدأ نفسه؛ لأن المقصود ألا يغتر أحد بمبدئه ومنهاجه؛ أما أن نتجادل في هذا الشخص لعينه فلا شك أنه لغو وأنه يجرُّ إلى الآثام.

* * *

ص: 632