الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع؟ يحمل هذا على الاستحباب، وقد يحمل على أنه في الصلاة، وأنه في الصلاة ينبغي للإنسان أن يكون قد أخذ كامل لباسه لقوله تعالى:{يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31]. فالكلام على ما إذا كان الإبط ليس بعورة فالذي من فوقه من باب أولى، فيحمل حديث أبي هريرة على الاستحباب.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي في خطبة الاستسقاء أن يتجه الإمام إلى القبلة وينقلب رداء لقولها: "ثم حول للناس ظهره، وقلب رداءه"، فما هي الحكمة في قلب الرداء؟ مرت علينا.
ومن فوائده أيضًا: أن صلاة الاستسقاء بعد الخطبة لقولها: "ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين"، وهذا ظاهر في أنهما بعد الخطبة.
ومن فوائد الحديث: بيان قدرة الله- سبحانه وتعالى في قولها: "فأنشأ الله سبحانه سحابة فرعدت وبرقت"، أيهما الأول الرعد أو البرق؟ البرق أولًا؛ لأن ضوءه أسرع، ولهذا تجدها أحيانًا تبرق ويتأخر سماع صوت الرعد.
ويستفاد من هذا الحديث: إضافة الشيء إلى سببه.
ومن فوائد الحديث: أن الله عز وجل ربط الأسباب بمسبباتها، وهذا من بالغ حكمته، وإلا فهو قادر على أن ينزل مطرًا بدون سحاب، وبدون رعد ولا برق، ولكنه عز وجل ربط كل شيء بسببه، وأحيانًا تحدث الأمور بدون أسباب معهودة مثلما خلق عيسى- عليه الصلاة والسلام خلقه بدون أب وخلق حواء بدون أم.
تحويل الرداء في الاستسقاء والجهر بالقراءة:
488 -
وقصة التحويل في الصحيح من حديث عبد الله بن زيد، وفيه:"فتوجه إلى القبلة يدعو، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة".
والذي في الصحيح من قصة عبد الله بن زيد أن الرسول- عليه الصلاة والسلام دعا قبل أن يصلي كما تشاهدون، وفيه أيضًا أن الرسول- عليه الصلاة والسلام توجه إلى القبلة يدعو، فظاهره أنه خرج ثم اتجه إلى القبلة، وجعل يدعو ثم صلى ركعتين، فإما أن يقال: إن الحديث الأول الذي رواه أبو داود أن فيه تفصيلًا أكثر، وأن الحديث الذي في الصحيح ما ذكر كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وإما أن يقال إنه صفات متعددة؛ لأن الاستسقاء لم يقع إلا مر، فنقول: إن الرسول- عليه الصلاة والسلام يفعل هذا أحيانا وهذا أحيانًا، كما يكون ذلك في بعض العبادات، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم مرة بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ومرة بدأ بالخطبة، أو بالدعاء قبل الصلاة، وهذا هو الأرجح أن السنة في ذلك متنوعة، وأن الاستسقاء السنة فيه أن يكون أحيانًا تكون الخطبة قبل الصلاة، وأحيانًا تكون الخطبة بعد الصلاة.
وفي حديث عبد الله بن زيد فائدة زائدة على ما سبق، وهي: أنه جهر فيهما بالقراءة، وإذا تدبري هدي النبي- عليه الصلاة والسلام وجدت أن الصلاة النهارية قراءتها سرية إلا في الاجتماع العام كصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء؛ لأنها تجمع كل الناس، فكان الرسول يجهر فيها.
489 -
وللدرقطني من مرسل أبي جعفر الباقر: "وحول رداءه ليتحول القحط".
"الباقر" وصف بذلك رحمه الله؛ لأنه كثير العلم، كأنه بقر العلم وأدركه وغاص إلى غوره، وقوله:"حول رداءه ليتحول القحط" هذا بيان حكمة التحويل، لكن كيف يكون له أثر في تحول القحط، تحول الرداء ليتحول القحط؟ قال أهل العلم: إن هذا من باب التفاؤل على الله عز وجل والنبي- عليه الصلاة والسلام كان يحب الفأل يكره التشاؤم. فهذا من باب التفاؤل على الله تعالى أن يقلب حالنا مما هي عليه الآن إلى حال أخرى.
وفيه أيضًا فائدة ثانية: وهو أنه لما كان اللباس نوعين لباس التقوى ولباس الزينة وستر العورة، كأنك حينما قلبت لباس الزينة وستر العورة تعبر بأنك سوف تلتزم بقلب الناس- لباس التقوى- من المعصية إلى الطاعة؛ لأن ما أصاب الناس من المصائب- ومنها: القحط: فهو إنما يكون من معاصيهم، فكأنك تشير إلى أنك ملتزم بأن تقلب لباس الدين من لباس المعصية إلى لباس الطاعة، ويكون في هذا فائدتان.
أما بالنسبة لنا فإن الفوائد ثلاث:
أولًا: إتباع السنة والاقتداء بالرسول- عليه الصلاة والسلام، وهذا كاف عن كل حكمة.
وثانيًا: أن نتفاءل على الله عز وجل أن يقلب حالنا من الشدة والقحط إلى الرخاء والخصب.
والثالث: أننا نقلب لباسنا الظاهر إشعارًا بأننا ملتزمون بأن نقلب لباسنا الباطن وهو لباس التقوى الذي قلبه أهم.
وعلى كل حال: كل إنسان قد عاهد الله بالمعنى العام أن يقوم بطاعته، فإن كل إنسان يشهد بفطرته أن الله رب وأنه عبد، ومقتضى هذه الشهادة الذل له والتعبد بما يؤمر به من العبادة هذا عهد عام؛ ولهذا قال الله لبني إسرائيل:{وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [البقرة: 40]. {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبًا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضًا حسنًا} هذا جانب من العهد، ما الجانب الآخر؟ {لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار} [المائدة: 12].